Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء حوادث خارج الحدود

رحيل مؤلم للفنان الكوميدي بون هاي مين في باريس

بقلم: ذ. عبد الجبار الحرشي – باريس

في حادث مأساوي هزّ الأوساط الفنية في فرنسا، عُثر صباح الخميس على جثة الفنان الكوميدي بون هاي مين، الملقب بـ”الصيني المضحك”، بعد سقوطه من إحدى العمارات السكنية في الدائرة السابعة عشرة بالعاصمة باريس.

الراحل، الذي عرفه الجمهور منذ بداياته بأسلوبه الساخر المختلف، شارك في عدد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية الفرنسية، وكان آخر ظهور له في الفيلم الشهير “أستريكس” من إخراج غيوم كانيه، حيث جسّد دورًا لقي إعجاب النقاد.

منتجه الفني فيليب ديلماس عبّر عن حزنه العميق في بيان مقتضب جاء فيه:

> “ببالغ الحزن والأسى نعلن عن الوفاة المأساوية لصديقنا وفناننا العظيم بون هاي مين.”

وإلى حدود الساعة، لم تصدر السلطات القضائية أي توضيحات حول ظروف الوفاة، واكتفت بفتح تحقيق لمعرفة ما إذا كان الحادث ناتجًا عن سقوط عرضي أم أن هناك شبهة انتحار.

رحيل بون هاي مين يُعد خسارة فنية حقيقية، خاصة وأنه كان يُحضّر لعمل جديد كان من المرتقب تصويره خريف هذا العام.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء متفرقات

وفاة “با التهامي”… صاحب الگلة الذي منَح “التبوريدة” سحرها وبهاءها

مع الحدث

المتابعة ✍️: مجيدة الحيمودي

 

بأسى وحزن عميقين ودعت ساحة الفروسية التقليدية بالمغرب أحد أعمدتها الرمزية “با التهامي”، الرجل الذي ارتبط اسمه بالگلة وبصوتها المدوّي في عروض التبوريدة، والذي ظل لعقود طويلة يُضفي على هذا الفن التراثي روحه ووهجه الخاص.

كان “با التهامي” المعروف لدى محبي التبوريدة بـ”صاحب الگلة”، شخصية فريدة لا تُنسى، بصوته الجهوري وهو يُطلق عبارته الشهيرة: “انطلقة الگلة… راه طلقة التبوريدة ممتازة!”، جاعلًا من كل لحظة إطلاق للنار لحظة مفعمة بالحماس، الإتقان، والرهبة. لم يكن مجرد مُعلّق أو منشط، بل كان روحًا تنبض في قلب الفرسان والخيول، ومرجعًا حقيقيًا في تقييم جودة الطلقة وتناسق السربة.

ارتبط اسم الراحل بميادين التبوريدة في مختلف جهات المغرب، حيث كان حضوره وحده كافيًا لرفع مستوى العرض، ولتحفيز السربات على تقديم الأفضل، سواء في المهرجانات المحلية أو الوطنية. كان يُعدّ صوت “با التهامي” جزءًا من ذاكرة جيل بأكمله، ممن تربوا على عشق الفروسية وأهازيجها ونظامها الصارم.

وقد خلّف رحيله فراغًا كبيرًا في نفوس محبيه، من فرسان و”مقدمين” ومتابعين لهذا الفن المغربي العريق، الذين أجمعوا على أن صوته المميّز وحنكته في قراءة الطلقة وتقدير التناسق لن يتكرّرا بسهولة.

رحم الله “با التهامي”وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وعشاق التبوريدة جميل الصبر والسلوان. فقدنا اليوم رجلًا من ذهب، لكن صدى صوته سيظل خالدًا في سماء الگلة، كلما انطلقت البارود في ساحة العرض.

 

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء جهات طالع

استمرار في التألق المستمر: لطيفة أحرار، ابنة إموزار مرموشة، تضيء سماء تطوان بلقب “دكتورة”

مع الحدث: ذ. لحبيب مسكر

في أجواء علمية مميزة، شهدت مدينة تطوان، أمس، لحظة مهمة في المسار الأكاديمي والفني للفنانة والمخرجة لطيفة أحرار، مديرة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، حيث ناقشت أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه، وتُوجت بميزة “مشرف جدًا” مع توصية بالنشر.

موضوع الأطروحة جاء تحت عنوان:

“المسرح الوثائقي/ بين المسرح والسينما: هل يُعدّ توظيف الوثائقي شكلاً من أشكال كتابة الواقع بطريقة مغايرة؟”

وهو عمل بحثي جاد أنجزته تحت إشراف الدكتور حميد عيدوني والدكتور خالد أمين، حيث ركزت من خلاله على العلاقة بين المسرح والسينما، وكيف يمكن للوثائقي أن يتحول من أداة توثيق إلى وسيلة فنية لرؤية الواقع بطريقة مختلفة.

 

وقد نالت الأطروحة إعجاب اللجنة العلمية، التي أشادت بجودة المحتوى، وعمق الطرح، وقدرة الباحثة على الجمع بين تجربتها الفنية الغنية والنقاش النظري الأكاديمي، معتبرة أن هذا العمل يشكل إضافة مميزة في مجال الفنون الأدائية والسينمائية.

لطيفة أحرار، الفنانة المغربية الأمازيغية ، أكدت من جديد أن الإبداع لا يعرف حدودًا، وأن الطموح، حين يقترن بالعمل والجدية، قادر على أن يجمع بين النجاح الفني والتألق العلمي. فبعد مسيرة حافلة في التمثيل والإخراج والتأطير، ها هي اليوم تتوج أيضًا كباحثة أكاديمية في أعلى مستويات التحصيل.

ألف مبروك للدكتورة لطيفة أحرار على هذا الإنجاز المستحق، الذي يعكس صورة مشرقة للمرأة المغربية: المثقفة، الطموحة، والمتميزة في كل مجالات الإبداع.

وسنعود لاحقًا، في مقال خاص، لتسليط الضوء على محطات من مسيرتها الفنية المبهرة، من إموزار مرموشة إلى خشبات المسرح وقاعات المعرفة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي ثقافة و أراء

أزوان: لقاء الروح والثقافة في قلب مدينة آسا

مع الحدث  ٱسا محمد العزاوي   

شهدت ساحة محمد السادس بمدينة آسا، ليلة يوم الخميس 03 يوليوز الجاري، أجواء احتفالية متميزة بمناسبة الافتتاح الرسمي للنسخة الثانية من مهرجان أزوان الوطني للموسيقى الروحية وتلاقح الثقافات، بحضور رسمي وثقافي وازن، يتقدمه قائد المقاطعة الثانية وممثل الجماعة الترابية لآسا، إضافة إلى عدد من الفعاليات الفنية والثقافية.

واستهل الحفل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها الإنصات للنشيد الوطني في لحظة وطنية مهيبة، جسّدت روح الانتماء والاعتزاز بالهوية المغربية.

وفي كلمته الافتتاحية عبّر السيد مدير المهرجان، عن سعادته بتنظيم هذه الدورة التي تعد استمرارا لجهود ترسيخ قيم التسامح والتعدد الثقافي، منوها بدور الموسيقى الروحية كجسر للتواصل بين الثقافات. كما أكد على أهمية إشراك الطاقات المحلية والوطنية في صناعة الفعل الثقافي بالمناطق الجنوبية للمملكة.

من جهته ألقى النقيب جواد شديد، الأمين العام للنقابة المغربية للمهن الفنية، كلمة عبر فيها عن اعتزازه بالمشاركة في هذا الموعد الفني، مشيدا بدور المهرجان في دعم الفنانين والتعريف بالإرث الثقافي الوطني في بعده الروحي والإنساني.

وتخلل حفل الافتتاح لحظات مؤثرة من تكريمات احتفائية، شملت ثلاث شخصيات بارزة في الساحة الفنية الوطنية:

نبيل الصافي ضيف الشرف ومدير المهرجان، اعترافا بمجهوداته في إنجاح هذه التظاهرة الثقافية.

حسن مولود احشاش، فنان أحواش متميز، تكريما لمسيرته الفنية في خدمة التراث الشعبي المغربي.

جواد شديد، النقيب الفني، تقديرا لعطاءاته المتواصلة في خدمة قضايا الفن والفنانين.

واختتم الحفل بلوحات فنية متنوعة أبدعت في تقديمها فرق موسيقية وروحية أبهرت الحضور، من خلال مزجها بين الإيقاعات المحلية والألحان ذات الطابع الصوفي والعالمي، ما جسد بحق تلاقح الثقافات في أبهى صوره.

