Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية الواجهة جهات

مأساة بمدينة إيموزار كندر.. مصرع شرطي مرور في حادث طعن مأساوي

مع الحدث: إيموزار كندر

شهدت مدينة إيموزار كندر، مساء اليوم الخميس21غشت 2025، حادثًا مأساويًا بعد أن فقد شرطي مرور حياته إثر تعرضه لطعنة قاتلة بسلاح أبيض أثناء مزاولته لمهامه.

 

وحسب معطيات محلية، فقد تلقى الشرطي طعنة غادرة على مستوى الصدر بواسطة سكين ، وهو ما تسبب في إصابته بجروح بليغة لم تمهله طويلًا ليلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرًا بها.

المصالح الأمنية تمكنت في وقت وجيز من توقيف المشتبه فيه، الذي يُرجح أنه يعاني اضطرابات عقلية، حيث جرى وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة المختصة، قصد تعميق البحث والكشف عن كافة ملابسات وظروف هذه الجريمة البشعة.

إلى ذلك، تم نقل جثة الضحية إلى مستودع الأموات بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس من أجل إخضاعها للتشريح الطبي، وذلك لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء جهات

تعاونية شعاع الحناء والإبداع تجسد التراث الصحراوي في معرض أكلو للصناعة التقليدية

مع الحدث/ العيون

المتابعة ✍️: ذ. سيداتي بيدا
عضو الاتحاد الدولي للصحافة العربية

 

تواصل غرفة الصناعة التقليدية بجهة العيون الساقية الحمراء لعب دورها المحوري كحاضنة ثقافية، وفضاء لتبادل الخبرات والتجارب بين التعاونيات، وتشجيع المبادرات الرامية إلى إحداث تعاونيات جديدة، بما يسهم في خلق أنشطة مدرّة للدخل لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية، ويساعد على امتصاص البطالة وتنشيط الدورة الاقتصادية في المناطق الصحراوية.

في هذا السياق انتقل إشعاع الغرفة من معرض فم الواد إلى محطة جديدة بمعرض موضوعاتي مخصص لمنتوجات الصناعة التقليدية المحلية، أعطيت انطلاقته الرسمية يوم الثلاثاء 19 غشت 2025 بشاطئ جماعة اثنين أكلو إقليم تيزنيت، على أن يستمر إلى غاية 25 غشت 2025.

ينظم هذا المعرض من طرف غرفة الصناعة التقليدية لجهة العيون الساقية الحمراء، بشراكة مع كتابة الدولة وغرفة الصناعة التقليدية لجهة سوس ماسة، وبتنسيق مع عمالة إقليم تيزنيت والمديرية الجهوية للصناعة التقليدية، وبدعم من المجلس الإقليمي والجماعة الترابية المضيفة، وذلك تحت شعار:
«الشراكة الجهوية لدعم المنتوجات التقليدية المحلية».

وقد تميز حفل الافتتاح بحضور رسمي ووازن، قام خلاله الوفد بجولة عبر مختلف أروقة المعرض، حيث عاين تنوع المنتوجات التقليدية وما تعكسه من غنى إبداعي يجمع بين صون الموروث الثقافي وتعزيز قيمته الاقتصادية.

ومن بين التعاونيات التي لفتت انتباه الزوار، تعاونية شعاع الحناء والإبداع، التي قدمت نموذجًا مبتكرًا في إبراز العرس الصحراوي بكل طقوسه ومكوناته، بدءًا من نقش الحناء وتزيين العرائس بالمواد الطبيعية الخالصة، وصولًا إلى وضع الظفائر والحلي والمجوهرات الثمينة المصنوعة من العقيق الحر واللوبان الحر. كما عرضت التعاونية منتجات أخرى تشمل صناعة البخور والعطور والمواد التجميلية الطبيعية، إضافة إلى اعتمادها على أعشاب طبية محلية تستعمل في الطب البديل لعلاج بعض الأمراض والتجميل.

وقد شكل رواق التعاونية محطة استثنائية للزوار، الذين عبروا عن إعجابهم بالفكرة المبتكرة التي أعادتهم إلى أجواء الأعراس الصحراوية الأصيلة، حيث صرح العديد منهم بأنهم شعروا وكأنهم يعيشون لحظة زفاف تقليدي حي رغم غياب العريس والعروس. هذا الإعجاب لم يقتصر على الزوار المغاربة فحسب، بل شمل أيضًا ضيوفًا من مختلف دول العالم، ما يؤكد البعد الكوني للثقافة الصحراوية المغربية وعمق جاذبيتها.

