Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الواجهة بلاغ سياسة قانون مجتمع

الإعتداء على موظف برتبة قائد… صفعة تربك ميزان القوة

هند بومديان

 

“الاعتداء على قائد بتمارة.. حين تتجرأ الفوضى على هيبة الدولة”

في مشهد صادم يكشف عن تراجع مقلق في احترام مؤسسات الدولة، تعرض قائد الملحقة الإدارية السابعة بتمارة لاعتداء داخل مكتبه وأمام أعين المواطنين، في تصرّف لا يمكن وصفه إلا بأنه تحدٍّ سافر للقانون وضرب لهيبة الدولة في الصميم. الواقعة أثارت موجة استنكار واسعة، وأسفرت عن إصدار النيابة العامة أمرًا باعتقال المعتدية وإحالتها على جلسة 26 مارس في حالة اعتقال، بتهمة إهانة موظف عمومي أثناء مزاولته لمهامه.

ما حدث في هذه الواقعة ليس مجرد تجاوز فردي، بل تطاول مباشر على سلطة الدولة، وفتح لباب الفوضى التي لا يمكن السكوت عنها. فمنذ متى أصبح الموظف العمومي، الذي يمثل الدولة ويسهر على تطبيق القانون، عرضة للضرب والإهانة أمام الجميع؟ هل أصبح العنف وسيلة مقبولة للتعبير عن الامتعاض أو الاعتراض؟

لا يمكن تبرير مثل هذه الأفعال بأي شكل من الأشكال، ومهما كانت الأسباب، فإن التعدي على رجل سلطة أثناء تأدية مهامه هو اعتداء على الدولة نفسها. إن دولة المؤسسات لا يمكن أن تسمح بأن تتحول الإدارات إلى ساحات صراع، حيث يحكم الأقوى ويفرض منطق العنف بدلًا من القانون.

إن إحالة المتهمة إلى المحكمة في حالة اعتقال هو إشارة واضحة على أن الدولة لن تتساهل مع من يحاول النيل من هيبتها. فرجال السلطة ليسوا معصومين من الخطأ، لكن هناك قنوات قانونية لمحاسبتهم في حال تجاوزوا صلاحياتهم، أما اللجوء إلى العنف فهو خيار الضعفاء والمتهورين، وهو أمر لن يُسمح بترسيخه كسلوك طبيعي داخل المجتمع.

إن احترام القانون هو الضمان الوحيد للحفاظ على الأمن والاستقرار، وأي محاولة لفرض منطق الفوضى يجب أن تواجه بالصرامة اللازمة، حتى لا نجد أنفسنا أمام واقع يُهان فيه ممثلو الدولة دون رادع، مما يؤدي إلى خلل خطير في التوازن الاجتماعي والسياسي.

حين يتجرأ مواطن على ضرب رجل سلطة، فهذه ليست مجرد حادثة معزولة، بل مؤشر على تنامي ثقافة التحدي للدولة وممثليها. اليوم قائد، وغدًا قاضٍ، وبعده شرطي.. إلى أين يمكن أن يصل هذا التسيّب إذا لم يتم التعامل معه بيد من حديد؟

إن الحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة ليس ترفًا أو خيارًا سياسيًا، بل ضرورة لضمان استمرار الاستقرار. فرجال السلطة هم واجهة الدولة، وإهانتهم تعني إهانة لكل ما تمثّله الدولة من سيادة وتنظيم وهيبة

على الجميع أن يدرك أن الدولة لن تقف متفرجة أمام هذه التجاوزات، وأن من يعتقد أنه قادر على فرض منطقه بالقوة والعنف، سيجد أمامه سلطة القانون، التي لا تفرّق بين ضعيف وقوي، ولا بين مواطن ومسؤول.

