Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي المبادرة الوطنية الواجهة ثقافة و أراء جهات متفرقات مجتمع

أبي الجعد.. مدينة بوعبيد الشرقي بين التاريخ والروحانية والحضارة

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

تُعد مدينة أبي الجعد إحدى الحواضر المغربية التي ارتبط اسمها بالتاريخ الروحي والعلمي للمغرب، حيث يعود الفضل في نشأتها إلى الشيخ الصوفي سيدي محمد الشرقي، الملقب بـ”بوعبيد الشرقي”، مؤسس الزاوية الشرقاوية في القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي. وقد شكلت هذه الزاوية عبر القرون فضاءً جامعًا بين التصوف والعلم، الروحانية والاجتماع، التراث والحضارة، مما جعل أبي الجعد حاضرة فريدة في تاريخ المغرب الديني والثقافي.

أصل التسمية وتأسيس المدينة

ارتبط اسم أبي الجعد ارتباطًا وثيقًا بالشيخ الشرقي، إذ يُروى أنه حين استقر في المنطقة التي كانت في الأصل غابات موحشة، عامرة بالذئاب والوحوش، قال قولته الشهيرة: “إني راحل إن شاء الله إلى بلد أمورها في الظاهر معسرة وأرزاقها ميسرة… هذا المحل إن شاء الله محل يمن وبركة…”. ومنذ ذلك الحين غدا الموضع معروفًا بـ”أبي الجعد”، لينمو تدريجيًا حول زاويته حتى تشكلت المدينة كما نعرفها اليوم.


الزاوية الشرقاوية.. إشعاع ديني وعلمي

لم تكن الزاوية الشرقاوية مجرد مركز صوفي للتعبد، بل تحولت إلى جامعة تقليدية بالمعنى الواسع، حيث استقبلت طلبة العلم من مختلف مناطق المغرب. وقد برز من بين خريجيها علماء كبار مثل أبو علي الرحالي، وسيدي العربي بن السائح، والشيخ سيدي المعطي صاحب كتاب ذخيرة المحتاج في الصلاة على صاحب اللواء والتاج.
كما لعبت الزاوية دورًا محوريًا في ترسيخ مبادئ التصوف السني، القائم على الوسطية والاعتدال، ما جعلها تحظى بعناية خاصة من الدولة العلوية، بدءًا من السلطان مولاي إسماعيل مرورًا بالسلطان مولاي سليمان وصولًا إلى السلطان مولاي الحسن الأول، الذين أولوا الضريح والمساجد المجاورة له عناية خاصة.

مدينة العلم والعلماء

مع مرور الزمن، لم تتوقف أبي الجعد عن إنجاب العلماء والمفكرين، بل صارت تعرف بـ”مدينة العلم والعلماء”. فقد ساهمت جذورها الروحية والفكرية في تكوين نخب علمية وأطر عليا برزت في حقول التربية، الفقه، الفكر، والأدب، وأسهمت في إثراء الحياة العلمية والفكرية بالمغرب. وهكذا ظلت أبي الجعد تُقدم كفاءات وطنية وطاقات بشرية عالية المستوى، جعلتها مدينة ذات إشعاع يتجاوز حدودها الجغرافية.

من التراث إلى الحضارة

إن أبي الجعد، بما تختزنه من زوايا ومساجد وأضرحة، ليست مجرد مدينة تاريخية، بل هي تجسيد حيّ للتلاقي بين التراث الروحي المغربي والحضارة الإنسانية. فالموسم السنوي الذي يُقام تخليدًا للولي الصالح بوعبيد الشرقي، يجمع بين الطقوس الصوفية من مديح وسماع وزيارات روحية، وبين المظاهر الحضارية من معارض ثقافية وفنية واقتصادية، فضلاً عن عروض الفروسية “التبوريدة” التي تعكس أصالة الفروسية المغربية.

الحاضر امتداد للماضي

في الحاضر، ما تزال أبي الجعد تحافظ على هويتها كمدينة روحية وثقافية، حيث يشكل موسم بوعبيد الشرقي محطة كبرى لإحياء ذاكرتها الروحية وتعزيز حضورها السياحي والاقتصادي. فهي في الآن ذاته مدينة للتاريخ وللحياة، للتراث وللحضارة، إذ تجمع بين إرثها الصوفي العريق وانخراطها في مسار التنمية والتحديث.