ويرتقب أن تتواصل فعاليات المهرجان على مدى الأيام المقبلة، عبر عروض فنية وندوات فكرية وورشات تفاعلية، تهدف إلى تعزيز الحوار الثقافي وبناء جسور التفاهم بين مختلف المشارب الفنية والثقافية.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء جهات متفرقات

الفنان مصطفى أوكيل يحيي حفلاً موسيقياً بساحة الهديم في إطار مهرجان وليلي الدولي للموسيقى التقليدية

مع الحدث متابعة ايوب خليل

في إطار فعاليات الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية، الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، سيكون جمهور مدينة مكناس على موعد مع حفل فني مميز يحييه الفنان المغربي مصطفى أوكيل، وذلك يوم الأحد 6 يوليوز 2025 بساحة الهديم التاريخية.

ويعد مصطفى أوكيل من الأسماء البارزة في الساحة الفنية المغربية، حيث يتميز بأسلوبه الموسيقي الأصيل، وقدرته على مزج التراث المغربي بروح معاصرة تُلامس وجدان الجمهور، مما أكسبه قاعدة جماهيرية واسعة داخل وخارج الوطن.

يُذكر أن مهرجان وليلي الدولي، الذي يقام هذه السنة ما بين 3 و6 يوليوز 2025، يُعتبر من أبرز التظاهرات الفنية التي تحتفي بالموسيقى التقليدية وتُبرز غنى وتنوع التراث الموسيقي المغربي والعالمي، كما يشكل فضاءً للحوار الثقافي وتبادل التجارب بين فنانين من مختلف أنحاء العالم.

ومن المرتقب أن يشهد هذا الحفل بساحة الهديم إقبالاً جماهيرياً كبيراً، نظراً لما تحظى به مشاركة الفنان مصطفى أوكيل من اهتمام ومتابعة داخل الأوساط الفنية والثقافية.

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء صوت وصورة فن

سريالية الذات ” مسيرة فنية … بروح عصامية “

سريالية الذات ” مسيرة فنية … بروح عصامية ”

” الفنان التشكيلي نور الدين الفضلي ”

 

✍️ هند بومديان

 

في حي البرنوصي أناسي بمدينة الدار البيضاء، وُلدت موهبة تشكيلية تميّزت منذ الصغر بحسها البصري ورغبتها في التعبير عبر اللون والخط. نورالدين الفضلي، أو كما يُعرف فنيًا بـNorart، فنان عصامي ارتبط بالفن منذ الطفولة، حين كان الطفل الذي لا يُفارق قلمه، يخطّ أولى رسوماته في دفاتره المدرسية، فيراه الجميع رسامًا بالفطرة. ومنذ أن أنجز بورتريهًا للملك الراحل محمد الخامس وهو لم يتجاوز بعدُ السادسة من عمره، أيقن بداخله أنه ينتمي لعالم خاص لا يُشبه العاديين.

 

رغم أن مساره الأكاديمي قاده إلى التكوين في الرسم المعماري لمدة ثلاث سنوات، وتلقى تكوينًا إضافيًا في التصميم الغرافيكي والرسم الثلاثي الأبعاد، فإن تجربته الحقيقية بُنيت بجهد فردي، بين مطالعة الكتب الفنية التي كان يقتنيها من مكتبة “العلوم”، وبين زيارات متكررة للمعارض التشكيلية. تأثر بالمدرسة الإيطالية الكلاسيكية، ووجد في أعمال دافنشي ومايكل أنجلو تفاصيله الأولى، قبل أن ينفتح على التحولات الفنية من الرمزية إلى التكعيبية فالسريالية، فاختار أن يصوغ لنفسه أسلوبًا خاصًا لا يُقلّد فيه أحدًا.

 

تتميّز أعماله الرمزية بعمق تعبيري لا يترك للمتلقي فرصة المرور السريع، بل يدفعه لطرح الأسئلة، والتأمل، ومحاولة فكّ الرموز التي تتوارى خلف الألوان والخطوط. يشتغل على خامات مختلفة كالقماش والورق والخشب والجبص، مؤمنًا بأن لكل خامة روحًا خاصة، وعلى الفنان أن يُحاورها حتى تنطق. ولا يخفي عشقه للموسيقى أثناء لحظات الإبداع، خاصة الأنغام الكناوية، التي ترافقه في طقوسه الفنية، أو حتى الصمت، حين تكون الحاجة إلى الإصغاء للداخل أكبر من أي صوت.

 

كانت أولى تجاربه في العرض سنة 2008، من خلال معرض فردي تزامن مع اليوم العالمي للمسرح، لم يسبقها أي مشاركة جماعية، بل كانت مغامرة شخصية مدعومة بروح العائلة، خاصة من شقيقته. ومنذها توالت المشاركات في فضاءات ثقافية داخل الدار البيضاء والقنيطرة، من قاعات عبد الله كنون وسيدي بليوط، إلى مركب الحسني ومكتبة ليرميطاج، كما شارك في ورشات وملتقيات نظمتها جمعيات محلية، أهمها جمعية “هندا بلانكا” التي كان لها دور أساسي في تحفيز طاقاته الإبداعية.

 

رغم هذا النشاط، لم يستفد من أي دعم مؤسساتي، لكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار. يرى أن الفن ليس مهنة ولا تجارة، بل رسالة داخلية تبدأ من الذات وتنتهي إليها. ويجد في مدينة الصويرة (موغادور) مصدرًا دائمًا للإلهام، حيث الأفق مفتوح والروح تتنفس بعيدًا عن ضغوط المدينة. أما على الصعيد الدولي، فقد شارك في معارض عن بُعد، وكانت للوحاتِه بصمة طيبة في أوروبا وكندا، وإن لم يُغادر المغرب فعليًا. وتوّجت مسيرته بعدد من التكريمات المهمة، منها درع ملتقى أحمد الشرقاوي، ودرع ملتقى محمد البوكيلي، إلى جانب شهادات من مصر ودول عربية، وتكريمات من جمعية “هندا بلانكا”.

 

يؤمن نورالدين الفضلي أن الفن لا يمكن أن يُختزل في أداة أو تقنية، بل هو إحساس. التكنولوجيا، بالنسبة له، وسيلة للعرض والانفتاح، لكنها لا تُعوّض لمسة الريشة. ويُدرك أن جمهور الداخل مختلف عن جمهور الخارج، سواء من حيث التفاعل أو الوعي الجمالي، وحتى داخل المغرب يختلف التلقي من فضاء ثقافي إلى آخر، وهو ما يعكس تفاوتًا في التربية الفنية، يدفعه إلى الانخراط في ورشات للأطفال لترسيخ الوعي الفني منذ الصغر.

 

يعتبر أن التحدي الأكبر هو محدودية الاهتمام بالفن، وصعوبة تسويق الأعمال الفنية في محيط يفتقر أحيانًا للوعي بقيمتها. مع ذلك، يحلم بعرض أعماله في أكبر المتاحف العالمية، وأن تترك لوحاته أثرًا في الأجيال القادمة. أنجز العديد من الأعمال بطلب خاص، بعضها لتكريم شخصيات ثقافية، وبعضها كهدايا رمزية ذات بُعد وجداني، لكنه يفضّل أن تُباع أعماله ويُعترف بقيمتها. أما أقرب لوحة إلى قلبه، فهي تلك التي تنبع من لحظة صفاء داخلي، حيث تتدفق الألوان دفعة واحدة كأنها تخرج من روحه مباشرة.

 

وحين سُئل في نهاية الحوار عمّا لو كان هناك سؤال تمنّى أن يُطرح عليه، ابتسم وأجاب: تمنيت لو سألتموني: هل للفن مكان في هذا الزمن السريع والمادي؟ وجوابي هو نعم. لأن الفن، وإن اختفى من العناوين، يظل هو الذاكرة البصرية والوجدانية للشعوب. قد تبهت الألوان على السطح، لكن الفن الحقيقي لا يفقد وهجه، لأنه ينبع من الداخل.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء جهات فن مجتمع

موازين الفجوة… حين يحتفل البعض على أنين الوطن

 

“موازين الفجوة… حين يحتفل البعض على أنين الوطن”

✍️ هند بومديان

في بلدٍ يئن تحت وطأة الأزمات، من التعليم إلى الصحة، من غلاء المعيشة إلى بطالة الشباب، يُقام مهرجان “موازين” كل سنة كأن لا شيء يحدث، كأننا نعيش في دولة الرفاه، لا في وطنٍ يصارع كي يبقى واقفًا.

