Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء جهات مجتمع

“حين تصرخ الأنثى في صمت.. ويختبئ الذكر خلف قناع السلطة”

هند بومديان

 

“حين تصرخ الأنثى في صمت.. ويختبئ الذكر خلف قناع السلطة”

في مجتمعاتٍ تلبس ثوب الحداثة وتنام على وسادة التخلف، ما زال الصوت الأنثوي يُخنق بألف طريقة، وما زال الذكر يتوهم أن السلطة هي امتداد لرجولته، وأن السيطرة تمنحه اكتمالًا ما. لا أحد يربح في هذه المعادلة المختلّة. المرأة تُجلد بنار الصمت، والرجل يُساق كالأعمى خلف صورة مشوّهة لرجل لا يتألم، لا يتراجع، لا يتكسر.

تَربَّينا على أن الذكر قائد بالفطرة، وأن الأنثى تابِعة بطبعها. وتَشرَّبنا وهمًا قديماً يقول: “الرجل عقلٌ والمرأة عاطفة”. لكن الواقع يكشف هشاشة هذا التصنيف، ويُعرّي كذبة “الفطرة” التي صيغت بمداد من خوف وعُقد.

الأنثى بين عبودية الطاعة وثورة الصمت

الأنثى في هذا المجتمع لا تحتاج إلى سلاسل في قدميها كي تُستعبد، فالنظرات، والأحكام، والتوقعات الاجتماعية كافية لشلّ حركتها. تعلّمت أن تبتسم وهي موجوعة، أن تربي وتُضحي وتُكافح، دون أن تُطالب بشيء. أن تسكت حين تُهان، وأن تُسامح حين تُكسَر. لكن في داخلها صرخة… صرخة لا يسمعها أحد، لأنها تأتي بهدوء، في الليل، حين تُطفأ الأضواء وتبقى وحدها مع جراحها.

الذكر المزيّف… حين تخنقه رجولته

والرجل؟ الرجل تائه في صراعات لا يفهمها. يعتقد أن الهيمنة قوة، وأن السيطرة حب. يخشى أن يُظهر ضعفه فيُتهم بأنه ليس “رجلاً كفاية”. فيُكابر، ويُمارس القمع، ويكتم حزنه، ويغرق في صمته، حتى يصبح قناع الرجولة سجنه الأبدي.

هذا الذكر ليس حرًّا. إنه عبد لصورة صُنعت له، لا من روحه، بل من تاريخٍ متخم بالخوف من النساء.

المجتمع الخاسر الأكبر

حين تُقصى المرأة من القرار، يخسر المجتمع نصف عقله. وحين يُجبر الرجل على أن يكون جلادًا، يفقد المجتمع نصف قلبه. لا المساواة تحققت، ولا العدالة وجدت طريقها. نحن نعيش بين التناقضات، نُحرّك الكلمات الكبيرة في المؤتمرات، بينما نُمارس أبشع أشكال التمييز في البيوت، في المؤسسات، في الأحلام التي نزرعها في عقول الصغار.

نحو وعي جديد

لسنا بحاجة إلى امرأة تُقلّد الرجل، ولا إلى رجل يُملي على المرأة كيف تعيش. نحن بحاجة إلى إنسان جديد. إنسان يُربّى على أن القيادة لا تُقاس بالجنس، وأن الكرامة لا تحتاج إلى تفويض، وأن الحب لا يعني الهيمنة.

حين تصرخ الأنثى في صمت، فإنها تُعلن نهاية صبرٍ لم يُقدّر. وحين يختبئ الذكر خلف قناع السلطة، فهو لا يقود، بل يهرب من مواجهة نفسه.

وما لم نكسر هذا القناع، ونحرّر الصرخة، سيظلّ كل طرف يجرّ الطرف الآخر نحو الهاوية… باسم الرجولة، وباسم الأنوثة، بينما تُذبح الإنسانية في المنتصف.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة حوادث خارج الحدود مجتمع

غزة… حيث يذبح الأطفال و تغتال الكرامة على مذبح الصمت العالمي

 

“غزة… حيث يُذبح الأطفال وتُغتال الكرامة على مذبح الصمت العالمي”

في غزة، لا يحتاج الموت إلى مواعيد، ولا يستأذن من أحد، هو ضيف ثقيل دائم، يحوم فوق الرؤوس، ويتنقل بين البيوت دون استئذان. في غزة، حيث الهواء ملوث برائحة البارود، والأرض مفروشة بجثث الأطفال، والسماء شاهدة على جرائم مكتملة الأركان، يُعاد تعريف المفاهيم: الإنسانية تصبح ترفًا، والعدالة نكتة باهتة، وحقوق الإنسان حبرًا تافهًا على ورق ممزق.

