الجمعيات المغربية بإيطاليا تدق ناقوس الخطر للوضع الكارثي للقاصرين ….



متابعة. ذ. أحمد براو

غالبا ما يتشرد الشباب والقاصرون المغاربة في إيطاليا بعدما يفقدون الحماية القانونية التي يكفلها القانون في أوروبا للمهاجرين القاصرين. أو بلوغهم سن 18 سنة، وبعد مغادرتهم المراكز الإيوائية سواء الأولية عند هجرتهم السرية عندما يصلون لإيطاليا أو تلك التي يضطرون للإقامة فيها عند حدوث مشاكل قضائية وقانونية جراء التفكك الأسري والطلاق أو التعرض للعنف، ويجدون أنفسهم يكافحون وحيدين لكسب قوت يومهم، دون توفرهم على عمل قار أو أي وثيقة قانونية تحميهم أو توفر لهم أبسط شروط الحياة الكريمة، والأسوء هو الإستغلال الجنسي أو الإرتماء في أحضان الجريمة المنظمة والمافيات التي تتاجر بالمخدرات في غياب أي دور للمجتمع المدني المغربي والجمعيات المغربية الفاعلة التي تعنى بهذه المعضلة.

– صرخة فاعل جمعوي لعلها تجد آذانا صاغية

في هذا السياق يناشد الفاعل الجمعوي بمدينة بوردينوني الأستاذ مصطفى نضيف مدير قناة صوت الجالية ورئيس اتحاد مغاربة الخارج، الذي يدق ناقوس الخطر بالوضع الكارثي الذي آلت إليه مشاكل القاصرين والمراهقين المغاربة بإيطاليا، بحيث أصبح الرأي العام الإيطالي والقنوات والجرائد تتحدث عنهم بأسوأ التقارير وتقدمهم على أنهم قنبلة موقوتة، مشيرا إلى ضرورة التدخل العاجل للسلطات المغربية متمثلة في البعثات الدبلوماسية والوزارات والهيئات والمؤسسات العديدة التي تتحمل كامل المسؤولية في مواجهة هذا المشكل الذي بات يؤرق كل الغيورين على الوطن والمواطنين المغاربة ويضيف السيد نضيف أنه سبق أن أجرى بعض الفاعلين الجمعويين لقاءات مع السفير السابق السيد أبو أيوب لتدارك موضوع القصر المغاربة.
المتتبعون الإجتماعيون يلاحظون كيف أصبحت السجون والإصلاحيات تعج بهده الفئة من الشباب المغربي ومن يخرج منها لا يجد سوى الشارع يتلقفه ليعيد الكَرة مرة أخرى دون أي رعاية اجتماعية أو برامج حقيقية للإدماج الفعلي وبحيث تجد الجمعيات نفسها عاجزة عن معالجة هذا المشكل العويص بسبب قلة الإمكانيات وانعدام الدعم والتمويل من أجل التأطير وإعادة الإدماج في المجتمع عن طريق التكوين المهني وإعادة التمدرس لمواصلة المسار التعليمي التربوي وهذا لا يتأتى إلا بإمكانيات مادية وبشرية هائلة لكي تتمكن من كسب ثقة هؤلاء الأطفال والشباب فلذات أكبادنا.

– تعاطي المخدرات والإتجار بها والإستغلال الجنسي أعداء القاصرين

من الأخطار الحقيقية التي تواجه القاصرين الغير مصحوبين والمراهقين أبناء المهاجرين من الجالية المغربية هي تعاطي المخدرات والإستغلال الجنسي والسبب في ارتمائهم لهذه الموبقات هو الشعور بالصدمة جراء التفكك العائلي ومشاكل الطلاق والعنف الأسري الذي يؤدي إلى عدم الشعور بالأمان والبحث عن ملاذ لإثبات الذات أو الرغبة في كسب القبول الإجتماعي، غالبًا ما يشعر المراهقون بأنهم لا يُقهرون وربما لا يتدبرون عواقب أفعالهم، ما يؤدي بهم إلى المجازفة الخطيرة بتعاطي المخدرات.
فيما يأتي الإستغلال الجنسي في مرتبة ثانية بسبب عدم وجود مأوى أو دفء عائلي بحيث يعرضون عليهم الاستحمام والوجبات الساخنة والأغطية للنوم مقابل أفعال جنسية مخلة بالحياء ويستمر ذلك حتى يصبح عادة يعتادها القاصر مقابل الحصول على المال. كما تندرج مشاكل الإتجار بالمخدرات والعقاقير كسبيل للحصول على الأموال بدون عناء ويستشعرون بالإغتناء الغير مشروع فيما يكبلون أنفسهم داخل دوامة المجموعات الإجرامية التي تفرض عليهم قيود صارمة يصعب عليهم التخلص منها ويأتمرون برؤساء العصابات في مشهد دراماتيكي يبعث على الحسرة بسبب اضطرارهم لمواصلة هذه الحلقة المفرغة بين الشارع والسجن وتعاطي أكبر للمخدرات والكحول.