إن مثل هذه المعارض ليست مجرد منصات لتبادل الخبرات والتعرف على مستجدات الصناعة التقليدية، بل تشكل رافعة حقيقية لخلق تعاونيات جديدة، وإطلاق مشاريع مدرّة للدخل، والحفاظ على التقاليد المغربية الراسخة التي كادت أن تندثر لولا مثل هذه المبادرات التنموية والثقافية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء جهات

التنشيط الثقافي والسياحي محور ندوة علمية ضمن فعاليات مهرجان الوطية الصيف

مع الحدث/ طانطان

المتابعة : عابدين الرزكي

في إطار فعاليات مهرجان الوطية الصيفي المنظم هذه السنة تحت شعار “التنوع الثقافي والفني رافعة أساسية للتنمية السياحية” احتضن معهد الصيد البحري مساء اليوم ندوة علمية متميزة حول موضوع التنشيط الثقافي والسياحي وفرص التنمية متعددة الأبعاد”فضاء الوطية نموذجا”

وقد حضر هذا اللقاء الهام السيد الكاتب العام لعمالة إقليم طانطان والسيد باشا مدينة الوطية والسيد رئيس المجلس الجماعي للوطية إلى جانب شخصيات عسكرية ومدنية وفعاليات المجتمع المدني ونخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن المحلي افتتحت الندوة بآيات بينات من الذكر الحكيم ثم تلتها سلسلة من المداخلات العلمية والفكرية والقانونية لثلة من الأساتذة والباحثين من بينهم:

• الدكتور نور الدين واه

• الدكتور عبد اللطيف الصافي

• الدكتور أحمد لحريشي

• الدكتورة ليلى ضالعي

• الدكتور مولاي علي اطويف

•الدكتور سعيد بوفروي

كما سير أشغال هذه الندوة بكفاءة عالية الشاعر الدكتور عمر الراجي

وقد تناول المتدخلون موضوع الندوة من زوايا متعددة كل حسب مجال اختصاصه مبرزين أهمية الاستثمار في التنشيط الثقافي والسياحي كأحد محركات التنمية المستدامة بجهة كلميم وادنون وخاصة بمدينة الوطية التي تزخر بمؤهلات طبيعية وبحرية وثقافية تجعلها قبلة واعدة للسياحة الوطنية والدولية.

 

كما فتح باب النقاش أمام الحضور حيث تفاعل المشاركون بآرائهم واقتراحاتهم التي أكدت في مجملها الوعي المتزايد بأهمية الثقافة والسياحة كرافعتين أساسيتين للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة.

وفي التفاتة تقديرية خصصت الجهة المنظمة لحظة تكريم لمجموعة من الأسماء التي ساهمت في إنجاح هذه المحطة الثقافية والفكرية، بداية بالمسير الدكتور عمر الراجي مرورا بالأساتذة ضيوف الندوة والإعلامية جميلة العراك مقدمة الأمسية.

 

شكلت هذه الندوة بما عرفته من حضور وازن وتفاعل إيجابي فضاء للحوار وتبادل الرؤى حول موقع الوطية في الخارطة السياحية والثقافية كما أبرزت جهود المجلس الجماعي والقائمين على الشأن المحلي في الارتقاء بالمدينة عبر مشاريع تنموية ملموسة جعلت منها وجهة مفضلة للباحثين عن الراحة والاستجمام.

 

وتؤكد هذه المبادرة أن مهرجان الوطية الصيفي لم يعد مجرد تظاهرة احتفالية بل أضحى فضاء للتفكير والإبداع وورشا مفتوحا للنقاش حول قضايا التنمية بمختلف أبعادها.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات طالع متفرقات

بعد سنوات من الانتظار… ساكنة سيدي عثمان مولاي رشيد تستبشر بافتتاح حديقة ALECSO

مع الحدث

بعد أعوام من الترقب، تنفس سكان عمالة سيدي عثمان مولاي رشيد الصعداء بافتتاح

حديقة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “ألكسو” (ALECSO)، التي جاءت لتشكل إضافة نوعية في المشهد الحضري والبيئي للعاصمة الاقتصادية.

هذه المعلمة البيئية الجديدة لم تُنجز فقط لتكون فضاءً أخضر للترفيه، بل لتجسد رؤية شمولية تجعل من الطبيعة، الثقافة، الرياضة والفن ملتقىً واحداً.

مرافق متعددة… توازن بين الترفيه والثقافة

تضم الحديقة فضاءات متنوعة تراعي حاجيات مختلف الفئات العمرية والاهتمامات:

* فضاء الاستراحة ومسار المشي

* فضاء للكرة الحديدية وآخر للشطرنج

* فضاء ألعاب للأطفال ومرافق صحية مجهزة

* فضاء للمطالعة ومكتبة

* ملاعب متعددة الرياضات وملعب كرة المضرب “بادل”

* مسرح في الهواء الطلق وكشك خدماتي

بهذه البنية الغنية، تتحول الحديقة إلى متنفس حقيقي يزاوج بين الراحة البدنية، النشاط الرياضي، الإثراء الثقافي والتفاعل الاجتماعي.

الطبيعة… مسؤولية مشتركة

وسط هذا الفضاء الأخضر، ترتفع رسالة واضحة: “الطبيعة مسؤولية بين أيدينا”.

فالماء، الهواء، الأشجار، والطيور ليست مجرد عناصر جمالية، بل ثروات حياتية يجب صونها للأجيال القادمة. كل شجرة تظلل وتنعش المكان، وكل زهرة أو كائن صغير يساهم في حفظ التوازن البيئي. لذلك تُوجَّه دعوة صريحة للزوار: احترم الطبيعة، لا تترك نفاياتك، ولا تُزعج الكائنات… لأنك حين تحميها فأنت تحمي بيتك الكبير: الأرض.

الري بالمياه المعالجة… خيار بيئي مستدام

في ظل التحديات المائية التي يعرفها المغرب، اعتمدت حديقة ALECSO نظاماً مبتكراً للري يعتمد على المياه العادمة المعالجة القادمة من محطة مديونة.

هذا الحل الذكي يساهم في:

* ترشيد استهلاك المياه الصالحة للشرب

* الحفاظ على الموارد الطبيعية

* ضمان سقي مستدام للمساحات الخضراء وفق معايير صحية دقيقة

غطاء نباتي مدروس بعناية

لم يُترك اختيار النباتات والشجيرات للصدفة، بل تم وفق رؤية علمية دقيقة تراعي:

* حاجتها القليلة للمياه

* قدرتها على تحسين جودة التربة وتثبيتها

* دورها في مقاومة التعرية والتغيرات المناخية

* تعزيز التنوع البيولوجي وتوفير الظل وتقليل تبخر المياه

بهذا التخطيط، لا تحقق الحديقة جمالاً بصرياً فقط، بل تؤدي دوراً بيئياً أساسياً يساهم في تحسين جودة الهواء ودعم صحة الإنسان والكائنات الحية.

فسحة خضراء تنبض بالحياة

إن حديقة ALECSO ليست مجرد فضاء للترفيه، بل مشروع بيئي، ثقافي واجتماعي متكامل، يكرس مكانة الفضاءات الخضراء كقاطرة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، والارتقاء بجودة الحياة داخل مدينة الدار البيضاء.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات نازل

دراجات 49cc.. بين مطرقة القانون وغياب الرقابة

حسيك يوسف

في مشهد يتكرر كثيرًا بالمغرب، يجد المواطن نفسه مرة أخرى في موقع الضحية بدل أن يكون محميًا بالقانون. هذه المرة، القضية تتعلق بالدراجات النارية الصغيرة من فئة 49cc، التي اقتناها مواطنون من نقاط بيع مرخّصة، ببطائق رمادية رسمية، وباعتقاد كامل أنها قانونية… لكن المفاجأة كانت صادمة: متابعة هؤلاء بتهمة استعمال مركبات “غير مطابقة للمواصفات”.

المفارقة أن المواطن لم يُدخل أي تعديل أو تغيير على دراجته، بل اقتناها كما هي من السوق، ومع ذلك وجد نفسه متّهَمًا وكأنه خارج عن القانون. فكيف يعقل أن تُباع دراجات في محلات مرخّصة، وبوثائق رسمية مختومة، ثم يُعاقَب المشتري بدل محاسبة من أدخلها إلى السوق؟

المسؤولية الموزعة.. والمواطن الحلقة الأضعف

الحقيقة أن المسؤولية مشتركة:

المستوردون الذين جلبوا دراجات لا تحترم المعايير.

إدارة الجمارك التي سمحت بولوجها دون تدقيق كافٍ.

السلطات الوصية التي منحت التراخيص التجارية لنقاط البيع.

مراكز الفحص التقني التي لم تكشف عن الاختلالات.

وبين كل هذه الحلقات، يبقى المواطن المغربي هو الأضعف، يدفع الثمن من جيبه وسمعته، ويتحوّل من “مستهلك حسن النية” إلى “مخالف للقانون”.

أين الشجاعة للاعتراف بالخطأ؟

اليوم، وبعد أن انفجرت هذه القضية، على السلطات الوصية أن تتحلّى بالشجاعة الكاملة، وتعترف بالتقصير في حماية المستهلك المغربي، وتقدّم اعتذارًا رسميًا للمواطنين الذين تعرضوا للظلم. كما يجب أن يُفتح تحقيق وطني شامل يحدد المسؤوليات، ويُحاسب كل من سمح بمرور هذه الدراجات المخالفة إلى السوق المغربي، مع تحميل المستوردين كامل المسؤولية عن التلاعب بالمواصفات والوثائق.

حماية المستهلك أولوية لا تُؤجَّل إن أكبر درس من هذه القضية هو أن المستهلك المغربي بحاجة إلى حماية حقيقية، لا شعارات. حماية تبدأ من التشدد في المراقبة عند الاستيراد، مرورًا بصرامة أكبر مع الباعة، وصولًا إلى تقوية دور جمعيات حماية المستهلك في فضح هذه التجاوزات والدفاع عن حقوق المواطنين.

القانون يجب أن يُطبَّق على الجميع، لكن العدالة تقتضي أن يُحاسب الفاعل الحقيقي، لا أن يُترك المواطن الشريف ضحية لمنظومة رقابية متهاونة.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات حوادث

سطات: حريق بدار الضيافة بمكارطو يكشف اختلالات خطيرة في تدبير ممتلكات الجماعة

سطات – بقلم: عماد وحيدال

اندلع صباح يوم الثلاثاء 19 غشت 2025، حوالي الساعة الحادية عشرة، حريق مهول داخل دار الضيافة التابعة لجماعة مكارطو، والواقعة بمحاذاة مكاتب الإدارة الجماعية. النيران التهمت كل محتويات المبنى، وسط حالة من الذعر بين الموظفين الذين اضطروا إلى مغادرة المكاتب خوفًا من انتشار ألسنة اللهب إلى باقي المرافق المجاورة.

التدخل السريع لعناصر الدرك الملكي والقائد والوقاية المدنية مكن من السيطرة على الحريق بعد مجهودات مضنية، فيما تم تحرير محاضر رسمية لمعاينة الحادث، بحضور رئيس المجلس الجماعي.

غير أن الحادث سرعان ما تحول إلى قضية رأي عام محلي، بعدما تبيّن أن دار الضيافة كانت مستغلة كسكن عائلي من طرف أحد أقارب رئيس الجماعة، في خرق واضح للقانون الذي يمنع استغلال المرافق الجماعية لأغراض شخصية إلا بقرار رسمي من المجلس وبترخيص من السلطات الوصية.

هذا المعطى أثار الكثير من علامات الاستفهام حول التدبير العشوائي لممتلكات الجماعة، وحول غياب الرقابة والمحاسبة. ويرى متتبعون أن الاستغلال غير المشروع للمرفق العمومي قد يكون ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تفاقم خسائر الحريق، ما يجعل المسؤولية السياسية والقانونية ملقاة على عاتق رئيس المجلس ومن معه.

ساكنة مكارطو طالبت بفتح تحقيق شفاف يقوده عامل إقليم سطات المعروف بنزاهته وصرامته، مع تدخل النيابة العامة لإطلاق مسطرة قضائية تُحدد المسؤوليات وتُرتب الجزاءات.

الحريق الذي شبّ في دار الضيافة بمكارطو لم يكن مجرد حادث عرضي، بل جرس إنذار قوي يكشف عمق الاختلالات التي تنخر تدبير ممتلكات الجماعات الترابية. وهو مناسبة لإعادة التأكيد على أن ربط المسؤولية بالمحاسبة لم يعد شعارًا للاستهلاك، بل ضرورة لحماية المال العام وضمان خدمة المواطن بدل استغلال المرافق العمومية لأغراض شخصية. فهل يكون هذا الحادث بداية لمرحلة جديدة يسود فيها الانضباط والشفافية، أم سيُطوى الملف كما طُويت غيره من الملفات؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة بلاغ ثقافة و أراء جهات سياسة مجتمع

العطلة الصيفية.. حين يتحول الترف إلى جرحٍ للفقراء

مع الحدث هند بومديان

ليست العطلة الصيفية مجرد فترة للراحة أو فرصة لتجديد الروح، بل هي مرآة صافية تكشف لنا عمق الهوة الاجتماعية بين من يملكون ومن لا يملكون. فبينما يفرّ بعض الناس إلى شواطئ مترفة، وفنادق راقية، ومدن سياحية صاخبة، يظل الفقراء عالقين في مدن الإسمنت، يطاردون شمسًا حارقة بلا ظل، ويقضون صيفهم بين جدران ضيقة أو أزقة مكتظة، حيث لا يعرفون من معنى العطلة سوى الحرّ والتعب.

العطلة في جوهرها حلم إنساني، لكنها تتحول في واقع الفقراء إلى ترف ممنوع، أشبه بعرضٍ يُشاهدونه من بعيد دون أن يكون لهم فيه نصيب. فهي ليست راحة، بل امتدادًا للمعاناة اليومية: ارتفاع الأسعار، ثمن النقل، غلاء المعيشة، وحاجيات أساسية لا يقدرون عليها، فما بالك بالكماليات التي يصير إليها غيرهم.

إن التفاوت الطبقي لا يتجلى فقط في الملبس والمسكن، بل في أبسط التفاصيل الإنسانية: متعة السباحة في بحر، أو السفر إلى مدينة أخرى، أو حتى الجلوس في مقهى مطلّ على شاطئ. هؤلاء الذين يعيشون على الهامش، أطفالهم يراقبون صور أقرانهم في مواقع التواصل، يبتسمون بمرارة أمام صور المسابح والفنادق، ثم يخلدون إلى نومٍ ثقيل على أسطح منازل متشققة تحت سماء صيف لاهب.

إن العطلة الصيفية في بلادنا لم تعد للجميع، بل تحولت إلى موسم يكشف عن قسوة الفجوة الاجتماعية. من جهة هناك من يستهلك الترف إلى حد التخمة، ومن جهة أخرى هناك من يكتفي بالصمت، وكأن قدره أن يعيش دائمًا في ظل الآخرين.

ولعل السؤال الأعمق: متى تتحول العطلة إلى حق جماعي لا إلى امتياز طبقي؟ متى يصبح صيف الفقراء صيفًا حقيقيًا، لا مجرد جدار من الحرمان والانتظار؟

فالعطلة ليست في النهاية سوى مرآة لعدالة غائبة.. وعدالة الشعوب تُقاس بمدى قدرة أبنائها على الاستمتاع بأبسط لحظات الحياة، لا بحرمانهم منها.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة المبادرة الوطنية الواجهة جهات مجتمع

أسامة دادي التسولي: شاب تحدى العمى ونجح في تحويل معاناته إلى قصة أمل ملهمة

مع الحدث لحبيب مسكر 

رغم قسوة المرض الذي يهدد بصره، استطاع الشاب المغربي أسامة دادي تاسولي، المزداد سنة 1991، أن يكتب قصة نجاح استثنائية، تتجاوز حدود الإعاقة لتجسد قوة الإرادة والإصرار على مواجهة التحديات.

أسامة، الذي عاش طفولة عادية ودرس كبقية أقرانه، لم يكن يتوقع أن يغير مرض نادر مجرى حياته. ففي سنة 2018 اكتشف أنه مصاب بـالتهاب الشبكية الصباغي، وهو داء معقد ومتعدد الجينات، يهدد تدريجياً بفقدان البصر الكامل، ولا يتوفر له علاج نهائي إلى اليوم. ورغم أن الخبر كان صادماً، إلا أن الشاب قرر أن يسبق الزمن قبل أن ينطفئ نور عينيه نهائياً. تزوج وأنجب طفلين، ليحظى بفرصة رؤية فلذات كبده قبل أن يثقل المرض خطواته أكثر.

ومع تطور حالته الصحية سنة 2023، صار أسامة يحتاج إلى مرافق بشكل دائم، لتتحول زوجته إلى “العين التي يبصر بها، واليد التي يكتب بها”، كما يصفها هو. لكن، عوض الانطواء أو الاستسلام، قرر أن يحول معاناته إلى قوة دفع نحو النجاح.

ما هو التهاب الشبكية الصباغي؟

التهاب الشبكية الصباغي مرض وراثي نادر يصيب الخلايا المسؤولة عن الرؤية في شبكية العين. يبدأ عادة بضعف تدريجي في الرؤية الليلية، ثم يضيق مجال البصر شيئاً فشيئاً، إلى أن يصل في بعض الحالات إلى العمى الكامل. يكمن تحدي هذا المرض في تعقيده الجيني، ما يجعل علاجه صعباً حتى الآن، لكن الأبحاث الحديثة في مجال العلاج الجيني والخلايا الجذعية والأجهزة البصرية الإلكترونية تمنح المرضى أملاً متجدداً في المستقبل. ويظل التشخيص المبكر والمتابعة الطبية المنتظمة أفضل وسيلة لإبطاء تطوره والتكيف مع تحدياته.

في سنة 2017، أسس أسامة تعاونية “امرابطن بيو ريف” المتخصصة في تثمين المنتوجات المجالية وتحويلها إلى مواد تجميلية طبيعية. منتجات التعاونية، التي تعتمد على زيت الصبار، زيت الأركان، القنب الهندي ومكونات أخرى، شملت الزيوت، الكريمات، الصابون، الشامبو، والسيرومات، لتصبح علامة واعدة في السوق الوطنية والدولية.

ولم يتوقف صدى نجاح هذه التعاونية عند حدود المغرب، بل أصبحت منتجاتها مطلوبة في العديد من الدول الأوروبية، بفضل الجالية المغربية التي آمنت بجودة هذه المنتوجات وساهمت في التعريف بها ونشرها خارج الوطن.

هذه التجربة لم تكن مجرد مشروع اقتصادي، بل كانت أيضاً نافذة أمل لنساء قرويات يعانين من الهشاشة، حيث وفرت لهن التعاونية فرص عمل موسمية ودائمة، ساهمت في تحسين أوضاعهن المعيشية، خصوصاً الأرامل والأسر المعوزة.

حازت التعاونية على عدة شواهد وطنية، وشاركت بقوة في معارض كبرى داخل المغرب، لتثبت أن الإعاقة لا يمكن أن تكون حاجزاً أمام الطموح.

وراء هذه القصة الملهمة، تظل الأم هي البطلة الصامتة. فقد كانت سند أسامة الأول، دعمت حلمه وضحت بالغالي والنفيس لمساعدته على مواجهة واقع المرض، خاصة عندما علم أنه مرض بلا علاج وأنه مهدد بالعمى.

اليوم، يقدم أسامة دادي تاسولي نفسه نموذجاً مضيئاً لشباب المغرب: شخص لم يستسلم لقدر قاسٍ، بل أعاد رسم مصيره بإصرار وعزيمة، وحول الظلام إلى نور أمل، ليصبح مثالا يحتذى به في التحدي والإبداع.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء جهات

اليوم العالمي للتصوير الفوتوغرافي.. تحية للمبدعين بعدساتهم

حسيك يوسف

يحتفل العالم في 19 غشت من كل سنة بـ اليوم العالمي للتصوير الفوتوغرافي، مناسبة لتكريم كل المصورين الذين يوثقون تفاصيل الحياة بعدساتهم، ويجعلون من الصورة لغة كونية تتجاوز الحدود واللغات. فالمصور ليس مجرد ناقل للواقع، بل هو فنان يمنح اللحظة حياةً أبدية ويحول المشاهد العابرة إلى ذاكرة إنسانية خالدة.

وفي هذا السياق، يحق لنا أن نفتخر بالمصورين المغاربة الذين استطاعوا أن يتركوا بصمتهم على الساحة العالمية، بفضل إبداعهم وتميزهم. من بين هؤلاء يبرز اسم الفوتوغرافي المغربي حسن الصياد، الذي حمل عدسته في جولة إلى بلدان إفريقيا، ليس فقط لتوثيق لحظات فنية وإنسانية، بل لنشر ثقافة الصورة والتصوير الفوتوغرافي في القارة، إلى جانب بعض منتسبي جمعية مغرب الصورة. هذه المبادرات تعكس الدور الريادي للمصور المغربي في جعل الكاميرا أداة للحوار الثقافي والتبادل الفني.

