Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة متفرقات

أعمو ينتقد ضعف أداء رؤساء الجهات ويدعو إلى جهوية فعلية تُكرّس العدالة الترابية والاجتماعية.

أگادير

المتابعة✍️: ذ. إبراهيم فاضل

 

في ظل تصاعد موجات الغضب الاجتماعي بعدد من مناطق المملكة، وجّه النقيب السابق وعضو مجلس جهة سوس ماسة، عبد اللطيف أعمو، انتقادات لاذعة لما اعتبره عجز رؤساء الجهات عن ممارسة صلاحياتهم الدستورية والقانونية في قيادة التنمية وتحقيق العدالة الترابية والاجتماعية.

وخلال أشغال دورة مجلس جهة سوس ماسة المنعقدة هذا الأسبوع، أوضح أعمو أن التجربة الجهوية الحالية كشفت عن محدودية واضحة في أداء المنتخبين الجهويين، مبرزاً أن البعض منهم لا يزال يتصرف بمنطق “التبعية للإدارة”، بدل أن يمارس دوره كفاعل مسؤول في صناعة القرار التنموي. وأضاف أن مكاتب الجهات تحولت إلى فضاءات إدارية لتسجيل المشاريع والمراسلات، بدل أن تكون منصات للمبادرة والابتكار والإبداع في التنمية.

وأشار أعمو إلى أن انعقاد الدورة يأتي في سياق اجتماعي محتقن، يتسم بتذمر شعبي متزايد، معتبراً أن الحراك الشبابي الذي تعرفه البلاد يعبر عن وعي جديد وشكل متطور من التعبير السياسي والاجتماعي، يقوم على لغة رقمية مباشرة وشفافة تتجاوز الخطابات الرسمية.

وأكد أن الجيل الجديد من الشباب المغربي يربط بين قيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وبين المطالب الأساسية في التعليم والصحة والتشغيل، وهي قضايا وطنية تتجاوز الحسابات الحزبية الضيقة وتفرض على المؤسسات العمومية التفاعل الجاد والمسؤول معها.

وانتقد عضو المجلس الجهوي ميزانية سنة 2026، معتبراً أنها تكرس نفس المقاربات التقليدية ولا تواكب التحولات الراهنة، مشيراً إلى أن الخطاب الملكي الأخير دعا بوضوح إلى مراجعة أساليب التدبير الجهوي ووضع العدالة الاجتماعية والمجالية في صلب الأولويات.

وأوضح أعمو أن الميزانية الحالية تمنح أولوية للبنيات التحتية والحماية من المخاطر الطبيعية بنسبة تقارب 40% من مجموع الاستثمارات، مقابل 20% للقطاع الاقتصادي والصناعي، و15% للسياحة والثقافة، و10% فقط للتعليم والبحث العلمي، وهو ما يعكس، حسب قوله، غياب رؤية متوازنة وشاملة تضمن التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي ختام مداخلته، حذّر أعمو من استمرار ارتهان الجهات للتحويلات المالية القادمة من الدولة، والتي تمثل أكثر من 70% من مواردها، معتبراً أن هذا الوضع يضعف استقلاليتها وقدرتها على الاستثمار الذاتي، داعياً إلى تنزيل فعلي لمبدأ الجهوية المتقدمة عبر تمكين الجهات من صلاحيات وموارد مالية حقيقية تضمن نجاعة القرار المحلي واستقلاليته

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الصحة الواجهة

المختلون في المدن.. قنابل موقوتة تهدد الأرواح والممتلكات! ظاهرة تتفاقم في صمتٍ مريب!

المتابعة✍️: ذ. سيداتي بيدا 

 

 

ما عاد الأمر يتعلق بحالات فردية معزولة، ولا بمشاهد متفرقة لمختلين عقلياً يتجولون بين الأزقة والشوارع. نحن اليوم أمام ظاهرة خطيرة تهدد الأمن العام، وتحول بعض الأحياء المغربية إلى ساحات مفتوحة على كل الاحتمالات المأساوية.

 

في مدينة السمارة، وخلال 24 ساعة فقط، أقدم شخص في حالة هيجان عقلي على رشق سيارتين بالحجارة، في وقتٍ اعتدى فيه آخر لفظياً على زبائن مقهى وسط المدينة، مطلقاً وابلاً من الكلام الساقط والبذاءات، دون أي رادع أو تدخل.

 

هذه الحوادث، وإن بدت للبعض بسيطة أو “عادية”، ليست إلا مؤشراً صارخاً على غياب سياسة عمومية واضحة للتكفل بهذه الفئة. والأسوأ من ذلك، أن السكوت الرسمي والتقاعس المؤسساتي بات يشكّل شراكة غير معلنة في الجرائم القادمة، لا قدّر الله.

 

قبل أيام فقط، اهتز الرأي العام على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها تلميذ بريء بتازة، بعدما تلقى ضربة قاتلة على يد مختل عقلي، استعمل قنينة زجاجية كأداة قتل. جريمة كان يمكن تفاديها لو وُضع هذا الشخص تحت المراقبة أو الإيواء، لكن الدولة تخلّت عن دورها، فدفع المجتمع الثمن.

 

إلى متى هذا الاستهتار بالأرواح؟

 

نحن لسنا أمام مرضى فقط، بل أمام قنابل بشرية موقوتة تُركت لتنفجر في وجه الأبرياء. انتشار المختلين في الأحياء السكنية، قرب المدارس، قرب الأسواق، بجانب المقاهي، وفي الساحات العمومية، يُنذر بكارثة أخلاقية وإنسانية وأمنية.

 

أين وزارات الصحة

أين المجالس الجماعية؟

أين ميزانيات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟

أين هي برامج الإدماج، الإيواء، والمراقبة؟ أم أن حياة المواطن البسيط لا تساوي شيئاً في أجندات المسؤولين؟

 

كفى من سياسة دفن الرأس في الرمال

 

المطلوب اليوم، وليس غداً:

 

إطلاق حملة وطنية عاجلة لرصد المختلين عقلياً المتشردين أو المهملين.

 

إنشاء وحدات علاجية متخصصة في كل مدينة وجهة.

