Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة قانون

مشروع قانون المسطرة الجنائية وآفة المساطر المرجعية

ذ/ يوسف عبد القاوي
محام عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء.

إن موضوع الإثبات في المادة الجنائية يعنى بوجود الجريمة في حد ذاتها ومدى توفر أركانها، وفي هذا السياق تنهل التشريعات من نظريتين وهما: “نظرية حرية الإثبات” و”نظرية الإثبات المقيد”، ويعتبر القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية المؤرخ في 3 أكتوبر 2002 من بين القوانين المكرسة مبدئيا لنظرية حرية الإثبات، من خلال المادة 286 من ق.م.ج التي تنص على أنه: “يمكن إثبات الجرائم بأي وسيلة من وسائل الإثبات، ما عدا في الأحوال التي يقضي القانون فيها بخلاف ذلك، ويحكم القاضي حسب اقتناعه الصميم ويجب أن يتضمن المقرر ما يبرر اقتناع القاضي وفقا للبند 8 من المادة 365 الآتية بعده.
إذا ارتأت المحكمة أن الإثبات غير قائم صرحت بعدم إدانة المتهم وحكمت ببراءته”.

ويلاحظ من خلال أحكام الفصل المذكور أن المشرع ربط مبدأ حرية الإثبات بمبدأ آخر لا يقل عنه أهمية في المادة الجنائية وهو مبدأ “قناعة القاضي” الذي أقر كضمانة لعدم التعسف والإفراط في حرية الإثبات، فالقاضي الزجري هو الضامن للمحافظة على التوازن بين مصلحة المجتمع وحقوق المشتبه فيه.

ويقتضي مبدأ “القناعة الشخصية” للقاضي أن يكون للقاضي سلطة تقديرية كاملة في تقييم كل دليل على حدا فيأخذ من الأدلة ما تتكون به قناعته ويطرح جانبا ما لا تطمئن إليه.

إن القانون منح القاضي في المسائل الجنائية سلطة واسعة وحرية كبيرة في سبيل تقصي ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها وفتح له باب الإثبات على مصراعيه يختار من كل طرقه ما يؤدي به إلى الكشف عن الحقيقة وله حرية كبيرة في تقييم ما يعرض عليه منها، همه الوحيد هو الحقيقة ينشدها ولا رقيب عليه في ذلك غير ضميره وحده.

وعلاقة بالنقاشات الدائرة حول تعديل قانون المسطرة الجنائية، لا شك أن أي تعديل لهذا القانون لا يستحضر ضرورة معالجة آفة “المساطر المرجعية” وهي تسمية إدارية ل”شهادة متهم على آخر” والتي تتعلق ببحث أو اعتراف أو تصريح أو بإدانة متهم ذكر متهم آخر أنه شريكه فيؤتى به للبحث والتحقيق والمحاكمة على أساس تصريحاته، والتي للأسف تحولت إلى أصل عوض أن تشكل استثناء، وحلت محل التلبس أو كادت، وأصبحت تعتمد كوسيلة إثبات رغم كونها غير منظمة قانونا، ورغم كونها تشكل خطرا على الحرية وتمس بقرينة البراءة، وتفتح باب التعسف، أقول أن أي تعديل لهذا القانون، سيكون منعدم الجدوى وبغير إضافة لحماية الحقوق والحريات.

إنها مساطر لا أصل ولا فصل ولا فرع لها، فهي غير مؤسسة على أي مادة من القانون، ولا على عمل قضائي ثابت ومستقر لمحكمة النقض، فلا هي مؤهلة لحماية الحقوق، ولا ضامنة لصيانة الحريات، ولا مراعية للأمن القانوني والأمن القضائي ولا تمت إلى التطبيق العادل للقانون، إنما هي عنوان حيف الممارسة القضائية، والتطبيق غير العادل للقانون.

إن هذه الممارسة، غير السوية، تجعل من المتهم المرجعي طرفا وخصما وحكما، فإليه يرجع توجيه الاتهام، فحتى الشاهد يملك القاضي حق تقييم شهادته ووزنها بميزان الحق والعدل، بل ويملك حق تجريحه، أما المتهم المعترف على غيره، فلا تملك حق رد تصريحه، ولا حق تجريحه، بالرغم من أن اعترافه على نفسه لا يمكن أن يسري قانونا وفقها وقضاء على غيره، لأن الاعتراف حجة قاصرة غير متعدية.