غزة تُباد.
هكذا دون مواربة.
مدن تُهدم فوق رؤوس أهلها، مستشفيات تُقصف، مدارس تتحول إلى مقابر جماعية، ومساجد تُمحى من الوجود. يُقتل الطفل وهو نائم في حضن أمه، تُباد العائلة كاملة، ولا يتحرك ساكن في هذا العالم المُدّعي للتحضر.

الصمت المطبق من المؤسسات الدولية، من أنظمة تدّعي الدفاع عن الإنسان، من نُخب ثقافية وحقوقية لم يعد يعني سوى شيء واحد: تواطؤٌ مفضوح مع القاتل، وخيانةٌ مكشوفة للضحية.
لم يعد هناك مجال لتجميل الواقع، فالعالم لا يصمت فقط، بل يُبرر، ويُشرعن، ويمنح القاتل وقتًا إضافيًا لسفك المزيد من الدماء.

في غزة، يُقتل الطفل مرتين: مرة بصاروخ، ومرة بصمت العالم.
الطفولة هناك لا تعرف سوى الركام، ولا تتعلم الحروف إلا من خلال كتابات على جدران مهدّمة. صرخة الطفل ليست نداء استغاثة فقط، بل صفعة في وجه الإنسانية الساكنة.

ومع كل هذا الخراب، يُصر الشعب الغزّي على الحياة.
يُصر على التشبث بالأمل، على زرع زهرة في ركام، على تعليم الأطفال تحت الخيم، على دفن شهدائه بكرامة، وعلى ترديد النشيد الوطني في جنازات الصغار.

غزة لا تركع، رغم جراحها.
لا تسكت، رغم النزف.
لا تموت، رغم محاولات محوها.

لكن إلى متى؟
إلى متى ستظل غزة تُذبح كل يوم والعالم يعدّ القتلى ويقلب القنوات؟
إلى متى سنكتفي بالبكاء والتنديد دون تحرك؟
هل أصبحنا فعلاً شعوبًا لا تغضب، لا تثور، لا تبكي إلا على الأطلال؟

غزة اليوم مرآةٌ لنا جميعًا، تعكس قبح هذا العالم، واختناق القيم، وموت الضمير.
من لا يشعر بألمها، فليتحسس قلبه… فقد يكون قد مات.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة بلاغ خارج الحدود

المغرب والولايات المتحدة: تعزيز الشراكة الاستراتيجية من خلال الحوار

حسيك يوسف

شهدت العلاقات الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة تطورًا ملحوظًا بعد اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. هذا الاجتماع يعكس التزام البلدين بالعمل المشترك لتعزيز الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كان اللقاء فرصة لبحث العديد من القضايا الاستراتيجية، من بينها تعزيز التعاون التجاري بين البلدين، بالإضافة إلى تأكيد الموقف الأمريكي الثابت في دعم سيادة المغرب على الصحراء المغربية. تم التأكيد على أن مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب هو الحل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق حل عادل ودائم لهذا النزاع.

تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أظهرت التزامًا واضحًا من الولايات المتحدة بتسوية النزاع عبر الحوار والمفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية، مع التأكيد على أن هذا الحل يتماشى مع مصالح الشعب المغربي والمنطقة ككل.

اللقاء بين بوريطة وروبيو يعكس قوة الشراكة بين البلدين، ويؤكد على أهمية التعاون في القضايا الأمنية والاقتصادية. كما يعكس حرص الطرفين على تعزيز العلاقات الثنائية في مجالات متعددة، وهو ما سيعود بالنفع على شعوب البلدين ويعزز الاستقرار الإقليمي والدولي.