إن الصور التي يلتقطها المصورون المغاربة لم تعد مجرد مشاهد، بل أصبحت رسائل فنية وإنسانية، تنقل للعالم جمال المغرب، تنوعه الثقافي، وغنى تراثه، وفي نفس الوقت تفتح نوافذ جديدة للتواصل مع الشعوب الأخرى.

وفي هذا اليوم المميز، نتوجه بأحر التهاني إلى جميع المصورين عبر العالم، وبالأخص المصورين المغاربة، الذين يثبتون يومًا بعد يوم أن الصورة أصدق من الكلام، وأعمق من أي وصف. دمتم متألقين ومبدعين بعدساتكم، وكل عام وأنتم تصنعون من اللحظة فناً خالداً.

شكر خاص

وبهذه المناسبة، لا يسعنا إلا أن نتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى مصوري جريدة “مع الحدث” m3aalhadet الذين بصورهم المميزة ساهموا في توثيق الأحداث وإبراز الجمال في التفاصيل، سواء خلال هذه السنة أو السنوات الماضية. فكل لقطة كانت بصمة إبداعية تستحق التنويه.

ومن بين هؤلاء نذكر:

وحيد التجاني

حسن الصياد

منير ياسين

رشيد لروي

منير المباشي

بوشعيب مصليح

حمزة غوري

عبد المجيد مقبول

زكرياء موفق

سارة بوخلال

عادل حصار

سعيد رامي

إبراهيم جديد

يونس كوكبي

حسيك يوسف

أشرف مهيب

بشرى مبكير

مجيدة الحيمودي

نبيل بوسباع

احضي اندور

هشام بانور

رشيد كداح

عبد الجبار الحرشي

إدريس المجذوب

إبراهيم أفندي

عماد واحيدال

لكم منا كل الامتنان والاعتزاز، فقد صنعتم بالعدسة ما يعجز عنه القلم أحياناً.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

ابتسام لشكر وإشكالية الحرية: نحو إعادة صياغة التوازن بين حق التعبير واحترام المقدسات

بقلم: حسام بوزكارن

في خضم الجدل المحتدم الذي أثارته قضية ابتسام لشكر، وما تلاها من مواقف متباينة وردود فعل متضاربة، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في مفهوم حرية التعبير وحدودها، خاصة عندما تتقاطع مع المقدسات الدينية والثوابت الاجتماعية. فما حدث ليس مجرد قضية فردية معزولة، بل هو نافذة تكشف عن أزمة مفاهيمية عميقة تعيشها مجتمعاتنا في تعاملها مع مبدأ الحرية، والذي بات يفهم أحيانا بطريقة مشوهة ومنحرفة عن مساره الطبيعي.

إن الحرية، بمعناها الفلسفي والقانوني، ليست انفلاتا من كل قيد أو ضابط، وإنما هي ممارسة واعية ومسؤولة للحقوق والواجبات في إطار النظام الاجتماعي والأخلاقي السائد. وعندما نتحدث عن حرية التعبير تحديدا، فإننا نشير إلى حق الإنسان في إبداء رأيه والتعبير عن أفكاره ومعتقداته، شريطة ألا يتجاوز ذلك حدود الاحترام المتبادل ولا يمس بحقوق الآخرين أو يستفز مشاعرهم الدينية العميقة. لكن ما شهدناه في قضية ابتسام لشكر يكشف عن فهم مغلوط للحرية، حيث تم الخلط بين حق التعبير عن الرأي وبين الإساءة المباشرة والصريحة للذات الإلهية. فثمة فرق جوهري بين من يعبر عن موقف نقدي مدروس، وبين من يعمد إلى استخدام عبارات مسيئة وصادمة لا تحمل أي بعد فكري، بل تهدف فقط إلى الاستفزاز والإثارة.

في الرد على المقاربة التبريرية للأستاذ أحمد عصيد

يطرح الأستاذ أحمد عصيد في مقاله مقاربة تحليلية تحاول تفسير ظاهرة السخرية من الأديان باعتبارها رد فعل طبيعي على الاستبداد الديني والقهر الاجتماعي. وبينما أقدر الجهد التحليلي الذي بذله الأستاذ أحمد عصيد، إلا أنني أختلف معه في عدة نقاط جوهرية.

أولا، إن ربط الإساءة للمقدسات بالرغبة في التحرر من القهر يشكل تبسيطا مخلا لقضية معقدة. فالحرية الحقيقية لا تبنى على أنقاض احترام الآخرين ومعتقداتهم، بل تنمو في بيئة من التسامح المتبادل والحوار البناء. كما أن اعتبار الدين نظاما قهريا بالضرورة يتجاهل البعد الروحي والوجداني العميق الذي يمثله الإيمان لمليارات البشر حول العالم.

ثانيا، إن القول بأن السخرية من المقدسات طبيعة بشرية لا يبرر ممارستها أو يجعلها مقبولة قانونيا وأخلاقيا. فكثير من السلوكيات قد تكون طبيعية من منظور نفسي أو اجتماعي، لكن هذا لا يعفيها من الخضوع للضوابط القانونية والأخلاقية التي تحكم المجتمع.