إن محكمة النقض سبق وأن اعتبرت غير ما مرة أن “أقوال متهم ضد آخر” تعد مجرد تصريح لا يرقى إلى درجة الدليل الجنائي ودعت القضاة إلى استعمال سلطتهم التقديرية في اعتماد “تصريح متهم ضد آخر”، عبر إخضاعها للتعليل والاستعمال العقلاني لوسائل الاثبات، وبتعاضد الأدلة، وتحري صدقها ويقينيتها، والابتعاد عما يبطلها من نية الكيد والانتقام، وليس للأهواء والرغبات، وفقا للمستقر عليه من عمل محكمة النقض.

الحقيقة أن هذه قرارات محكمة النقض على أهميتها لم تقطع مع المساطر المرجعية نهائيا وإنما يمكن القول أنها غيرت وفرملت بعض الممارسات المرتبطة بالعمل القضائي لقضاة النيابة العامة أو التحقيق أو الحكم، الذين أصبحوا حذرين في الاستناد إليها، لأنها أصبحت وحدها غير كافية لترتيب الآثار القانونية مالم تدعم بوسائل إثبات أخرى كوثائق مكتوبة أو اعترافات أو قرائن أو شهادات الشهود أو تقارير الخبراء أو معاينات، وبالتالي صار هاجس احترام قرينة البراءة حاضرا في الممارسة القضائية، لكن بالمقابل لازال هناك عملا قضائيا آخرا، يتحفظ على استعمال أي سلطة في تقدير هذه المساطر ويتعامل معها بقدسية تهدم حقوق وحريات أبرياء.