خلاصة

إن الحديث عن أبي الجعد هو حديث عن مدينة ولدت من رحم الروحانية الصوفية، ونمت في أحضان الزاوية الشرقاوية، وازدهرت بفضل علمائها وأطرها العليا، لتغدو اليوم قبلة للزوار، ومنارة للثقافة، ورمزًا حيًا لتلاقي الماضي بالحاضر، والتراث بالحضارة.

 

Categories
جهات

المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية يشارك في الدورة الرابعة للمعرض الجهوي للزيتون بجرسيف وسط إقبال كبير من الفلاحين

رشيد كداح

يشارك المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية من 15 إلى 19 نونبر الجاري، بمدينة جرسيف، في الدورة الرابعة للمعرض الجهوي للزيتون ، والذي سينظم، تحت إشراف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بتنسيق مع عمالة جرسيف وبشراكة مع الغرفة الفلاحية لجهة الشرق و المديرية الجهوية للاستشارة الفلاحية لجهة الشرق، تحت شعار “شجرة الزيتون، رهانات التنمية المجالية المستدامة وتحديات المناخ”.


وبهاته المناسبة قام السيد الوالي مرفوقا برئيس جهة الشرق وعامل عمالة جرسيف بزيارة لرواق المكتب، حيث قدم السيد المدير الجهوي للمكتب بجهة الشرق كافة الشروحات حول الخدمات التي يقدمها فضاء الاستشارة الفلاحية طيلة فترة المعرض من خلال شباكيه، كما تطرق لأهمية ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺮﻱ ﻟﺘﺤﺴﻴﺲ ﻭﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻭﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻲ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺮﻱ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺗﺮﺷﻴﺪ ﻭﻋﻘﻠﻨﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ عليها ﺑﻬﺪﻑ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﺔ ﻭﺍﻻﻧﺨﺮﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺋﻴﺔ ﺑﺒﻼﺩﻧﺎ ﺗﻤﺎﺷﻴًﺎ ﻣﻊ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ”ﺍﻟﺠﻴﻞ ﺍﻷﺧﻀﺮ 2020-2030″.


وفي تصريح للسيد بلبصير عبدو المدير الجهوي للمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بجهة الشرق أكد أن مشاركة المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية تتمحور من خلال إقامة فضاء للاستشارة الفلاحية ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻮﺿﻊ ﺷﺒﺎﻛﻴﻦ ﺭﺋﻴﺴﻴﻴﻦ، ﺍﻷﻭﻝ ﻣﺨﺼﺺ ﻟﻠﻤﻘﺎﻭﻟﻴﻦ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻴﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﺪﻡ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﺍﺕ ﻭﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻭ ﺍﻟﻤﻜﺘﺐ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﺣﻮﻝ ﺇﻧﺠﺎﺯ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﺔ، ﻭﺳﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻭﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻭﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ المتدخلين.


ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺒﺎﻙ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ يقول ذات المسؤول ﻓﻴﺮﻛﺰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺮﻱ ﻟﺘﺤﺴﻴﺲ ﻭﺗﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ ﻭﻣﺴﺘﻌﻤﻠﻲ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻟﺮﻱ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﺗﺮﺷﻴﺪ ﻭﻋﻘﻠﻨﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﻭﺁﻟﻴﺎﺕ ﻧﺎﺟﻌﺔ ﻭﻣﺴﺘﺪﺍﻣﺔ، كما سيقوم المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية بتوفير دعامة إلكترونية تفاعلية لعرض المنصة الرقمية “أرضنا” و “face agri”.


وأضاف السيد بلبصير في ذات التصريح أن المكتب سيشارك في البرنامج العلمي الموازي للمهرجان من خلال تنظيم ورشات نقاش تتناول ريادة الأعمال الفلاحية، سلاسل الإنتاج والممارسات المقاومة للتغيرات المناخية، والاقتصاد في مياه الري.
وفي ختام الزيارة اطلع الوفد الرسمي على الوحدة المتنقلة للاستشارة الفلاحية الخاصة بتقديم النصائح في مجال جودة زيت الزيتون، وذلك باستخدام معدات تحليل الحموضة.
جدير بالذكر أن رواق المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية عرف صبيحة اليوم الأول من المعرض توافد العديد من الفلاحات والفلاحين للاستفادة من خدماته.

