في 3 ماي اليوم العالمي لحرية الصحافة : أي واقع لهذه الحرية؟

يحتفل العالم في اليوم الثالث من ماي كل سنة باليوم العالمي لحرية الصحافة، هذا اليوم الذي يختزل كثير المعاني، التحديات و الاكراهات عالميا و وطنيا، فالسلطة الرابعة تحاول دوما تلافي سهام التضييق، و العمل بحرية قصد نقل الحقيقة بكل موضوعية و إيصال الكلمة الهادفة دون أي ادلجة أو تحكمات خارجية تخدم مصلحة فئة دون أخرى.
عالميا قطعت الصحافة أشواطا جبارة و إستفادت ايما استفادة من الثورة التكنولوجية و انتشار وسائل التواصل، لتغدو مؤثرة بشكل كبير مغيرة لمسارات رسمت بكل دقة قصد تغليب كفة او إيصال راي أو تحويل فكرة، لتستفيد من تشريعات حمت الجسم الصحفي و جعلت منه فعلا سلطة رابعة. مثالان حيان سأسوقهما لكم خلال هذا المقال عن تعامل الصحافة الغربية ففي الولايات المتحدة الأمريكية و خلال الحملة الانتخابية الرئاسية التي اعلنت بايدن رئيسا كانت الصحافة الأمريكية تغطي السباق الانتخابي وسط سباق انتخابي كبير جدا تسارعت خلاله الأحداث و ظهر ترامب كمؤثر في السبق الصحفي بتصرفاته التي قيل أنها غريبة لكن رغم ذلك ظلت الصحافة الأمريكية تغطي الحدث بحياد و بكامل الحرية حتى عندما اقتحم انصار ترامب مبنى الكونغرس تم نقل الصورة كما هي، المثال الثاني هو الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تخللها سباق قوي بين ماكرون الرئيس المنتهية ولايته و مارين لوبين اليمينية، مناظرات و نقاشات و استفتاءات و توقعات على المنابر الإعلامية أظهر حلها أن الموضوعية و الحياد سمة الانتخابات الرئاسية الفرنسية من الناحية الإعلامية.
لننحول الموضوعية الى ذاتية و الحياد الى انحياز عندما انطلقت الحرب على أوكرانيا ليصطف الاعلام الغربي مع الولايات المتحدة الأمريكية و يتبنى روايتها و يحكم على الروس بالعدوان و القتل غير المبرر، لتبرز سياسة الكيل بمكيالين بعلاقة مع الحرب التي يخوضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، ليظهر أن حرية الصحافة العالمية لها حدود متعلقة بالشأن الداخلي لكل بلد متقدم و أن تجاوز الحدود يعني تبني الايديولوجيات و ترك الحياد و الموضوعية جانبا.
الدول المتخلفة تسبح في مستنقع غلبة رأي الديكتاتوريات و الانقسامات بين الفرق قصد ممارسة الصحافة التي تروق أولياء النعم و تخدم مصالح القوى السياسية قصد ممارسة نوع من البروباغندا الإعلامية تستميل بها الفرق قلوب الشعوب و تحشد في صفها ما استطاعت من الأصوات.
بين الدول المتقدمة و المتخلفة هناك دول قطعت اشواط كبيرة جدا في تكريس حرية الصحافة و جعلها سمة سياستها، على رأسها المملكة المغربية فبلدنا قطع أشواطا جبارة في سبيل تحرير قطاع الصحافة فتعددت المنابر الإعلامية و أصبحت الآراء تصدح في الصحف و الجرائد و المجلات و القنوات و الاذاعات و حتى المواقع الإلكترونية، لكن رغم كل هذا لازال الجسم الصحفي المغربي يعاني عديد المشاكل أولها فهم و تمثل حرية الصحافة، فقد جعل منها كثيرون سببا خدمة مصالحهم و تمرير رسائلهم مقابل دريهمات لا تسمن ولا تغني من جوع أمام عزة و آنفة الصحفي الحر، ليصير الاسترزاق سمة تضرب عرض الحائط حرية الصحافة المغربية ، وما حدث في قضية الطفل ريان ابرز دليل حين تهافتت المنابر الإعلامية نحو خلق الحدث و الرفع من عدد المتابعين في مقابل اخبار زائفة و كلام لا أساس له من الصحة، و هذا بشهادة بلاغ للمجلس الوطني للصحافة.
واقع الصحافة المغربية من حيث الشكل يبدو سليما، لكن من حيث الممارسة لازالت هناك عديد العلل و الخروقات التي وجب الوقوف عندها و ضبط ممارستها من الدخلاء الذين لا ثقافة لهم و لا زاد أكاديمي ولا معرفي، و خدمة الكلمة الحرة و الخير اليقين عوض البحث عن خلق الحدث و المقابل المادي و لو على حساب هوية هذا الوطن و مبادئ الممارسة الصحفية.
فكل عام و الصحافة المغربية سائرة نحو الحرية.

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed