Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي أنشطة ملكية الواجهة جهات سياسة طالع

الإعلام.. صوت الجدية ومواكبة التحول التنموي بالمغرب

حسيك يوسف

في خطاب سامٍ موجّه إلى الأمة، خلال افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، أكد جلالة الملك محمد السادس على ضرورة العمل بروح الجدية والمسؤولية لاستكمال المخططات التشريعية وتنفيذ المشاريع التنموية المفتوحة، معتبراً أن رهان المرحلة يتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية عبر تعبئة كل الطاقات الوطنية.

ولم يكتف الخطاب الملكي بدعوة المؤسسات السياسية والحكومية إلى مضاعفة الجهود، بل شدّد على أهمية إشراك جميع القوى الحية في معركة التنمية، وفي مقدمتها وسائل الإعلام الوطنية التي نوه بها جلالته، باعتبارها جسراً أساسياً بين الدولة والمواطن، وأداة توجيه وتنوير وتعبئة مجتمعية مسؤولة.

فالإعلام، كما أراده الملك، ليس مجرد ناقل للخبر أو صوت الشارع، بل هو فاعل وطني يحمل رسالة التوعية والتأطير، ويساهم في تعزيز الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم، من خلال شرح السياسات العمومية، وتبسيط القوانين الجديدة، وتسليط الضوء على المشاريع والمبادرات التنموية، خاصة تلك التي تهم الفئات الهشة والمناطق القروية والساحلية التي أشار إليها جلالته.

إن المرحلة الحالية تفرض على الإعلام المغربي أن يكون في مستوى اللحظة التاريخية، بالتحلي بالموضوعية والمهنية، والانخراط الإيجابي في شرح مضامين النموذج التنموي الجديد، ومواكبة تنزيله على أرض الواقع بلغة قريبة من المواطن، وبأسلوب يزرع الثقة والأمل في مستقبل أفضل.

كما أن خطاب الملك يشكّل دعوة صريحة لوسائل الإعلام العمومية والجهوية والمستقلة إلى الانتقال من إعلام ردّ الفعل إلى إعلام الفعل والمبادرة، عبر تقارير ميدانية، وبرامج تحسيسية، ومحتوى رقمي مسؤول، يساهم في إنجاح الأوراش الكبرى التي يقودها المغرب.

فالجدية التي تحدّث عنها جلالة الملك ليست شعاراً، بل هي نهج عمل يقتضي أن يكون الإعلام الوطني مرآة صادقة لتحديات التنمية، ورافعة لمواكبة الإصلاح، وضمانة لتماسك الجبهة الداخلية، في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والجهوية.

وبذلك، يضع الخطاب الملكي اليوم أمام الجسم الإعلامي مسؤولية تاريخية: أن يكون قوة اقتراحية وتعبوية في خدمة الوطن، وأن يتحول من ناقل للحدث إلى شريك في

صناعة التغيير.

Categories
أخبار 24 ساعة أنشطة ملكية الواجهة بلاغ طالع

الملك محمد السادس يعين فؤاد شفيقي أميناً عاماً للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي

مع الحدث

تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بتعيين فؤاد شفيقي أميناً عاماً للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، خلفاً لعزيز قيشوح.

ويأتي هذا التعيين في سياق العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك لقطاع التربية والتكوين، باعتباره ركيزة أساسية للنهوض بالتنمية وتكافؤ الفرص، واستمراراً في مسار إصلاح المدرسة المغربية وتحسين جودة التعليم والبحث العلمي.

وقد عبّر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عن شكره وامتنانه لعزيز قيشوح على الجهود الكبيرة التي بذلها خلال فترة توليه مهامه، وما قدّمه من إسهامات في تطوير أداء المجلس ودعم برامجه ومشاريعه.

كما هنأ المجلس فؤاد شفيقي على نيل الثقة المولوية السامية، متمنياً له التوفيق في مهامه الجديدة، خدمةً لقضايا التعليم والبحث العلمي، ومواصلةً لمسار الإصلاح الذي يضع المتعلم في صلب الاهتمام.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات سياسة طالع

مائدة مستديرة شبابية باتحادية مولاي رشيد سيدي عثمان تناقش قضايا الصحة والتعليم والشغل

حسيك يوسف

في إطار الانفتاح على الطاقات الشابة وإشراكها في النقاش الوطني حول القضايا المجتمعية الراهنة، نظمت الاتحادية المحلية لحزب التجمع الوطني للأحرار بمولاي رشيد سيدي عثمان مائدة مستديرة شبابية تمحورت حول ثلاثة مواضيع رئيسية تشغل الرأي العام الوطني: الصحة، التعليم، والشغل.

اللقاء عرف حضور عدد من الأطباء والأساتذة والمقاولين الشباب، إلى جانب رؤساء جماعات ترابية شباب ينتمون لحزب الأحرار، وقيادات من الشبيبة التجمعية، فضلًا عن فاعلين جمعويين وشباب من خارج الإطارات الحزبية، في نقاش مفتوح تميز بالجدية والعمق.

استمر اللقاء لأكثر من ثلاث ساعات، تخللته مداخلات ونقاشات صريحة حول سبل تحسين المنظومة الصحية والتعليمية، وإيجاد حلول عملية لملف التشغيل، مع تأكيد واسع على ضرورة إشراك الشباب في صياغة السياسات العمومية وتعزيز حضورهم في مراكز القرار.

المشاركون أجمعوا على أن هذه المبادرة تمثل نموذجًا ناجحًا للحوار الوطني المحلي، يعكس رؤية حزب الأحرار في الانفتاح على الجيل الجديد والاستماع لتطلعاته الحقيقية.

