Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء متفرقات مجتمع

الفنان التشكيلي العلوي الإسماعيلي مصطفى يفتح نوافذ التأمل في معرض فني بالدار البيضاء

الفنان التشكيلي العلوي الإسماعيلي مصطفى يفتح نوافذ التأمل في معرض فني بالدار البيضاء

 

👈🏻 هند بومديان

 

الفنان التشكيلي العلوي الإسماعيلي مصطفى يبدع في معرض تشكيلي بالدار البيضاء تحت إشراف الأكاديمية الوطنية للثقافة والتنمية

في أجواء يطغى عليها الإبداع والتأمل، نظم الفنان التشكيلي المغربي العلوي الإسماعيلي مصطفى معرضًا فنيًا متميزًا بمدينة الدار البيضاء،  بمنصة الشباب الجيل الجديد الأدارسة بسيدي معروف،  وذلك تحت إشراف الأكاديمية الوطنية للثقافة والتنمية. المعرض قدّم للجمهور تجربة بصرية غنية، من خلال مجموعة من اللوحات التي تعكس مسارًا فنيًا ناضجًا ومتفرّدًا، جمع بين الجرأة في الأسلوب وعمق المضامين.

تميّز المعرض بحضور واسع لنخبة من عشاق الفن التشكيلي، والنقاد، والمهتمين بالشأن الثقافي، حيث أثارت اللوحات المعروضة تفاعلات متعددة لما تحمله من توليف بصري بين التعبير التجريدي والرمزية، في معالجة تشكيلية استلهمت مواضيعها من الثقافة المغربية، والهوية، والتغيرات الاجتماعية والروحية التي تطبع حياة الإنسان المعاصر.

وفي تصريح بالمناسبة، أوضح الفنان العلوي الإسماعيلي مصطفى، وهو ابن مدينة الدار البيضاء، أن هذا المعرض يمثل منعطفًا ناضجًا في مساره الفني، بعد سنوات من البحث والتجريب والتأمل، معتبرًا أن أعماله التشكيلية ليست فقط تعبيرًا بصريًا، بل هي دعوة مفتوحة للتأمل والانفتاح على العوالم الداخلية للإنسان.

من خلال لغته التشكيلية الخاصة، استطاع العلوي الإسماعيلي أن يخلق حوارًا بين الرمز واللون والحركة، مؤكدًا مكانته كواحد من الأسماء البارزة في المشهد التشكيلي المغربي المعاصر، ومواصلًا رحلته الفنية التي تمزج بين الأصالة والابتكار، وبين الهوية والانفتاح على الأسئلة الوجودية الكبرى.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء متفرقات مجتمع

الهوية المغربية في زمن العولمة.. هل نضيع وسط العالم؟

الهوية المغربية في زمن العولمة.. هل نضيع وسط العالم؟

✒️ هند بومديان

في زمنٍ أصبحت فيه الحدود مجرد إشارات على الخريطة، والأصوات متشابكة في الفضاء الرقمي، تتعرض الهوية المغربية، مثل كثير من الهويات، لرياح العولمة العاتية. فهل ما زلنا نحن، كما كنّا؟ أم أننا نذوب رويداً في ملامح لا تشبهنا؟

الهوية المغربية لم تكن يوماً جامدة أو منغلقة، بل هي نسيج غني من التعدد: أمازيغي، عربي، إفريقي، أندلسي، يهودي، صحراوي… هوية نسجها التاريخ بخيوط الهجرة، الفتوحات، والاحتكاك بالآخر. لكنها كانت دائما قادرة على احتواء التنوع وتوجيهه نحو التماسك.

اليوم، تواجه هذه الهوية تحديات جديدة، مختلفة في عمقها وطبيعتها. فالعولمة ليست فقط في اللباس، أو الموسيقى، أو الأكل، بل في الفكر، والقيم، والسلوك اليومي. أصبح المغربي يسمع أكثر للغرب مما يسمع لتقاليد أجداده، ويشاهد العالم أكثر مما يشاهد وطنه، ويقتبس من ثقافات الآخرين أكثر مما يغوص في كنوزه الخاصة.

