مع الحدث/ زكرياء حنان
دوار العمامرة، الواقع في منطقة أولاد صالح بالمغرب، يمثل نموذجًا صارخًا لصراع المجتمعات المحلية ضد التعديات السلطوية التي تهدد وجودها وهويتها. هذا الدوار، الذي يضم ساكنة محلية تعيش على أراضيها منذ عقود، يواجه اليوم خطر التشريد القسري وإفراغ المنازل تحت ذرائع مختلفة، تارة باسم “المصلحة العامة” وتارة أخرى تحت مبررات التخطيط العمراني أو التنمية.
الخلفية التاريخية والاجتماعية
دوار العمامرة، كغيره من الدواوير في المغرب، يعكس نمط الحياة التقليدية التي تعتمد على الزراعة وتربية المواشي. الساكنة هنا مرتبطة بالأرض ارتباطًا وثيقًا، حيث تشكل مصدر رزقهم وهويتهم الثقافية والاجتماعية. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه المناطق عرضة لضغوط التمدن والتوسع العمراني، مما أدى إلى تصادم مصالح الساكنة المحلية مع مخططات السلطات.
التطاول السلطوي وإفراغ الساكنة
في السنوات الأخيرة، تصاعدت حدة التوترات في دوار العمامرة بسبب محاولات السلطات المحلية إخلاء الساكنة من منازلهم وأراضيهم. تم تقديم هذه الإجراءات تحت مبررات مثل “تحسين البنية التحتية” أو “تنفيذ مشاريع تنموية”، ولكن في الواقع، يرى السكان أن هذه الإجراءات تهدف إلى إخلاء الأرض لصالح مشاريع عقارية أو استثمارات خارجية.
الساكنة، التي تعيش في منازل بنتها بأيديها وزرعت أراضيها لسنوات، وجدت نفسها فجأة أمام أوامر إخلاء دون تعويضات عادلة أو حلول بديلة مناسبة. العديد من العائلات تشتكي من أن السلطات لم تقدم لهم أي ضمانات لحقوقهم، بل تمارس عليهم ضغوطًا نفسية وقانونية لإجبارهم على المغادرة.
التشريد القسري وانعكاساته الاجتماعية
تشريد الساكنة من دوار العمامرة لا يقتصر فقط على فقدان المنازل والأراضي، بل يمتد ليشكل تهديدًا لهوية المجتمع المحلي وتماسكه الاجتماعي. العائلات التي تُجبر على المغادرة تفقد ليس فقط مصدر رزقها، ولكن أيضًا روابطها الاجتماعية والثقافية التي تربطها بالمنطقة. هذا التشريد يؤدي إلى تفكك الأسرة وزيادة الفقر والهشاشة الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفًا مثل كبار السن والأطفال.
ردود فعل الساكنة والمجتمع المدني
في مواجهة هذه الإجراءات، لم تبقَ ساكنة دوار العمامرة صامتة. فقد نظمت عدة احتجاجات ووقفات سلمية للمطالبة بحقوقها ووقف عمليات الإخلاء. كما انخرطت منظمات حقوقية وجمعيات مدنية في الدفاع عن قضية الساكنة، حيث تم تقديم شكاوى ونداءات إلى الجهات المعنية للمطالبة بوقف التعديات وضمان حقوق السكان.
المطالب والحلول الممكنة
لحل هذه الأزمة، يجب على السلطات أن تتبنى نهجًا أكثر شفافية وإنصافًا في تعاملها مع ساكنة دوار العمامرة. أولاً، يجب إجراء حوار جدي مع الساكنة لسماع مطالبهم وهمومهم. ثانيًا، يجب ضمان تعويضات عادلة ومناسبة لكل من يتأثر بعمليات الإخلاء، مع توفير بدائل سكنية لائقة. ثالثًا، يجب احترام حقوق الملكية التقليدية للسكان وعدم انتزاع أراضيهم دون مبررات قانونية واضحة.
وفي الاخير
قضية دوار العمامرة أولاد صالح ليست مجرد قضية محلية، بل هي نموذج لصراع أكبر بين المجتمعات المحلية والسلطات في العديد من المناطق بالمغرب. إن احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في السكن والأرض، يجب أن يكون في صلب أي سياسة تنموية. بدون ذلك، ستستمر معاناة الساكنة، وستتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الريفية.
Share this content:
Post Comment