وقد أشرف على تنظيم هذه المائدة المستديرة القيادي محمد حدادي، أحد أبرز المدافعين عن تمثيلية الشباب بالمنطقة، والذي يواكبهم على مدار السنة عبر ورشات وأنشطة حزبية وتنموية منتظمة.

وفي ختام اللقاء، أكد حدادي أن نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات الماضية بدائرة مولاي رشيد سيدي عثمان بلغت 70%، معربًا عن أمله في أن تصل إلى 90% في الاستحقاقات المقبلة، لتكون بذلك تجربة رائدة ونموذجًا يحتذى به على الصعيد الوطني.

Categories
أخبار 24 ساعة أنشطة ملكية الواجهة سياسة طالع

خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة البرلمانية: ترقب وطني وخطاب بتوجهات استراتيجية منتظرة

البشير الخريف

ينتظر أن يشكل الخطاب الملكي السامي الذي سيلقيه جلالة الملك محمد السادس، يوم الجمعة المقبل، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان، محطة سياسية بارزة تحمل رسائل وتوجهات استراتيجية للمرحلة المقبلة. فكل خطاب ملكي في افتتاح السنة التشريعية يمثل، في العادة، بوصلة لتصحيح المسار الحكومي وتوجيه السياسات العمومية نحو أولويات أكثر وضوحاً وواقعية.

ويأتي هذا الخطاب في سياق وطني يتسم بانتظارات اجتماعية واقتصادية متزايدة، وظرفية دولية متقلبة تتأثر بها المملكة بشكل مباشر، سواء على مستوى التحديات الجيوسياسية أو تداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية. لذلك، فإن الخطاب المرتقب ينتظر أن يحمل رؤية شمولية تعيد ضبط إيقاع العمل الحكومي وتمنح دفعة جديدة لمشاريع الإصلاح الكبرى التي أطلقها المغرب خلال السنوات الأخيرة.

في مقدمة هذه الأوراش، يبرز ورش الحماية الاجتماعية الذي يعد من أهم المشاريع الاجتماعية في عهد جلالة الملك، والذي دخل مرحلة دقيقة تتطلب تسريع وتيرة التنزيل، وضمان العدالة في الاستفادة، خاصة في الشق المتعلق بتعميم التغطية الصحية وتحسين جودة الخدمات الطبية. ومن المرجح أن يتوقف الخطاب عند الاختلالات التي تعيق تنفيذ هذا الورش، خصوصا ما يتعلق بإغلاق عدد من المستشفيات الجاهزة وندرة الأطر الصحية، وهو ما خلق موجات احتجاجية في بعض المناطق تطالب بتدخل عاجل.

كما يرتقب أن يتناول الخطاب الملكي ملف التعليم باعتباره رافعة أساسية لبناء مغرب المستقبل. فبعد انطلاق تجربة مدارس الريادة، ينتظر أن يوجه جلالة الملك الحكومة إلى التركيز على جودة التعليم، والحد من الفوارق المجالية في الولوج إلى المدرسة العمومية، وربط الإصلاح التربوي بسوق الشغل ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

أما على الصعيد السياسي، فمن المنتظر أن يعيد الخطاب الملكي التذكير بضرورة الارتقاء بالممارسة البرلمانية إلى مستوى انتظارات المواطنين، من خلال ترسيخ ثقافة المسؤولية وربطها بالمحاسبة، وضمان انخراط فعال للبرلمان في تتبع وتقييم السياسات العمومية.

وفي الجانب الخارجي، من غير المستبعد أن يتضمن الخطاب إشارات قوية إلى مستجدات القضية الوطنية، في ظل التحولات التي تعرفها المواقف الإقليمية والدولية من قضية الصحراء المغربية، والتأكيد على مواصلة نهج الحزم والواقعية الذي يطبع الدبلوماسية المغربية في الدفاع عن وحدتها الترابية. خاصة في ضل الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء.

إن خطاب افتتاح الدورة البرلمانية لا يعد مجرد تقليد دستوري، بل هو حدث سياسي بامتياز، يترقبه المغاربة باعتباره مرجعا لتحديد أولويات المرحلة المقبلة، ومرآة لتوجهات الدولة في ظل التحديات المتعددة. لذلك، فإن الأنظار كلها تتجه إلى قبة البرلمان، في انتظار مضامين خطاب ملكي يتوقع أن يكون حاملا لإشارات الإصلاح، ومعبرا عن إرادة ملكية قوية لتجديد النفس التنموي والاجتماعي للمملكة.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة بلاغ جهات طالع

“جريدة مع الحدث”.. عشر سنوات من الإعلام الجاد والمصداقية

حسيك يوسف مدير جريدة مع الحدث

تطفئ جريدة مع الحدث شمعتها العاشرة، لتخلّد عقداً من الزمن في مسار إعلامي وطني حافل بالعمل الجاد والالتزام المهني، بعد أن استطاعت أن تفرض حضورها في الساحة الصحافية المغربية بخط تحريري قائم على الاستقلالية، الشمول، والصدق في نقل الخبر.

عشر سنوات لم تكن طريقها مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات والمطبات التي صقلت تجربة المؤسسة وطاقمها. فمنذ انطلاقتها كمؤسسة وطنية تضم 41 مراسلاً وصحفياً مهنيا موزعين بين النسخة الورقية والإلكترونية، غطّت مع الحدث مختلف الجهات الاثنتي عشرة للمملكة، محافظة على التوازن بين المهنية والالتزام الوطني.

لقد كانت هذه التجربة الإعلامية، التي تشكلت بجهود الصحفيين والتقنيين، مدرسة حقيقية خرّجت نخبة من الإعلاميين الذين واصلوا مسيرتهم في كبريات المؤسسات الوطنية والدولية، مثل: BBC، الجزيرة، بي إن سبورت، الكاس ،الغد، أنا العربي،قناة الحقيقية الفضائية،وقناة ميديا نايا، هسبريس، شوف تيفي، هبة بريس،القناة الاولى ،القناة الثانية،الرياضية، لكم وغيرها.

ومن هذا المنبر، تتوجه إدارة الجريدة بتحية وفاء واعتراف لكل من مرّ من هذه المؤسسة وأسهم في بناء صرحها الإعلامي، أحياءً كانوا أو رحلوا إلى دار البقاء.

رحم الله كل من مدير النشر السابق الصحفي يوسف هناني، والمخرج والمراسل ببلجيكا عبد الإله البدر، والمراسل الصحفي والتقني يوسف الجهدي الناصيري، الذين قدّموا الغالي والنفيس في سبيل الصحافة الحرة والمهنية ومؤسسة مع الحدث.

ورغم قلة الإمكانيات المادية، بل وانعدامها في بعض الفترات، خصوصاً خلال جائحة كورونا التي أثّرت بشدة على ميزانية المؤسسة، فقد واصلت مع الحدث طريقها بفضل عزيمة طاقمها والدعم الجزافي الذي ساهم في بقاء المؤسسة في “العناية المركزة” إلى أن استعادت عافيتها تدريجياً.

كما توسعت الجريدة خلال السنوات الأخيرة خارج حدود الوطن، لتصبح صوتاً إعلامياً مغربياً دولياً، عبر شبكة مراسلين وصحافيين مهنيين تغطي عدداً من الدول: إسبانيا، فرنسا، هولندا، إيطاليا، النمسا، بلجيكا، السنغال، موريتانيا، مالي، مصر، قطر، الإمارات، الصين، والولايات المتحدة الأمريكية.

وتهدف المؤسسة مستقبلاً إلى فتح مكاتب تمثيلية دائمة بالخارج، لنقل قضايا الجالية المغربية وتسليط الضوء على المشاريع التنموية والاستثمارية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بما يعكس الصورة المشرقة للمملكة على الصعيد الدولي.

عشر سنوات من الإعلام، من الاجتهاد، ومن الوفاء للمبادئ. سنوات صقلت التجربة، وخلقت وعياً جماعياً بأهمية إعلام مهني ومسؤول يخدم الوطن والملك والمجتمع.

وبهذه المناسبة أتوجه بخالص الشكر والتقدير لكل الزملاء والزميلات الذين مرّوا من هذه المؤسسة منذ الفكرة الأولى حتى اليوم. أنتم جزء من هذا النجاح، ومن هذا الحلم الذي تحقق بجهود الجميع. نسأل الله التوفيق لمواصلة خدمة الوطن والملك والمؤسسة الإعلامية بكل إخلاص.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة بلاغ طالع

وزارة الداخلية: احتجاجات غير مرخصة تتحول إلى أعمال عنف وإصابات بالعشرات

حسيك يوسف

أعلنت وزارة الداخلية، على لسان الناطق الرسمي رشيد الخلفي، اليوم الثلاثاء 30 شتنبر 2025، أن عدداً من الاحتجاجات غير المرخصة التي شهدتها مدن مغربية في الأيام الأخيرة انزلقت إلى أعمال عنف وأحداث شغب، أسفرت عن حصيلة ثقيلة من الإصابات والخسائر المادية.

وحسب المعطيات الرسمية، فقد أصيب 263 عنصراً من القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، إلى جانب 23 شخصاً آخرين من المحتجين، من بينهم حالة واحدة بمدينة وجدة استدعت الخضوع للمتابعة الطبية. كما تم تسجيل إضرام النار وإلحاق أضرار جسيمة بـ 142 عربة تابعة للقوات العمومية، بالإضافة إلى 20 سيارة خاصة تعرضت للتخريب.

وأوضحت وزارة الداخلية أن الأجهزة الأمنية أوقفت 409 أشخاص ووضعتهم تحت الحراسة النظرية، في إطار التحقيق حول الأفعال المرتكبة، مؤكدة أن كل من ثبت تورطه في أعمال العنف سيُتابَع وفق المساطر القانونية الجاري بها العمل.

وأكد البلاغ أن السلطات العمومية تظل ملتزمة بـ”ضمان الأمن والنظام العامين وحماية الحقوق والحريات”، مبرزة أن التظاهر السلمي يظل مكفولاً بالقانون، لكن أي تجاوز نحو العنف أو المس بالممتلكات والأشخاص “لن يتم التساهل معه”.

ويأتي هذا البلاغ في سياق تصاعد النقاش العمومي حول طبيعة الاحتجاجات الأخيرة، التي رفعت شعارات اجتماعية واقتصادية، غير أن تحولها إلى مواجهات عنيفة أعاد إلى الواجهة سؤال التوازن بين الحق في التعبير السلمي وواجب الحفاظ على الأمن العام.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة سياسة طالع

جيل يصرخ في وجه منظومة أفرغته من المعنى

حسيك يوسف

لا أحد يمكن أن يبرر أحداث العنف والتخريب التي رافقت بعض الاحتجاجات الأخيرة في مدن المغرب. فسرقة المحلات التجارية أو الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، أفعال مجرّمة، ولا يمكن أن تختبئ وراءها أي قضية عادلة. غير أن اختزال النقاش في هذه التجاوزات وحدها، والسكوت عن جذور الأزمة، هو في حد ذاته شكل آخر من التهرب من المسؤولية.

إن ما وقع ليس معزولاً عن السياق العام، بل هو نتيجة تراكمات عمرها عقود. جيل كامل خرج إلى الشارع وهو مثقل بخيبات التعليم، والإعلام، والسياسات العمومية، والمنظومة القيمية التي تحيط به.

في المدرسة، اكتشف الشباب أن المناهج التعليمية لم تُعِدهم لا لمستقبل مهني واضح ولا لمواطنة مسؤولة، وأن الاكتظاظ والخصاص في الأطر والتجهيزات جعلتهم مجرد أرقام في منظومة مترهلة. في الإعلام، وجدوا أنفسهم محاصرين بثقافة التافهين، ببرامج تصنع الشهرة السريعة بلا مضمون، في مقابل تغييب البرامج التوعوية والثقافية الجادة. في الأسرة، أثرت سياسات اجتماعية وقوانين متسرعة على الروابط العائلية، فزاد التفكك الأسري، وضاع التواصل بين الأجيال. حتى في المساجد، فقدوا ذلك الخطاب الديني العميق الذي كان يشكل سنداً قيمياً وتوجيهاً روحياً، بعدما تحوّل إلى خطب رسمية مكررة.

أما العدالة، فقد تركت وراءها إحساساً عاماً باللاجدوى: جيل يرى أن حقوقه كمواطن تُستنزف، وأن كرامته على المحك، وأن القوانين كثيراً ما تشتغل ضده بدل أن تحميه.

من هنا، لا يمكن أن نحمل جيل اليوم كل المسؤولية عن انحرافات بعض أفراده. الجيل هو ثمرة السياسات، وصنيع المؤسسات، ومرآة المجتمع نفسه. فإذا كنا نصدم اليوم من مشاهد الغضب والانفلات، فعلينا أن نعترف أولاً أننا أمام حصيلة منظومة لم تفِ بوعودها، ولم توفر مقومات العيش الكريم ولا شروط بناء الإنسان.

إن تحميل الشباب وحده وزر ما يحدث، أشبه بمن يلوم المرآة لأنها كشفت التجاعيد. والحقيقة أن المطلوب ليس البحث عن كبش فداء، بل إعادة طرح السؤال الجوهري: أي مغرب نريد أن نترك للأجيال القادمة؟ وأي منظومة تعليمية، إعلامية، أسرية، دينية، وعدلية قادرة على صناعة مواطن حر، مسؤول، ومؤمن بوطنه؟

ما وقع اليوم ليس إلا جرس إنذار مدوٍ. الوقت لم يفت بعد، لكن الصمت والإنكار قد يجعلان الغد أكثر كلفة وأكثر إيلاماً.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة بلاغ سياسة طالع

GenZ212… حين يخرج جيل جديد ليطالب بإصلاح الوطن

حسيك يوسف

شهد الأسبوع الماضي بروز مبادرة شبابية جديدة حملت اسم GenZ212، يقودها شباب مغاربة يصفون أنفسهم بأنهم الجيل الجديد الباحث عن إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي عميق في المغرب. المبادرة، التي أعلن أحد مؤسسيها انخراطه الفعلي في تنظيمها والترويج لأفكارها، لا تقدم نفسها كحراك احتجاجي عابر، بل كمشروع إصلاحي طويل النفس يطمح إلى إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس العدالة والكرامة والمواطنة.

الخطاب كما ورد

> لقد كان الأسبوع الفائت حافلا بالمشاغل والمهام، إذ انخرطت وأصبحت من المؤيدين والمتزعمين لحركة شبابية وطنية تحمل اسم “genz212“، وهي مبادرة طموحة تسعى إلى إحياء روح الإصلاح في المغرب على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. هذه الحركة تنطلق من قناعة راسخة بأن الشباب هم طليعة التغيير، وأن صوتهم حين يتحد يصبح أداة فاعلة في ترسيخ قيم العدالة والكرامة والمواطنة الحقة.

> وخلال هذا الانخراط، وجدت نفسي في حوارات مطولة مع صحفيين وإعلاميين بل و سياسيين حتى من مشارب مختلفة؛ فمنهم من أبدى الدعم والمساندة، ومنهم من حمل تحفظات وانتقادات، غير أن القاسم المشترك بينهم كان الإقرار بحاجة البلاد إلى مراجعة عميقة للتجربة السياسية منذ دستور 2011، واستيعاب الدروس المستخلصة من أحداث الماضي، وعلى رأسها ما رافق حراك 20 فبراير من أخطاء وسوء تقدير.

> لقد تعزز عندي اليقين بأن الإصلاح المنشود لا سبيل إليه إلا بالالتزام بالسلمية وبالحوار المسؤول، وبالوعي العميق الذي يجعل من المطالبة بالحقوق ممارسة حضارية راقية، لا مجرد رد فعل عابر. فالوطن لنا جميعًا ، وإصلاحه مسؤولية جماعية تتجاوز الانقسامات والاختلافات.

> لذلك تم التقرير على مضاهرات و احتجاجات ستكون هذا الشهر يوم 27/28, لن طالب احدا بالمشاركة في هذه الحركة لأني مؤمن ان لأغلبكم حس و وعي نقدي لذلك اتمنى منكم قراءة المطالب المحورية و التقرير بأنفسكم.

المطالب كما صاغتها الحركة

الحركة قسمت مطالبها إلى محورين رئيسيين: الاجتماعي والاقتصادي.

1. التعليم: سد الخصاص في الأساتذة بالتوظيف الدائم، تقليص الاكتظاظ في الأقسام، مراجعة المناهج لتواكب العصر، تعميم الإنترنت والتجهيزات، بناء مدارس في القرى، واعتماد الإنجليزية كلغة ثانية.

2. الصحة: رفع عدد الأطباء، تجهيز المستشفيات الإقليمية، دعم الصناعة الدوائية، سيارات إسعاف في كل جماعة، رقمنة الخدمات الصحية، وضمان مجانية التطبيب للفئات الهشة.

3. الحياة اليومية: برامج سكن للشباب، نقل عمومي منظم، تعبيد الطرق وفك العزلة، تعميم الماء الصالح للشرب، إصلاح البنية التحتية، وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة.

4. الاقتصاد: تسقيف أسعار المواد الأساسية، رفع الحد الأدنى للأجور إلى 4000 درهم، إصلاح نظام التقاعد، تشغيل الشباب في مشاريع وطنية، محاربة الاحتكار، دعم المقاولات الصغرى، وقف الخوصصة في القطاعات الحيوية، إعطاء الأولوية للشركات الوطنية، وخطة لتقليص الدين الخارجي.

قولي الأخير هو:

  •  إذا تمت متابعتنا قانونيا بعد التلاعب بمبادئنا السلمية فأنا عن نفسي غير نادم، فكل هذا التعب من اجل الوطن.
  •  هذه مطالب GENZ212 وهذه كلماته الاخيرة.

ما يميز حركة GenZ212 ليس فقط وضوح المطالب، بل طريقة صياغتها: فهي بعيدة عن الشعارات الفضفاضة، ومبنية على تشخيص واقعي لأزمات ملموسة يعانيها المواطن يومياً في المدرسة، في المستشفى، في الشارع، أو في مواجهة غلاء الأسعار.

سياسياً، الخطاب يذكر بدروس حراك 20 فبراير، لكنه يسعى إلى تجاوز أخطائه عبر التشديد على السلمية، الحوار، والمسؤولية الجماعية. هذا مؤشر على نضج سياسي متزايد لدى جيل جديد لم يعش الحراك السابق كمناضل مباشر، لكنه استوعب نتائجه.

اجتماعياً، الحركة تستند إلى شعور واسع بالإحباط من غياب العدالة الاجتماعية، لكنها تربط الاحتجاج بمطالب ملموسة قابلة للتنفيذ. هنا يمكن القول إن GenZ212 لا تطرح نفسها كحركة قطيعة، بل كدعوة إلى إصلاح تدريجي عميق.

أما اقتصادياً، فإن التركيز على السكن، التشغيل، ومحاربة الاحتكار يكشف عن وعي بطبيعة الأزمات التي تُغذي التوتر الاجتماعي.

قد يختلف المراقبون حول قدرة هذه الحركة على الاستمرار، أو حول مدى تجاوب الدولة مع مطالبها، لكن الثابت أن GenZ212 تعكس صوت جيل جديد يرفض العزوف والصمت، ويبحث عن أفق إصلاحي واضح. خطابها، وإن بدا مثالياً في بعض جوانبه، يضع الدولة والمجتمع معاً أمام سؤال أساسي: كيف يمكن أن نصوغ تعاقداً اجتماعياً جديداً يجعل من الإصلاح مسؤولية مشتركة لا مجرد وعد مؤجل؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة سياسة طالع

الشباب بين الشارع والأحزاب: أزمة ثقة تهدد المشاركة السياسية

في السنوات الأخيرة، أصبح الشارع المغربي مسرحًا لتعبير الشباب عن مطالبهم المشروعة في الصحة والتعليم والعمل، بينما تكاد تغيب وجوههم عن المشهد الحزبي الرسمي. اللافت أن نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب، تُقدّر بحوالي 90%، لا ينتمون لأي حزب سياسي، وهو مؤشر واضح على أزمة ثقة متعمقة بين الأجيال الجديدة والمؤسسات الحزبية التقليدية.

الأحزاب السياسية، التي يُفترض أن تكون منابر للتأطير والمشاركة، فشلت في استقطاب الشباب وتقديم فرص حقيقية لهم. الواقع السياسي الحالي يكشف أن المقاصد الانتخابية غالبًا ما تهيمن على كل شيء، وأن التوريث الحزبي للمقاعد والمناصب أصبح ممارسة شائعة، حيث يتم تمرير المسؤوليات للأبناء والأحفاد، بينما يُهمل الشباب أصحاب الأفكار المستقلة والكفاءات الحقيقية، خصوصًا الذين لا ينتمون إلى دوائر المال والنفوذ داخل الأحزاب. هذا الوضع يعمّق الشعور بالإقصاء ويجعل الانخراط الحزبي تجربة محبطة، بينما يظل الشارع هو الملاذ الوحيد للتعبير عن المطالب الاجتماعية والسياسية.

الأرقام الحديثة تؤكد هذه الصورة: أكثر من 70% من الشباب المغربي لا يثقون في المؤسسات المنتخبة، و86% يعبرون عن عدم رضاهم عن أداء الأحزاب السياسية، بينما لا تتجاوز نسبة الشباب الذين يمارسون السياسة فعليًا 26.5%. هذه البيانات توضح أن المشكلة ليست شعورًا مؤقتًا، بل ظاهرة واسعة الانتشار تهدد السلم الاجتماعي واستدامة المشاركة الديمقراطية.