مهرجان موازين لم يعد مجرّد تظاهرة فنية كما تم الترويج له في بداياته، بل أصبح رمزًا لفجوة صارخة بين مغربين: مغرب يحتفل تحت أضواء النجوم، وآخر يغرق في الظلام، في المستشفيات المهترئة، والأقسام المكتظة، والبطالة المتفشية.

فبينما يختنق شباب الوطن في زنازين اليأس، يتم صرف ملايير السنتيمات في ليالٍ معدودة، يُستورد فيها “الفرح” من الخارج، وتُقَدَّم أجور خيالية لفنانين أجانب لا تربطهم بالوطن أي علاقة سوى رقم في شيك بنكي. وتبقى الشفافية غائبة، و”التمويل الذاتي” الذي يتحدثون عنه، مجرد غطاء هشّ يخفي دعمًا غير مباشر من المال العام.

في ظل هذا التناقض المؤلم، يحق للمواطن أن يتساءل:

  • بأي حقّ تُصرف هذه الملايير في لحظات لهو، بينما يعاني الملايين من ضيق العيش؟
  • بأي منطق تُستنفر القوات والموارد لحماية الحفلات، بينما تترك بعض المناطق دون أدنى شروط الحياة؟
  • أي ثقافة هذه التي تتجاهل المبدع المغربي وتُطرب آذاننا بالغريب؟

لا أحد ضد الفنون، ولا أحد يُنكر دور الثقافة في البناء المجتمعي، لكن ثقافة النخبة المعزولة عن واقع الشعب، لا تُبني وطنًا.
موازين اليوم لا توحد المغاربة، بل تعكس انقسامًا مريرًا: بين من يحضر في الصفوف الأولى، ومن يراقب من وراء الشاشات، يلعق مرارة الفوارق، ويسأل بصوتٍ لا يصل: “أين موازين العدالة؟”.

… وفي النهاية، يبقى السؤال الجوهري معلقًا:
هل نحن بحاجة إلى مهرجانات تصرف عليها الملايير لنخدر بها وعي الجماهير؟
أم نحن في أمسّ الحاجة إلى ثقافة تُعيد الاعتبار للمواطن، تُنير العقول، وتمنح الكرامة قبل المتعة؟

في زمن يتفشى فيه اليأس وتضيق فيه سبل العيش، لن يصنع الفن الحقيقي إلا إذا خرج من رحم المعاناة، من قاعات الدرس المهترئة، من قُرى العزلة، من أصوات الشباب المهمّشين… لا من خشبات مذهّبة لا تمثل إلا فئة لا ترى في الوطن سوى مسرحًا لعرض ثرائها.

فالفن، حين يُفصل عن همّ الوطن، يتحوّل إلى زينة جوفاء. والثقافة، حين تُبنى على الإقصاء والتبذير، تفقد معناها النبيل.
نحن لا نرفض الفن، بل نطالب بفنٍّ مسؤول، وبمهرجانات تُراعي سياق البلاد، وتُعبّر عن حاجات الناس لا عن رفاه القلة.
نريد موازين جديدة… تُعيد ترتيب الأولويات، لا فقط الأصوات.

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء جهات

الداودي يشعل منصة سلا في موازين أمام أزيد من 280 ألف متفرج

حسيك يوسف

في واحدة من أقوى سهرات الدورة الحالية لمهرجان موازين – إيقاعات العالم، أبهر الفنان المغربي وعندليب الأغنية الشعبية عبد الله الداودي جمهور منصة سلا، مساء أمس، بحفل استثنائي حضره ما يفوق 280 ألف متفرج.

الداودي، الذي يُعد من الأسماء الأكثر جماهيرية في الساحة الشعبية، قدّم باقة من أشهر أغانيه التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب، مثل: “باغي ننساها” و”مولاي عبد الله” و”مازال صابر على هبالها” و”ياك جاني تلفون”، وسط تفاعل كبير وتصفيق متواصل.