– عمل كبير ينتظر الجمعيات المغربية بإيطاليا للتصدي ومعالجة هذه الأزمة

يجب أن تُفعّل بشكل سريع قوانين حقوق الطفل، خاصة تلك التي تعنى بالإدماج، وخلق آليات لحماية الأطفال ضحايا الجرائم والتجاوزات بحق القاصرين، الملاحظ هو غياب الكفاءات المتخصصة في ميدان علوم التربية وعلم الإجتماع من مرشدين ووسطاء داخل هذه الجمعيات الذين يجب عليهم مواصلة مراجعة التشريعات التي تعنى بالطفل وتنزيلها للواقع، مثل استغلال المعطيات الشخصية للأطفال القاصرين. وتعزيز تنفيذ التشريعات الداخلية ومراجعة التفاوت على مستوى التطبيق الفعلي للتشريعات وإجراء تقييم لتأثير التشريعات المباشرة على حقوق الطفل.
كما يقع على عاتق الجمعيات وضع استراتيجية شاملة للأطفال اعتمادا على مؤشرات تعكس وضع الطفولة الحقيقي، مع تأمين أن تشكل جزءا من الإستراتيجية الإنمائية الشاملة لما بعد أزمة كوفيد، وإدخالها في السياسات العامة للمؤسسات الجهوية والإقليمية والبلدية، وأن تشمل في جزء هام منها تنفيذها واعتمادها في المشاريع الخاصة بالتنمية المستدامة.
على الفاعلين الجمعويين أيضا التعجيل باعتماد وتفعيل داخل القانون الأساسي للجمعيات البند المتعلق بحقوق الإنسان، وتقديم الإقتراحات الكفيلة بتعزيز حماية الأطفال من كافة أشكال العنف وإساءة المعاملة والاستغلال، والقيام دون سابق إعلام بزيارات إلى المؤسسات الإصلاحية ومراكز الإيقاف ومراكز إيواء أو ملاحظة الأحداث وفضح الممارسات فضلا عن تقديم العرائض والشكايات الصادرة عن الأطفال أو من يمثلهم بشأن حالات الانتهاك أو الإخلال بحقوقهم.
ولابد من تفعيل الرقم الاخضر للإشعار حول انتهاكات حقوق الطفل القاصر، ونشر الوعي في صفوف الأسر والمواطنين المغاربة المقيمين بإيطاليا حول واجب الإشعار.
أيضا من البديهي بحث مدى تأثير فقر الأسر المعيشية على وضعية الأطفال والقاصرين ثم العمل على التقليل من التداعيات السلبية التي قد تترتب على الأزمة الاقتصادية على الموارد المخصصة في الميزانيات العامة لقضايا الطفل، ومواصلة إعطاء الأولوية في الميزانية للإستثمار في القطاعات المخصصة للأطفال، مع المضي في تعزيز التوجيه المنضبط لموارد الميزانية على النحو المناسب وتوطيد التدابير الرامية إلى ضمان تكافؤ الفرص في الوصول إلى الخدمات وتوافرها لجميع الأطفال.

في انتظار ما تؤول له الأوضاع بعد هذا الوباء، وما يمكن أن تقوم به هذه الجمعيات المغربية التي تعمل في الميدان الإجتماعي من برامج مشاريع لكبح تداعيات هذه الكارثة يتمنى الفاعلون الجمعيون أن تجد هذه الصرخة آذانا صاغية عند السلطات المغربية المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج للإسراع في وضع مشاريع ضخمة وتمويل هذه الجمعيات حتى تخفف من حدة المشاكل التي تعاني منها الأسر المغربية والمرأة المنسية والطفولة المهمشة.

*باحث في علوم التربية ورئيس فوروم مغاربة جنوب إيطاليا

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed