Design sans titre 20231213 150745 0000

عبد الصمد عراك

لازال عدد كبير من تلاميذ القطاع العمومي بالمغرب بدون اساتذة ولا دروس إلى حدود هذا الاسبوع، رغم المحضر الأخير الذي انبثق عن المحادثات التي وصفت ” بالماراطونية” بين الحكومة المغربية وممثلي نقابات التعليم، اتفاق على الشق المالي والذي من خلاله تعهدت الحكومة بزيادة صافية في أجر الأساتذة في حدود 1500 درهم على مراحل، هذا الاتفاق حسب الأساتذة يظل غير كاف، فالملف لا يتضمن فقط الشق المالي والمطالبة بزيادة الأجور، بل يضم على رأسه إلغاء القانون الأساسي الذي كان النقطة التي أفاضت الكأس و دفعت الشغيلة التعليمية الى الاضراب عن العمل و الخروج في مظاهرات حاشدة قابلتها الداخلية المغربية بالمنع بشتى الوسائل.
مايهمنا نحن في كل هذا مصلحة التلميذ، فهو المتضرر الأكبر من هذا الصراع بين الحكومة المغربية و مهنيي التعليم، فالنصف الأول من السنة الدراسية شارف على الانصرام وعدد كبير من التلاميذ يعانون تأخرا كبيرا على مستوى انجاز الدروس و مسايرة الزمن التعليمي و استكمال المقرر الدراسي الخاص بهذا الاسدوس. الشيء الذي يجعل القطاع العمومي يعيش أزمة حقيقية، تحتاج إلى الحل بسرعة والحل هنا يجب أن يكون في إطار تشاركي بين الطرفين يراعي أولا وأخيرا المصلحة العليا للتلميذ المغربي، و يجعله أولوية الأولويات كي لا يتم افراغ المدرسة العمومية من قيمتها المضافة و نزع ما تبقى من الثقة فيها من طرف المغاربة، فكثير من الأسر المغربية قررت أن تهجر ابناءها الى مدارس القطاع الخاص، رغم عدم القدرة المادية إلا أنهم أعادوا ترتيب اولوباتهم، ونزعوا شيئا من قوتهم و قدموه لتعليم أبنائهم في المدارس الخاصة التي يقولون أنها و إن كان مستوى بعضها يعادل القطاع العام فعلى الأقل لاتهدر زمن أبنائهم الدراسي…
لعبة الشد و الجذب لازالت متواصلة بين الحكومة و النقابات رغم الاتفاق حول الشق المالي المتعلق بالزيادة في الأجور، و الحكومة تقول أنها بذلك أظهرت حسن النية، و يطالبون الأساتذة بالعودة إلى الاقسام كتبيان أيضا لحسن النية، هذه ” النية ” التي اصبحت شعارا منذ كأس العالم الأخير، لم تنفع في عودة الأساتذة ولازالوا يصرون على إلغاء القانون الأساسي وليس ” تجميده” كما فعلت الحكومة، ويعتبرون مضامينه مجحفة و تنقص من قيمة الأستاذ وتسقط كرامة إلى الحضيض…
المواطن المغربي العادي و الذي لا دخل له في كل هذا منقسم إلى صنفين ، الأول يحمل الحكومة مسؤولية استمرار إضراب الأساتذة و يرى أن الأستاذ خط أحمر وجب توفير كل وسائل الراحة و العمل الضروريين من أجل مزاولة عمله وعدم المساس به أو التنقيص منه، أما الثاني فيدعو الأساتذة الى عدم استغلال التلميذ كورقة ضغط على الحكومة و العودة الفورية للاقسام و سلك طرق نضالية أخرى يدافعون من خلالها عن مطالبهم، ويرى أيضا أن القانون الأساسي في مصلحة تجويد عمل المدرسة العمومية، و أن الأساتذة غير المرسمون دخلوا المهنة دون أن يفرض عليهم احد أي شيء بل كانوا يعلمون حيثيات المهنة و بذلوا الغالي و النفيس من أجل الاستعداد لمباراتها و الدخول إليها.
كلها آراء تنهل دوافعها من مرتكزات عقلانية، و تبحث عن فرض نفسها، غير أن ما يجب أن يفرض هو مصلحة التلميذ و خصوصا ذاك الذي ينتظره امتحان إشهادي، فسيجلس هو ومن درس جميع ساعات المواد في نفس القسم و سيجتازون نفس الإمتحان، في غياب تام لمبدإ تكافؤ الفرص…، من هذا المنطلق وجب على الجميع تغليب ” النية “، و الوصول إلى حلول في أسرع وقت كي يتم تدارك ما تبقى من هذا العام الدراسي.

اقرأ المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *