صواريخ في السماء… وعرس في الأرض: الأردنيون بين الخطر واللامبالاة

مع الحدث

المتابعة ✍️: ذ لحبيب مسكر 

 

بينما صافرات الإنذار تدوّي في كلٍّ من إيران وإسرائيل، معلنة دخول الشرق الأوسط مرحلة جديدة من التصعيد، وفيما تلوذ الشعوب داخل الملاجئ وتترقّب شاشات الهواتف في رعب، كان المشهد في الأردن مختلفًا حدّ الدهشة: أعراس تُقام، وحفلات تُنظَّم، وشبابٌ يشوون اللحم على أسطح البنايات تحت سماء تتقاطع فيها الصواريخ.

 

لم يعد صوت الانفجار مفاجئًا، ولا المشهد الناري في السماء غريبًا. فبعض الأردنيين قرروا – عن وعي أو عن لا مبالاة – أن يتصالحوا مع الخطر، وأن يواصلوا تفاصيل حياتهم اليومية وكأن لا حرب تمرّ فوق رؤوسهم. في أحد الأعراس، وقفت العروس وسط الزغاريد تلوّح بيدها للصواريخ العابرة في السماء، وكأنها تُحيي ضيوفًا من نوع آخر، بينما التقط المدعوون صورًا ومقاطع فيديو وكأنهم يوثّقون لحظة أسطورية.

 

هذه المشاهد ليست مجرد نوادر، بل تحوّلت إلى ظاهرة مجتمعية تطرح تساؤلات عميقة حول العلاقة بين الإنسان والخوف، بين التهديد والحياة، في منطقةٍ لم تعرف الهدوء منذ عقود. فالأردن، رغم كونه ليس طرفًا في المواجهة بين إيران وإسرائيل، يجد نفسه جغرافيًا ضمن خطوط النار، حيث تمر الصواريخ والطائرات المسيّرة في طريقها نحو أهداف أبعد.

 

وفي الوقت الذي يتسابق فيه المحللون للحديث عن سيناريوهات الحرب الشاملة، وعن تغيّر قواعد الاشتباك، يبدي الشارع الأردني ملامح من التكيّف مع الخطر، وربما نوعًا من الاحتجاج الصامت على واقع لا يمكن تغييره، فلا صوت يعلو فوق صوت “عيش يومك”.

 

هذه الروح قد تُفسَّر كشجاعة، وقد تُعدّ تهوّرًا، لكنها في النهاية تعكس موقفًا نفسيًا عميقًا من الحروب المزمنة التي تُدار من فوق رؤوس الناس، دون أن يُسألوا عن رأيهم فيها أو عن ثمنها.

 

وفي حين تتقاذف إيران وإسرائيل الاتهامات والصواريخ، وتتنافسان على من يظهر أقوى في ساحة مشتعلة، تبقى الشعوب، كعادتها، رهينة في قلب المعركة، تبحث عن لحظة فرح، حتى لو كانت تحت ظلّ الانفجار.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)