إن هذا اللقاء هو تأكيد آخر على أن المغرب يمثل شريكًا قويًا للولايات المتحدة في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الأمن في المنطقة، وينبغي أن يكون نقطة انطلاق لمزيد من التعاون في المستقبل.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الصحة الواجهة طالع

مستشفى الهاروشي… أزمة تتفاقم بين إهمال إداري وغياب توزيع عادل للموارد الصحية

بقلم: فيصل باغا مع الحدث

يعيش مستشفى الهاروشي للأطفال بالدار البيضاء على وقع أزمة متصاعدة، وسط شكاوى متكررة من المواطنين حول تردّي الخدمات، وقلة الموارد البشرية والمادية، في وقت يُفترض فيه أن يكون هذا المرفق الصحي من أبرز المستشفيات المرجعية بالبلاد.

 

الطوارئ مكتظة، والأسرّة غير كافية، والتجهيزات مهترئة أو معطلة، ما يزيد من معاناة المرضى وأسرهم. كل هذا في ظل إدارة توصف بأنها بعيدة عن نبض الواقع، وغير قادرة على اتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين ظروف الاستقبال والعلاج.

 

غير أن جوهر الإشكال لا يكمن فقط في المستشفى ذاته، بل يتعداه إلى خلل بنيوي على مستوى المنظومة الصحية. إذ أن الضغط الهائل الذي يشهده الهاروشي، يعود بالأساس إلى تقاعس المستشفيات الجهوية والإقليمية في أداء دورها. فبدل أن تستقبل هذه المؤسسات الصحية مرضى المناطق التابعة لها، تُحال الحالات إلى الدار البيضاء، ما يخلق حالة من الاكتظاظ والفوضى في مستشفى الهاروشي.

 

المطلوب، كما يؤكد المهنيون، ليس فقط تدخلًا إسعافيًا من الوزارة الوصية، بل إصلاحًا هيكليًا يبدأ بتأهيل المستشفيات الجهوية والإقليمية، وتوفير الأطقم الطبية والتجهيزات اللازمة لها، حتى تُخفف العبء عن المستشفى المركزي، ويُتاح للمواطنين حقهم في العلاج الكريم داخل مناطقهم.

 

فهل تتحمل الوزارة مسؤوليتها وتفتح تحقيقًا جديًا في وضعية مستشفى الهاروشي؟ وهل تضع حدًا لسياسة الترحيل الصحي غير المتوازن؟ أم تظل دار لقمان على حالها، وتستمر معاناة المواطنين في صمت؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء خارج الحدود

دماء تحت الركام و صمت على المقاس

هند بومديان

 

فلسطين: دماء تحت الركام وصمت على المقاس

في زمن تحكمه المصالح وتنخره الازدواجية، ترتكب في فلسطين إبادة جماعية بدم بارد، بينما يصمت العالم صمتًا مدروسًا، صمتًا على المقاس، لا تحرّكه لا المجازر ولا الدموع، ولا حتى أكوام الجثث تحت الركام.

شعب يُقهر، يُلاحَق حتى في نومه، وتُهدم عليه البيوت فوق رؤوس أحبته، بينما تُروّج منصات الإعلام الكبرى لرواية واحدة: رواية القاتل. يُمنع الفلسطيني من رواية وجعه، من صراخ أطفاله، من بثّ وجع نسائه، لأنه لا يليق بالصورة المعلّبة للعالم “المتحضّر”.

الأطفال في فلسطين لا يحلمون بالألعاب، بل يحلمون بالنجاة.
النساء لا يتزينّ، بل يحتفظن بصور أبنائهن الشهداء في أعناقهن.
الرجال لا يعملون، بل يفتشون بين الركام عن من تبقى من أرواحهم.

هذا التآمر الإعلامي لا يقل دموية عن الطائرات التي تقصف، فهو يمنح القاتل شرعية، ويسرق من الضحية حقها في الحكي، في الوجود، في أن تُرى وتُسمع.

ومع ذلك، ورغم هذا الموت المحيط من كل الجهات، تبقى فلسطين شامخة.
تنزف، نعم، لكنها لا تركع.
تُجرح، لكنها لا تفرّط.
وحدها، تواجه آلة الدمار العالمية بقبضة طفل، بحجر، بأمل، بتراب لا يُباع.

فلسطين ليست مجرد أرض محتلة، بل مرآة تعكس قبح هذا العالم.
مرآة تكشف من بقي إنسانًا، ومن تحول إلى ظلّ بلا روح.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي متفرقات

الشريف عبد الله حافظي السباعي الإدريسي حسني يعبر عن أسفه لما آلت له زاوية الشيخ ماء العينين بالسمارة 

مع الحدث – الرباط – عادل الحصار

زاوية الشيخ ماء العينين بالسمارة… معلمة روحية وتاريخية تنتظر الإنصاف

يوم الإثنين 7 أبريل 2025، وبعد صلاة العصر، وصلنا إلى باب زاوية الشيخ ماء العينين بمدينة السمارة، فوجدناه – وللأسف الشديد – مغلقًا، لا يُفتح ولا يُسمح بالدخول إلى بهو هذا المعلم الروحي والعلمي العريق.

لقد كانت الزاوية أيام القيم الراحل، ولد الشيخ محمد إبراهيم، منارة مفتوحة تنشر علم الشيخ ماء العينين، عبر ما جمعه من مخطوطات ومؤلفات بوسائله الخاصة. كان الراحل مرجعا في تاريخ السمارة، وتاريخ الشيخ ماء العينين وأهله، وفي الوقت نفسه إنسانًا بسيطًا، يعاني في صمت، ولا يملك سوى معاشه الزهيد من وزارة العدل، وكان مثالًا للتعفف والتواضع.

اليوم، وبعد رحيله، تُطرح تساؤلات مشروعة: هل وزارة الأوقاف عاجزة عن تعيين قيم وفقيه ومؤذن من سلالة الشيخ ماء العينين؟ وهل يعقل أن تظل الزاوية مغلقة طيلة الأسبوع، ولا تُفتح إلا يوم الجمعة؟

ورغم تخصيص وزارة الثقافة لغلاف مالي لترميم الزاوية، إلا أن هذا الغلاف لم يُستغل بالشكل المطلوب، باستثناء بعض الإصلاحات الطفيفة، لتظل الزاوية في وضعية غير لائقة بتاريخها ورمزيتها، دون أن نسمع من يُنكر هذا الواقع.

زاوية الشيخ ماء العينين ليست فقط معلمة دينية، بل هي شاهد على مغربية الصحراء. فقد بُنيت في عهد الاستعمار الإسباني بمواد وخشب وفُسيفساء أرسلها السلطان مولاي عبد الرحمان. وتعرضت الزاوية خلال عملية “أكفيون” لقصف فرنسي بصاروخ دمّر جزءًا كبيرًا منها، لا يزال شاهدا على بشاعة الاستعمار.

وكان من الأولى أن يتم استثمار ميزانية بناء المسجد المجاور لترميم الزاوية، وتأهيلها لتحتضن قاعات للدراسة وسكنًا للطلبة، إحياءً لروح العلم التي أنارتها لمئات السنين، وخرجت منها آلاف الطلبة الذين انتشر علمهم في بقاع العالم.

الشيخ ماء العينين، هذا العالِم المجاهد، ألّف ما يزيد عن 450 كتابًا، بينما لا تُحصى مؤلفات أبنائه وأحفاده، ما يستوجب فتح مكتبة كبيرة داخل الزاوية لجمع هذا التراث الغزير، وتحويلها إلى قبلة للباحثين والزائرين من كل العالم.

إذا كانت فاس عاصمة علمية للمملكة المغربية، فإن السمارة هي العاصمة العلمية للصحراء المغربية، ويجب أن تحظى بما تستحقه من عناية، في ظل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة خارج الحدود سياسة

صرخة الشوارع و صمت العالم «غزة»

هند بومديان

“حين تصرخ الشوارع ويصمت العالم: غزة تحترق والضمير الإنساني في غيبوبة”

في كل زاوية من هذا العالم، تُرفع الأعلام الفلسطينية، تتعالى الهتافات، وتُرسم الكلمات على الجدران: “أنقذوا غزة”، “كفى قتلًا”، “أوقفوا الإبادة”. لكن في المقابل، تظل طائرات القصف تُحلّق، والأرض ترتجف تحت أقدام الأطفال، والموت يحصد أرواح الأبرياء في صمت دولي مريب.

الاحتجاجات لم تعد مجرّد تعبير عن التضامن، بل تحوّلت إلى محاولة يائسة لإنقاذ ما تبقى من إنسانيتنا. صارت الشعوب أكثر وعيًا، وأكثر جرأة في كشف تواطؤ الأنظمة وصمتها المفضوح. ومع ذلك، يستمر هذا العالم المُدّعي للتحضر في تقديم صكوك الغفران للمجرمين، دون خجل أو مساءلة.