 

تفعيل المراقبة الطبية والاجتماعية لهؤلاء الأشخاص لحمايتهم وحماية الآخرين.

 

إصدار قوانين تُحمّل ذوي المرضى والمؤسسات مسؤوليات واضحة في الرعاية والتكفل.

 

 

 

نحن لا ندعو إلى شيطنة المرضى العقليين، لكننا في المقابل نرفض أن تُترك الفوضى لتتغوّل في الشوارع، ونرفض أن يُقتل طفل أو تُرعب أسرة بسبب فشل المؤسسات في أداء واجبها.

 

صرخة السمارة اليوم، وتازة قبلها، ليست مجرد إنذار… إنها دعوة مفتوحة للتحرك الفوري قبل أن نستفيق على مأساة جديدة تخلّف دماء ودموعاً لا تجف.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة متفرقات

انعقاد الجمع العام للشبيبة الاتحادية فرع بوسكورة: دينامية تنظيمية ومشاركة شبابية فعّالة

مع الحدث/ بوسكورة

المتابعة✍️: ذ. فيصل باغا 

 

في خطوة تنظيمية مهمة، انعقد مساء يوم السبت على الساعة الثامنة بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ببوسكورة، الجمع العام لفرع الشبيبة الاتحادية بوسكورة، بدعوة من المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية، وتحت إشراف ممثلي المكتب الوطني، في إطار الدينامية التنظيمية التي تعرفها الشبيبة على الصعيد الوطني.

 

استُهلّ الجمع بكلمة ترحيبية ألقاها الأخ طه صفي الدين، عضو المكتب الوطني، حيث شدّد على أهمية اللقاء في تعزيز البنية التنظيمية للفروع المحلية، وإعادة هيكلة هياكلها بما يتوافق مع الأهداف الوطنية للشبيبة الاتحادية، التي تسعى إلى تجديد الحضور الشبابي الفعّال في العمل السياسي وتحفيز الشباب على الانخراط في برامج وأنشطة الحزب.

 

تلتها كلمة الأخ أيوب معتمد، عضو الشبيبة الاتحادية ببوسكورة، الذي قدم عرضاً شاملاً حول الوضع التنظيمي المحلي، مستعرضاً الأنشطة والبرامج التي تم إنجازها خلال الفترة السابقة، مع تسليط الضوء على التحديات والإكراهات التي تواجه الفرع، ومقترحات وآفاق العمل المستقبلية لتطوير أنشطة الشباب وتفعيل دورهم في الحياة السياسية والمجتمعية بالمدينة.

 

وقد عرف الجمع العام نقاشاً ثرياً ومثمراً، بمداخلات متنوعة من طرف المناضلات والمناضلين الحاضرين، الذين عبّروا عن حرصهم على المشاركة الفاعلة في تطوير العمل التنظيمي للشبيبة، وتقديم مقترحات واقتراحات من شأنها تعزيز التواصل بين أعضاء الفرع والمواطنين المحليين.

 

بعد ذلك، انتقل الجمع إلى النقطة الجوهرية في جدول الأعمال، والمتعلقة بـ انتخاب المكتب المحلي الجديد للشبيبة الاتحادية بوسكورة، حيث تمت المصادقة بالإجماع على الأخ أيوب معتمد كاتباً للفرع، ومنحه الصلاحية الكاملة لتشكيل أعضاء المكتب الجديد، الذي جاء كالتالي:

 

كاتب الفرع المحلي: أيوب معتمد

 

نائبته: إيمان أدردور

 

الأمين: عبد الرفيع بقادير

 

نائبه: أمين العسري

 

المقرر: مصطفى هديش

 

نائبه: عبد الصمد بعزيز

 

المستشارة: إلهام هاشم

 

 

وفي ختام الجمع العام، ألقى ممثل المكتب الوطني كلمة ختامية نوه فيها بـ روح المسؤولية والانضباط التي طبعت الاجتماع، مؤكداً على أهمية انخراط الشباب في العمل السياسي الجاد والملتزم بخط الحزب ومبادئه، وتفعيل دورهم في دعم البرامج والمشاريع التي تعود بالنفع على المجتمع المحلي وتعزز من حضور الحزب في المشهد السياسي.

 

ويعد هذا الجمع العام خطوة نوعية في مسار إعادة تنظيم الشبيبة الاتحادية محلياً، بما يضمن الاستمرارية والتجديد في العمل الشبابي، ويعكس التزام الأعضاء بالمسؤولية التنظيمية والحرص على تطوير الأداء السياسي في مدينة بوسكورة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة متفرقات

أكادير تستعد لإطلاق تجربة النقل الحضري بالحافلات ذات المستوى العالي من الخدمة (BHNS).

مع الحدث/ أگادير

المتابعة✍️: ذ. إبراهيم الفاضل

في خطوة نوعية نحو تحديث منظومة النقل الحضري، أعلنت جماعة أكادير عن انطلاق المرحلة التجريبية لمشروع الحافلات ذات المستوى العالي من الخدمة (BHNS)، الذي يُعد أحد أبرز المشاريع المهيكلة في إطار برنامج التنمية الحضرية للمدينة (2020-2024).

وأكد بلاغ صادر عن المجلس الجماعي أن هذه المرحلة التجريبية ستعرف تخصيص ممرات خاصة لحافلات الـBHNS، مع منع مرور أو ركن أي نوع من المركبات بهذه الممرات، وذلك بهدف ضمان انسيابية الحركة المرورية وسلامة مستعملي الطريق.

وأوضح المصدر ذاته أن هذا الإجراء يأتي ضمن التحضيرات التقنية والتنظيمية لإطلاق الخدمة الفعلية للنقل بالحافلات الجديدة، التي تعتمد على نظام حديث يزاوج بين الراحة، السرعة، واحترام البيئة، مما سيساهم في تخفيف الضغط المروري وتحسين جودة الحياة داخل المدينة.

ودعت جماعة أكادير جميع السائقين إلى التحلي بالمسؤولية والانضباط واحترام علامات التشوير وقواعد السير، مشددة على أن التعاون الجماعي يمثل شرطاً أساسياً لنجاح هذه التجربة الرائدة، التي تروم الارتقاء بخدمات النقل العمومي إلى مستوى المدن الكبرى الحديثة.