ثالثا، وهو الأهم، فإن محاولة تفسير كل نقد أو اعتراض على ازدراء الأديان بالهشاشة أو الخوف من التغيير تمثل مغالطة فكرية واضحة. فالدفاع عن المقدسات ليس نابعا من ضعف أو هشاشة، بل من قناعة راسخة بضرورة الحفاظ على التماسك الاجتماعي والقيم المشتركة التي تشكل الهوية الجماعية للأمة.

الرد على موقف النقيب عبد الرحيم الجامعي

من جهة أخرى، نجد في موقف النقيب عبد الرحيم الجامعي مقاربة أخرى تستحق النقاش والتحليل. فبينما نحترم حق النقيب عبد الرحيم الجامعي في إبداء رأيه، إلا أن رسالته تحمل في طياتها عدة مغالطات قانونية ومنطقية. فعندما يدعو النقيب عبد الرحيم إلى اعتبار الإساءة للذات الإلهية مجرد رأي أو خلاف فكري، فإنه يخلط بين مستويات مختلفة من التعبير. فالرأي، بمعناه القانوني والفلسفي، هو موقف فكري قابل للجدل والحوار، أما السب والشتم المباشر فهو اعتداء صريح لا يحمل أي قيمة فكرية أو ثقافية. كما أن محاولة إدراج مفكرين عظام كابن رشد وابن سينا في سياق التبرير لهذا النوع من الإساءات يمثل تشويها لتراثهم وفكرهم. فهؤلاء الأعلام، رغم جرأتهم الفكرية واجتهاداتهم الفلسفية، لم يتجاوزوا قط حدود الاحترام في تعاملهم مع المقدسات، بل كان نقدهم ينطلق من داخل الإطار الديني نفسه وبمنهجية علمية رصينة. وأما ادعاء النقيب بأن موقف السيد الرميد يشكل تحريضا، فهو ادعاء لا يستند إلى أساس قانوني سليم. فالتبليغ عن أفعال يعتبرها القانون جرائم هو حق وواجب مواطني، وليس تحريضا. والسيد الرميد، بحكم خبرته القانونية وموقعه كمواطن غيور على ثوابت الأمة، كان محقا في موقفه وفي دعوته للجهات المختصة لأخذ الإجراءات اللازمة.

إن الموقف الذي اتخذه السيد مصطفى الرميد في هذه القضية يستحق التقدير والتأييد من عدة زوايا. فهو موقف ينطلق من فهم عميق لطبيعة التوازن المطلوب بين الحقوق والواجبات، وبين حرية الفرد ومسؤوليته تجاه المجتمع الذي ينتمي إليه. من الناحية القانونية، فإنه محق تماما في التمييز بين حرية الرأي والاعتقاد من جهة، وبين الإساءة المباشرة للمقدسات من جهة أخرى. فالقانون المغربي، شأنه شأن معظم القوانين في العالم، يحمي حرية التعبير ولكن ضمن حدود واضحة لا تسمح بالإساءة للأديان أو استفزاز المشاعر الدينية للمواطنين. من الناحية الأخلاقية والاجتماعية، فإن موقفه يعكس فهما لطبيعة النسيج الاجتماعي المغربي، الذي يقوم على قيم دينية وثقافية راسخة. والحفاظ على هذا النسيج ليس رجعية أو تخلفا كما يحلو للبعض وصفه، بل هو ضرورة حضارية لضمان الاستقرار والتماسك الاجتماعي. إن رده على النقيب الجامعي كان في غاية الدقة والوضوح القانوني، خاصة عندما أشار إلى أن القانون المغربي لا يسمح بالانتصاب للحق المدني في مثل هذه القضايا إلا للمتضرر مباشرة.

المواثيق الدولية

إن من أخطر المغالطات الشائعة في هذا النقاش هو الادعاء بأن حرية التعبير حق مطلق لا يخضع لأي قيود. وهذا الادعاء يتناقض تماما مع النصوص الصريحة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإن نص في المادتين 18 و19 على حرية التفكير والضمير والدين وحرية الرأي والتعبير، إلا أنه أكد في المادة 29 على أن الفرد يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون لضمان احترام حقوق الآخرين وحرياتهم، ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي. كما أن المادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي صادق عليها المغرب، تنص صراحة على أنه لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم.

وللتأكيد على أن موقفي ليس منطلقا من تعصب ديني أو انغلاق فكري، فإنني أجد في الاجتهاد القضائي الأوروبي المعاصر ما يؤكد صحة هذا التوجه. فقد قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المسماة E.S ضد النمسا بأن الإدانة الجنائية لسيدة نمساوية أساءت للرسول محمد صلى الله عليه وسلم لا تشكل انتهاكا لحقها في حرية التعبير. وقد أسست المحكمة قرارها على أن تصريحات هذه السيدة تجاوزت الحدود المسموح بها للنقاش الموضوعي، ولم تساهم في نقاش عام مفيد، وكانت موجهة أساسا للنيل من مكانة النبي الدينية، ولم تكن نقدا أكاديميا أو تاريخيا. كما اعتبرت المحكمة أن هذه التصريحات قادرة على إثارة التحيز وتهديد السلام الديني داخل المجتمع.