إن استعادة ثقة الشباب تتطلب إصلاحات عميقة: تجديد النخب داخل الأحزاب، فتح المجال أمام الكفاءات المستقلة، اعتماد الشفافية والمحاسبة، وإشراك الشباب في صناعة السياسات العامة. كما يجب تطوير منصات للتعبير الرقمي، وإعطاء دور حقيقي للمجتمع المدني في الحياة السياسية.

إذا لم تُجر هذه الإصلاحات، ستظل الفجوة بين الشباب والسياسة تتسع، وسيبقى الشارع هو البوابة الوحيدة لإيصال صوتهم، بما يفرض تحديات كبيرة على الاستقرار السياسي والاجتماعي في المغرب.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الصحة الواجهة طالع مجتمع نازل

من أجل بيئة صحية آمنة: طريقنا إلى تجويد المنظومة الصحية

For a Safe and Healthy Environment: Our Path to Enhancing the Healthcare System

مقدمة:

في ظل ما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من انتقادات حادة لواقع المستشفيات وظروف البيئة الصحية داخلها، يبرز موضوع نظافة المرافق الطبية كقضية محورية تمس بشكل مباشر سلامة المواطنين وثقتهم في المنظومة الصحية. ورغم الجهود المتواصلة التي تبذلها الوزارة المعنية لإصلاح الاختلالات وتكريس مبدأ “الصحة للجميع”، فإن النقاش العمومي حول جودة الخدمات والنظافة يكشف حجم التحديات المطروحة، ويؤكد أن تحسين البيئة الصحية ليس مطلبًا عابرًا، بل ركيزة أساسية لضمان الحق في العلاج في ظروف تصون كرامة الإنسان. وبحكم تجربتي في الإشراف على برامج تدريب لعدد كبير من الأطباء والممرضين والممرضات في مجالي اللغة والتواصل بالشرق الأوسط، وجدت من المناسب أن أشارك بعض الأفكار التي أتمنى أن تسهم في خدمة هذا القطاع الحيوي.

أهمية البيئة الصحية:

ورد عن فلورنس نايتنجيل (1910-1820 ، مؤسسة التمريض الحديث) أن “أول شرط في أي مستشفى هو ألا يُلحق أي ضرر بالمريض.” ومما لا شك فيه أن الشريعة الإسلامية أكدت على ذلك، وقد حرّم الإسلام الضرر بكل أنواعه، وكذلك الضرار بكل صوره، وجميع أشكاله، حتى حرّم الإضرار بالآخرين منذ ولادتهم إلى حين وفاتهم، بل وبعد موتهم، فحرّم إضرار الأم بولدها، كما قال الله تعالى } : لا تضار والدة بولدها { ( البقرة : 233 ) ، وحرّم تغيير الوصية بعد سماعها أو تلقيها، وحرّم إضرار الموصي في وصيّته ، وحفظ لكل مخلوق حقوقه، وللأموات حقوقهم حتى حرّم سب الأموات. عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )لا ضرر ولا ضرار ( ، حديث حسن رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما.

ومما لا شك فيه أن الإهمال أو التقصير في خدمات المستشفيات والمستوصفات الطبية هو نوع من الاضرار بمصالح الناس وبأرواحهم. وفي كتاباته المتعلقة بالطب والاستشفاء، شدّد أبقراط (460-370 قبل الميلاد، وهو كما يقال “أبو الطب”) على أهمية بيئة أماكن الاستشفاء حيث قال بأنه: “يجب أن يكون الطبيب قادرًا على استبصار الماضي، ومعرفة الحاضر، والتنبؤ بالمستقبل… وأن يكون لديه هدفان خاصان فيما يتعلق بالمرض، وهما: فعل الخير أو عدم إلحاق الضرر.”

وكما أبرز “أبو الطب الاجتماعي” كما يقال، رودولف فيرشو (1821-1902 وهو طبيب ألماني)، الدور الاجتماعي للطب وضرورة أن تُعالج المستشفيات مشكلة عدم المساواة في الرعاية الصحية: “الطب علم اجتماعي، والسياسة ليست سوى طب على نطاق أوسع.” وقد جادل هذا الأخير بأن المستشفيات يجب أن تكون أماكن لعلاج المرضى، ولكن أيضًا للوقاية من الأمراض من خلال توفير ظروف صحية لائقة.

الصحة والرعاية الصحية أولاً:

لطالما كنا نردد ونحن صغار في المدارس الابتدائية مقولة “العقل السليم في الجسم السليم”، بل كانت توضع على شكل لوحة تزين جدران مدرستنا في البراري. كنا نردد تلك المقولة ولم نستوعب حقيقتها إلا لاحقاً، إذ أصبحنا نرى مرضى ومجانين ومشردين في الشوارع، وأدركنا بأن اهمال الجسم وتركه عرضة للأوساخ لا يولد سوى الأمراض والخروج بالعقل عن الصواب. ولذلك فقد سبقت الفطرة والادراك العقلي الصائب حقيقة الطهارة والنظافة وما تجلبه من سعادة للفرد والمجتمع. أدركنا أيضاً أن الإهمال لا يولد سوى الفوضى والفتن. والدليل على ذلك، فإن المجتمع قد يصبر على نوع من الفوضى لفترة، ولكن لا يمكنه أن يسكت عنها إلى الأبد. وهكذا رأينا في الآونة الأخيرة أن الجميع أصبح يهتف بأن “الصحة أولاً” نظراً لتردي خدمات بعض المستشفيات والمستوصفات، ونقص ملحوظ في الأطر والمعدات والوسائل. كما يشدد البعض على أهمية بيئة أماكن الاستشفاء وضرورة إعادة النظر فيها وتطويرها كي تتماشى مع “مغرب اليوم”، ويرتبط هذا المبدأ ارتباطًا مباشرًا بالحفاظ على المستشفيات في ظروف تحمي المرضى وتصون كرامتهم ولا تؤذيهم، وحتى لا تجرف موجة الخصخصة مرافق الصحة العمومية.