إن مبادرة المشرع من خلال مشروع القانون رقم 03.23، إلى تغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية ومن خلالها تنظيم وتقنين المساطر المرجعية من خلال العمل على تقوية دور القضاء في مراقبة وتقييم وسائل الإثبات، عبر إلزام القاضي بتضمين ما يبرر اقتناعه ضمن حيثيات الحكم الذي يصدره، أو من خلال عدم جواز أن تبني المحكمة قناعتها بالإدانة على “تصريحات متهم ضد متهم آخر” إلا إذا كانت معززة بقرائن قوية ومنسجمة، وتتلقى المحكمة في هذه الحالة هذه التصريحات دون أداء اليمين القانونية، توجه يعكس وعيا عميقا وحرصا حقيقيا على فرملة أي توجه نحو الاعتماد الآلي ل”تصريحات متهم على آخر” كوسيلة إثبات، خاصة بعد دسترة مبدأ قريبة البراءة من خلال مقتضيات المادة 119 من دستور 2011، التي نصت على أنه: “يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة بريئا، إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي، مكتسب لقوة الشيء المقضي به” وبعد تراكم عمل قضائي جريء سواء لمحكمة النقض أو محاكم الاستئناف الذي استقر على أن “شهادة ضنين على ضنين” أو “متهم على متهم” لا تنهض دليلا كافيا للقول بالإدانة، فافتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها، أصلان كفلهما الدستور، فلا يجوز أن تأتي المحاكم عملا يخل بهما.
ولا شك أن المساطر المرجعية الرائجة بكثرة أمام المحاكم في الحقيقة تعد أكبر إشكال قانوني يتوجب التعاطي معه والبحث له عن حلول تنسجم والمقتضيات الجديدة والمتقدمة لدستور المملكة إذ لا يستقيم القول بالإدانة استنادا إلى تصريحات ضنين في مواجهة ضنين دون أن تكون تلك التصريحات معززة بأدلة وقرائن قوية حماية للحرية.
والقرائن القضائية أداة يعتمدها القاضي لتكوين استنتاجات من الوقائع المتاحة أمامه بناء على تقديره الشخصي، وللقاضي استنباط كل قرينة منها من ظروف النازلة وتقدير مدى دلالتها فيها.
والتعديل المرتقب حتما ما هو إلى تضمين وتقين لمجموعة من القواعد التي كرسها العمل القضائي، فقد سبق وأن صدرت قرارات كثيرة كلها تقيد وتفرمل أي توجه للاعتماد الآلي لتصريحات متهم على آخر كوسيلة إثبات للقول بالإدانة، وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض:
“… لا يجوز للمحكمة أن تبني قناعتها بالإدانة على تصريحات متهم ضد متهم آخر إلا إذا كانت معززة بقرائن قوية ومنسجمة وتتلقى المحكمة هذه التصريحات دون أداء اليمين القانونية…”.
في قرار صريح أكدت محكمة النقض أن “… شهادة متهم على آخر يرجع إلى السلطة التقديرية لقضاة الموضوع الذين لهم كامل الصلاحية في الأخذ بها أو استبعادها، وعليه تكون المحكمة لما ارتأت عدم الأخذ بشهادة الظنين خاصة وأنه تراجع عما صرح به تمهيديا قد استعملت سلطتها التقديرية”.
قرار عدد 2281/4، ملف جنحي عدد 97/27959، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 55، ص. 368.
وفي قرار آخر: “شهادة متهم على متهم لا تجوز ولا ترقى إلى درجة الشهادة لعدم تطبيق مقتضيات المادتين 122 و123 من ق.م.ج وأن عدم وجود أدلة أخرى تعزز هذه التصريحات يجعل القرار المطعون فيه على غير أساس وخالف مقتضيات المادة 290 من ق.م.ج، الأمر الذي يعرضه للنقض والإبطال”.
قرار عدد 2403/3، صادر بتاريخ 05/11/2028، في الملف جنحي عدد 5084/6/3/2007.
“أن الطاعن أنكر في المحضر ولا يوجد بالملف ما يؤكد التهمة المنسوبة إليه ما عدا تصريحات المتهم الأول والتي تدخل في باب شهادة متهم على متهم وهي لا تجوز مما يبقى معه القرار عرضة للنقض”.
القرار عدد 639/3، المؤرخ في 28/02/2001، في الملف جنحي عدد 14178/2000.
ومن زاوية أخرى فإنه إذا كان دليل الإدانة الوحيد هو مجرد “شهادة متهم” فهذا يعني أن الشك هو سيد الموقف وبالتالي وعملا بقاعدة “الشك يفسر لمصلحة المتهم” على المحكمة ألا تقضي بثبوت الإدانة وإنما تقضي بالبراءة لأن عدم كفاية الأدلة يؤدي حتما إلى تسرب الشك إلى وجدان القاضي، فـ”شهادة متهم على متهم” التي لا يعززها أي دليل آخر تبقى ضعيفة ولا يمكن الارتكان أو الاستناد إليها للقول بالإدانة، وقاعدة “الشك يفسر لصالح المتهم” هي نتيجة طبيعية لقرينة البراءة يستفيد منها المتهم تعني بالضرورة أن النقص في قيام الدليل على عناصر الجريمة يؤدي حتما إلى الحكم بالبراءة.
فإن حصل شك للمحكمة في تقدير قيمة الأدلة أو شك في ثبوت التهمة فإنها تركن إلى تطبيق المبدأ الأصلي وهو “قرينة البراء” وهو مبدأ يلتقي مع قاعدة من قواعد القانون وهي أن “اليقين لا يزول إلا باليقين، أو كما يقال: “الدليل إذا تطرقه احتمال سقط به الاستدلال”.
إن “شهادة متهم على آخر” دليل أوهن من بيت العنكبوت، تحيط به الكثير من الشكوك، وضعيف لا يكفي، وغير مقبول لترجيح الإدانة على البراءة، فهي الأصل في الإنسان لا يمكن نفيه إلا بحجة قاطعة لا يرقى إليها الشك أو الافتراض، وبالتالي فإن المشرع، من خلال مشروع القانون رقم 03.23، الرامي إلى تغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، قد أحسن صنعا باعتزامه تقينين وضبط العمل القضائي بخصوص هذه الآفة لمزيد من الحماية للحقوق والحريات، ومزيد من التكريس لدولة الحق والقانون.

Categories
أخبار امنية قانون مجتمع

تنغير .. 29 سيارة ميدانية جديدة و375 عنصراً من الحرس الإقليمي

محمد اوراغ 

ترأس السيد عامل إقليم تنغير، صباح اليوم الجمعة 11 أبريل، مراسيم رسمية لتسليم مفاتيح 29 سيارة ميدانية مجهزة بأحدث التقنيات لفائدة وحدات القوات المساعدة، وذلك بحضور وفد أمني رفيع المستوى من المفتشية العامة للقوات المساعدة – المنطقة الجنوبية.

وقد شهدت هذه المراسيم حضور ممثلي مختلف المصالح الأمنية، إلى جانب رجال السلطة، من سادة باشوات ورؤساء الدوائر والقياد، تنغير .. 29 سيارة ميدانية جديدة و375 عنصراً من الحرس الإقليمي إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتنغير.
الوفد الأمني للقوات المساعدة تألف من عقيدين عن المفتشية العامة للقوات المساعدة بالمنطقة الجنوبية، ما يعكس أهمية هذا الحدث على الصعيد الأمني والتنظيمي.