تتغير اللغة في الشارع، وتذوب اللهجات، ويخترق الدارجة ألف مصطلح فرنسي وإنجليزي. في المدارس، تفقد العربية بريقها، وفي البيوت، يُستبدل الكسكس بـ”السوشي”، ويُغنّى للراب أكثر مما يُتغنى بالعيطة أو الملحون. فهل هذا تطور طبيعي أم بداية انسلاخ هوياتي؟

في المقابل، ليس من الحكمة شيطنة العولمة. فهي فتحت لنا أبواب العلم، والتواصل، والانفتاح، ومكّنت الكثير من الشباب المغربي من التعبير عن نفسه وإبداعاته في فضاءات لم تكن ممكنة من قبل. لكن السؤال: هل نستهلك العولمة بوعي، أم نذوب فيها بلا مقاومة؟

الهوية ليست لباساً أو طبقا شعبياً، بل وعي جماعي بالقيم، الانتماء، والتاريخ. حين يفقد المجتمع ثقته في ذاته، يبدأ في تقليد الآخر حدّ الاستلاب. وحين تنهار المدرسة العمومية، ويُهمل التراث، ويُسخر الإعلام للسخرية من الأصالة، تتشقق الهوية تحت أقدام الموضة والموجات العابرة.

إن الحفاظ على الهوية المغربية لا يعني الانغلاق، بل يعني أن ننفتح بوعي. أن نعرف من نحن، وماذا نريد أن نحمل معنا من الماضي إلى المستقبل. أن نُصالح أطفالنا مع لغتهم، تراثهم، وأغاني جداتهم، دون أن نمنعهم من استخدام التكنولوجيا أو الحلم بالعالم.

في زمن العولمة، لا تضيع الهويات القوية. الذي يضيع هو الذي ينسى من أين أتى، فيفقد البوصلة في طريق لا يشبهه. فهل نحن مستعدون لحماية ذواتنا من الذوبان؟ أم سنترك المغرب يتحدث بلهجة لا يفهمها أبناؤه؟

الجواب يبدأ من البيت، من المدرسة، من الإعلام، ومنك… ومنّي.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

إصلاحات على الورق.. و طرقات تئن!

إصلاحات على الورق.. و طرقات تئن!

 

✍️ هند بومديان

 

منذ أن فتحنا أعيننا على هذه الحياة، ونحن نرى نفس المشهد يتكرر: طرق تُحفر، آلات تُركن، عمال يتحركون ليوم أو يومين، ثم تختفي الوجوه، وتبقى الحفر شاهدة على عبثية الإصلاح. كل مرة يُعلن عن مشروع إصلاح البنية التحتية، نستبشر خيرًا، ونقول: لعل وعسى يكون هذه المرة مختلفًا، لكن سرعان ما يتبدد الأمل، وتعود الحفر لتبتلع العجلات، وتهدد الأرواح.

 

الطرقات في بلادنا أصبحت مرآة تعكس وجع المواطن، لا تقل عن معاناته مع غلاء المعيشة، أو الصحة أو التعليم. من طنجة إلى الكويرة، ومن المدن الكبرى إلى القرى المنسية، لا يكاد يخلو شارع من تشقق، أو حفرة، أو قنوات مكشوفة. وكأننا في بلد لا يعرف معنى الجودة، أو أن مفهوم “المراقبة والمحاسبة” قد طواه النسيان.

 

أين تذهب الميزانيات؟

 

السؤال الذي يطرحه كل مواطن بسيط يمر من طريق محفوف بالمخاطر هو: إذا كانت الملايين تُصرف سنويًا على مشاريع إصلاح الطرق، فأين هي النتائج؟ هل نحن أمام سوء تدبير؟ أم أن الفساد والتلاعب في الصفقات وراء هذا الواقع البئيس؟

 

الأرقام الرسمية تتحدث عن استثمارات ضخمة في مجال البنية التحتية، لكن الواقع يفضح الكواليس. شركات تتعاقد ثم تنفذ أعمالاً هشّة لا تصمد لأشهر، بل أحيانًا تُترك الطرق دون إتمام، وكأن الهدف ليس خدمة المواطن، بل تمرير الفاتورة فقط.

 

المحاسبة الغائبة

 

المشكل ليس في إصلاح الطرقات، بل في غياب المحاسبة. من يحاسب المقاولات التي لا تلتزم بالمعايير؟ من يُتابع جودة الأشغال؟ ومن يُعيد للمواطن حقه حين يتعرض لحادث بسبب حفرة لم تُردم أو طريق لم تُعبد كما يجب؟ الصمت الرسمي أحيانًا يبدو وكأنه تواطؤ، أو على الأقل، تساهل لا يليق بدولة تسعى للتقدم والعدالة المجالية.

