حميد داحسو
يتسم خطاب التيار الامازيغي العلماني بالمفارقة والتناقض؛ فهو يزعم أن يروم استعادة أصالة الذات المغربية وتنقية الهوية المغربية من عوالق التعريب والمشرقة لكن في نفس وقت يتبنى خطابا إيديولوجيا يمتح من الفكر الغربي. فهو يريد أن يهرب من التعريب لكن سقط في التغريب. فمن يتابع خطاب أحمد عصيد كنموذج ناهيك عن أغلب نشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية يجد هذه الازدواجية والتناقض بل ينم عن سكيزوفرينيا لايمكن تفسيرها إلا بالتحليل النفسي لهذا الخطاب ورواده. فبالقدر الذي يرفضون ماضي الذات الامازيغية التي تأثرت بزعمهم بالتعريب والمشرقة يؤصلون هويته خارج مجالهم التداولي وخارج الذاكرة الجماعية. حيث تجعل من حاضر الغرب هو مستقبل الذات المغربية والمغاربية. فغالبية مقترحات عصيد والتيار الامازيغي في مجال الاسرة و الحقوق والحريات والعلاقات ونمط الدولة وعلاقتها بالمواطن .. لاتخرج قيد أنملة عما نجده عند الغرب. ولايرفع لواء الاصالة إلا في وجه الشريعة والدين ومايراه يعبر عن المشرق علما أن مقومات الامة الاسلامية يستوي فيها المسلم الامازيغي والمسلم العربي والمسلم الزنجي والمسلم التركي والمسلم الفارسي والمسلم الكردي…. وهذا هو العمق الحضاري للثقافة الامازيغية كما عرفها المغرب مع طارق بن زياد ويوسف بن تاشفين ومحمد بن تومرت وصلحاء المغرب. وهذا ما كشفه حتى أحد أعلام السوسيولوجيا الموضوعيين نسبيا هو جاك بيرك وكذلك بول باسكون الذي تحدث عن المغرب المركب.
إن إيديولوجيا التمزيغ العلمانية هي إيديولوجيا مستلبة من الفكر الغربي وكارهة لجزء أصيل من ذاتها؛ أصيل لان المغاربة هم الذين صنعوه وشكل جزءا من الذاكرة والذات المغربية والمغاربية. فهذه السكيزوفرينيا في بناء الخطاب حول الهوية لن يتم الشفاء منها إلا بتعريف الذات من خلال معطى أن المغاربة والمغاربيين بقدر ما تتجذر هويتهم في الارض المغاربية المتنوعة الروافد بقدر ما تتجذر تلك الهوية في أرض الاسلام. لان الاسلام هو الذي وحد الامازيغ انفسهم بعدما كانوا أشتاتا؛ وحررهم من الاستعمار الروماني وهو الذي صنع للمغاربة حضارة ممتدة استقلت سياسيا عن الدولة الاموية والعباسية حيث كان آل البيت عليهم السلام قادة هذه الحضارة بتجربة و عمق مغربي خاص.
إرسال التعليق