وعلى هامش هذه المراسيم، ترأس السيد العامل اجتماعاً رسمياً نُظم على شرف الوفد الزائر، تم خلاله تقديم عرض مفصل حول المخطط التنظيمي لجهاز القوات المساعدة، مع إبراز الدور الحيوي الذي تضطلع به هذه القوات في تعزيز الأمن والحفاظ على النظام العام، وذلك بتنسيق محكم مع السلطات المحلية والترابية. كما تم التأكيد على أهمية التنسيق القائم بين النيابة العامة ورجال السلطة، بصفتهم ضباط الشرطة القضائية، وكذا على الدور الفعال للحرس الإقليمي في التدخلات الميدانية لضمان الأمن والاستقرار بمختلف الوحدات الترابية.

عقب هذا الاجتماع، توجه الحضور إلى الساحة الكبرى لعمالة الإقليم، حيث أشرف السيد العامل شخصياً على مراسيم تسليم المفاتيح إلى السادة القياد، بحضور رؤساء وحدات الحرس الإقليمي لكل وحدة ترابية. وقد تم تسليم 29 سيارة أمنية جديدة مجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية لضمان فعالية أكبر في الميدان.

ويُذكر أن هذا الدعم الأمني شمل أيضاً تعزيز الموارد البشرية عبر تعبئة 375 عنصراً إضافياً من أفراد القوات الإقليمية، إلى جانب توفير 114 جهاز اتصال لاسلكي من الجيل الجديد نتعدد الاستخدامات، ما يُجسد التزاماً واضحاً بتقوية البنية الأمنية للإقليم ورفع جاهزيتها.

وتأتي هذه التعزيزات الأمنية تماشياً مع الدينامية التي يشهدها إقليم تنغير، خاصة في ظل الاستعداد لتنظيم عدد من التظاهرات الكبرى، وعلى رأسها مهرجان المضايق المزمع تنظيمه من 2 إلى 4 ماي، يليه المعرض الدولي للورد العطري الذي سينعقد بين 5 و8 ماي. وتُشكل هذه المناسبات الثقافية والسياحية محطات بارزة تستدعي تعبئة شاملة لضمان أمنها ونجاحها، مما يُبرز أهمية هذه الخطوة الاستباقية في تعزيز المنظومة الأمنية بالإقليم.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات قانون

إدانة رئيس جماعة كلميم: 5 سنوات سجناً نافذاً في قضية الاختلاسات المالية

عبد الجبار الحرشي

أصدر القضاء أخيرًا حكمه في ملف الاختلاسات المالية بجماعة كلميم، الذي شمل عدداً من الأفراد، من بينهم رئيس الجماعة ح.ط، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعدد من المنتخبين والموظفين بالجماعة. بعد 12 سنة من التحقيقات، استنادًا إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات، قررت غرفة الجنايات الابتدائية بقسم جرائم الأموال بمراكش إدانة الطالبي ومن معه، بالحكم عليه بالسجن خمس سنوات نافذة.

هذه القضية التي أثارت جدلاً كبيرًا في المنطقة، كانت قد شغلت الرأي العام المحلي والوطني طوال فترة التحقيقات، خاصة مع ما كشفت عنه من تجاوزات مالية خطيرة في تسيير المال العام. يُعتبر هذا الحكم خطوة هامة في تعزيز مبدأ المساءلة والشفافية في إدارة الشأن العام، ويُظهر الإرادة الحازمة للقضاء في محاربة الفساد المالي واسترجاع حقوق المواطنين.

يظل هذا الحكم رسالة قوية لجميع المسؤولين بضرورة الالتزام بالقانون والعمل بمسؤولية ونزاهة في إطار خدمة المصلحة العامة.

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي إقتصاد الواجهة ثقافة و أراء سياسة قانون مجتمع

شبكات التهرب الضريبي.. امبراطوريات المال خارج القانون

“شبكات التهرب الضريبي.. امبراطوريات المال خارج القانون”

هند بومديان

 

 

في عالم الاقتصاد، لا تسير كل الأمور وفق القواعد. خلف الأرقام الرسمية والتقارير المالية، تنشط شبكات سرية تُدير اقتصادًا خفيًا يُحرم الدولة من مواردها الأساسية. التهرب الضريبي لم يعد مجرد تصرف فردي أو تحايل بسيط، بل أصبح منظومة متكاملة تحركها لوبيات قوية، تُراكم الثروات على حساب المصلحة العامة.

هذه الشبكات تعمل بطرق ملتوية، من تزوير الحسابات المالية إلى إنشاء شركات وهمية، ومن إخفاء الأرباح إلى التلاعب بالفواتير. النتيجة واحدة: مليارات تُسرق من خزينة الدولة سنويًا، ما يؤدي إلى نقص التمويل في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.

المنافسة العادلة هي الضحية الأولى لهذه الظاهرة، حيث تجد الشركات القانونية نفسها عاجزة عن مجاراة منافسين يحققون أرباحًا طائلة دون دفع المستحقات الضريبية. في الوقت نفسه، يتحمل المواطن العادي العبء الأكبر، إذ يتم تعويض العجز عبر رفع الضرائب على الفئات الملتزمة بالقانون.

ما يجعل هذه الشبكات أكثر خطورة هو نفوذها الذي يتجاوز عالم المال إلى مراكز القرار، حيث تسعى للتأثير على القوانين والسياسات لضمان استمرار مصالحها. محاربتها تتطلب إجراءات حازمة تشمل تعزيز الرقابة المالية، وتشديد العقوبات، وكشف المتورطين في هذه الجرائم الاقتصادية.

بدون مواجهة حقيقية، سيظل الاقتصاد الرسمي رهينة لهذه الامبراطوريات المالية التي ترفض الامتثال للقانون، مما يهدد استقرار البلاد ويُعمق الفجوة بين الفئات الاجتماعية. الحرب على التهرب الضريبي ليست مجرد قضية مالية، بل معركة من أجل العدالة الاقتصادية ومستقبل الوطن.

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية الصحة الواجهة حوادث قانون مجتمع

أجنة في القمامة

هند بومديان

أجنة في القمامة.. جريمة مجتمع يُغلق الأبواب ويفتح المآسي. 

 

في كل مرة يُعثر فيها على جثة جنين في حاوية للقمامة أو في زاوية مظلمة، تهتز المشاعر بين غضب، اشمئزاز، وحزن. لكنه حزن مؤقت، سرعان ما يُنسى ليعود المشهد من جديد، وكأن المجتمع لم يتعلم شيئًا، وكأن الضحايا مجرد أرقام في سجلات الفضائح المخفية. إنها جريمة تتكرر، ليست فقط بحق الأجنة الذين يُسلبون حق الحياة، ولكن بحق الأمهات اللواتي يجدن أنفسهن بين المطرقة والسندان، وبحق مجتمعٍ يدّعي الفضيلة لكنه يغرق في النفاق.

عندما يصبح الحمل لعنة

الولادة بلا زواج ليست ظاهرة حديثة، لكنها أصبحت أكثر وضوحًا مع التحولات الاجتماعية، والانفتاح غير المتوازن، والازدواجية في المعايير الأخلاقية. فتاة تُغرَّر بها، أو تقع في الحب، أو حتى تُستغل، لتجد نفسها أمام واقع قاسٍ لا يرحمها، ولا يمنحها أي فرصة للخلاص. الأسرة تتبرأ، القانون يُدين، والناس ينهشون سمعتها، بينما الطرف الآخر، الرجل، ينجو في الغالب بلا محاسبة، كأن الجنين نبت من العدم.

الجنين بين الحياة والموت.. والمجتمع بين القسوة والنفاق

في مجتمع يرفض الإجهاض ويجرّمه، ويرفض الاعتراف بالأطفال خارج الزواج، ويرفض احتضان الأمهات العازبات، أين يمكن أن تذهب فتاة وجدت نفسها حاملًا دون سند؟ بين خيار الإجهاض السري الذي قد يودي بحياتها، أو الولادة في السر مع احتمال قتل المولود، أو التخلي عنه في أقسى الظروف، تجد نفسها في مأزق لا حل له. هنا، يُلقى الجنين في القمامة، ليس كفعل وحشي فقط، بل كرسالة يائسة لمجتمع صنع هذه المأساة ثم أدار ظهره.

من الجاني الحقيقي؟

الفتاة التي خضعت للضعف؟ الشاب الذي تنصل من المسؤولية؟ الأسرة التي نبذتها؟ المجتمع الذي يوزع الأحكام بلا رحمة؟ أم القانون الذي يغلق كل أبواب النجاة؟ الحقيقة أن الكل مذنب، ولكن الأكثر جرمًا هو النظام الأخلاقي والاجتماعي الذي يصرّ على دفن رأسه في الرمال، بدلًا من مواجهة المشكلة بحلول واقعية وإنسانية.

هل من مخرج؟

الحلول ليست في مزيد من القوانين الزجرية، بل في بناء منظومة أكثر عدالة، تتعامل مع الواقع بدلًا من الإنكار. توفير توعية حقيقية عن المسؤولية الجنسية، دعم الأمهات العازبات بدلًا من معاقبتهن، تقنين الإجهاض في حالات الضرورة، وإنشاء دور رعاية حقيقية للأطفال المتخلى عنهم، كلها خطوات ضرورية.

ليظل رمي الأجنة في القمامة ليس مجرد جريمة قتل، إنه انعكاس لحالة مجتمع مأزوم، لا يعرف كيف يتعامل مع أخطائه، فيدفنها في العتمة. لكنه، مهما حاول، لا يستطيع أن يمنع رائحة الموت من التسرب، ولا يمكنه الهروب من حقيقة أن الحل ليس في العقاب، بل في إصلاح جذور المشكلة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة طالع قانون

محاكمة المتهمة بصفع قائد بتمارة: أسئلة مشروعة حول شهادة العجز وتطبيق القانون

حسيك يوسف

بعد انعقاد أولى جلسات محاكمة المتهمين الأربعة في قضية صفع قائد الملحقة الإدارية السابعة بتمارة، قررت المحكمة الابتدائية تأجيل الجلسة إلى الثالث من أبريل المقبل. وقد أثارت هذه القضية جدلًا واسعًا في الرأي العام، خصوصًا بعد ظهور مقاطع فيديو توثق الواقعة، وتقديم المسؤول الترابي شهادة طبية تثبت عجزًا لمدة 30 يومًا.

شهادة العجز: تساؤلات حول المدة والتأثير القانوني

أثارت شهادة العجز الممنوحة للقائد العديد من التساؤلات حول المعايير الطبية المعتمدة لتحديد مدة العجز، خاصة أن الواقعة تتعلق بصفعة من طرف المتهمة ش.ب فتاة، التي أقرت خلال التحقيق بأنها قامت بضرب القائد مرتين على وجهه بعد محاولته انتزاع هاتفها أثناء تصويرها للشجار. ويطرح البعض تساؤلًا مشروعًا حول ما إذا كانت هذه المدة الطويلة تهدف إلى التأثير على التكييف القانوني للقضية، حيث إن العجز الذي يتجاوز 21 يومًا قد يؤدي إلى تشديد العقوبة وفقًا للقانون المغربي.

تصوير الواقعة ونشر الفيديو: بين التوثيق والمسؤولية القانونية

أثارت مسألة تصوير الواقعة ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي جدلًا قانونيًا أيضًا، حيث أن القانون المغربي يفرض قيودًا على التصوير غير المصرح به للأشخاص في أماكن عامة. وفي هذا السياق، يطرح تساؤل حول ما إذا كان سيتم متابعة من قام بالتصوير والنشر بنفس النهج الذي يتم التعامل به مع المتهمة الرئيسية في القضية.

العدالة وتوازن تطبيق القانون

في ظل هذا الجدل، يطالب العديد من المتابعين للقضية بتحقيق العدالة وفق مبادئ دولة القانون، دون انتقائية أو انحياز. فكما يتم التعامل بصرامة مع المتهمة بصفع القائد، يجب أيضًا النظر في قضايا أخرى تتعلق بالعنف، مثل قضية التلميذ الذي تعرض لتعنيف تسبب له في عاهة مستديمة، حيث تمت إدانة القائد المعني بشهرين موقوفي التنفيذ.

يبقى احترام السلطة المحلية والأمنية واجبًا، لكن يجب أن يكون ذلك في إطار قانوني يضمن المساواة في المحاسبة وعدم توظيف شهادات العجز أو الإجراءات القانونية للتأثير على مسار القضايا. فدولة القانون تعني تحقيق العدالة لجميع المواطنين، بغض النظر عن مواقعهم أو مناصبهم.

Categories
أخبار 24 ساعة قانون

المدرسة هي المجتمع: وجب إعادة الاعتبار للمدرسة المغربية اليوم وليس الغد.

تفاعلا مع الشريط الموثق الذي يوثق قيام سيدة بصفع قائد أثناء مزاولة عمله، ربما حدث متوقع لماذا…؟ الجميع يعلم كم من أطر إدارية و تربوية ضربت وسالت دماؤها وتكررت مرات كثيرة في أزمنة و أمكنة عديدة، وليس في المجال التربوي فقط وأيضا في المجال الصحي و في مجالات أخرى وذلك ما توثقه وسائل التواصل الاجتماعي في كثير من الأحداث و الوقائع المؤلمة، كما أصبحت الظاهرة مباحة و عادية مألوفة واليوم ينتقل العنف ويتطور ليصل إلى رجال السلطة و الأمن… يجب إعادة النظر في السياسات التربوية التعليمية و المناهج الدراسية وإعادة النظر في المقاربات التأديبية والزجرية منها للردع فالمدرسة هي المجتمع إن صلحت صلح المجتمع و العكس… مذكرات البستنة و سياسة العفو والتنازل من أسباب تشجيع التطاول على المؤسسات و الأشخاص وإفساد الأخلاق و تمييع المجتمع، يجب إعادة الاعتبار للمدرسة لتلعب دورها الأساسي في التربية على الأخلاق وقيم المواطنة ناقوس الخطر قد دق فهل من عاقل و رادع…

الأستاذ : بدر الدين الونسعيدي تارجيست

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الواجهة بلاغ سياسة قانون مجتمع

الإعتداء على موظف برتبة قائد… صفعة تربك ميزان القوة

هند بومديان

 

“الاعتداء على قائد بتمارة.. حين تتجرأ الفوضى على هيبة الدولة”

في مشهد صادم يكشف عن تراجع مقلق في احترام مؤسسات الدولة، تعرض قائد الملحقة الإدارية السابعة بتمارة لاعتداء داخل مكتبه وأمام أعين المواطنين، في تصرّف لا يمكن وصفه إلا بأنه تحدٍّ سافر للقانون وضرب لهيبة الدولة في الصميم. الواقعة أثارت موجة استنكار واسعة، وأسفرت عن إصدار النيابة العامة أمرًا باعتقال المعتدية وإحالتها على جلسة 26 مارس في حالة اعتقال، بتهمة إهانة موظف عمومي أثناء مزاولته لمهامه.

ما حدث في هذه الواقعة ليس مجرد تجاوز فردي، بل تطاول مباشر على سلطة الدولة، وفتح لباب الفوضى التي لا يمكن السكوت عنها. فمنذ متى أصبح الموظف العمومي، الذي يمثل الدولة ويسهر على تطبيق القانون، عرضة للضرب والإهانة أمام الجميع؟ هل أصبح العنف وسيلة مقبولة للتعبير عن الامتعاض أو الاعتراض؟

لا يمكن تبرير مثل هذه الأفعال بأي شكل من الأشكال، ومهما كانت الأسباب، فإن التعدي على رجل سلطة أثناء تأدية مهامه هو اعتداء على الدولة نفسها. إن دولة المؤسسات لا يمكن أن تسمح بأن تتحول الإدارات إلى ساحات صراع، حيث يحكم الأقوى ويفرض منطق العنف بدلًا من القانون.

إن إحالة المتهمة إلى المحكمة في حالة اعتقال هو إشارة واضحة على أن الدولة لن تتساهل مع من يحاول النيل من هيبتها. فرجال السلطة ليسوا معصومين من الخطأ، لكن هناك قنوات قانونية لمحاسبتهم في حال تجاوزوا صلاحياتهم، أما اللجوء إلى العنف فهو خيار الضعفاء والمتهورين، وهو أمر لن يُسمح بترسيخه كسلوك طبيعي داخل المجتمع.

إن احترام القانون هو الضمان الوحيد للحفاظ على الأمن والاستقرار، وأي محاولة لفرض منطق الفوضى يجب أن تواجه بالصرامة اللازمة، حتى لا نجد أنفسنا أمام واقع يُهان فيه ممثلو الدولة دون رادع، مما يؤدي إلى خلل خطير في التوازن الاجتماعي والسياسي.

حين يتجرأ مواطن على ضرب رجل سلطة، فهذه ليست مجرد حادثة معزولة، بل مؤشر على تنامي ثقافة التحدي للدولة وممثليها. اليوم قائد، وغدًا قاضٍ، وبعده شرطي.. إلى أين يمكن أن يصل هذا التسيّب إذا لم يتم التعامل معه بيد من حديد؟

إن الحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة ليس ترفًا أو خيارًا سياسيًا، بل ضرورة لضمان استمرار الاستقرار. فرجال السلطة هم واجهة الدولة، وإهانتهم تعني إهانة لكل ما تمثّله الدولة من سيادة وتنظيم وهيبة

على الجميع أن يدرك أن الدولة لن تقف متفرجة أمام هذه التجاوزات، وأن من يعتقد أنه قادر على فرض منطقه بالقوة والعنف، سيجد أمامه سلطة القانون، التي لا تفرّق بين ضعيف وقوي، ولا بين مواطن ومسؤول.

ما حدث في تمارة ليس حادثًا عابرًا، بل ناقوس خطر يستوجب اتخاذ إجراءات صارمة، حتى لا نصل إلى زمن يصبح فيه التطاول على ممثلي الدولة أمرًا عاديًا. الدولة قوية، والقانون سيظل فوق الجميع، ولن يسمح بترسيخ منطق الفوضى على حساب هيبتها.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة قانون

محكمة الاستئناف تؤيد الأحكام الصادرة بحق ‘ولد الشينوية’ و’بنت عباس’: خطوة نحو ضبط المحتوى الرقمي

مجيد مقبول

في خطوة تُظهر التزام المغرب بضبط المحتوى الرقمي، أيدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الأحكام الصادرة بحق اليوتيوبرين رضا البوزيدي، المعروف بـ”ولد الشينوية”، وفاطمة بنت عباس.

الحكم يُظهر نهجًا حازمًا في التعامل مع قضايا صناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، مما يثير نقاشًا حول التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية.

أصدرت محكمة الاستئناف حكمها النهائي بعد استماعها لدفوعات الدفاع، حيث قررت تثبيت الحكم الابتدائي دون تعديل. هذا القرار يُعد خطوة مهمة في إطار الجهود المبذولة لضبط المحتوى الرقمي في المغرب، حيث يُحاكم العديد من صناع المحتوى بسبب نشرهم لمحتوى يُعتبر مخالفًا للقوانين.

يعكس هذا الحكم التزام السلطات المغربية بضبط المحتوى على الإنترنت، خاصة بعد تزايد حالات اعتقال ومحاكمة صناع المحتوى في الفترة الأخيرة.

هذا يُشير إلى أن هناك إرادة حازمة لتحقيق التوازن بين حرية التعبير وحماية المجتمع من المحتوى الضار.تُعد هذه الخطوة جزءًا من جهود أوسع لتنظيم استخدام منصات التواصل الاجتماعي في المغرب، حيث يُحاول القضاء بين حرية التعبير وحماية المجتمع من المحتوى الذي قد يُعتبر مخالفًا للقوانين. هذا الحكم يُشير إلى أن هناك إرادة قوية لضمان أن يكون المحتوى الرقمي متوافقًا مع القيم والمعايير الاجتماعية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء طالع قانون متفرقات

تهنئة من القلب إلى أستاذي وأخي ومؤطري ومنارتي سعيد منتسب على فوزه المستحق بجائزة المغرب للكتاب

حسيك يوسف

كبرنا في حي شعبي، كبرنا بين جدران دار الشباب التي لم تكن مجرد فضاء، بل كانت منبعًا للنور وسط ما كان البعض يراه سوادًا.

كبرنا على حب الكلمة، على عشق الحرف، على شغف السينما والصحافة، وكبرنا على يد أستاذ وأخ، لم يكن مجرد مؤطر ومربي، بل كان صانع حكايات، موجّهًا، ملهمًا، وأبًا روحيًا للكثيرين منا.

اليوم، وأنا أسمع بفوزك، أستاذي وأخي و”ولد الدرب”، بجائزة المغرب للكتاب عن روايتك “حساء بمذاق الورد”، لم يكن الأمر مجرد خبر أدبي عابر، بل كان انتصارًا لكل كلمة زرعتها فينا، لكل فكرة حفّزتنا لنغوص أكثر في عوالم السرد، لكل نقاش أدبي شهدته موائدنا المستديرة ونحن ما زلنا صغارًا نحلم بالكلمات وننسج أحلامًا من الحروف.

“حساء بمذاق الورد”، عنوان يحمل أكثر من مجرد دلالة، هو نكهة الأدب حين يمزج بين الذاكرة والخيال، بين الحكاية والتاريخ، بين التجربة الشخصية والرؤية الفلسفية.

لم يكن غريبًا أن تستأثر الرواية باهتمام النقاد والقراء، فأسلوبك الذي يجمع بين الشعرية والعمق السردي، لطالما كان بصمتك الفريدة التي نعرفها جميعًا.

هنيئًا لك أستاذي، هنيئًا لنا بك، وهنيئًا للأدب المغربي بهذا التتويج المستحق.

سنظل تلاميذك الأوفياء، وسنظل نحمل حب الكلمة الذي غرسته فينا، تمامًا كما تحمل كلماتك عبق الورود في “حساء بمذاق الورد”.