ويُنتظر أن تُحدث هذه الحافلات، التي تسير على طول مسار مهيكل يربط عدداً من الأحياء الرئيسية، نقلة نوعية في تنقلات الساكنة والزوار، من خلال تقديم خدمة فعّالة، منتظمة، وآمنة، تستجيب لتطلعات ساكنة أكادير نحو تنمية حضرية متجددة ومستدامة.

أكادير: إبراهيم فاضل

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء فن

تالكَيتارت.. أكادير تعزف أنغامها الإفريقية في مهرجان القيتارة الدولي.

مع الحدث / أگادير

المتابعة✍️: ذ. إبراهيم الفاضل 

تشهد مدينة أكادير من 23 إلى 25 أكتوبر 2025 تظاهرة فنية كبرى تعيد للمدينة بريقها الموسيقي وتؤكد مكانتها كجسر حضاري بين المغرب وإفريقيا، من خلال فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للقيتارة “تالكَيتارت”، الذي ينظمه منتدى أكادير ميموري بشراكة مع عدد من المؤسسات المحلية والجهوية والوطنية. وتحتضن ساحة ولي العهد وساحة سينما الصحراء وشارع علال بن عبدالله عروضاً موسيقية متنوعة يحييها فنانون من المغرب وعدد من الدول الإفريقية، في مشهد احتفالي يمزج بين الإيقاع والروح والجمال، ويجعل من الفن مساحة للقاء والتسامح والتبادل الثقافي.

يتزامن هذا الحدث الفني مع احتضان مدينة أكادير لفعاليات بطولة كأس إفريقيا، في مبادرة نوعية تهدف إلى توحيد نبض الرياضة والموسيقى في تظاهرة واحدة تملأ المدينة حياةً وفرحاً وإشعاعاً. وسيكون جمهور مدينة أكادير وزوارها على موعد مع لحظات موسيقية تحتفي بالإنسان في بعده الجمالي والروحي، وتستعيد جذور القيتارة في عمقها الأمازيغي والمغربي والإفريقي، في امتدادٍ يجعل الفن لغة للتواصل الإنساني العابر للحدود.

مهرجان تالكَيتارت ليس مجرد عروض موسيقية، بل هو تجربة ثقافية وجمالية تستمد أنساقها من ذاكرة المدينة وموروثها الرمزي، ومن متخيلها الأمازيغي الذي يعكس روح أكادير وعبقها التاريخي. ففضاءات المدينة، بأحيائها العريقة وعلى رأسها حي تالبرجت، تتحول إلى مسارح مفتوحة للجميع على الفرح والإبداع، حيث تتداخل الأصوات والإيقاعات والحركات لتشكل لوحة فنية نابضة بالحياة، تمتزج فيها الموسيقى بالرقص، والصوت بالجسد، والإيقاع بالبوح الإنساني.

ومن خلال هذا المهرجان تؤكد أكادير مجدداً أنها مدينة الفن والذاكرة، وأنها قادرة على تحويل تراثها الأمازيغي وإرثها الثقافي إلى طاقة خلاقة في خدمة التنمية السياحية والترويج للوجه الإنساني للمدينة. فالمهرجان يسهم في إبراز غنى الموروث المحلي وتنوّع التعبيرات الفنية والروحية التي تمتد جذورها في عمق القارة الإفريقية، ويعيد الاعتبار للعلاقة الأصيلة بين الإنسان والمكان والزمان والموسيقى.

تالكَيتارت بما يحمله من رمزية موسيقية وإنسانية، يُعيد صياغة علاقة الأكاديريين بمدينتهم، حيث تتعالى أصوات القيتارة لتنساب مع زرقة السماء، وتملأ الفضاءات العامة نغماً وبهجة. إنها لحظة انبعاثٍ لروح المدينة التي لا تنطفئ، ولذاكرتها التي تظل حية في أزقتها ودروبها وممراتها، كما تظل محفورة في وجدان ساكنتها.

وقد تمكن المهرجان منذ انطلاق دورته الأولى، من ترسيخ مكانته ضمن أبرز التظاهرات الموسيقية بالمغرب وإفريقيا، بفضل اختياراته الفنية المتميزة التي تؤمن بالحوار والتعدد والانفتاح، وتعكس قدرة الموسيقى على بناء الجسور بين الشعوب والحضارات. وفي كل دورة، يجدد تالكَيتارت احتفاءه بالقيم الكونية وبالإبداع الإنساني، في انسجام تام مع التحولات العمرانية والجمالية التي تعرفها المدينة.

ويرجع نجاح هذه التظاهرة إلى انخراط مؤسسات عديدة في دعمها، من بينها ولاية جهة سوس ماسة، ومجلس الجهة، والجماعة الترابية لأكادير، والمعهد الفرنسي، إلى جانب شركاء وفاعلين إعلاميين ومؤسسات راعية ومجتمع مدني منخرط بفعالية في إنجاح هذا الحدث الثقافي الكبير.

وفي ختام بلاغه عبّر المنظمون عن امتنانهم لجمهور أكادير وزوارها داخل المغرب وخارجه، لما أبدوه من حب وتفاعل ووفاء لحدث تالكَيتارت في مختلف دوراته، مجددين الدعوة إلى لقاء فني وإنساني جديد من 23 إلى 25 أكتوبر 2025، حيث ستعزف أكادير مرة أخرى سيمفونية الحياة والإبداع في قلب القارة الإفريقية.

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة رياضة سياسة

فلسطين وكتالونيا… كرة القدم تكتب فصلاً جديداً في التضامن الإنساني

بقلم/ سيداتي بيدا

في لحظة تاريخية تتجاوز حدود المستطيل الأخضر، يقترب المنتخب الفلسطيني لكرة القدم من خوض مباراة ودية مرتقبة أمام منتخب كتالونيا، على أرضية ملعب مونتجويك العريق في مدينة برشلونة. المباراة، التي ما زالت في طور التنسيق النهائي، تُعد أكثر من مجرد حدث رياضي؛ إنها رسالة إنسانية رمزية تحمل بين طيّاتها الكثير من الدلالات السياسية والثقافية.