 

ما الحل؟

 

الحل يبدأ من تفعيل آليات المراقبة الحقيقية، ومنح الصفقات لشركات محترفة لا لشركات “الولاءات”. ويبدأ من إشراك المواطن في تقييم المشاريع، وجعل تقارير الجودة علنية. لا يمكن أن نواصل ترقيع الواقع ونحن ندفن رؤوسنا في الإسفلت المهترئ.

 

فإصلاح الطرقات لا يكون فقط بالجرافات، بل بإصلاح الضمير أولًا. حين تُعبد نوايا المسؤولين بالصدق، حينها فقط، ستمتد الطرق فعلاً نحو المستقبل.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء جهات مجتمع

حين تولد الطفولة في العراء

✍️ هند بومديان

 

حين تُولد الطفولة في العراء

 

في مدنٍ تزدحم بالضجيج وتفتقر إلى الإنصات، يولد بعض الأطفال دون أن يحتفل أحد بقدومهم، ويمرّ بهم الزمن دون أن يسألهم أحد: “كيف حالكم؟”. لا مقاعد دراسية تنتظرهم، لا ألعاب، لا دفء، ولا حلم. يولدون ليجدوا أنفسهم في الشارع، يتعلمون البقاء بدل الطفولة، ويكبرون قبل الأوان، كأن الزمن قد اختصر معهم مسافات الحياة.

هؤلاء ليسوا مجرد “أطفال الشوارع” كما نسميهم ببرود، بل أطفال بلا شارع حقيقي، بلا بيت، بلا مستقبل واضح. بعضهم ضاع بين زوايا الأحياء الشعبية المكتظة، وبعضهم لفظه بيت لم يعرف معنى الحنان. هم انعكاس صارخ لانهيار أسس الأسرة، لتقاعس المجتمع، ولعجز الدولة عن احتضان أبنائها في لحظة احتياجهم القصوى.

لا يكفي أن نشير إليهم عند تقاطع الطرق، أو نحوق عليهم عند إشارات المرور. لا يكفي أن نُصدم من مشهد طفل نائم على الرصيف، ملفوفًا ببطانية متسخة تحت برد قارس. هؤلاء الأطفال لا يحتاجون الشفقة العابرة، بل يحتاجون العدالة. نعم، العدالة. لأن الطفولة في الشارع ليست قدرًا، بل نتيجة واضحة لفشل في السياسات الاجتماعية، التعليمية، والاقتصادية.

نربّي أبناءنا على حفظ حقوق الطفل، في حين يفقد هؤلاء حقهم في أبسط مقومات الحياة. نُدرّس مفهوم “المواطنة”، بينما هم لا يجدون في هذا الوطن مكانًا يتّسع لهم. نُكثر من التصريحات حول التنمية والعدالة الاجتماعية، ثم نغض الطرف عن آلاف الأطفال الذين تكبر ملامحهم في العراء، وتتشكل شخصياتهم على هامش المجتمع.

المقاربة الأمنية وحدها، وإن غلّفت بالنيات الحسنة، لن تصنع حلًا دائمًا. ما يحتاجه هؤلاء الأطفال هو برامج شاملة، تبدأ من الوقاية وتنتهي بالدمج. يحتاجون إلى مدارس تُعيد إليهم الثقة في العلم، إلى مربين يزرعون فيهم الأمل، إلى مراكز حقيقية لا لإيوائهم فقط، بل لإعادة بناء ذواتهم.

أليس من المؤلم أن يُولد طفل في الشارع، ويكبر فيه، ثم يموت فيه دون أن يشعر أحد بفقدانه؟ أليس من الظلم أن يتحول الشارع إلى حضن وملجأ وساحة قتال في آن واحد؟ هؤلاء الأطفال لا يريدون سوى فرصة… فرصة واحدة فقط لنكون أكثر إنسانية.

وفي النهاية، ربما لا نحتاج إلى لجان جديدة ولا استراتيجيات معقدة، بل فقط إلى ضمير حي. ضمير يجعلنا نؤمن أن الطفولة يجب أن تُعاش في أحضان الأمان، لا في أزقة الإهمال. لأن المجتمعات التي تسمح بتشرد أطفالها، هي مجتمعات تمشي بثقل نحو الخراب، وإن زُيّنت شوارعها.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء متفرقات مجتمع

فرقة أحفاد الغيوان.. عرض فني يحيي روح الغيوان بلمسة جديدة في سطات

 

فرقة أحفاد الغيوان.. عرض فني يحيي روح الغيوان بلمسة جديدة في سطات

✍️ هند بومديان

في ليلة استثنائية من ليالي الفن والوفاء للتراث، يستعد المركز الثقافي بسطات لاحتضان عرض موسيقي متميز تحييه فرقة أحفاد الغيوان، وذلك يوم السبت 31 ماي على الساعة السابعة مساءً.