مغرب الريادة:

لا يمكن بأية حال من الأحوال انكار ما تم إنجازه فيما يخص بناء مستشفيات كبيرة وأخرى جامعية، لكن الغاية المنشودة هي أن تبنى وأن تعطى أهمية قصوى وبنفس الوثيرة التي تم بها تشييد الملاعب الكبرى والطرق ومحطات القطار والسكك الحديدية والموانئ، لأن مغرب اليوم لابد وأن يتسم بالشمولية ومراعاة كل القطاعات وبمقاربة مبنية على المساواة فيما بخص وتيرة التشييد والاهتمام.

الاستفادة من اليد العاملة الفلبينية:

لا شك أن تبادل الخبرات والمعارف يثري الوسط الثقافي والاجتماعي داخل المستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية. وبما أن لدينا أطر وكوادر طبية من ذوي المستويات العالية، فلماذا لا يتم جلب يد عاملة من الخارج لتساند وتساهم في بناء منظومة صحية متكاملة وبمواصفات عالمية؟

وعلى سبيل المثال، وبحكم التجربة، حيث اشتغلت جنباً إلى جنب مع مختلف الفئات والتخصصات من الفلبين في إحدى أكبر المدن الطبية في الخليج، يمكنني القول أن من أبرز المزايا التي قد يستفيد منها المغرب عند الاستعانة بالممرضين والممرضات والكوادر الطبية من الفلبين ما يلي:

الكفاءة العالية والتكوين الجيد:

فالكوادر الطبية الفلبينية مشهود لها عالميًا بجودة تكوينها الأكاديمي والعملي، إذ أن الفلبين تُعد من الدول المصدّرة للكوادر الصحية المؤهلة للعمل في أمريكا، أوروبا، والشرق الأوسط.

إتقان اللغة الإنجليزية:

يمكن الجزم بأن معظم الممرضين الفلبينيين يتقنون الإنجليزية، مما يسهل اندماجهم في النظام الصحي المغربي ويعزز التواصل مع الأطباء الأجانب والمرضى من جنسيات مختلفة.

الخبرة الدولية:

هناك نسبة كبيرة من الممرضين الفلبينيين عملوا في بلدان مختلفة، ما يمنحهم خبرة عملية واسعة ومتنوعة في التعامل مع حالات وأمراض متعددة.

الأخلاقيات المهنية والانضباط:

يشتهر الممرضون الفلبينيون بالجدية والانضباط، إضافة إلى التعاطف والقدرة على التعامل الإنساني مع المرضى، وهي صفات تزيد من جودة الخدمة الصحية.

تغطية العجز في الموارد البشرية:

لا شك أن المغرب يعاني من خصاص في الكوادر الطبية والتمريضية، ولذلك فإن الاستعانة بالفلبينيين سيخفف الضغط عن المستشفيات والمراكز الصحية، كما سيغطي العجز الحاصل في الأماكن النائية والقرى والبوادي غبر كل جهات المغرب.

نقل الخبرة وتبادل المهارات:

ولا شك أن وجودهم قد يشكل فرصة لتبادل الخبرات مع الممرضين المغاربة وتطوير معايير التمريض والرعاية الصحية محليًا.

المرونة في العمل والتأقلم:

يمتاز الفلبينيون بسرعة الاندماج في بيئات العمل المختلفة وقدرتهم على التأقلم مع ثقافات وأنظمة جديدة، مع سمعتهم الطيبة في اتقان العمل.

عامل اللغة ونظام التشغيل:

فيما يتعلق بالجانب الإداري–التشغيلي فإن لذلك وبدون شك تأثيراً مباشراً على القطاع الصحي وخدماته.

ويبقى السؤال المطروح هو: هل يمكن للمنظومة الصحية في بلدنا الانتقال من الاعتماد على الفرنسية إلى الإنجليزية في أنظمة التشغيل والمواعيد؟ ولما لا، فقد يحمل ذلك مجموعة من الفوائد، لكن لا يمكن إنكار حقيقة أن هناك أيضًا تحديات.

الفوائد المحتملة:

تسهيل الاستعانة بالكوادر الأجنبية

أغلب الكفاءات الطبية الدولية، خاصة من الفلبين والهند ودول إفريقيا وآسيا، تتقن الإنجليزية أكثر من الفرنسية، ما يسهل دمجهم بسرعة في النظام الصحي المغربي.

تعزيز التوافق مع المعايير العالمية:

بما أن الإنجليزية هي اللغة السائدة في المجال الطبي والبحث العلمي، فبالتالي استخدام أنظمة تشغيل ومواعيد بالإنجليزية يجعل المغرب أقرب إلى المعايير الدولية.

جذب الاستثمارات الطبية الأجنبية:

قد يساعد ذلك في تسهيل التعامل مع شركات دولية مصنعة للأدوية، الأجهزة الطبية، والمختبرات التي تعتمد الإنجليزية في عقودها وأنظمتها.

تطوير التكوين الطبي المستقبلي:

الطلبة والأطباء المقيمون سيتدربون أكثر على الإنجليزية الطبية Medical English، مما يسهل مشاركتهم في المؤتمرات الدولية والوصول إلى أحدث الأبحاث.

دعم السياحة العلاجية:

بما أن المغرب يسعى ليكون وجهة إقليمية للعلاج، فاعتماد الإنجليزية ربما سيسهل التواصل مع المرضى الأجانب غير الناطقين بالفرنسية.

التحديات:

سبق وأن أشرنا إلى أن قضية الانتقال من لغة إلى أخرى قد لا يتم بتلك السهولة التي نتصور، لكن بما أن ادماج اللغة الإنجليزية أصبح وارداً في مجالات عدة، فبالإمكان خوض هذا التحدي مع التركيز على اتقان اللغة العربية والحفاظ على الهوية المغربية بكل أطيافها ولهجاتها. وفيما يلي بعض التحديات التي لابد من مواجهتها بحزم:

الانتقال التدريجي صعب:

أغلب الأطر الطبية الحالية والمرضى معتادون على الفرنسية، مما قد يخلق فجوة في التواصل إذا تم التحول بشكل سريع.

تكاليف إضافية:

تغيير البرمجيات الطبية، الوثائق، والسجلات إلى الإنجليزية يحتاج إلى استثمار مالي وبشري.

التدريب وإعادة التأهيل:

سوف يحتاج الأطباء والممرضون المغاربة إلى تكوين إضافي في الإنجليزية الطبية لتفادي الأخطاء.

خلاصة:

يمكننا القول بأن “مغرب اليوم” قد أثبت للعالم بأنه قادر على التحديات الكبرى بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، وأنه مقبل على تحولات شاملة في معظم القطاعات والمجالات، لكن الإرادة المجتمعية تلح على أن قاعدة التطوير هذه لابد أن ترتكز على ثلاثة محاور وهي:

الصحة

التعليم

تنمية العقل البشري

تلك حلقات متماسكة ويتأثر بعضها ببعض. فكما قلنا في بداية هذا المقال “العقل السليم في الجسم السليم”، ولتحقيق ذلك، لابد من تطوير شامل لمنظومة الصحة في بلدنا والعمل على تطوير الأطر والكفاءات وتدريبها على اتقان العمل والتواضع أمام المريض واستحضار الوازع الديني وما أوصى به ديننا الحنيف في ذلك وصون وحفظ كرامة المريض والحفاظ على أسراره، مستحضرين في ذلك بأن الله عز وجل قد كرم بني آدم، وأوصى بالحفاظ على الروح.

نعم، ربما سيستفيد المغرب على المدى الطويل من الانتقال إلى الإنجليزية في أنظمة التشغيل والمواعيد الطبية، خاصة إذا كان هدفه جذب الكفاءات الأجنبية وتدويل قطاع الصحة، لكن يبقى الحث والتدريب على اتقان العمل والمحاسبة الحقة وتوفير التدريب الموازي (Parallel Training) وتكافؤ الفرص، عوامل يجب اتخاذها بعين الاعتبار وبكل جدية وحزم. لكن من الأفضل أن يتم ذلك بشكل تدريجي، عبر اعتماد نظام ثنائي (فرنسي–إنجليزي) في البداية، ثم التحول التام بعد فترة انتقالية.

وكما أوصى الطبيب الكندي ويليام أوسلر (1849- 1919، وهو أحد مؤسسي مستشفى جونز هوبكنز)، بالحفاظ على نظافة المستشفيات وتجويد الخدمات، فقد ربط في آن واحد بين تصميم المستشفيات ونظافتها وأساليب التدريس، حيث قال بأن: “الطبيب الجيد يعالج المرض، أما الطبيب العظيم فيعالج المريض المصاب به.” كما دعمت فلسفته تلك فكرة أن تكون المستشفيات أكثر من مجرد مبانٍ، بل يجب أن تكون بيئات تعليمية جيدة التنظيم وذات طابع إنساني. وما أحوجنا لمثل تلك الآراء التي تضع نصب أعينها مبدأ العدالة الاجتماعية والحق في التطبيب والعلاج لكل فرد بغض النظر عن أي شيء.

وكما أشرنا أعلاه، فحلقات التنمية يرتبط بعضها بالآخر: فلا يمكن تطوير منظومة الصحة دون اصلاح شامل لمنظومة التعليم ورد الاعتبار للمدرسة العمومية وللمعلم، ولا يمكن اصلاح هذين القطاعين دون التركيز على تنمية العقل البشري. فلابد من الاستثمار في المدرسة العمومية وتطويرها بشكل لافت، والعمل على اعداد كوادر وكفاءات طبية تربت وترعرعت في بيئة تعليمية سليمة من كل الشوائب، وذات صلة بمورثها الديني والثقافي والفلسفي والاجتماعي. وإذا تحققت العدالة الاجتماعية والمجالية في تلك القطاعات الثلاث، فإن ذلك من شأنه أن يضمن تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تضمن للفرد حقوقه وتصون عقيدته ومبادئه وكرامته وهويته، ولا قيمة لذلك أن نحن فرطنا في مكارم الأخلاق وحسن التعامل والتراحم بيننا، وحري بنا أن نقف على أبيات الشاعر أحمد شوقي حيث قال:

إنّما الأمم الأخلاق ما بقيَتْ

فَإِنْ هُمُ ذهبَتْ أخلاقهمْ ذهبوا

وقال غيره:

مَنْ يزرعِ الخيرَ في نفسٍ سيحصدهُ

لن يحصدَ الشّوكَ مَنْ في أرضهِ العِنَبُ

والله ولي التوفيق،،،

باحث في مجال التربية والتعليم والثقافة