ما حدث في تمارة ليس حادثًا عابرًا، بل ناقوس خطر يستوجب اتخاذ إجراءات صارمة، حتى لا نصل إلى زمن يصبح فيه التطاول على ممثلي الدولة أمرًا عاديًا. الدولة قوية، والقانون سيظل فوق الجميع، ولن يسمح بترسيخ منطق الفوضى على حساب هيبتها.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي ثقافة و أراء مجتمع

حين تنقلب الموازين كفاءة بلا منصب و منصب بلا كفاءة

هند بومديان

 

“حين تنقلب الموازين:

  • كفاءة بلا منصب ومنصب بلا كفاءة”

في مجتمعات عديدة، نجد أنفسنا أمام معادلة مشوهة تفرض نفسها كواقع يومي: مسؤولون يفتقرون إلى الكفاءة، وموظفون يمتلكون شهادات عليا لكنهم محاصرون في زوايا التهميش. إنه انقلاب صارخ للمنطق، حيث يُختزل النجاح في العلاقات والولاءات، بينما توضع الكفاءة على هامش الاهتمام.

في الكثير من الإدارات والمؤسسات، لا يُصعد الأكفأ، بل من يمتلك الظهر الأقوى. يتخرج الآلاف من الجامعات حاملين شواهد علمية راقية، يملكون الحماس، المعرفة، والرغبة في التطوير، لكنهم يجدون أبواب الفرص مغلقة في وجوههم، بينما تُفتح على مصراعيها لأولئك الذين لم يبذلوا جهدًا في التعلم، لكنهم أجادوا فن المجاملات وتكوين العلاقات النافعة.

هذا الواقع لا يؤدي فقط إلى تدمير الطموح، بل يخلق بيئة عمل عقيمة، حيث يسود الإحباط وتذبل الكفاءات وسط جو من العشوائية والمحسوبية. عندما يكون القرار بيد شخص لا يملك الدراية، فإن النتائج تكون كارثية، ويصبح التسيير مجرد اجتهادات عشوائية تدفع ثمنها المؤسسات والمجتمعات ككل.

إن أكبر ما يهدد أي مجتمع هو إقصاء العقول المفكرة وإحلال الولاء محل الكفاءة. فالوظائف القيادية تحتاج إلى رؤية، خبرة، وقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة، وليس إلى أشخاص يتقنون فن الظهور في المناسبات والتصفيق لقراراتهم الخاطئة. عندما تصبح المناصب مكافآت تُوزّع لاختيارات شخصية، بدل أن تكون مسؤوليات تُسند لأصحابها المستحقين، فإننا نسير نحو هاوية من الفساد والتخلف.

حين يرى الشاب المتخرج بامتياز أن جهده لم يُؤتِ ثماره، بينما صعد غيره بلا تعب، فإنه يفقد الأمل في النظام كله. ماذا نقول لطفل يحلم بمستقبل مشرق حين يرى أن الطريق لا تمر عبر الاجتهاد، بل عبر العلاقات؟ كيف نُقنع شابًا بأن التعليم هو مفتاح النجاح إذا كان المفتاح الحقيقي بيد من لم يفتح كتابًا؟

ورغم قتامة الصورة، فإن الحلول ليست مستحيلة. المجتمعات التي تريد أن تنهض، لا بد أن تعيد الاعتبار للكفاءة، وأن تجعل الجدارة معيارًا أساسيًا للترقي في المناصب. المحاسبة، الشفافية، والعدالة المهنية هي الأعمدة التي يرتكز عليها أي نظام ناجح.

ربما يستغرق التغيير وقتًا، لكنه يبدأ بوعي الأفراد بحقوقهم، بخلق ثقافة عمل تحترم الكفاءات، وبالضغط نحو إصلاح الأنظمة التي تجعل من المنصب غنيمة بدل أن يكون مسؤولية. إلى ذلك الحين، سيبقى السؤال معلقًا: متى تعود الأمور إلى نصابها، ويجلس الكفء على كرسي القرار بدل أن يكون مجرد موظف ينجز ما لا يفهمه رئيسه؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة متفرقات نازل

معدات قديمة وحلول ترقيعية.. متى تنتهي معاناة سكان بوليكوما أولاد ابن عمر؟  

فيصل باغا

لا تزال معاناة سكان حي بوليكوما أولاد ابن عمر مستمرة، رغم مرور 10 سنوات على وعود إيجاد حل جذري لمشكلة الصرف الصحي، إلا أن الحلول المقدمة لا تتجاوز كونها ترقيعية، آخرها تزويد الحي بآليات قديمة وغير كافية، مما جعل السكان يفقدون الثقة في الجهات المسؤولة.

المشكل الحقيقي لا يكمن في تفريغ قنوات الصرف الصحي بشكل مؤقت، بل في غياب بنية تحتية حقيقية كان من المفترض إنجازها قبل السماح ببيع الشقق. المسؤولون الذين سمحوا ببيع عقارات دون توفير وادٍ حار يجب أن يحاسبوا وفق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا تتكرر مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.

السكان، الذين ضاقوا ذرعًا بالوعود المتكررة، يطالبون بتحقيق نزيه لمعرفة من سمح بهذا العبث، ومعاقبة المسؤولين، حتى يكونوا عبرة لمن يفكر في التلاعب بمصالح المواطنين، بدل الاكتفاء بحلول سطحية لا تفي بحل المشكل من جذوره.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

باشا سطات يقطع مع عشوائية توزيع قفة رمضان ويضع بصمته في التنمية الترابية

عماد وحيدال

شهدت مدينة سطات خلال شهر رمضان 1446 هـ تحولًا ملحوظًا في طريقة توزيع قفة رمضان، إذ انتقلت العملية من فوضى التوظيف السياسي والاستغلال الانتخابي إلى منهجية أكثر شفافية وتنظيمًا. فبعدما كانت القفف تُوزَّع في السابق عبر الأحزاب السياسية والجمعيات الموالية لها، بتدخل أعوان السلطة لاستمالة كتل انتخابية في الأحياء ذات الكثافة السكانية، جاءت هذه السنة ببصمة مغايرة تحت إشراف باشا سطات الجديد، هشام بومهراز، الذي أدار العملية وفق معايير الاستحقاق والهشاشة الاجتماعية، تنفيذًا لتوجيهات عامل الإقليم أبوزيد.

باشا سطات الشاب، الذي راكم خبرة واسعة في تدبير شؤون التنمية بعدد من جهات المملكة، حرص على أن تمر عملية التوزيع بسلاسة وانضباط، متابعًا شخصيًا مختلف مراحلها ميدانيًا وعبر الملحقات الإدارية الست بالمدينة. هذا النهج الصارم قطع الطريق أمام أي استغلال سياسي أو خروقات كانت تُمارَس سابقًا. وقد أشادت مصادر جمعوية وفاعلون في المجتمع المدني بهذه الدينامية الجديدة، معتبرين أن تعيين بومهراز مسؤولًا على قيادة مدينة بحجم سطات يعكس توجهًا نحو ترسيخ الحكامة الجيدة وتحقيق التنمية المتوازنة.

إلى جانب ضبطه لعملية توزيع المساعدات الرمضانية، بصم باشا سطات الجديد على تحولات تنموية بارزة، تمثلت في تنظيم المجال العام والتصدي لظاهرة الفراشة، دون المساس بأرزاقهم، عبر توفير بدائل لهم في أماكن مخصصة، ما ساهم في تحرير الملك العمومي من العشوائية التي استمرت لسنوات. هذا التوجه المتكامل يعكس رؤية استراتيجية واضحة تهدف إلى كسر الجمود الذي عانت منه المدينة، ودفعها نحو دينامية عمرانية وتنموية تواكب تطلعات ساكنتها.

 

نجاح باشا سطات في تدبير قفة رمضان بشكل منظم ونزيه، إلى جانب خطواته الجادة في إرساء نموذج تدبيري عصري، يبرز ملامح مرحلة جديدة في تاريخ تدبير الشأن المحلي بالمدينة. ومع استمرار هذا النهج، تبقى الآمال معلقة على مزيد من الأوراش التنموية التي تستثمر في مقومات سطات وترتقي بها نحو مصاف المدن الحديثة، بعيدًا عن العشوائية التي كبلت نموها لسنوات.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي مجتمع

العنف المؤسساتي… القيود الخفية التي تسحق الروح

هند بومديان

العنف المؤسساتي:
القيود الخفية التي تسحق الروح

 