هذا اللقاء، سيكون الأول من نوعه بين الجانبين، وقد يحظى بتغطية إعلامية دولية واسعة لما يمثّله من وقوف رياضي نادر مع شعبٍ يرزح تحت وطأة الاحتلال والصراع المستمر. دعم الحكومة الكتالونية لهذه المبادرة يضفي عليها بعداً رسمياً، ويُترجم موقفاً إنسانياً طالما عبّرت عنه شعوب كتالونيا في قضايا العدالة والحرية حول العالم.

يُتوقّع أن يُقام اللقاء على ملعب مونتجويك، الذي يحتضن حالياً مباريات نادي برشلونة بسبب أعمال تجديد كامب نو. واختيار هذا الملعب تحديداً ليس صدفة، بل يحمل طابعاً رمزياً أيضاً، إذ لطالما كان منصة لاحتضان أحداث رياضية ذات طابع إنساني ورسمي.

وتُعد هذه المباراة فرصة نادرة للمنتخب الفلسطيني لعرض إمكاناته أمام جمهور أوروبي واسع، في واحدة من العواصم الرياضية الكبرى في العالم. كما تشكّل مناسبة لتعزيز الحضور الفلسطيني في المشهد الرياضي العالمي، عبر بوابة الكرة الأوروبية، وهو ما يعكس قوة “الدبلوماسية الرياضية” في إيصال الصوت الفلسطيني إلى أبعد مدى.

من جهته، أبدى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم حماسه الكبير لهذا اللقاء، مؤكداً أن المباراة تمثّل فرصة ليس فقط لتقديم أداء مشرف على المستوى الفني، بل أيضاً لتجسيد معانٍ أكبر تتعلق بالهوية والصمود، ولتوجيه رسالة مفادها أن فلسطين حاضرة، رغم كل التحديات، على كل الساحات، بما فيها الرياضية.

أما منتخب كتالونيا، الذي يضم في صفوفه أسماء بارزة من لاعبي الليغا، فيخوض هذا اللقاء بدافع التضامن والتأكيد على القيم التي تمثلها كتالونيا: الحرية، العدالة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

في النهاية، قد لا تُحتسب نتيجة المباراة ضمن التصفيات أو الألقاب، لكنها بالتأكيد ستُسجّل في تاريخ الرياضة كإحدى اللحظات التي أثبتت أن كرة القدم قادرة على أن تكون صوتاً للحرية، ومنصة للسلام.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي أنشطة ملكية الواجهة جهات سياسة

تحليل الخطاب الملكي في البرلمان: خطاب للمؤسسة التشريعية و توجيه للسياسات العمومية

ابراهيم جديد

الخطاب الملكي في البرلمان يشكل قوة سياسية واجتماعية هامة قادرة على التأثير في الأوضاع الوطنية، خاصة في أوقات الأزمات مثل موجات الاحتجاجات. من الناحية السياسية، يتميز الخطاب الملكي بكونه مرجعية دستورية ورمز وحدة وطنية، حيث يوجه التوجيهات للحكومة والمؤسسات لتفعيل الإصلاحات المقترحة، بينما يحمل في طياته دعوة لضبط النفس والتزام القانون.سياسياً واجتماعياً، الخطاب الملكي المغربي مؤخرًا ركز على ثقة المواطنين في الدولة كمؤسسة قادرة على امتصاص النزاعات الاجتماعية، داعيًا إلى الاستمرارية في الإصلاحات ومكافحة الفوارق الاجتماعية والمجالية. الخطاب يعكس توازنًا بين التأكيد على الاصطفاف الوطني والاستجابة المطردة للمطالب الشعبية عبر قنوات مؤسساتية، دون إثارة مزيد من الاحتقان. وهو يحمّل رسالة بالاعتراف بالمطالب مع التأكيد على ضرورة العمل ضمن إطار القانون والديمقراطية. من علم التواصل السياسي، الخطاب الملكي يعمل كآلية تواصل استراتيجية تؤمن الشرعية وتنقل رسائل تهدئة وتوجيه، تستخدم لغة تتسم بالرزانة والرسوخ، وتوظف الرموز الدينية والوطنية لتعزيز الرسالة، وتخلق مناخًا من الثقة المتبادلة بين العرش والشعب. هذا الخطاب يعتمد على خطاب تواصلي يعزز التعاون والتكامل بين مختلف المتدخلين في الحياة السياسية والاجتماعية.كيف يمكن للملك أن يحل أزمة الاحتجاجات في خطابه؟ يمكن للملك أن:يعترف بجدية المطالب الاجتماعية والاقتصادية للشباب ويؤكد على استجابته من خلال إصلاحات ملموسة ذات آليات واضحة للمتابعة.يدعو للحوار الوطني الشامل بمشاركة الشباب والمؤسسات الوسيطة لتوفير فضاءات للتعبير والعمل الجماعي وتجنب العنف، مع التركيز على مقاربة تنموية واجتماعية تهدف لتجاوز أسباب الاحتجاج الأساسية. .يشدد على وحدة الوطن والتكافل الاجتماعي مع ترسيخ دولة المؤسسات وحكم القانون، مع التواصل المستمر والشفافية في الإجراءات. يحفز الحكومة على تعزيز فرص التشغيل وتحسين الخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة، موضحاً المكاسب المستقبلية لهذا التوجه الإصلاحي.باختصار، خطاب الملك يجب أن يكون رسالة توازن بين الاعتراف بالمشاكل وطمأنة المواطنين بقدرة الدولة على الإصلاح عبر مؤسسات وآليات واضحة، مع تركيز على الحوار والتواصل كوسيلة لمعالجة الأزمة الاجتماعية والاحتجاجات، مستفيدًا من رمزية الخطاب الملكي كفاعل قادر على تهدئة النفوس وتحريك الإصلاحات في إطار مؤسسة متماسكة .

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي أنشطة ملكية إقتصاد الصحة الواجهة بلاغ جهات سياسة قانون مجتمع

خطاب القبة يُعيد صياغة التحدي السياسي للمغرب

✍️ هند بومديان

عهد الإصلاح المنتظر..

خطاب القبة يُعيد صياغة التحدي السياسي للمغرب


في مساءٍ صوبت فيه أنظار المغاربة إلى “قبة القرار” في البرلمان، تقدّم الملك محمد السادس نصره الله ليُلقي خطابًا لا يشبه أي خطاب عادي، بل تضحى به لحظة مصيرية في تاريخ السياسة المغربية المعاصرة. لقد خرج من بين الجُدران المهيبة ما يشبه إعلان عهد جديد: عهد الإصلاح الذي لا يُجمل الكلام وحده، بل يُعطي الفعل الحَجَر الأكبر في بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وبَذل الطمأنينة في نفوس المواطن الذي تأخّر استحقاقه طويلًا.

لم يكتف الملك محمد السادس نصره الله بتوجيه رُدود فورية إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية فحسب، بل اختار أن يوجه رسائله بِوزن إلى جميع الأطراف: الحكومة مطالَبة بتسريع الخطى، والبرلمان مُلزَم بتفعيل دوره الرقابي، والأحزاب مطالَبة بالتزامها في التأطير، والإدارات مطالَبة برحابة الأداء. خطاب القبة يُرسم كخارطة طريق لمعركة التغيير، ليست ضد أحد، بل لمصلحة الجميع. من يُعلّل تأخر الإصلاح بالبيروقراطية أو بالجمود المؤسسي، فليعلم أن الخطاب كان صارمًا في مركزية النتائج، وحازمًا في محاربة الممارسات التي تضيّع الزمن والموارد.

واحدة من أقوى رسائله كانت حين أكد الملك محمد السادس نصره الله أن “لا تناقض بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية ما دام الهدف تنمية الوطن وتحسين ظروف العيش أينما كان المواطن”. هذه العبارة تُعد انتصاراً لصوت المقهورين المناديين بعدالة الفرص، ورفضًا للمنطق الذي يضحي بالجوانب الاجتماعية مقابل الرهانات الكبرى. لقد أراد جلالته أن يعيد التوازن، ويُرسّخ أن النهج السياسي الناجح ليس في الانجراف نحو المشاريع الفخمة وحدها، بل في أن يشعر بها المواطن في دكانه وشارعه.

في السياق ذاته، لم يغب البعد المجالي واتساع الفوارق بين الحواضر والمناطق النائية عن مخيال الخطاب. الملك محمد السادس نصره الله دعَا إلى اهتمام خاص بالمناطق الجبلية والواحات، معتبِرًا أن العدالة المجالية ليست شعارًا يُعاد تكراره في المناسبات، بل خيارًا استراتيجيًا يتطلب تضافر الجهود والتزاماً يوميًا. إن ترميم الهوة المكانية بين المواطن البعيد والسلطة، هو التحدي الذي فرضه الخطاب بخُبث سياسي وحنكة ملكية.

كما أن الخطاب تفاعل ضمنيًا مع نداءات شباب “جيل زد”، الذين أطلقوا احتجاجاتهم في عدد من المدن مطالبين بالعدالة الاجتماعية والفرص الحقيقية. لم يسمهم جلالته، لكنه صوّب إلى مطالبهم عبر دعوة صريحة لتوفير فرص شغل، وإصلاح التعليم، وتحسين الخدمات الصحية، وربط مؤسسات الدولة بالمواطن في “إشراك فعلٍ لا استجابة مؤقتة”. وقد بدت في هذا النوع من التفاعل إشارات واضحة إلى أن الدولة لا تنكر هذا الحراك، بل تسعى إلى استيعابه في إطار سياسات مؤسسية متينة.

وطبعًا، لا يمكن تحليل هذا الخطاب دون الإشارة إلى توقيته الحساس؛ فقد جاء في السنة الأخيرة من الولاية التشريعية، حين تستعد النخب السياسية لمحاسبة الأداء. اختار الملك محمد السادس نصره الله أن يضع الكل أمام التزام صريح: إما أن تستثمر السنة المتبقية في إنجاز ما تبقى من مشاريع، أو أن تستسلم لهوامش الهزيمة السياسية. بهذا، لا يبقى مجال للتأجيل أو المراوحة.

فخطاب القبة ليس مجرد كلمات تُلقى، بل هو بلورة لرهان تاريخي: رهان أن يعود الحِراك الاجتماعي إلى مؤسساته، أن يلتقي الشباب بالسياسة التي تُغيّر، وأن يُترجَم الإصلاح إلى واقع محسوس من طرف المواطن. من سيتجرّأ على التردد في الاستجابة؟ ومن سيختار الاشتغال بالمسؤولية بدل بخور الخطابات؟ الأيام القادمة ستكون القاضية.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة بلاغ سياسة

طرد مستشار من حزب الاتحاد الاشتراكي بصفرو بعد تقديم استقالته

رشيد كداح

على صفيح ساخن يشهده المشهد السياسي المحلي بمدينة صفرو، قررت الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية طرد المستشار عبد اللطيف بوشارب من جميع هياكل الحزب والتنظيمات الموازية.

وجاء القرار، وفق مصادر من داخل الحزب، عقب تقديم المعني بالأمر استقالته من جماعة صفرو وابتعاده عن أجهزة الحزب، إلى جانب اتخاذه قرارات وخرجات وُصفت بالفردية وغير المنسقة مع القيادة الإقليمية.

ويأتي هذا القرار في سياق سياسي محتدم تعرفه الساحة المحلية، ويعكس تشدد الاتحاد الاشتراكي في فرض الانضباط الحزبي واحترام المساطر الداخلية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

تسقيف سن الولوج لمهنة التدريس: الآثار والتداعيات

عبد الله بن أهنية

Age ceiling for entering the teaching profession: effects and repercussions 

في خضم الحراك الذي شهدته بلادنا في الأسابيع الماضية للمطالبة بتحسين وتجويد خدمات قطاع الصحة وكذلك التربية والتعليم والنهوض بهما كي يواكبا وتيرة النمو التي تسير بها قطاعات أخرى، تتعالى أصوات منادية برفع الحيف عن عدد كبير من الشباب وخريجي الجامعات وغيرها كي يجدوا فرصة لولوج مهنة التعليم وغيرها من القطاعات. ويقف قانون تحديد سن الدخول في مباراة ولوج مهنة التربية والتعليم وكذلك بعض المباريات الأخرى، في سن لا تتجاوز الثلاثين، عقبة في وجه من كانوا بالأمس القريب مجدين في دراستهم ومتمنين إيجاد فرصة عمل أو وظيفة بعد التخرج، للخروج من عالم التعاسة والفقر. هؤلاء ليسوا بفئة قليلة محدودة، بل هنالك العديد منهم كان يرى في نفسه الأمل الوحيد لإنقاذ أسرته من الفقر ورد الاعتبار إلى والديه اللذين عانوا الكثير من أجل مساعدة ابنتهم أو ابنهم كي يتم دراسته ويحقق لهم آمالهم. ويتساءل البعض مننهم، ولربما جلهم: كيف يعقل أن البرلماني والوزير، بل وحتى رئيس الحكومة نفسه قد تجاوز سنهم الستين وأحياناَ السبعين سنة ولم يطبق عليهم قانون تسقيف سن الولوج، بينما يقف هذا القانون كعقبة وخرسانة فولاذية في وجه العديد من الشباب ويدفعهم إلى البطالة بلا رحمة ولا شفقة.

 ما المقصود بتسقيف سن الولوج إلى مهنة التعليم وسواها؟:

وبحكم اشتغالي في ميدان التربية والتعليم لمدة طويلة خارج أرض الوطن، فلربما غابت عن ذهني أشياء قد يرى فيها البعض منطقاً آخر أو يكون له رأي مخالف فيما يخص تحديد سن الولوج لمهنة التعليم في سن الثلاثين، ومن تعداها فلا حظ له في تربية وتعليم الأجيال القادمة. غير أنني لحد الآن لم استسغ نتائج هذا القرار، إذ قد يحرم من هم فوق سن الثلاثين ولو ربما بأيام أو شهور معدودة من ولوج مهنة التعليم وضمان مستقلهم. وفي ظل ما حدث في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالإضرابات والتوقف عن الدراسة بين الفينة والأخرى وما لذلك من انعكاسات وتأثير على مردود التلاميذ والطلاب وتحصيلهم الدراسي، تتجه الأنظار مرة أخرى، وخاصة هذه الأيام، إلى دعوة لمراجعة وتجويد شامل لمسار المدرسة العمومية وكذلك المستشفيات العمومية في بلادنا وخاصة ما يتعلق بالبنية التحتية والأطر والمعدات والتجهيزات والخدمات. بل وهنك أيضاَ مناداة لإعادة النظر في المناهج وطرق التدريس في كل من التعليم الابتدائي والثانوي بشقيه، الاعدادي والثانوي وكذلك الجامعات والمدارس العليا. وبالإضافة إلى ذلك، يرى البعض أن الاهتمام يجب أن ينصب أيضاً على تجويد القوانين المتعلقة بمهنة التعليم، وكذلك مراجعة مسألة الرواتب والمكافئات، وأيضاً برامج إعداد وتدريب الأساتذة والمعلمين. ومن باب المنطق، فمن غير المعقول أن يبقى راتب المعلم والأستاذ والمربي قابعاً أو لا يتزحزح من مكانه، وإذا حدث ذلك، فبشكل بطيء فمن خلال سلم الرواتب، بل نجد بأن راتب المعلم الشهري ربما يكون أدنى من الرواتب في مهن أخرى.

وبالنظر إلى ما وصلت إليه أمم أخرى، نلاحظ بأن مهنة التربية والتعليم لا تعتبر مصدر رزق وعيش فقط، بل هي مصدر فخر واحترام وتقدير، ربما تفوق جل باقي المهن الأخرى. ومن حق تلك الأمم إذن أن تطالب بجودة عالية ومخرجات مدرسية يحسد عليها (أنظر إلى المعطيات المتعلقة بسنغافورة أو فنلندا على سبيل المثال لا الحصر). ولذلك تجد هذه الأخيرة قد رصدت أموالا طائلة لتشييد مدارس بجودة عالية وهندسة معمارية جذابة، وفرضت على متخرجي مهنة التربية والتعليم أن يستوفوا شروط ولوج هذه المهنة والخضوع لتداريب جادة وصارمة وبمهنية في منتهى الدقة والجودة والشمولية. ومن ثم فقد اكتسبت مهنة التربية والتعليم احترام وتقدير المجتمع وبلغ بذلك المعلم المكانة المرموقة المشرفة التي أضحت طموحاً لدى شريحة واسعة من تلك المجتمعات. وبالنطر إلى تلك المجتمعات من زاوية أخرى، نجد بأنها لم تحدد سن ولوج مهنة التدريس في الثلاثين ولا حتى الأربعين!!! فما السر وراء تحديد السن في الثلاثين لدينا إذاً؟ وهل اتخذ هذا القرار بناءً على دراسات تربوية واقتصادية واجتماعية دقيقة؟ وهل أخذنا بعين الاعتبار العدد المهول للمتخرجين من شعب مختلفة، بما في ذلك العلوم الإنسانية والاجتماعية، قد تتجاوز أعمارهم الثلاثين بأيام أو شهور قليلة؟ فما مصير أولئك إذاً؟

أثار تحديد سن التدريس: 

كما سبق وأن أشير إليه، فقد شهد المغرب في الآونة الأخيرة تحولا كبيرا في سياساته التعليمية، خاصة فيما يتعلق بسن دخول الأفراد إلى مهنة التدريس. ومما لا شك فيه، فقد أثار هذا القرار، أي قرار تحديد سن الالتحاق بمهنة التدريس في ألا يتجاوز عمر المرشح أو المرشحة ثلاثين سنة نقاشات بين جميع شرائح المجتمع وكذلك المهتمين بقطاع التربية والتعليم وصناع القرار والسياسات العمومية وأطر التدريس في البلاد. غير أن العديد من تلك الفئات قد أعربت بطرق شتى عن استياءها لأنها تعتقد بأن هنالك مخاوف وآثارا سلبية لهذه القيود العمرية على مهنة التدريس، وبما أن الأمر يمس فئة عمرية وطبقة الشباب الراغبين في تكوين حياة مهنية واستقرار اقتصادي واجتماعي ، فلا بأس من أن نستمد رؤى من الأدبيات ذات الصلة، وبعض آراء علماء التربية والتعليم في ذلك، ووجهات نظر مختلفة لكي نبين مدى تأثير هذا القرار على فئات جد مهمة من المجتمع.