ولفت الداودي الأنظار، كعادته، بالانضباط الفني لفريقه، حيث ظهر كل أعضاء الفرقة بلباس مغربي تقليدي موحّد، في مشهد أنيق يُبرز احترامه للتراث ولروح المهرجان. وهي مبادرة نالت إعجاب الحضور، ودعا كثيرون إلى الاقتداء بها في باقي الفرق الفنية المغربية.

ويأتي اختيار الداودي لإحياء واحدة من الليالي الختامية لموازين، بالنظر لمكانته الرفيعة في قلوب عشاق الأغنية الشعبية، ولقدرته على جَذب جماهير واسعة من مختلف الأعمار والمناطق، وهو ما جعل الحفل يُوصف بـأنجح سهرات منصة سلا لهذا الموسم.

Categories
أخبار 24 ساعة ثقافة و أراء

بعد بصمه على نجاحات كبيرة : مهرجان إفران الدولي يعود في دورته السابعة تحت شعار “الماء منبع الحياة ورهان التنمية”

مع الحدث إفران ادريس المجدوب 

الجمهور على موعد مع سهرات كبرى وباقة متنوعة وهادفة من الفقرات الفنية والثقافية والبيئية والتوعوية

يعود المهرجان إفران الدولي هذه السنة،في دورته السابعة ليضيء سماء مدينة إفران من جديد،مابين 23 إلى 26 يوليوز 2025،وذلك من تنظيم جمعية منتدى إفران للثقافة والتنمية (AFICED)،وبشراكة مع عمالة إفران، والمجلس الإقليمي لإفران،والجماعة الترابية لإفران،ومجلس جهة فاس-مكناس.

وقد اختار المنظمون لهذه النسخة شعار”الماء منبع الحياة ورهان التنمية”في تأكيد على أهمية الحفاظ على الماء باعتباره مادة حيوية وأساسية،وخاصة في ظل التغيرات المناخية الحالية،وتوالي سنوات الجفاف.

وكعادته في كل دورة،يتميز حفل الافتتاح بعروض فنية متنوعة بساحة”التاج”،في مقدمتها فن أحيدوس،من خلال تنظيم “سنفونية أحيدوس”بمشاركة أكثر من 300 فنان،ضمن عرض جماعي متميز يكرس غنى وتعدد الموروث المغربي.

كما يتضمن البرنامج العم للمهرجان،حفلات موسيقية لكبار الفنانين المغاربة والدوليين،إلى جانب أنشطة ثقافية وبيئية وفنية ورياضية متنوعة،وكرنفالات فنية للأطفال،إلى جانب مسابقة وطنية لفن الطبخ المغربي،تركز على أطباق “سمك التروتة”، تشجيعاً للمنتوج المحلي.

وفي بُعده البيئي والاقتصادي، سيعرف المهرجان تنظيم يوم دراسي حول “الاقتصاد في الماء”، موازاة مع معرض فلاحي مصغر بمشاركة فلاحين ذوي تجربة في ترشيد استعمال الموارد المائية، حيث سيتم عرض معدات وتقنيات فلاحية حديثة تبرز طرق السقي المستدام والابتكار في مواجهة التغيرات المناخية.

ومن جهة أخرى سيكون للثقافة والموروث الأمازيغي الغزير، حضور مميز من خلال أمسية شعرية بالأمازيغية، يشارك فيها شعراء من المنطقة بقصائد حول أهمية ترشيد الماء، والوقاية من حرائق الغابات، والمحافظة على نظافة المواقع السياحية، في رسالة تحسيسية موجهة للساكنة والزوار.

ورغبة من المنظمين في إبراز المواهب والتراث المحلية، فإن الدورة السابعة، على غرار الدورات السابقة،تعرف مشاركة تفوق 90 في المائة لفرق ومواهب من إقليم افران والمنطقة.

وقد خصّصت منصتان رئيسيتان بكل من ساحة التاج،وقاعة المناظرات لاحتضان الفعاليات،وسط مواكبة إعلامية واسعة لمنابر وطنية ودولية.

اما في الشق الرياضي فقد برامج المنظمون طابقا غنيا بالمسابقات والانشطة الموازية في رياضات فردية وجماعية،وفي مقدمتها كرة القدم ،والكرة الطائرة،والرماية.