هذا العرض المرتقب يُعدّ تكريمًا نابضًا بالحياة لواحدة من أهم الظواهر الموسيقية في المغرب: مجموعة ناس الغيوان، التي طبعت الذاكرة الجمعية المغربية والعربية بروحها الثائرة وكلماتها العميقة وألحانها الروحية. لكن هذه المرة، سيكون الجمهور على موعد مع الجيل الجديد من عشّاق هذا التراث، فرقة أحفاد الغيوان، الذين يحملون المشعل ويعيدون تقديمه بأسلوب معاصر دون أن يمسوا بروحه الأصيلة.

فرقة أحفاد الغيوان ليست مجرد فرقة موسيقية، بل هي جسر بين الأجيال، بين الماضي والحاضر، بين الكلمة الصادقة والنغمة المتمردة، بين عشق لا يموت وثقافة تُبعث من جديد. العرض يجمع بين الموسيقى، الأداء الحي، والرسائل الفنية التي ما زالت تُلامس وجدان الجمهور المغربي.

إنه دعوة مفتوحة لكل من أحبّ ناس الغيوان، ولكل من يؤمن بأن الفن يمكنه أن يوحد، أن يداوي، وأن يُذكّرنا بهويتنا الثقافية العميقة.

لا تفوتوا هذه الأمسية الغيوانية المتفرّدة!
السبت 31 ماي، على الساعة السابعة مساءً، بفضاء المركز الثقافي بسطات.
كونوا في الموعد مع فرقة أحفاد الغيوان.. وذكريات لا تُنسى.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

د. نادية عبادي … سيدة الألوان التي توثق الذاكرة المغربية

د.ن


ادية عبادي… سيدة الألوان التي توثق الذاكرة المغربية

✍️ هند بومديان

في قلب العاصمة المغربية الرباط، وُلدت الفنانة التشكيلية د.نادية عبادي، التي عانقت الفن من دون موعد، لتكتب قصتها مع الريشة واللون بصدق التجربة وصفاء الروح. هي أستاذة في اللغة والأدب الفرنسي، حاصلة على شهادة الدكتوراة في الأدب الفرنسي المقارن، برسالة موسومة بـ”الاقتباس بين الأجناس الأدبية”، غير أن مسارها الفني لم يكن نابعًا من تخصصها الأكاديمي، بل من فطرة حرة وشغف دفين رافقها منذ الطفولة.

كان للرسم حضور دائم في حياة د.نادية، حتى قبل أن تدرك أن الفن يمكن أن يكون مسارًا متكاملًا. بدأت رحلتها الفعلية حين اشترت أدوات للرسم لفتياتها وأحفادها، ثم وجدت يدها ترتجف شوقًا لملامسة الألوان، فانطلقت في مغامرة لم تكن مدروسة، لكنها كانت صادقة. لم تكن هناك لحظة ولادة واحدة، بل توالي من اللحظات التي أيقظت الفنانة الكامنة بداخلها، لتنتج أولى أعمالها: رأس حصان، كان عنوانًا لبداية مسار لا رجعة فيه.

رغم غياب التكوين الأكاديمي في الفنون، وجدت د.نادية في التعلم الذاتي مجالًا رحبًا للتطور، مستفيدة من توجيهات الفنان رضا أجير، الذي لعب دورًا محوريًا في صقل رؤيتها. تأثرت بالمدرسة الواقعية، لما فيها من صدق تعبيري يلامس الداخل ويترجم تفاصيل الحياة. وقد انعكس هذا التوجه في مسيرتها، إذ بدأت بلوحات يغلب عليها الحزن والبرودة اللونية، قبل أن يتجه أسلوبها تدريجيًا نحو الإشراق والبهجة.

تعتمد نادية أسلوبًا تشخيصيًا تصويريًا، وتميل إلى توثيق الموروث الثقافي المغربي، خصوصًا الحرف التقليدية، في محاولة لإعادة بث الحياة في ذاكرتنا.

تشتغل غالبًا بالألوان الزيتية على القماش، لما توفره من مرونة في الاشتغال، وتستلزم عزلة شبيهة بالمحراب، حيث تعيش لحظة الإبداع في هدوء وتأمل.

كانت أولى تجاربها في العرض الفني بالمكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني، حيث لقيت أعمالها استحسانًا لافتًا، شكل دافعًا قويًا لمواصلة المسار. شاركت في عدد من المعارض الوطنية، من بينها معرض Imagaleries في أبريل 2024، معرض بالمركز الثقافي بدائرة سيدي بليوط في ماي 2024، والمهرجان العالمي للفن التشكيلي بتطوان في أكتوبر من السنة نفسها، بالإضافة إلى معرضها الفردي المميز “لحظات” برواق النادرة بالرباط، الذي لاقى اهتمامًا إعلاميًا وجماهيريًا واسعًا، وملتقى فاس-مكناس الوطني للفنون التشكيلية في ربيع 2025، ثم معرض جماعي مع Plumart في ماي 2025.

رغم عدم خوضها لتجارب خارجية بعد، تتطلع د.نادية عبادي إلى عرض أعمالها في المحافل الدولية، وتحلم بأن تحظى بلقب سفيرة الفن التشكيلي المغربي الأصيل. ورغم التحديات المادية واللوجستية، كضيق الفضاء أو صعوبة نقل اللوحات، فإنها تواصل طريقها بإصرار وعشق عميق لما تفعل.

ترى د.نادية في الفن أداة لتوثيق الذاكرة، وللتفاعل الحيّ مع التراث. وترى في التكنولوجيا وسيلة مساعدة لا بديلًا عن اللمسة اليدوية. وبهذا الموقف، تعبّر عن انتمائها لفن ينبع من القلب، ويُترجم عبر الأصابع والأحاسيس.

د نادية عبادي ليست فقط فنانة تشكيلية، بل هي مؤرخة حسية للذاكرة المغربية، تعيد رسم ما قد يُنسى، وتُحيله إلى لحظة ضوء نابضة بالأمل والجمال. بين الأكاديمية والموهبة، تسلك دربها بخطى هادئة وواثقة، نحو عالم تعرف جيدًا أنها تنتمي إليه منذ البدء: عالم الفن.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

ليلى مرودي.. حين تُزهر الحقول لوحات

 

ليلى مرودي.. حين تُزهر الحقول لوحات

✍️ هند بومديان

في مدينة خريبكة، وتحديدًا في قلب جهة بني ملال خنيفرة، وُلدت المبدعة ليلى مرودي، والتي اختارت أن تُوقّع أعمالها الفنية بالاسم الرمزي Laila Art، اسمٌ بات يحمل في طيّاته نضجًا تشكيليًا وتجربة إنسانية رفيعة، جمعت بين الفرشاة والرسالة التربوية، وبين اللون والهوية.

 

أستاذة تعليم وفنانة بالفطرة رغم حصولها على إجازة جامعية وعملها أستاذةً في قطاع التعليم، إلا أن الفن كان دومًا يسكنها، يرافقها كظل صامت حتى انفجر ذات يوم وسط الطبيعة. كانت بداية الرحلة حين التحقت بالعالم القروي، حيث كانت تتنقل بدراجتها النارية بين الحقول. هناك، وسط الألوان الزاهية للطبيعة، شعرت بانتماء عميق لعالم الرسم، وبدأت تتفتح في داخلها زهرة الفن.

 

لم تتلقَّ تكوينًا أكاديميًا صارمًا، بل كانت رحلتها نابعة من الموهبة، تطورت عبر الممارسة اليومية واحتكاكها بالأطفال والجداريات التربوية، وازدادت عمقًا بفضل دورات تكوينية على يد فنانين وأساتذة محترفين، مكنت تجربتها من التبلور ضمن مشروع تربوي فني متكامل.

 

أسلوبها.. حيث التلقائية تلتقي بالرمزية

 

تُعرَف أعمال ليلى مرودي بأسلوبها التلقائي، المستوحى من عالم الطفولة والبيئة القروية. تمزج بين الألوان الزاهية والخامات المتنوعة مثل النحاس، الكولاج، الخيش، والطباشير. هي ابنة المدرسة الفطرية التي تمثلها أيقونة الفن الشعبي المغربي الراحلة الشعيبية طلال، وتستمد من المدرسة الانطباعية والتجريدية بُعدًا تعبيريًا وروحيًا.

 

تعكس لوحاتها حكايات الأنوثة، الأناقة، الأصالة، والطفولة، وتغوص في الهوية المغربية بكل مكوناتها، من التراث إلى الزي، من الدقة المراكشية إلى فرق كناوة، ومن الذاكرة الجماعية إلى الحلم الإنساني.

 

معارض داخلية وعالمية بنَفَس تربوي

 

شاركت الفنانة في عدد من المعارض التربوية والفنية، محليًا في مؤسسات تعليمية وأندية ثقافية، ووطنيًا عبر احتفالات ومبادرات ثقافية متنوعة. لكن حضورها الدولي كان لافتًا من خلال مشاركات في روما، إسبانيا، الأردن، حيث عرضت أعمالها في سياق مبادرات موجهة للأطفال، فجمعت بين الفن والتربية، وبين الجمال والرسالة.

 

تلقت عدة شواهد تقديرية وأدرع تكريمية من مؤسسات عمومية، وهي بالنسبة لها حوافز معنوية تؤكد أن الفن رسالة قبل أن يكون منتجًا استهلاكيًا.

 

الحلم القادم.. فن للأطفال ومن أجلهم

 

تحلم ليلى بتوسيع مشروعها “المدرسة العقلية الإبداعية”، ليصل إلى كل المناطق المهمشة، وتطمح لإنشاء متحف خاص بأعمال الأطفال، يُعترف فيه بعطائهم البصري وطاقاتهم الكامنة. كما تؤمن بأن التكنولوجيا قد تكون جسرًا مهمًا لنقل الفن إلى الشرائح الأكثر تهميشًا.

 

في كلمة واحدة، الفن بالنسبة لها هو: الحياة.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء متفرقات مجتمع

ابتسام لعلاوي.. ريشة تتنفس الحياة و تنثر البهجة


ابتسام لعلاوي.. ريشة تتنفس الحياة و تنثر البهجة

✍️ هند بومديان

في قلب مدينة الدار البيضاء، ولدت الموهبة التشكيلية ابتسام لعلاوي، فنانة عصامية اختارت أن تجعل من اللون أداة للتعبير ومن اللوحة مساحة لبوح الذات واحتضان الطبيعة.

 

لم تتلقَّ تكوينًا أكاديميًا في الفن، لكنها آمنت أن الشغف أقوى من الدرس، وأن الرغبة الصادقة في التعبير كفيلة بأن تخلق فنانًا يبحث، يجرب، ويتطور. شرارة الفن اشتعلت في روحها منذ الطفولة، حين كانت تمضي ساعات في محاكاة الطبيعة وتلوينها بريشة بريئة، غير أنها انقطعت لسنوات طويلة قبل أن تعود إلى هذا العشق في سنة 2015، حيث اقتنت أولى أدوات الرسم وبدأت رحلتها من جديد بلوحة جمعت بين تقنيات مختلفة، نالت استحسان من حولها، وكانت بمثابة انطلاقة محفّزة نحو الاستمرارية.

 

تتأثر ابتسام بالمدرسة الرومانسية والتكعيبية، غير أنها تميل إلى التجريب وتوظيف تقنيات متعددة، كالسحب اللوني وتقنيات مزج الألوان، بما يمنح أعمالها بصمة خاصة تعكس رؤيتها ومزاجها الفني. الألوان الزاهية هي خيارها الدائم، إذ ترى فيها وسيلة لنشر الفرح وبعث الحياة في اللوحة، فيما تبتعد عن الألوان الداكنة التي لا تلامس ذوقها الداخلي.

 

تعمل ابتسام على خامات مختلفة: القماش، الخشب، الورق، وأي مادة تراها قابلة لأن تحمل الأثر الفني، فيما تفضّل الأكريليك لمرونته وانسجامه مع تصورها التقني. وتؤمن أن كل لوحة هي مرآة لداخلها، تلخّص تجاربها الخاصة وتأملاتها في الطبيعة والكون.

 

أول معرض فردي لها كان بوابة نحو جمهور متنوع، التقى فيه الناس العاديون بالفنانين والنقاد، فكان لذلك أثر بالغ في تعزيز ثقتها ومواصلة مسارها، ليتوالى بعدها حضورها في معارض جماعية بمختلف المدن المغربية، من الرباط إلى الدار البيضاء، مرورًا بالقصر الكبير وسيدي بليوط، وحتى على هامش مهرجانات ثقافية وتربوية.