الخبرة مقابل العمر:

لقد ناقش علماء التربية والتعليم منذ فترة طويلة ما إذا كان العمر يرتبط بشكل مباشر بفعالية التدريس، وأبانوا عن آراء مختلفة. وهكذا فقد أشارت دراسة أجراها سميث وجونسون (2019) إلى أن الخبرة، وليس العمر، هي مؤشر أكثر موثوقية لقدرات المعلم. وبذلك قد يؤدي تقييد الدخول على أساس العمر إلى إغفال المعلمين المحتملين الذين اكتسبوا خبرة قيّمة في المجالات ذات الصلة. فهل من المعقول التخلي عن مجموعة من الأشخاص قد اكتسبوا خبرة إما في مدارس تكوين أو غيرها من الميادين وقرروا ولوج مهنة التعليم. كيف لا وقد تشبعوا بتجارب ومهرات اكتسبوها إما عن طريق المطالعة والممارسة، وإما علمتهم إياها الحياة بكل أطيافها وخباياها. إذن، يمكن القول بأن اكتساب الخبرة لا يأتي من فراغ، بل إنه يتم بطريقة تراكمية مكتسبة من العار أن تذهب سدى، بل يجب منح حامليها فرصة لتلقينها وتمريرها للأجيال الصاعدة.

التنوع في التدريس:

أكد البحث الذي أجراه براون ومارتينيز (2020) على أهمية التنوع في مهنة التدريس. وحسب قولهما، فقد يؤدي تقييد الالتحاق بمهنة التربية والتعليم على أساس العمر إلى الحد عن غير قصد من تنوع وجهات النظر والخبرات داخل القوى العاملة في التدريس، مما يعيق القدرة على تلبية الاحتياجات المتنوعة للطلاب. ومما لا شك فيه أن القدرات الذهنية والقدرة على الادراك أو الاستيعاب تختلف من شخص لآخر، كما أن القدرة على توصيل المعلومة تختلف من شخص لآخر أيضاً، وبالتالي كما تختلف طرق الاستيعاب، تختلف طرق التلقين حسب شخصية المتلقي والمعلم نفسه. وحسب رأي هؤلاء الباحثين، فإننا إن حددنا العمر الذي يمكن صاحبه من ولوج مهنة التربية والتعليم، فإننا بذلك سنكون قد حرمنا فئة كبيرة من التلاميذ والطلاب من تجارب ومشارب معرفية لدى شريحة واسعة من هواة ومحبي مهنة التربية والتعليم.

الاتجاهات العالمية الحديثة: 

تشير الدراسات الدولية، مثل الدراسة الاستقصائية الدولية للتعليم والتعلم (TALIS) التي أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أن أنظمة التربية والتعليم الناجحة هي تلك التي بدون شك تعطي الأولوية لتوظيف مجموعة متنوعة من الأفراد ذوي الخبرات والخلفيات المختلفة وبأعمار مختلفة. فحسب هؤلاء الباحثين، قد يؤدي تحديد سن الالتحاق إلى قوة تعليمية من طرف فئة عمرية محددة وأكثر تجانسًا من غيرها، إلى عواقب وخيمة مما قد يحد من قضية الابتكار والقدرة على التكيف في مواجهة التحديات التعليمية المتطورة والمختلفة في آن واحد.

ومن خلال المناقشات مع المعلمين والمربين في هذا الميدان، فلا نستغرب حين نجد الكثيرين منهم قد أعربوا عن مخاوفهم بشأن القيود العمرية المفروضة على المعلمين المحتملين. كما يقول البعض، “ليس من العدل استبعاد الأفراد الذين ربما طوروا مهارات أساسية في مهن أخرى وجلبوا منظورًا جديدًا إلى الفصل الدراسي”. ويرى في ذلك آخرون إحباطا فعليا: “من خلال تحديد سن الالتحاق، فإنهم يغلقون الباب أمام الأفراد المتحمسين الذين يريدون حقاً المساهمة في التعليم. وهذا محبط للشباب”.

الآثار السلبية للقيود العمرية:

يرى العديد من المفكرين والمهتمين بميدان التربية والتعليم بأن حصر ولوج هذه المهنة في فئة محددة من الشباب دون آخرين قد يؤدي إلى نتائج قد لا ترضي الكثيرين ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

1. انخفاض الابتكار: يرى بعض الباحثين على أن تحديد سن الالتحاق بمهنة التربية والتعليم قد يؤدي إلى نقص الابتكار في طرق التدريس. غالبًا ما يجلب المعلمون من مختلف الفئات العمرية أفكارًا جديدة ومختلفة أيضا ويشجعون طلابهم حتى يكونوا أكثر استعدادًا للتجربة، مما يعزز البيئة التعليمية ويجعلها أكثر ديناميكية وجذابة.

2. فقدان الأفراد المؤهلين: قد يتم تثبيط المهنيين ذوي الخبرة من المجالات الأخرى الذين يرغبون في الانتقال إلى التدريس بسبب القيود العمرية المفروضة. وقد يؤدي ذلك إلى فقدان الخبرات القيمة التي لا تقدر تجربتها وقدراتها الفكرية وخبرتها بثمن، والتي يمكن أن تعزز جودة التعليم وترفع من قدرات المتعلمين وترفع من مكانة المدرسة العمومية ومخرجاتها.