ويذكر أن المهرجان عرف في دوراته السابقة نجاحات كبيرة،مشاركة وبرمجة وتنظيما،بالإضافة إلى الحضور الجماهري الكبير،بالإضافة إلى التغطية الإعلامية الواسعة التي أشادت نجاح فعاليات المهرجان دورة بعد دورة ،وخاصة على مستوى التنظيم المحكم،وبدور السلطات الإدارية والأمنية ودورها الفعال في إنجاح مثل هذه التظاهرة الفنية والثقافية والرياضية والسياحية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء

الأستاذ محمد الكيحل يقرأ مآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية: العرب بين التهديد والتحالف الممكن

مع الحدث

المتابعة ✍️: ذ. محمد الكيحل أستاذ باحث بالمعهد الجامعي للدراسات الافريقية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ورئيس مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية

 

في تحليل استراتيجي يقدم الأستاذ محمد الكيحل الباحث في الجيوسياسية والعلاقات الدولية، وأستاذ التعليم العالي بالمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، قراءة دقيقة في خلفيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية وتداعياتها المتشعبة على مستقبل الأمن الإقليمي العربي. الكيحل الذي يشغل أيضًا رئاسة مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، يُطل من خلال مقاله الأخير الذي اختار له عنوانًا إشكاليًا: “الحرب الإيرانية الإسرائيلية بدأت ضرباتها بأرض الفرس وانتهت طلقاتها في أرض العرب؟”، ليحرك نقاشًا معمقًا حول ما إذا كانت المنطقة على أعتاب ولادة تحالفات غير تقليدية قد تجمع بين طهران وبعض العواصم العربية في مواجهة تفاقم الغطرسة الإسرائيلية وعودة الاستقطاب الدولي نحو الشرق الأوسط.

ينطلق الكيحل في تحليله من مسلمة جيوسياسية مركزية مفادها أن الشرق الأوسط ظل، لعقود متتالية، مسرحًا دائمًا لصراعات القوى الكبرى ومشاريع الهيمنة، سواء من خلال ما سمي بمخطط “الشرق الأوسط الكبير”، الذي سعت من خلاله الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تفكيك المنطقة، أو من خلال مشاريع النفوذ الإقليمي التي تقودها قوى مثل إيران، التي تسعى لبسط هيمنتها المذهبية من خلال مد “الحزام الشيعي” في عمق الجغرافيا العربية. ووسط هذه المعادلات المعقدة، يخلص الكيحل إلى أن العرب هم الحلقة الأضعف، ويدفعون اليوم كلفة فراغهم الاستراتيجي وضعف تنسيقهم الأمني والسياسي في وجه هذا الطوفان من التحديات المتقاطعة.

ويشير الأستاذ الكيحل من موقعه كباحث في القضايا الجيوسياسية، إلى أن الدور الإيراني في المنطقة لا يمكن اختزاله في بعد واحد، فهو مزيج من التطلعات الجيواستراتيجية والتحركات الطائفية، والسعي نحو ترسيخ حضور عابر للحدود، لكن هذا الدور، وإن بدا تهديدًا صريحًا في نظر البعض، قد يتحول إلى عنصر توازن استراتيجي في حال تم التعاطي معه بعقلانية سياسية وبراغماتية واقعية. فإيران ليست وحدها مصدر التهديد، بل هناك أيضًا التوسع الإسرائيلي، والدعم الأمريكي غير المشروط له، والاختراقات الغربية المتزايدة للمنطقة، وهي عوامل تُضعف من قدرة العرب على التأثير في المشهد وتضعهم في موقع المتفرج على تفاعلات لا يملكون أدوات التحكم بها.

ويُسجل الكيحل أن اندلاع موجة جديدة من التوترات بين إسرائيل وإيران، بعد عملية “الطوفان الأقصى” وتجدد المواجهات في فلسطين ولبنان وسوريا، كشف عن حدود التهدئة الظرفية التي كانت سائدة، وأعاد خلط الأوراق في المنطقة. ورغم أن بعض دول الخليج كانت قد شرعت في فتح قنوات تواصل دبلوماسي مع طهران، فإن هذا المسار يبدو مهددًا بالتوقف بفعل التصعيد العسكري المتجدد، وارتدادات الحرب التي بدأت من الأراضي الإيرانية، لكنها ما لبثت أن انسحبت بتداعياتها الثقيلة على الأرض العربية، سياسيًا وأمنيًا.