Categories
متفرقات

سكان دكالة والفرس 》قصة عشق متجذرة وضاربة في التاريخ

مع الحدث

من “التبوريدة” إلى المشاركة في السباقات، مرورا بالاستغلال في الأشغال اليومية المرتبطة بالفلاحة والزراعة، يشغل الفرس مكانة مهمة في حياة وقلوب سكان دكالة، هي علاقة عشق متجذرة وضاربة في التاريخ يتم توارثها جيلا عن جيل.

 

وتتجلى هذه العلاقة في حضور الفرس بشكل قوي في مختلف الحفلات والمهرجانات والمواسم المنظمة بالمنطقة، حيث تعد “الفانتازيا” أو “التبوريدة”، واحدة من أكثر مكونات التراث المغربي انتشارا في المنطقة، والتي تعتمد على الفرس كمكون رئيسي لخلق الفرجة وتكريس طقوس حافلة بالرموز والدلالات التراثية العميقة.

كما تعد “التبوريدة” أهم طقس من طقوس الاحتفال بالخيول نهاية الموسم الفلاحي، حيث اتخذ فلاحو دكالة منذ القديم موسم مولاي عبدالله أمغار موعدا قارا بداية شهر غشت من كل سنة للاجتماع والتجمع قصد التعبير عن فرحهم لخلق فرجة تدوم أسبوعا كاملا تتخلله “التبوريدة”، حيث يبنون “الفراكات” وهي خيام من الحجم الكبير ويقيمون الولائم ويستقبلون الزوار من كل حدب وصوب.

 

وتتجمع الجماهير نهارا حول ألعاب “التبوريدة” وليلا حول الغناء والطرب الأصيل المؤثث بالأغاني والمواويل المرافقة لها تعبيرا عن الفرح والنشوة سيما عندما يكون الموسم الفلاحي مثمرا.

وتشهد دورة هذه السنة من موسم مولاي عبدالله أمغار، التي أعطيت انطلاقتها يوم الجمعة الماضية وتتواصل فعالياتها إلى غاية 12 غشت الجاري، مشاركة أكثر من 140 سربة و2000 فرس وفارس، وهو رقم قياسي بالنسبة لهذه التظاهرة.

وبالإضافة إلى “التبوريدة”، تشهد المنطقة تنظيم سباقات خاصة بالخيول بشكل منتظم. وتختلف خيول التبوريدة عن خيول السباقات القصيرة والطويلة في خصائصها وقيمتها المالية وتجهيزاتها.

فإذا كانت خيول “التبوريدة” تحتاج إلى السرج بكمالياته ولباس الفارس بتفاصيله، المكون من الجلباب والسلهام التقليدي والبلغة والسرج المزركش واللجام المطرز والركاب الفضي وغيره، فإن تجهيزات فرس السباق يحتاج إلى سرج من نوع آخر، يتميز بخفته وبساطته.

كما اعتاد الفلاحون ومربو الخيول بدكالة الاعتماد على الخيول في أنشطتهم الفلاحية، منها عملية الحرث والدرس وجر العربات.

وفي هذا السياق، أكد فلاح من العونات، أن الخيل له استعمالات متعددة بالنسبة للساكنة المحلية، فبالإضافة إلى كونه مصدرا للفرجة والمتعة من خلال فن التبوريدة التراثي، يعد الفرس وسيلة للتنقل، كما يمكن استغلاله في بعض الأشغال الفلاحية، لما تعرف به الخيول من قدرة فائقة وصبرها على تحمل المشاق.

بالمقابل أبرز ذات الفلاح ، أن الخيول يلزمها الكثير من العناية والرعاية، لافتا إلى أن تربية الخيول ليس بالشيء الهين، إذ لا بد من توفر عدة شروط في مربي الفرس، من أهمها القدرة المالية والقدرة على ضمان الاستمرارية والحضور الدائم في المناسبات الدينية والوطنية مع ما يكلف ذلك من مصاريف تتعلق بالنقل (نقل الخيول) والتنقل وشراء الأعلاف وغيرها.

Categories
متفرقات

إدراج “التبوريدة” على قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية

باريسمع الحدث :

وافقت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، المنعقدة اليوم الأربعاء في إطار دورتها ال16، على طلب المملكة المغربية المتعلق بإدراج “التبوريدة” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

ونوه الوفد الدائم للمملكة المغربية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، ممثلا بالسفير سمير الظهر، بهذا الإدراج الذي يشكل “اعترافا دوليا بإرث حضاري عربي-أمازيغي فريد في العالم يتشبث به المغاربة كثيرا”.