ما يحدث في غزة ليس صراعًا بين قوتين، بل عملية تطهير عرقي ممنهجة، تُرتكب على مرأى ومسمع الجميع. الصور التي تصلنا من هناك ليست مشاهد عابرة، بل جراح في الضمير الإنساني، لن تندمل بسهولة.

فما جدوى الصراخ إذا لم تُرافقه خطوات فعلية؟
وما قيمة التضامن إذا لم يُترجم إلى قرارات حاسمة، ضاغطة، ومؤثرة؟

غزة تنزف، وأرواح الشهداء تنادي.
فإما أن نكون في صف العدالة، أو نصمت ونشارك في الجريمة دون أن ندري.

الوقت ليس للحياد، بل للانحياز للحق، ولو بكلمة.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

غياب المرافق العمومية يثقل كاهل ساكنة عين الشق: متى تتحرك عجلة التنمية؟

بقلم: فيصل باغا

تعاني مقاطعة عين الشق، إحدى أكبر مقاطعات الدار البيضاء، من ضعف واضح في البنية التحتية الاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بالمرافق العمومية الأساسية. فرغم التوسع العمراني الملحوظ والنمو السكاني المطّرد، لا تزال العديد من الأحياء تعيش على وقع غياب مرافق ضرورية كالمراكز الصحية، الملاعب الرياضية، والمساحات الخضراء، مما يُفاقم من معاناة الساكنة ويطرح علامات استفهام حول أولويات التنمية في المنطقة.

ويشتكي المواطنون من تأخر تنفيذ عدد من المشاريع التي تم الإعلان عنها في فترات سابقة، والتي ظلت حبيسة الوعود دون أن ترى النور، في وقت تتزايد فيه حاجة السكان إلى فضاءات ترفيهية وخدماتية تواكب التوسع العمراني. ويؤكد متتبعون للشأن المحلي أن غياب الإرادة السياسية والتنسيق بين الجهات المعنية يُعد من بين أبرز الأسباب التي تُعيق النهوض بالمرافق العمومية في المقاطعة.

ورغم إطلاق بعض المبادرات التنموية في السنوات الأخيرة، إلا أن وطأتها تظل محدودة وغير كافية لسد الخصاص المهول، مما يُبقي عين الشق في مؤخرة ترتيب المقاطعات من حيث جودة الخدمات العمومية.

وفي ظل هذا الوضع، يطالب عدد من الفاعلين الجمعويين وساكنة المقاطعة الجهات الوصية بالتدخل العاجل لإعادة الاعتبار للمنطقة، عبر تفعيل المشاريع المتوقفة، وتسريع وتيرة إنجاز المرافق العمومية التي من شأنها تحسين جودة الحياة وضمان كرامة المواطنين.

فهل تتجاوب السلطات مع هذه النداءات؟ أم أن غياب المرافق سيبقى سمةً لصيقة بعين الشق، في انتظار صحوة تنموية حقيقية؟

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الواجهة بلاغ ثقافة و أراء خارج الحدود سياسة مجتمع

غزة تحت الرماد: حين يصبح الصمت خيانة

  1. هند بومديان

غزة تحت الرماد: حين يصبح الصمت خيانة

في الركن المنسي من هذا العالم، حيث لا تُسمع سوى دوي القنابل وصرخات الأطفال، تقف غزة، مدينة الأرواح المثقوبة، شاهدة على جريمة مكتملة الأركان تُرتكب في وضح النهار.
ليست مجرد حرب… إنها إبادة تُبثّ على الهواء مباشرة، تحت أنظار صامتة، وأنظمة صمّاء، وضمائر باردة.

غزة لا تموت فقط بالقصف، بل بصمت العالم.
البيوت هناك لا تهدم فقط، بل تُقتلع من الذاكرة، من الجغرافيا، من التاريخ.
الأمهات لا يبكين فقط، بل يُغتَصَب منهنّ الحلم، يُجتثّ من صدورهن الأمل، ويُدفن مع أولادهن تحت الركام.

أي قلب لا يهتز أمام مشهد طفل يُنتشل أشلاءً من تحت الردم؟
أي عين لا تدمع حين ترى مستشفى يتحوّل إلى مقبرة؟
أي ضمير لا يرتعد حين تُقصف المدارس والمخابز والمآذن في وقت واحد؟

غزة تُباد… نعم، إبادة لا تحتاج إلى وثائق، فكل حجر هناك يشهد، وكل شجرة تعرف، وكل وجه محفور بالألم يروي الحكاية.

لكن الصدمة ليست فقط في القصف، بل في التواطؤ.
في صمت الدول، في عجز الشعوب، في الاكتفاء بالهاشتاغات والدعوات، بينما يُذبح شعب بأكمله.
الصمت هنا لم يعد حيادًا، بل خيانة.
كل من سكت شريك.
كل من تواطأ بالصمت قاتل.

غزة لا تحتاج إلى دموعنا، بل إلى موقف.
لا تحتاج إلى رثاء، بل إلى يقظة.
فمن نجا من القصف، لن ينجو من الخذلان.

يا غزة، عذراً إن سكتنا، عذراً إن خذلنا الصوت…
لكن صوتك سيبقى، كألم خالد، كندبة في جبين هذا الكوكب البارد.

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الواجهة بلاغ ثقافة و أراء مجتمع

زمن التضليل… حين تصبح الحقيقة ضحية النقرات

هند بومديان

 

زمن التضليل.. حين تصبح الحقيقة ضحية النقرات..

 

في زمن الانفجار المعلوماتي، لم يعد الوصول إلى المعلومة رفاهية، بل أصبح في متناول الجميع بضغطة زر. ومع هذا التدفق الهائل للأخبار، تراجعت الحقيقة خطوات إلى الوراء، وفسحت المجال أمام سيل جارف من الأكاذيب، وأنصاف الحقائق، والتأويلات المغرضة.

لم تعد الأخبار الكاذبة مجرد زلات فردية أو شائعات محلية تُروى في المقاهي وأحاديث الجيران، بل تحولت إلى صناعة متكاملة تُدار بحرفية، وتُسوق بعناوين مثيرة، وتُروّج عبر شبكات التواصل الاجتماعي بشكل أسرع من انتشار الحقيقة ذاتها. صورة مفبركة، فيديو مجتزأ، أو عنوان صادم، كفيل بتحريك الرأي العام، وتوجيهه نحو تصورات مغلوطة، أو حتى خلق فوضى يصعب تداركها.

في المغرب، كما في باقي دول العالم، شهدنا حالات عديدة لأخبار زائفة أشعلت الجدل، وخلقت حالة من الهلع أو التوتر المجتمعي. من شائعات عن اختطاف أطفال، إلى أخبار مزيفة عن غلاء جديد في الأسعار، أو انقطاعات في المواد الأساسية، كلها تنطلق كشرارة في الفضاء الرقمي، لتتحول إلى لهب لا يُطفأ إلا بعد أن يخلف أثره في النفوس.

ما يزيد من خطورة هذا الواقع، هو أن أغلب المستخدمين لا يملكون أدوات التحقق، ولا يتوفرون على الثقافة الإعلامية الكافية لتمييز المعلومة الصحيحة من الزائفة. والأسوأ من ذلك أن الكثيرين باتوا يكتفون بقراءة العناوين فقط، دون التعمق في المحتوى أو البحث عن المصدر.

في هذا السياق، تتعاظم مسؤولية الإعلام المهني، الذي أصبح مطالبًا أكثر من أي وقت مضى بالتحقق، والتدقيق، وتقديم المعلومة الدقيقة بعيدًا عن الإثارة والسبق الكاذب. كما أن المؤسسات التعليمية والتربوية تتحمل جانبًا من المسؤولية، إذ لا بد من إدراج التربية الإعلامية ضمن المناهج، لتكوين أجيال قادرة على مواجهة سيل التضليل الوافد من كل جهة.

الحقيقة لم تعد تنتصر دائمًا، خصوصًا حين تدخل في سباق غير متكافئ مع الكذب الذي يرتدي عباءة الإقناع والسرعة. وفي زمن أصبحت فيه النقرات تحكم جودة المعلومة، بات من الضروري أن نقف جميعًا ضد هذا التيار الجارف، وأن نعيد الاعتبار للعقل، للتحقق، وللأمانة الصحفية.

فالتضليل ليس فقط تهديدًا للمعلومة، بل هو تهديد مباشر لوعي المجتمعات، لاستقرارها، ولقدرتها على اتخاذ قرارات مبنية على الواقع لا على الوهم.