العنف المؤسساتي هو ذلك القيد غير المرئي الذي يخنق الموظفين دون أن يترك كدمات ظاهرة، لكنه يترك أثرًا عميقًا في النفس. قد يكون في شكل استغلال وظيفي، حيث يُطلب من الموظف أداء مهام تفوق طاقته دون تعويض عادل، أو في صورة إدارة قمعية تفرض سلطتها بأسلوب يسحق الإبداع والحافز. أحيانًا يكون التنمر الوظيفي أكثر خبثًا، حيث يتم تهميش الفرد أو التقليل من شأنه بطريقة ممنهجة، تجعله يشعر بعدم الأهمية داخل المؤسسة.

عدم الأمان الوظيفي أحد أشكال هذا العنف، حين يصبح التهديد المستمر بالفصل أو التهميش سيفًا مسلطًا على رقاب الموظفين، مما يدفعهم للبقاء في حالة توتر دائم. بيئة العمل السامة التي تفتقد للعدالة والاحترام تُنتج مستوى عالٍ من الإجهاد المزمن، يؤدي بدوره إلى تآكل النفسية وتدهور الصحة العقلية والجسدية. مع مرور الوقت، تبدأ الأعراض في الظهور؛ القلق المزمن يصبح رفيقًا دائمًا، والاكتئاب يتسلل شيئًا فشيئًا حتى يفقد الموظف الحافز للعمل أو حتى للحياة. الإرهاق العاطفي والاستنزاف النفسي يصبحان واقعًا لا يمكن إنكاره، وينخفض تقدير الذات إلى مستويات خطيرة، حيث يبدأ الشخص في التشكيك في قيمته وكفاءته.

اضطرابات النوم تصبح جزءًا من المعاناة اليومية، والمشاكل الصحية الناتجة عن التوتر المزمن تبدأ في الظهور، من ارتفاع ضغط الدم إلى آلام العضلات واضطرابات الجهاز الهضمي. العنف المؤسساتي ليس مجرد ممارسات إدارية سيئة، بل هو آلة سحق تعمل بصمت، تحطم الروح قبل الجسد. لذلك، فإن إدراك المشكلة هو الخطوة الأولى لمواجهتها. الموظف يجب أن يحدد حدوده، وألا يسمح لأي سياسة أو شخص بتجاوز حقوقه أو التقليل من قيمته. التوثيق الدقيق لكل المواقف غير العادلة يمكن أن يكون درعًا يحميه، واللجوء إلى الجهات المختصة داخل المؤسسة قد يكون حلاً في بعض الحالات، رغم أن الكثير من الأنظمة لا تزال تغض الطرف عن هذا النوع من العنف.

إذا أصبح الوضع غير محتمل، فإن البحث عن بيئة صحية يكون الحل الأكثر منطقية، فالبقاء في مكان سامٍ ليس تضحية تستحق، بل استنزاف قاتل. الدعم النفسي ضروري في مثل هذه الحالات، سواء من الأصدقاء أو المختصين، لأن التراكمات التي يتركها العنف المؤسساتي قد تمتد لسنوات، حتى بعد الخروج من تلك البيئة السامة. الموظف ليس مجرد رقم في المؤسسة، وليس آلة تعمل بلا مشاعر، بل هو إنسان له كرامة وحقوق، ولا يجب أن يُسمح لأي نظام بأن يسلبه إياها تحت أي ظرف.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

رشيد نكاز في مراكش: زيارة سياحية أم مغامرة سياسية؟

حسيك يوسف

شهدت مدينة مراكش، مؤخرًا، حدثًا أثار جدلًا واسعًا بعد وصول الناشط السياسي الجزائري رشيد نكاز قادمًا من باريس. فبعد استقراره بالمدينة، قام ببث مباشر عبر منصاته الرقمية، تضمن تصريحات اعتبرها البعض مسيئة، مما استدعى تدخل السلطات المغربية التي وضعته أمام خيارين: التوقيع على التزام بعدم تكرار الفعل أو الترحيل الفوري.