 

ولم تقتصر تجربتها على الحدود الوطنية، إذ شاركت في فعاليات دولية بفرنسا، تركيا، ومصر، حيث لقيت أعمالها تقديرًا خاصًا من جمهور يملك ذائقة فنية ويقدّر القيمة الجمالية للعمل التشكيلي.

 

رغم التحديات، تواصل ابتسام عطائها، متسلّحة بالإرادة، والمثابرة، والعمل الفردي، دون دعم مادي يُذكر. وتظل أبرز العقبات التي تواجهها هي ضيق الوقت، وصعوبة التفرغ التام للفن في ظل غياب التأمين المادي الكافي من هذا المسار.

 

ترى الفنانة أن الفن التشكيلي المغربي غني ومتنوع، لكنّه يفتقر إلى الاحتضان المؤسسي والتأطير الضروري، ما يجعل مسيرة الفنان مسعى فرديًا بامتياز. ورغم ذلك، لا تتوقف عن الحلم، إذ تستعد لتنظيم معرض فردي جديد يتمحور حول قضية مجتمعية عميقة، وترى أن الفن قادر على المساهمة في التغيير الراقي والهادف، كما أنه وسيلة لتربية الذوق الجمالي وتهذيب السلوك.

 

الفنانة ابتسام لعلاوي تمثل نموذجًا للفنان العصامي الذي جعل من الفن رسالة ووسيلة للتعبير عن الذات، وتحقيق التوازن بين الداخل والعالم الخارجي. لا تسعى وراء الشهرة بقدر ما تسعى لأن تترك أثرًا على ملامح العابرين إلى لوحاتها.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء سياسة متفرقات مجتمع

شباب على الهامش … السياسة تمر من هنا …!!

✍️ هند بومديان

التمرد الصامت: جيل لا يثق ولا ينتظر

في زوايا المدن الصاخبة، وعلى أرصفة الانتظار الطويل، يسير جيلٌ بصمتٍ ثقيل، لا يرفع شعارات، ولا يقرع الطبول، لكنه يتمرد.
ليس تمردًا فوضويًا، ولا صرخة في وجه العدم، بل هو صمتٌ عنيدٌ، رفض ناعم، وقطيعة هادئة مع كل ما لم يَعُد يُقنع.

جيل اليوم لم يعد يثق، لا في الوعود المؤجلة، ولا في الخطب المحنطة، ولا في من يدّعي تمثيله دون أن يسمعه.
جيلٌ شبّ على الخيبات، ورأى كيف تُنسف الأحلام على عتبة البيروقراطية والفساد. تعلم مبكرًا أن من يملك الصوت، لا يملك القرار، وأن الطريق نحو التغيير معبّدٌ بالتجاهل والتهميش.

لكن الغريب… أن هذا الجيل لا ينتظر أحدًا. لم يعد يراهن على مؤسسات عجوز فقدت بوصلتها، ولا على نخبةٍ مُترفة لا تشبهه في شيء.
هو جيلٌ يبني عوالمه البديلة: في الفن، في الرقمنة، في المبادرات الفردية، في الاقتصاد الحر، في الهجرة أو حتى في الانعزال.

هو لا يصرخ في الشوارع، بل ينشر تدوينة لاذعة.
لا يحتج أمام البرلمان، بل ينسحب من اللعبة بأكملها.
لا ينتظر وظيفة من الدولة، بل يبحث عن ذاته وسط فوضى الحياة.

تمرده ليس على السلطة فقط، بل على مفاهيم قديمة لم تعد تجدي: التبعية، الصبر، التضحية المجانية، الانتظار الأبدي.
هو جيلٌ لا يؤمن بالمجانية، ولا بالخضوع، ولا بالمستقبل على الورق.
يريد الحاضر، هنا، الآن.

فهل نلومه؟
أم نلوم مؤسساتٍ اختارت أن تغلق بابها في وجهه؟
أم نلوم مجتمعًا يُحمله مسؤولية القطيعة، بينما هو من أدار له ظهره أولًا؟

“التمرد الصامت” أخطر من أي احتجاج صاخب، لأنه يعكس فقدان الأمل، وكسر الرابط بين المواطن والدولة، بين الشاب والمستقبل، بين الحلم والواقع.
هو تمرد بلا نار، لكنه يحرق.
هو رفض بلا كلمات، لكنه يوجع.