3. أزمة البطالة: يرى الكثيرون من المتتبعين أن فرض حد سن الثلاثين لولوج مهنة التربية والعليم يؤدي، وبدون شك، إلى تفاقم أزمة البطالة بين الشباب. ومع محدودية فرص العمل، قد يواجه المعلمون الطموحون الذين يتجاوزون الحد العمري صعوبات في العثور على عمل، مما يساهم في قضية البطالة بين الشباب على نطاق أوسع، علماَ أن هذا الميدان كان دوما يشكل طوق نجاة ومصدر كسب القوت للكثير من الأسر. ماذا سيفعل شاب بلغ الواحد وثلاثين أو حتى الأربعين وهو مؤهل وقادر أن يدرس ولكن القانون الوضعي أغلق الأبواب في وجهه! من أين سيعول ويساعد أبويه وإخوانه، وكيف سيبني أسرة؟ كيف لا يحس بالإحباط والافلاس منذ البداية؟!!!

توصيات مقترحة ومفيدة:

كثيراً ما نسمع أن المرء أو حتى الأمم تستفيد من أخطائها. ومن هذا المنطلق، لا بأس من أن نعيد النظر في أولويات الإصلاح الخاصة بالمدرسة العمومية ومحاولة النهوض بها كي ترقى إلى متطلعات الأسر وتنتج لنا عقولاَ مفكرة وأفراداَ مؤهلين وقادرين على تحمل المسؤولية في بيئة صحيحة من كل الأسقام وسليمة من كل أشكال العنف والعش والفساد والجريمة. نتمنى من كل أعماقنا أن نخطو خطوات سليمة وصحيحة من أجل اصلاح جيد وبناء لمنظومة التربية والعليم، ونقترح ما يلي:

إعادة تقييم معايير العمر:

يجب إعادة النظر في معايير السن لدخول مهنة التدريس، مع التركيز على المؤهلات والخبرة بدلاً من الحدود العمرية التي قد تفوت الفرصة على الكثير من الشباب وتؤدي إلى تضخم معدل البطالة.

نهج مسارات الدخول المرنة:

تقديم مسارات دخول مرنة تعترف بالتجارب المتنوعة وتقدرها، وتنهج التشبع بالعلم والمعرفة من كل مشاربها. يمكن أن يشمل ذلك تقييم المرشحين بناءً على المهارات والمؤهلات ذات الصلة والشغف الواضح بالتعليم.

برامج التطوير المهني والتدريب الموازي: 

محاولة تنفيذ برامج التطوير المهني والتكوين الشاملة، وبإشراف جدي محكم ومعايير الجودة المعترف عليها، للمعلمين من جميع الأعمار لضمان التعلم المستمر والتكيف مع الاتجاهات التعليمية المتطورة. كما يجب الحرص على برامج وورشات التدريب المصاحب أو الموازي لضمان استمرار الجودة ومواكبة العصر، مع احترام تكافئ الفرص ومكافئة وتشجيع المنخرطين والمتميزين.

تشجيع برامج الإرشاد: 

إنشاء برامج إرشادية تسهل تبادل المعرفة والمهارات بين المعلمين ذوي الخبرة والمبتدئين، مما يعزز مجتمع التدريس الداعم. كما يجب خلق نوادي افتراضية وفضاءات للقراءة والنقد الأدبي كي نربي في الأجيال الصاعدة حب القراءة والانغماس في الأدب والفنون بجميع أطيافها الهادفة.

تعزيز التنوع الفكري والأدبي: 

العمل بنشاط على تعزيز السياسات التي تشجع التنوع في مهنة التدريس، مع الاعتراف بقيمة العلوم الدينية والإنسانية وفضلها في تهذيب الفرد وسقل مهاراته وبناء شخصيته وتربيته على مكارم الأخلاق والتسابق في فعل الخير والإحسان. كما يجب التشجيع على احترام اختلاف وجهات النظر والخلفيات المتنوعة في حدود المعقول ودون المس بمبادئ الأمة وثوابتها، وذلك من أجل إنشاء نظام تعليمي قوي وجذاب.

معالجة البطالة بشكل كلي:

من أجل مكافحة البطالة بين الشباب، يجب على صناع السياسات والقرارات اعتماد نهج شامل يتضمن خلق المزيد من فرص العمل في ميادين مختلفة، وتعزيز برامج التدريب المهني والتدريب المصاحب أو الموازي، ودعم مبادرات ريادة الأعمال، وفتح مجالات واسعة في مجال التربية والتعليم وكذلك في مجال الصحة لاستقطاب شرائح واسعة من الشباب والتخفيف من حدة ظاهرة البطالة في المجتمع.

خلاصة:

وفي الختام، فإن تحديد سن الالتحاق بمهنة التدريس في المغرب في ألا يتجاوز عمر المرشح أو المرشحة ثلاثين سنة يشكل تحديات كبيرة وعواقب سلبية. وبالاستناد إلى رؤى علماء التربية والتعليم، وآراء بعض ممن يهمهم هذا الميدان، والأدبيات الدولية، فمن الواضح أن مثل هذه القيود يمكن أن تعيق الابتكار، وتؤدي إلى فقدان الأفراد المؤهلين وتفويت فرصة الاستفادة من خبرات من تجاوزت أعمارهم الثلاثين. وبدون شك فإن تحديد سن الالتحاق بمهنة التدريس قد تساهم في قضية تفشي البطالة الأوسع بين الشباب والدفع بهم إلى العزوف عن الزواج نظراَ لظروفهم المادية. إن مشروع اصلاح منظومة التربية والتعليم منوط بإعطاء الأولوية لنهج أكثر شمولا ومرونة مع ادماج أكبر عدد من المرشحين الشغوفين بولوج مهنة التربية والتعليم، وذلك من أجل تكافئ اجتماعي مثمر ومن أجل اعداد فرد صالح ومؤهل، مع الحث على تهج مقاربة تشاركية وعدالة مجالية تأخذ بعين الاعتبار المناطق الجبلية والمناطق النائية في القرى والمدن على حد سواء، واعداد بيئة مدرسية جذابة وسليمة، تضاهي تلك التي توجد في بعض المؤسسات الخاصة، وتجعل المعلم والمتعلم في صلب الموضوع، وتحترم جميع معايير الجودة والسلامة وتعيد للمعلم مكانته المرموقة في المجتمع.،،،

والله ولي التوفيق،،،

كاتب وباحث في مجال التربية والتعليم والثقافية