هذه الواقعة فتحت نقاشًا حول طبيعة تحركات نكاز، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل، خاصة داخل الجزائر. فهل جاءت زيارته إلى المغرب في إطار سياحي محض، أم أن خلفها دوافع سياسية غير معلنة؟

يُذكر أن رشيد نكاز لطالما خاض معارك سياسية في بلاده، وكان أحد الأصوات المعارضة البارزة. وقد أثار توقيفه سابقًا في الجزائر، ثم الإفراج عنه في ظروف غير واضحة، تكهنات حول طبيعة دوره الحالي، وما إذا كان يتحرك وفق أجندة معينة.

المغرب، من جهته، تعامل مع الموقف بحذر وحكمة، متجنبًا أي تصعيد إعلامي أو سياسي، ومكتفيًا بالإجراء القانوني المناسب. هذه المقاربة تعكس نهجًا عقلانيًا في إدارة الأزمات، بعيدًا عن ردود الفعل الانفعالية.

وبينما يعود نكاز للتجول بحرية في شوارع مراكش، يبقى السؤال مطروحًا: هل كانت هذه الزيارة مجرد محطة سياحية عابرة، أم أن وراءها أهدافًا غير معلنة؟ الزمن وحده كفيل بالكشف عن التفاصيل.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء

مرآة الصمت.. تأملات في العزلة الجماعية: قراءة نقدية وفنية فلسفية

القراءة ل هند بومديان 

اللوحة للفنان التشكيلي العربي حميدي

في هذه اللوحة التي تحمل عنوان “Miroir du silence” (مرآة الصمت)، يقدم لنا الفنان Larbi Houmaidi تجربة بصرية غامضة وعميقة، حيث تتداخل الأشكال البشرية في فضاء ضبابي غير محدد، مما يخلق إحساسًا بالتأمل والعزلة الجماعية. اللوحة تبدو وكأنها انعكاس لواقع مشوش، حيث تذوب الحدود بين الذوات، فلا يمكننا تحديد من هم هؤلاء الأشخاص؟ هل هم أفراد منفصلون أم كيانات متداخلة ضمن كيان واحد؟

التحليل الفني

التكوين والألوان:

تعتمد اللوحة على ألوان دافئة تميل إلى الترابيات والبرتقالي والأصفر، مما يعكس شعورًا بالحنين والهدوء الداخلي. الخلفية تهيمن عليها نغمات بنية ضبابية، مما يعزز الإحساس بالبعد الزمني أو الطيفي للأشخاص المرسومين.

الملامح والتمويه:

اختار الفنان أن يرسم الشخصيات بأسلوب مجرد وضبابي، مما يطمس الملامح الفردية ويجعلها أقرب إلى ظلال أو ذكريات أكثر من كونها كيانات حقيقية. هذه التقنية تحرّك مخيلة المشاهد، إذ يجد نفسه مضطرًا لملء الفراغات، متسائلًا عن هوية هؤلاء الأشخاص وما يربطهم ببعضهم.

الحركة والصمت:

رغم أن الشخصيات تبدو ساكنة، إلا أن التوزيع الديناميكي للأشكال داخل اللوحة يوحي بوجود حوار صامت بينها. كأنها شخصيات سجينة داخل إطار زمني غير محسوس، تتحرك داخله ببطء، لكنها لا تجرؤ على كسر حاجز الصمت.

التحليل الفلسفي

الصمت كمرآة للذات:

اللوحة تدفعنا للتساؤل: هل الصمت مجرد غياب للكلام، أم أنه لغة بحد ذاته؟ الشخصيات هنا ليست في عزلة فردية، بل في عزلة جماعية، حيث يبدو أن كل فرد فيها غارق في تأملاته، رغم قربهم الجسدي من بعضهم البعض. هل نحن أمام مجتمع حديث فقد القدرة على التواصل الحقيقي؟

الهوية والذوبان:

الملامح غير الواضحة تطرح مسألة الهوية الفردية في عالم يتجه نحو التجريد والتشابه. هل يمكن للفرد أن يكون نفسه في بيئة تجبره على الذوبان في الجماعة؟ هذه الفكرة تتصل بالفلسفة الوجودية، حيث يطرح الفيلسوف جان بول سارتر فكرة أن “الجحيم هو الآخرون”، أي أن الفرد يجد نفسه محاصرًا داخل نظرة الآخرين له، مما قد يجعله يفقد ذاته الحقيقية.