جيل لا يثق… ولا ينتظر.
فإلى متى سنواصل تجاهله، قبل أن نجد أنفسنا أمام مجتمع يُدار بصمت، ويعيش في جزرٍ منفصلة، لا يجمعها إلا الحنين لما كان يمكن أن يكون؟

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء متفرقات مجتمع

تورية الشرقي: فنانة تشكيلية مغربية ترسم بالجمال سُبل الروح

تورية الشرقي: فنانة تشكيلية مغربية ترسم بالجمال سُبل الروح

 

✍️ هند بومديان

من بين أزقة مدينة صفرو الهادئة، تنبثق ريح فنية ناعمة اسمها تورية الشرقي، فنانة تشكيلية تشق دربها بثبات بين ألوان الزيت والضوء والرمز، في رحلة بدأت منذ الطفولة وتعمّقت في بلاد الطواحين، هولندا، حيث صقلت موهبتها بالدراسة الأكاديمية، دون أن تفقد دفء انتمائها المغربي وارتباطها العميق بالطبيعة والجمال الروحي.

ولدت موهبة تورية وهي لا تزال طفلة في السابعة، ترسم أحاسيسها البكر فوق الورق، وتحاكي بجمال خطها أولى نبضات الحلم. لم يكن الرسم لها مجرد هواية، بل نداءً داخليًا تحوّل لاحقًا إلى رسالة فنية متجذرة. تقول: “اللحظة التي شعرت فيها أنني أنتمي لهذا العالم كانت حين أنجزت لوحة شعرت أنها تترجم جزءًا من روحي.”

تأثرت في بداياتها بالمدرستين الانطباعية والتعبيرية، وجعلت من الطبيعة ملهمًا ثابتًا، فكان اللون والضوء والرمز هم لغة خطابها التشكيلي. أعمالها تتميز بألوان دافئة وبتقنيات تعتمد على الطبقات اللونية، كما تختار الزيت على القماش لما يمنحه لها من حرية تعبير وانسجام عميق.

رغم بساطة بداياتها، إلا أن الشرقي استطاعت أن تتطور نحو مقاربات فنية أكثر عمقًا، فتوسعت رؤيتها نحو مفاهيم روحية ووجودية، وانفتحت على التجريب في أسلوبها وتقنياتها، لتصبح كل لوحة تعبيرًا صادقًا عن داخلها. تقول عن لحظة الإبداع: “أنفصل عن العالم وأتحد مع اللوحة، وأحيانًا أغمرني سعادة تدفعني للرقص بعد انتهائي من العمل.”

في سجلها عدة معارض محلية ووطنية، منها مشاركات بمراكش والدار البيضاء، لكن أول معرض لها في صفرو يبقى الأقرب إلى قلبها. ورغم عدم حصولها على دعم مؤسساتي، إلا أن تفاعل الجمهور المحلي والدولي كان دافعًا كبيرًا لها، حيث شاركت في معارض افتراضية، وتابعتها فئة من المهتمين من أمريكا وأوروبا، بل تلقت عروضًا لبيع أعمالها بالعملات الرقمية.

وتضيف تورية أن تجربتها بهولندا كان لها الأثر الكبير في تطوير رؤيتها الفنية، حيث تعرّفت على آفاق جديدة في التعبير والمدارس التشكيلية. أما داخل المغرب، فتُلهِمها مدينتا طنجة وإفران بما تحمله من سحر طبيعي وروحي.

تكشف الفنانة عن طموح لم يتحقق بعد: إنشاء ورشات فنية جامعية متكاملة تجمع بين التعليم والإبداع، كما تحلم بإصدار كتاب يوثق رحلتها. أما عن علاقتها بالتكنولوجيا، فهي ترى فيها فرصة، وقد بدأت فعليًا خطوات نحو عرض وبيع أعمالها رقميًا.

أما عن لوحاتها الأقرب إلى قلبها، فهي تلك التي تنبثق من خيالها الحر، كلوحة الطبيعة الكاملة المرسومة بالسكين، ولوحة باخرة القراصنة، ولوحات الورود والأميرات، وتقول عنها: “لوحاتي كأبنائي، لا أُهديها إلا لمن هو قريب من روحي.”

في زمن التحديات، ترى تورية الشرقي أن الفن التشكيلي يمكن أن يكون أداة تغيير حقيقية إذا مُنح الفنان حرية التعبير والدعم الكافي. وتختم برسالة للفنانين الشباب: “اصبروا، آمنوا بأنفسكم، واصنعوا طريقكم دون انتظار اعتراف من أحد.”