“دار الصانعة” بفم أودي (بني ملال) : أنامل نسائية تنسج الأمل وسط تحديات الصناعة التقليدية

مع الحدث

المتابعة ✍️: ذ لحبيب مسكر

في قلب منطقة فم أودي قيادة ولاد مبارك جهة بني ملال خنيفرة، تنبض “دار الصانعة” بروح الإبداع النسائي، حيث تتلاقى أصالة الحرف اليدوية مع إرادة نساء يتشبثن بتراثهن رغم التحديات. هذه المؤسسة، التي رأت النور سنة 2015، جاءت كثمرة شراكة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، غرفة الصناعة التقليدية، وزارة السياحة و الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والمجلس الجماعي لفم أودي، بهدف تمكين النساء وتحويل مهاراتهن في النسيج، الخياطة، الفصالة، والطرز إلى مصدر رزق كريم.

نساء من ذهب: مهارات تقليدية تبحث عن سوق

تستهدف التعاونية النساء الحرفيات بالمنطقة، خصوصًا ذوات الخبرة في الصناعات التقليدية، واللواتي يعانين من ضعف في فرص التسويق والولوج إلى التمويل. ويشرف اتحاد تعاونيات فم أودي للصناعة التقليدية على تسيير المشروع، من توفير المواد الأولية إلى مراقبة الجودة، مرورًا بالبحث عن أسواق لتصريف المنتوجات.

عراقيل تهدد الاستمرارية

رغم القيمة الثقافية والإبداعية التي تحملها منتجات التعاونية، إلا أن طريقها ليس مفروشًا بالورود. أبرز التحديات التي تواجهها:

صعوبة الحصول على المواد الأولية، وعلى رأسها الصوف الذي يُعد أساس صناعة الزرابي التقليدية.

غياب التمويل المسبق، إذ لا تتلقى الحرفيات أجرًا إلا بعد بيع المنتوج، ما يفاقم معاناتهن المالية.

ضعف التسويق، إذ حيرم الإتحاد من فرص المشاركة في المعارض الوطنية والدولية، مما يحدّ من انتشار منتجاتها.

معاناة يومية في صمت: شغل بلا دخل فوري

وراء كل قطعة تقليدية متقنة، تقف امرأة تبذل جهدًا كبيرًا دون أن تضمن مقابله دخلًا فوريًا. فالحرفيات المنضويات تحت لواء إتحاد التعاونيات يعملن لساعات طويلة في النسيج والتطريز والخياطة، لكنهن لا يتقاضين أي أجر إلا بعد بيع المنتوج، ما يجعلهن عرضة لضغوطات معيشية قاسية. وبين تأمين حاجيات أسرهن وانتظار فرص البيع، تتحول الحرفة من مصدر رزق محتمل إلى عبء يومي يحتاج إلى التفهم والدعم العاجل.

نداء مفتوح إلى الجهات المسؤولة

توجّه رئيسة الاتحاد نداءً إلى الوزارة الوصية وباقي المؤسسات المعنية، تدعو فيه إلى:

تمكين التعاونية من المشاركة في المعارض الوطنية والدولية.

تخصيص دعم مالي مباشر وعاجل للحرفيات، عوض ربط دخلهن بعملية البيع فقط.

تسهيل الولوج إلى المواد الأولية بأسعار مناسبة تضمن استدامة الإنتاج.

أمل رغم العثرات

“دار الصانعة” ليست فقط مشروعًا اقتصاديًا، بل هي قصة كفاح نساء يحافظن على موروث ثقافي غني. غير أن استمرار هذا المشروع رهين بدعم فعلي من الجهات المختصة. فهل ستستجيب هذه الأطراف قبل أن تخبو شمعة هذا الإبداع؟

دعوة للحفاظ على تراث مغربي أصيل

في الختام، يوجه الاتحاد دعوته لكل الفاعلين والشركاء للانخراط في دعم هذه المبادرة، لما تحمله من قيمة اقتصادية واجتماعية وتراثية. لأن إنقاذ “دار الصانعة” هو أيضًا إنقاذ لجزء من الهوية المغربية الأصيلة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)