من هذا المنطلق يُطرح السؤال الذي يتمحور حوله مقال الكيحل: هل يمكن التفكير في بناء تحالف استراتيجي بين العرب وإيران رغم التناقضات العميقة، وتاريخ طويل من انعدام الثقة؟ وهل تسهم التحولات الجيوسياسية الجارية في دفع الطرفين إلى إعادة قراءة مواقفهما، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التفاهم المرحلي؟ الكاتب لا يقدم إجابة قطعية، بل يفتح الباب أمام تفكير استراتيجي جديد، قاعدته أن السياسة لا تبنى على العواطف أو المواقف المطلقة، بل على موازين المصالح، وأن مواجهة التحديات الكبرى – وفي مقدمتها استمرار الاستيطان الإسرائيلي وتصفية القضية الفلسطينية – تقتضي أحيانًا تحالفات غير تقليدية.

ويبرز الأستاذ الكيحل أن الدول العربية لا يمكن أن تستمر في انتهاج سياسات انفعالية تجاه طهران، في وقت تحكم فيه القوى الإقليمية الأخرى، كإيران وتركيا، تحركاتها بمنطق استراتيجي بعيد المدى. ويؤكد أن المطلوب اليوم ليس إغلاق الباب أمام طهران، ولا الارتماء في أحضانها، بل تطوير آلية عقلانية لإدارة العلاقة معها، تقوم على الوضوح، والتحصين الأمني، والانفتاح المشروط. وهذا لا يتحقق إلا في سياق عربي موحد، يستند إلى أجندة أمن قومي عربي مستقل، تميز بين أمن الأنظمة وأمن الشعوب، وتضع نصب أعينها المصالح الاستراتيجية لا الظرفية.

ويحذر الكيحل من أن استمرار غياب رؤية عربية موحدة لمفهوم التهديدات، وتباين السياسات تجاه إيران وتركيا وإسرائيل، هو ما يجعل المنطقة عاجزة عن الخروج من دائرة التبعية. كما أن الحديث عن إيران كخطر يجب استبعاده، لا يكون مجديًا إذا كان الهدف من ذلك هو ترك الساحة فارغة للتغلغل الإسرائيلي والغربي. المطلوب، بحسب الباحث المغربي، هو أن يتحول العرب من موقع رد الفعل إلى موقع الفعل، ومن سياسة الاصطفاف وراء القوى الدولية إلى صياغة تحالفات متوازنة، تقوم على نفع مشترك، وتراعي موازين القوى الواقعية.

وفي خاتمة مقاله يعيد الأستاذ محمد الكيحل تأطير النقاش ضمن السياق الأوسع للتركيب الجيوسياسي للمنطقة، مؤكدًا أن الخروج من دائرة الفوضى والتنازع لن يتحقق إلا من خلال تأسيس نظام إقليمي جديد للأمن والتعاون الاقتصادي والعلمي، تكون فيه القوى الثلاث الكبرى: إيران، تركيا، ومصر، أطرافًا رئيسية في ضمان استقرار المنطقة واستقلال قرارها. فالتفاهم بين هذه الأقطاب، كما يقول، هو السبيل لخلق توازن حقيقي يقلب المعادلة من صراعات داخلية تُستغل خارجيًا، إلى شراكات استراتيجية تضمن مصالح شعوب المنطقة.

ويخلص الأستاذ الباحث إلى أن العرب، وهم اليوم ضحايا البنية الجيوسياسية الموروثة عن الاستعمار، لن يخرجوا من حالة الارتهان إلا بتحولهم إلى قوة إقليمية مستقلة، تملك مشروعًا استراتيجيًا متكاملاً، قادرًا على مواجهة الضغوط الخارجية، والتفاعل بإيجابية مع القوى الإقليمية، دون الارتهان لأي طرف. فالحرب الإيرانية الإسرائيلية، وإن كانت لحظة توتر خطير، إلا أنها قد تفتح نافذة لإعادة بناء التوازنات إذا استوعب العرب دروسها، وقرروا استثمار الفرص بدل إضاعتها، في لحظة تاريخية دقيقة، تفرض عليهم أن يختاروا بين الاستمرار كأوراق في معركة غيرهم، أو أن يتحولوا إلى فاعلين يكتبون مستقبلهم بأيديهم.