سطات عماد وحيدال
تعيش الجماعة الحضرية لمدينة ابن أحمد، التابعة لإقليم سطات، على وقع احتقان سياسي متصاعد بعد خطوة غير مسبوقة اتخذتها أحزاب التحالف الحكومي (الأصالة والمعاصرة، التجمع الوطني للأحرار، وحزب الاستقلال)، تمثلت في تقديم دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء لتجريد خمسة مستشارين من عضويتهم داخل المجلس الجماعي.
الخطوة جاءت كرد فعل على ما وصف بـ”التمرد الحزبي”، حيث صوت المستشارون المعنيون خلال عملية إعادة تشكيل مكتب المجلس لفائدة مرشح الاتحاد الاشتراكي، متجاوزين تعليمات هيئاتهم السياسية، في موقف أثار الكثير من الجدل حول مدى صلابة الالتزام بالانتماء الحزبي في ظل تعقيدات الواقع السياسي المحلي.
وقد حُدد تاريخ 5 غشت 2025 كموعد أولي لبدء جلسات المحكمة للنظر في هذا الملف، الذي قد يفتح الباب أمام تغييرات جديدة على مستوى التركيبة السياسية داخل المجلس الجماعي، وسط تساؤلات قانونية وأخلاقية حول أولوية الانضباط الحزبي مقابل الإرادة الحرة للمنتخبين.
ويعود أصل الأزمة إلى القرار الصادر عن عامل إقليم سطات بإعادة انتخاب مكتب المجلس، بعد توقيف الرئيس السابق للمجلس عن أداء مهامه بسبب ملفات قضائية لا تزال رهن التداول أمام محكمة النقض. وجاء هذا القرار الإداري مدعومًا بتقارير تفتيش أنجزتها لجنة رفيعة من وزارة الداخلية، كشفت عن اختلالات جسيمة وتجاوزات إدارية ومالية داخل الجماعة، ما دفع السلطات إلى التحرك العاجل لإعادة ترتيب المشهد المحلي.
وفي خضم هذا التوتر، يبقى المواطن بابن أحمد المتضرر الأكبر، إذ تتعطل المشاريع التنموية والخدمات اليومية في ظل هذه النزاعات السياسية، التي تحولت إلى معارك كسر عظام بين الأحزاب، دون اعتبار لحاجيات السكان أو مستقبل المدينة.
شرعية الصندوق أم شرعية الانضباط؟
ما تشهده جماعة ابن أحمد اليوم لا يُعدّ مجرد خلاف انتخابي عابر، بل هو مرآة لانقسام عميق بين شرعية الاختيار الديمقراطي داخل المجالس المنتخبة، وشرعية الالتزام بالتوجيهات الحزبية التي غالبًا ما تصطدم بالمصالح المحلية والتوازنات الهشة. وبين هذا وذاك، تبقى الأسئلة مطروحة حول من يدفع الثمن في النهاية، وهل ستظل الديمقراطية رهينة الانضباط الحزبي أم أن الوقت قد حان لإعادة النظر في القوانين المنظمة للتمثيل الجماعي بما يضمن الاستقرار والنجاعة في التسيير؟
تعليقات ( 0 )