الذاكرة والحنين:

اللوحة تحمل طابعًا يشبه الحلم أو الذكرى الباهتة، كما لو أن الشخصيات تمثل أطيافًا من الماضي أو تجسد لحظة من الزمن محكوم عليها بالبقاء في حالة من التكرار الأبدي. هذا يذكرنا بمفهوم الفيلسوف برغسون عن الزمن النفسي، حيث تكون الذكريات أكثر حضورًا في وعينا من الواقع المادي نفسه.

خلاصة:

لوحة “مرآة الصمت” ليست مجرد تمثيل بصري لمجموعة أشخاص، بل هي انعكاس عميق للحالة الإنسانية في عالم تتلاشى فيه الحدود بين الذات والآخر، حيث يصبح الصمت هو اللغة الوحيدة المشتركة. إنها دعوة للتأمل في علاقتنا بالصمت، بالذاكرة، وبالوجود نفسه.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

ألعاب متهالكة وغياب المرافق: خطر يهدد أطفال سيدي معروف أولاد حدو

بقلم فيصل باغا

تعاني منطقة سيدي معروف أولاد حدو، وتحديدًا حديقة حي النجاح، من إهمال واضح في المرافق الترفيهية والرياضية، ما يعرّض الأطفال لخطر حقيقي. فالألعاب المتواجدة في الساحات العامة أصبحت متهالكة وغير صالحة للاستخدام، مما يشكل تهديدًا لسلامة الأطفال الذين لا يجدون بديلاً عنها للعب واللهو.

المشكلة لا تقتصر فقط على الألعاب التالفة، بل تمتد إلى غياب المرافق الرياضية المناسبة، حيث تعاني ملاعب القرب والملاعب البلدية من الإهمال والتهميش، ما يحرم الشباب من مساحات آمنة لممارسة الرياضة. السكان يشتكون من غياب أي مبادرات لإصلاح الوضع، متسائلين عن دور المنتخبين والجهات المعنية في معالجة هذه القضايا الأساسية.

في ظل هذا الوضع، يطالب المواطنون السلطات المحلية باتخاذ إجراءات عاجلة، تشمل صيانة الألعاب الترفيهية، تأهيل الملاعب، وإطلاق مشاريع تنموية تعزز البنية التحتية للمنطقة. فهل ستتحرك الجهات المعنية لحماية أطفال وشباب سيدي معروف، أم أن هذا الإهمال سيستمر حتى وقوع كارثة لا تحمد عقباها؟

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

الواد أولاد مالك يشكل بيئة غير آمنة والتحدي الأكبر للسكان في المقرابة

فيصل باغا

يشهد واد أولاد مالك ببوسكورة تحديات بيئية وأمنية كبيرة تؤثر بشكل سلبي على حياة سكان المنطقة القاطنين بالقرب منه. يعتبر الواد بيئة غير آمنة بسبب ارتفاع منسوب المياه في فترات معينة من السنة، ما يهدد سلامة المنازل والمرافق. كما أن بعض المنازل تقع فوق الواد بشكل قد يشكل خطراً كبيراً على ساكنيها، خاصة في موسم الأمطار.

 

إن هذه المنطقة تعاني من غياب التدابير اللازمة لتفادي خطر الفيضانات، وهو ما يعرض السكان لخطر فقدان ممتلكاتهم وحياتهم في أي لحظة. العديد من المواطنين في المقرابة عبروا عن قلقهم المتزايد من الوضع الراهن، مطالبين بتدخل الجهات المعنية لبحث حلول عاجلة وآمنة لهذه المشكلة.

 

المشكلة تتفاقم مع كثافة البناء غير المخطط في بعض المناطق على ضفاف الواد، ما يضاعف من حدة المخاطر. إن التحدي الأكبر يكمن في ضرورة إيجاد حلول شاملة تضمن سلامة السكان وتحافظ على استقرار المنطقة.

 

يجب على السلطات المحلية اتخاذ إجراءات عاجلة، مثل بناء الحواجز المائية وتعزيز نظام الصرف الصحي، لضمان حماية حياة السكان والممتلكات. يتطلب الأمر أيضاً دراسة مستفيضة للمنطقة من أجل وضع خطة طويلة الأمد لحماية الوادي وتهدئة المخاطر المتزايدة على السكان القاطنين في هذه المنطقة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

الابتزاز الإلكتروني…جريمة في الظل وضحية تحت المقصلة

هند بومديان

في عصرٍ أصبح فيه العالم قرية صغيرة، تحولت التقنية من أداة تسهّل الحياة إلى سيف ذي حدين، يحمل في طياته فرصًا لا متناهية، لكنه يخفي أيضًا كوابيس مرعبة لضحاياه. التهكير الإلكتروني، الذي بدأ كوسيلة لاختبار أنظمة الأمان، تحول إلى سلاح في يد المبتزين الذين لا يتورعون عن استغلال ثغرات الأفراد لنهبهم نفسيًا، ماديًا، واجتماعيًا.

يدخل الضحية إلى شبكة الإنترنت بأمان زائف، يحمّل ملفًا مشبوهًا، أو يثق برسالة خادعة، ليجد نفسه فجأة أمام مأساة غير متوقعة. بياناته، صوره، أو حتى حياته الرقمية بأكملها أصبحت في قبضة شخص مجهول. تبدأ التهديدات، ويُفتح باب الابتزاز، حيث يُطلب المال أو تُفرض شروط تحكم على الضحية بالصمت والخضوع.

لكن المشكلة لا تتوقف عند المبتز فقط، بل تتفاقم حين تتسلل إلى نظرة المجتمع، الذي كثيرًا ما يكون القاضي قبل أن يكون المدافع، محملًا الضحية جزءًا من المسؤولية، وكأنها شريكة في جرم لم ترتكبه.

حين يقع الشخص ضحية للتهكير، يكون أمام طريقين أحلاهما مر. إما الرضوخ والعيش في دوامة الذل والخوف، أو المواجهة التي قد تجر وراءها العار الاجتماعي. والمشكلة الأكبر أن النساء في مجتمعات كثيرة يدفعن الثمن الأغلى، حيث تحوّل المأساة من جريمة إلكترونية إلى حكم أخلاقي يضع الضحية تحت مقصلة اللوم أكثر من المجرم نفسه.

العديد ممن تعرضوا للابتزاز الرقمي اختاروا الصمت خوفًا من الفضيحة، مما منح المبتزين مساحة أوسع لجرائمهم. هؤلاء المجرمون يراهنون على الخوف، ويعرفون أن المجتمع لن يسأل كيف سُرقت البيانات، بل سيتساءل لماذا كانت موجودة أصلًا.

رغم وجود قوانين تجرّم الابتزاز الإلكتروني، إلا أن الضحايا غالبًا ما يواجهون عراقيل كثيرة عند التبليغ، من بيروقراطية الأجهزة الأمنية، إلى ضعف الدعم النفسي والقانوني، مما يجعل الكثيرين يفضلون الصمت. وحتى حين يتحرك القانون، يظل الخوف من نظرة المجتمع عقبة يصعب تجاوزها.

الحل يبدأ بخلق وعي مجتمعي حقيقي، حيث يجب أن يُنظر إلى الضحايا كأشخاص تعرضوا لجريمة، وليس كأفراد يستحقون اللوم. تقوية القوانين، وتسهيل آليات الإبلاغ، وتوفير دعم نفسي وقانوني مجاني للضحايا، كلها خطوات ضرورية لإيقاف نزيف هذه الجريمة.

في النهاية، التهكير والابتزاز الإلكتروني ليسا مجرد مشكلات رقمية، بل هما انعكاس لنظام اجتماعي قائم على الخوف، حيث يُعاقب الضحية قبل الجاني. وحتى يتحقق التغيير، سيبقى الكثيرون رهائن في سجون غير مرئية، محكومين بالخوف والصمت.