وقد كان هذا القرار بإجماع قضاة المحكمة، مؤسسا على مبدأ أن حرية التعبير محمية لكنها ليست مطلقة، وأن المجتمعات الديمقراطية ملزمة باحترام المشاعر الدينية والحفاظ على السلام الديني. هذا في المجتمع النمساوي، فما بالنا بالمجتمع المغربي الذي يقوم أساسا على قيم دينية راسخة ويعتبر الإسلام دينا للدولة بموجب الدستور؟

نماذج دولية في حماية المقدسات

إن التجربة الدولية زاخرة بالنماذج التي تؤكد أن حماية المقدسات الدينية من الازدراء ليس تخلفا أو رجعية، بل هو موقف حضاري تتبناه حتى أعرق الديمقراطيات في العالم.

ففي ألمانيا، ينص القانون الجنائي في المادة 166 على معاقبة كل من يسب محتويات المعتقد الديني أو النظرة الفلسفية للحياة بطريقة قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم العام. وقد طبقت المحاكم الألمانية هذا النص في عدة قضايا، بما في ذلك قضايا تتعلق بالإساءة للإسلام والمسيحية على حد سواء.

وفي بريطانيا، رغم كونها مهد الديمقراطية الحديثة، فإن قانون جرائم الكراهية الدينية لعام 2006 يجرم كل تعبير يهدف إلى إثارة الكراهية ضد الأشخاص على أساس انتمائهم الديني. وقد شهدت المحاكم البريطانية عدة قضايا طبقت فيها هذا القانون بصرامة.

أما في فرنسا، فرغم شعاراتها حول العلمانية وحرية التعبير، إلا أن القانون الفرنسي يجرم التحقير العلني للأديان في ظروف معينة، خاصة عندما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام أو إثارة الكراهية ضد جماعات دينية.

هذه النماذج تؤكد أن الموازنة بين حرية التعبير واحترام المقدسات الدينية ليست قضية خاصة بالمجتمعات المتخلفة أو غير الديمقراطية، بل هي إشكالية عالمية تتعامل معها جميع الدول وفق ظروفها الثقافية والاجتماعية الخاصة.

 

الأزمة المفاهيمية

إن المتتبع للجدل الدائر حول قضية ابتسام لشكر يلاحظ وجود أزمة مفاهيمية عميقة تكمن في جذور هذه الإشكالية. فقد بات مفهوم الحرية مشتتا ومشوها في أذهان كثير من الناس، خاصة الشباب، الذين تأثروا بموجة العولمة الثقافية والإعلامية دون أن يكتسبوا الأدوات النقدية اللازمة للتعامل مع هذا التدفق المعلوماتي الهائل. فالحرية، كما فهمتها الفلسفة السياسية والقانونية عبر التاريخ، ليست انفلاتا من كل قيد، بل هي ممارسة واعية للاختيار ضمن إطار من الضوابط والمسؤوليات. والحرية الحقيقية لا تتناقض مع الالتزام الأخلاقي والديني، بل تتكامل معه في منظومة متوازنة تحقق خير الفرد والمجتمع معا.

لكن ما نشهده اليوم هو تشويه لهذا المفهوم النبيل، حيث باتت الحرية في أذهان البعض تعني حق الفرد في فعل ما يشاء دون اعتبار لتأثير ذلك على الآخرين أو على النسيج الاجتماعي العام. وهذا المفهوم المنحرف للحرية هو الذي يقف خلف كثير من الممارسات الهدامة التي نشهدها اليوم.

المسؤولية المجتمعية: دور المثقفين والإعلاميين

في هذا السياق، تبرز مسؤولية خاصة على عاتق المثقفين والإعلاميين والأكاديميين في تصحيح هذا المفهوم المشوه للحرية وإعادة تأسيسه على أسس سليمة. فالمطلوب ليس التخلي عن مبدأ الحرية، بل إعادة فهمه وتأطيره بطريقة تحقق التوازن بين حقوق الأفراد وواجباتهم تجاه المجتمع. وهذا يتطلب جهدا تربويا وثقافيا طويل المدى، يبدأ من المناهج التعليمية ويمتد إلى وسائل الإعلام والمنابر الثقافية المختلفة. فالشباب الذي يقع في مثل هذه الأخطاء ليس بالضرورة شابا منحرفا أو كافرا، بل قد يكون مجرد ضحية لتشويه مفاهيمي تعرض له عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المحتوى الإعلامي المستورد.

إن قضية ابتسام لشكر، رغم خصوصيتها الفردية، تطرح أسئلة جوهرية حول طبيعة التوازن المطلوب بين الحرية والمسؤولية في مجتمعاتنا المعاصرة. وهي أسئلة لا يمكن الإجابة عنها بتبسيط مخل أو بمواقف متطرفة في أي اتجاه.

المطلوب هو إعادة صياغة مفهوم الحرية بطريقة تحقق التوازن بين حق الفرد في التعبير عن رأيه وبين واجبه في احترام مشاعر الآخرين ومقدساتهم. والمطلوب أيضا هو تطوير خطاب ثقافي وتربوي قادر على مواجهة موجات التشويه المفاهيمي التي تتعرض لها مجتمعاتنا. فإن الحرية الحقيقية لا تبنى على أنقاض احترام الآخرين، بل تنمو في بيئة من التسامح المتبادل والحوار البناء. وهذا هو الطريق الوحيد لبناء مجتمعات متقدمة وديمقراطية تحترم حقوق الإنسان دون أن تتخلى عن قيمها وثوابتها الأساسية.