وبهذه المناسبة، أعرب السفير المندوب الدائم للمملكة لدى اليونسكو عن شكره لهيئة التقييم، وأعضاء اللجنة، وكذا أمانة اتفاقية 2003 على عملهم اللافت، مؤكدا أن المغرب ووفده لدى اليونسكو “ممتنان جدا” لهذا الإدراج على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

وأوضح الدبلوماسي المغربي أن “التبوريدة” هي ممارسة تؤسس لعلاقة قوية بين الإنسان والحصان، وتشمل ريبيرتوارا من الموسيقى والأغاني التقليدية التي تحتفي بهذا الفن التقليدي وفرسانه، مضيفا أنه من أجل حماية تراثه غير المادي “كرس المغرب في دستوره احترام وحماية تنوعه الثقافي، الأمازيغي، الحساني، العربي، الإفريقي واليهودي، وذلك بفضل التزام صاحب الجلالة الملك محمد السادس”.

وبالنسبة لرئيسة هيئة تقييم الترشيحات، فإن مقترح الإدراج المقدم من طرف المغرب “يفي” بالمعايير الخمسة المطلوبة من طرف اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، مشيرة إلى أن “التبوريدة” تكتسي “أهمية بالنسبة للهوية الثقافية والذاكرة الجماعية للمغرب ومكوناته المجتمعية، وتساهم في التنمية المستدامة من خلال تربية الخيول وتصميم الملابس والسروج اعتمادا على مواد محلية”.

وأضافت أن “هيئة التقييم تهنئ المغرب على اتخاذه إجراءات تضمن رعاية الخيول والرفع من أعدادها على المدى الطويل”، مسجلة أن عملية الترشيح بادرت لها الجهات المعنية وعدة جمعيات وفرق.

 

وأوصت الهيئة، بعد أخذ هذه العناصر بعين الاعتبار، بإدراج “التبوريدة” على قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.

بعد ذلك، اعتمد مكتب لجنة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، الذي لم يتلق طلبا للمناقشة أو تعديل، دون اعتراض، مشروع قرار بشأن إدراج هذا الفن المغربي العريق في التراث غير المادي للبشرية.

وتعد “التبوريدة”، التي تسمى أيضا الفنتازيا، مكونا مشكلا للموروث الثقافي غير المادي للمملكة المغربية، من منظور التقاليد والتعبيرات الشفوية، وفنون العرض، والممارسات الاجتماعية، والطقوس والأحداث الاحتفالية، والمعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، أو المعرفة المتعلقة بالصناعة التقليدية.

وتعد “التبوريدة” جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والذاكرة الجماعية للمملكة المغربية، وجهاتها ومكوناتها المجتمعية.

ويشكل هذا الإدراج اعترافا بالوظائف الاجتماعية والمعاني الثقافية لفن الفروسية التقليدية، المتوارثة جيلا عن جيل.

وتساهم “التبوريدة” منذ ظهورها الذي يرجعه المؤرخون إلى القرن الـ 15، بقوة، في الشعور بالهوية والاستمرارية لدى المغاربة.

 

ويعتبر الحفاظ على “التبوريدة” رهانا حقيقيا من أجل حماية التراث الثقافي والتاريخي العربي-الأمازيغي. وحتى سنوات التسعينيات، كان هذا التقليد وممارسته يعرف بعض التراجع، لاسيما نتيجة الهجرة القروية، لكن وبقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تم إطلاق مسلسل لتجديد “التبوريدة” من خلال بلورة مخطط وطني طموح للصيانة، تشرف عليه خصوصا، الجامعة الملكية المغربية للفروسية والشركة الملكية لتشجيع الفرس، وتدعمه العديد من الجمعيات والأفراد المنخرطين في فرق، والذين يجعلون من هذه الممارسة ذات الطابع الاحتفالي النبيل، متعة وشغفا حقيقيين.

 

وتعد “التبوريدة” دعوة لقبول التنوع وإبداع الجهات والعادات العربية-الأمازيغية. فإدراجها اليوم على قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية هو اعتراف بخبرة ممارسي هذا التقليد بمختلف أدوارهم. وسيساهم ذلك في حماية، استدامة وتعزيز حركة الإبداع واحترام التنوع الثقافي .