جدل في الجزائر بعد فرض قيود على التحقيق في قضايا الفساد
شهدت الجزائر جدلاً واسعاً بعد إصدار وزير العدل بلقاسم زغماتي، الاثنين، تعليمات جديدة إلى المدعين العامين تفرض عليهم أخذ موافقة مسبقة من وزارته قبل الشروع في التحقيق في قضايا الفساد، التي تتعلق بالمسؤولين.
ونشرت وسائل الإعلام الجزائرية، الخميس، مضامين رسالة بعثها وزير العدل الاثنين الماضي إلى النيابات العامة الجزائرية، تتضمن توجيهاته الجديدة بشأن التحقيق في قضايا الفساد المالي.
وجاء في الرسالة وفقاً لموقع “كل شيء عن الجزائر” (TSA)، أنه يتعين على المدعين العامين عدم الأمر بفتح أي تحقيقات ابتدائية أو قضائية تخص التسيير والمساس بالرأي العام، قبل تقديم “تقرير مفصل” إلى المديرية المركزية للشؤون القانونية التابعة لوزارة العدل، وأخذ موافقتها.
ووفقاً للتعليمات الجديدة، فإن التقرير يجب أن يشمل “شرحاً مفصلاً” للظروف الزمانية والمكانية لأفعال الفساد المالي و”وصفها القانوني”، فضلاً عن “الجهة المبلغة عنها”.
وقال وزير العدل في الرسالة، إن الموافقة المسبقة ضرورية قبل التحقيق في قضايا الفساد التي “تتعلق بالمسؤولين، سواء كانوا لا يزالون في مناصبهم، أو تم إعفاؤهم منها”.
“تشجيع على الفساد”
وأثارت التعليمات الجديدة، غضب نشطاء وحقوقيين في الجزائر، إذ اعتبروا أنها “تشجع على الفساد”، في وقت لم يصدر عن وزارة العدل الجزائرية أي توضيح رسمي.
وكتب الناشط الحقوقي البارز، المحامي مصطفى بوشاشي، في تدوينة على “فيسبوك”، أن التعليمات الجديدة تعد بمنزلة “تشجيع على الفساد وانتقائية في المتابعات واعتداء صارخ على استقلالية السلطة القضائية”.
وقال بوشاشي لموقع “TSA”، إنه مع هذه التغيرات الجديدة، “لم يعد بإمكان المدعون العامون فتح أي تحقيق”، مضيفاً أن “وزير العدل أصبح الآن هو من يقرر من سيذهب إلى السجن ومن سيفلت من العقاب”. وأضاف: “هذا يعني أن أصدقاء السلطة بإمكانهم السرقة، مع التمتع بالحصانة”.
“حماية انتقائية”
ونقل موقع “TSA” عن الناشط الحقوقي والمحامي عبد الغني بادي أن “وزير العدل يحاول حماية بعض الأشخاص بشكل انتقائي”، عن طريق “جعل صلاحيات متابعة المسؤولين في قضايا الفساد حكراً على وزارته”.
وتأتي هذه التعليمات في وقت تستمر فيه السلطات الجزائرية في محاكمة مسؤولين ووزراء سابقين متورطين في تهم الفساد، ضمنهم رئيسا الوزراء السابقين عبدالمالك سلال وأحمد أويحيى، ومجموعة من الوزراء ورجال الأعمال، الذين مثّلوا الدائرة القوية لنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وفي سبتمبر الماضي، أقر البرلمان الجزائري بالإجماع مشروع قانون لتعديل الدستور، شملت تغييرات على حصانة النواب.
واقترحت الوثيقة النهائية للتعديلات الدستورية أن تقتصر الحصانة على “ما يتعلق بممارسة المهام النيابية المحددة في الدستور لا غير”، مشيرة إلى أنه لا يمكن لأي نائب ممارسة أكثر من عهدتين برلمانيتين متتابعتين أو منفصلتين.
كما أسقط المقترح الحصانة البرلمانية عن النواب في حال ثبوت تورُّطهم في قضايا فساد، من دون المرور على تصويت أعضائه كما كان في السابق.
ودخل القانون حيز التنفيذ، عقب تصويت 66.8% من الناخبين الجزائريين بـ”نعم”، خلال الاستفاء الشعبي في نوفمبر الماضي، على تعديل الدستور.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق