Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات طالع

خريبكة تستغيث: العطش ينهك السكان في ذروة الحر.. والبلاغات الرسمية تزيد الغموض

مع الحدث متابعة: لحبيب مسكر

في وقت تشهد فيه خريبكة موجة حر خانقة، وجد السكان أنفسهم في مواجهة أزمة مياه حادة تفاقمت بشكل مقلق. فالانقطاعات المتكررة، والتي باتت شبه يومية، تحولت إلى كابوس يؤثر على تفاصيل الحياة اليومية، وسط صمت رسمي وغياب لأي توضيحات مقنعة من الجهات المعنية.

بلاغات متضاربة وواقع أكثر مرارة

رغم صدور بلاغ رسمي عن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يُعلن فيه عن انقطاع المياه ابتداءً من الساعة السادسة مساءً، تفاجأت الساكنة بانقطاع فعلي بدأ منذ الساعة الثانية زوالاً، في خرق صارخ للموعد المعلن. ووفقًا للبلاغ، كان من المفترض أن يُستأنف التزويد صباح اليوم التالي في حدود الساعة السادسة، إلا أن الماء ظل مقطوعًا لأكثر من 24 ساعة، ما زاد من حالة الاحتقان الشعبي.

غضب في الأحياء واحتجاجات صامتة

“العطش ذلّ”، يقول محمد، أحد سكان حي القدس، متسائلًا بمرارة: “إلى متى نتحمل هذه الإهانات؟ شراء مياه الشرب ليس مشكلة، لكن ماذا عن الاستحمام، التنظيف، وحتى قضاء الحاجة؟”. تصريحات تعكس واقعًا مُزريًا، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة التي ترفع الحاجة إلى الماء بشكل ملحّ.

الصيف.. فصل المعاناة المتكررة

الانقطاعات لا تأتي فرادى، بل تزداد خلال فصل الصيف، لتتحول من أزمة عرضية إلى نمط يومي للعيش. عائلات بأكملها لجأت إلى تخزين الماء في قنينات وأوانٍ بلاستيكية غير صحية، بينما انتعشت ظاهرة اقتسام مياه الصهاريج، والتي لا تصل إلا لأحياء محدودة وبكميات غير كافية.

تقول فاطمة، ربة بيت وأم لثلاثة أطفال: “حتى تدبير الحلول البديلة أصبح رفاهية. لا أحد يخبرنا متى ستعود المياه، ولا كيف نتدبر أمورنا في ظل هذا التهميش”.

“الأولوية لجهات معينة؟”

في خضم هذا الغضب الشعبي، بدأ البعض يلمّح إلى أن هناك جهات اقتصادية كبرى تُمنح الأولوية في التزود بالماء، في وقت يُترك فيه المواطن البسيط يُصارع العطش.

يقول سعيد، من سكان حي البيوت: “كيف يُعقل أن تنقطع المياه عن أحياء بأكملها، بينما بعض الوحدات الصناعية القريبة لا تتأثر؟”. مضيفًا: “إذا كانت الأولوية للأنشطة الإنتاجية على حساب حياة الناس، فنحن أمام خلل أخلاقي قبل أن يكون تقنيًا”.

هذه التساؤلات تعكس أزمة ثقة تتنامى بين السكان والمؤسسات، في ظل غياب الشفافية وغياب تواصل جاد يطمئن المواطنين ويشرح الأسباب الحقيقية للأزمة.

أين الخلل؟ ومن يتحمل المسؤولية؟

يتساءل المواطنون عن الجهة التي تتحمل مسؤولية هذه الأزمة المتكررة: هل الأمر ناتج عن تهالك الشبكة المائية؟ أم سوء تدبير وتخطيط؟ أم عجز عن مواكبة التوسع السكاني والعمراني الذي تعرفه المدينة؟

ورغم المسؤولية القانونية التي تقع على عاتق المكتب الوطني للكهرباء والماء، إلا أن استمرار الوضع على ما هو عليه دون تدخل حقيقي زاد من غضب الساكنة، التي طالبت بتحقيق جدي لمحاسبة الجهات المقصّرة.

مطالب السكان تلخّص حجم الغضب

شفافية كاملة في مواعيد الانقطاعات وبلاغات دقيقة تُحترم.

إصلاحات فورية في شبكة التوزيع وتوسيعها.

تعويض المتضررين عبر صهاريج مجانية ومنتظمة في الأحياء الأكثر تضررًا.

تحقيق محايد لتحديد مكامن الخلل وتقديم إجابات واضحة للرأي العام.

معركة العطش.. خريبكة في قلب الأزمة

في الوقت الذي تتجه فيه دول العالم إلى سنّ سياسات استباقية لمواجهة أزمة الماء، يبدو أن مدينة خريبكة تُترك وحدها لمواجهة قدرها، دون خطط طوارئ أو تحرك استباقي حقيقي.

ويبقى السؤال المؤلم الذي يتردد على ألسنة السكان: هل كُتب علينا أن نحيا في بلد الماء بلا ماء؟

Categories
أخبار 24 ساعة الصحة الواجهة طالع

أمل جديد في عالم الصمت: الدكتور عبد الإله لمهادي يفتح أبواب السمع لطفلين في مستشفى ابن سينا بالدار البيضاء

بقلم: حسيك يوسف

في لحظة إنسانية فارقة، عاش مستشفى ابن سينا الخاص بالدار البيضاء يومًا استثنائيًا، حين نجح الفريق الطبي، بقيادة الدكتور عبد الإله لمهادي، في إجراء عمليتي زراعة قوقعة لطفلين دون سن الرابعة، كانا يعيشان في عزلة تامة عن عالم الصوت.

الطفلان، اللذان وُلدا بصمم كلي، لم يكن بإمكانهما النطق أو التفاعل مع محيطهما، ليأتي التدخل الجراحي المعقّد ويمنحهما فرصة ثمينة لبدء حياة جديدة، حياة يمكن أن تُسمع فيها أصوات الضحك، وأسماء الأحبة، ولغة العالم.

هذه العملية الدقيقة، التي تتطلب تجهيزات عالية ومهارات فائقة، تُعدّ ثورة في الطب الحديث، وقد برهنت من جديد على كفاءة الجراحين المغاربة وخبراتهم التي تضاهي المعايير العالمية.

الدكتور عبد الإله لمهادي، أحد أبرز الأسماء في ميدان جراحة الأذن والأنف والحنجرة، جسّد من خلال هذا العمل الطبي رسالة عميقة: إن الإرادة والعلم يمكن أن يغيّرا المصير.

وتُبرز هذه الحالة أهمية التشخيص المبكر والتدخل العلاجي السريع، إذ إن الطفل الذي لا يسمع قبل سن السادسة يفقد قدرته على تعلّم النطق بشكل طبيعي، ويُحكم عليه باستخدام لغة الإشارة فقط.

لكن، ولحسن الحظ، لم تعد هذه الحقيقة قدراً حتميًا، بفضل تطور الجراحة وظهور برامج دعم اجتماعية شاملة.

في هذا السياق، لا بد من الإشادة بالمبادرة الملكية الرائدة، التي مكنت، من خلال تعميم التأمين الإجباري عن المرض، من تغطية نحو 70% من تكاليف زراعة القوقعة، حتى داخل المصحات الخاصة، وهو ما يمثل فارقًا جوهريًا بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود.

إنه تحوّل كبير، يجمع بين الرؤية السياسية الإنسانية والتميز الطبي الوطني، ليجعل من قصص مثل هذه لحظة فخر جماعي، وعنوانًا لأمل مشترك.

اليوم، بفضل خبرة الدكاترة المغاربة، وبدعم من السياسات الاجتماعية الطموحة، لم تعد زراعة القوقعة حلمًا بعيد المنال، بل فرصة حقيقية تمنحها دولة تؤمن بحق الجميع في السمع، في التعلم، وفي العيش بكرامة.

فهنيئًا للدكتور عبد الإله لمهادي، وهنيئًا لهؤلاء الأطفال الذين عبروا من عتمة الصمت إلى عالم مليء بالأصوات… والأمل.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة طالع مجتمع

بوسكورة تحت رحمة المقاهي العشوائية… تدخين المخدرات على مرأى الجميع وسلطات في سبات عميق

مول الحكمة

في مشهد يبعث على القلق، تتحول مدينة بوسكورة بإقليم النواصر تدريجياً إلى مرتع للفوضى والانفلات الأخلاقي، بسبب الانتشار اللافت للمقاهي غير المرخصة، التي تُفتح وتُشغل خارج أي إطار قانوني، دون أدنى رقابة من الجهات الوصية، وفي ظل تواطؤٍ غير مبرر أو تغافلٍ يثير الريبة.

هذه “المقاهي”، التي تتكاثر كالفطر في الأزقة والأحياء، لم تكتفِ بتجاوز القانون، بل أصبحت فضاءات مشبوهة تُمارَس فيها سلوكات منحرفة، وعلى رأسها تدخين المخدرات بشكل علني، أمام أعين المارة، وفي محيط سكني يحتضن عائلات وأطفالاً ومراهقين باتوا اليوم في قلب الخطر.

فمن المسؤول عن هذا التسيب؟ وكيف يُسمح لمثل هذه الفضاءات أن تشتغل دون رخص؟ وأين هي لجان المراقبة التي من المفترض أن تضع حداً لهذا العبث المتنامي؟ الأسئلة كثيرة، والإجابات تغيب وسط صمت رسمي مريب، في وقت يكتوي فيه السكان بنار الانحراف والإدمان الذي يتربص بأبنائهم.

فعاليات مدنية وحقوقية كثيرة دقت ناقوس الخطر، ووجّهت نداءً صريحاً إلى السيد عامل إقليم النواصر للتدخل الفوري، قبل أن تتحول بوسكورة إلى بؤرة سوداء يتعذر إصلاحها.

فالمطلوب ليس فقط إغلاق المقاهي العشوائية، بل مساءلة من يغضّ الطرف عنها، وتفعيل أدوات الرقابة والمحاسبة، وتحرير الفضاء العام من قبضة الانحلال.

بوسكورة اليوم لا تحتاج إلى خطب ووعود، بل إلى قرارات حازمة تُعيد الاعتبار لسلطة القانون، وتصون كرامة المواطن، وتحمي النشء من السقوط في مستنقع المخدرات والإجرام.

فهل يتحرك المسؤولون قبل فوات الأوان؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات طالع

الآثار السلبية للشهادات المزورة على التعليم

عبد الله بن أهنية

يتطلب التعمق في فهم معنى بعض المقولات أو استخدام مصطلح ما أحيانًا التلامس الوثيق مع سياقه ومحيطه لجعله أكثر وضوحًا. على سبيل المثال، ربما لم تكن فكرة أو مقولة “شهادة ميكي ماوس” (Mickey Mouse) تعني لي الكثير في الواقع قبل بضع سنوات حتى وصلتُ إلى أمريكا الشمالية. مع أنني كنت أسمعها تُستخدم في بعض المحادثات هنا وهناك، إلا أنني لم أتمكن من إعارتها اهتمامًا كبيرًا آنذاك. وفي الحقيقة، عندما انضممت إلى إحدى أفضل الشركات في فلوريدا في ميدان السياحة والثقافة، وحصلت على شرف المشاركة في برنامج التبادل الثقافي المغربي الأمريكي للعمل لمدة عام “كممثل ثقافي” للمغرب في مركز إبكوت (EPCOT CENTER, WALT DISNEY WORLD)، عالم والت ديزني في أورلاندو، تمكنت من رؤية جامعة ديزني عن كثب والمشاركة فيها شخصيًا. وللإشارة فمن متطلبات هذا البرنامج، ومن أجل تحقيق تلك المهمة بالكامل، يجب أن يخضع كل مرشح يتم اختياره لبرنامج تدريبي صارم لعدة أسابيع في “جامعة ديزني”. يشمل هذا التدريب المكثف خدمة العملاء ورضاهم، ورعاية العملاء، والتدريب على التحدث أمام الجمهور، وما إلى ذلك. وبالطبع، فقد رافقت جميع هذه البرامج التدريبية زيارات ميدانية لضمان إتقانها واستمراريتها. وفي نهاية ذلك البرنامج، منحتنا الجامعة جميعًا “شهادة جامعة ديزني” عن جدارة واستحقاق. نعم، تحمل الشهادة صورة ميكي ماوس، لكنها كانت ذات قيمة حقيقية وفعلية. ومما لا شك فيه، فقد أحدثت فرقًا كبيرًا في حياتي الشخصية وعلمتني الكثير. وبصفتي متحدثًا في شؤون التربية والتعليم والثقافة، فما زلت أدرك التأثير الذي يمكن أن أتركه على أي جمهور من خلال محاضراتي حتى اليوم. نعم، يمكنك القول إنها “شهادة ميكي ماوس”، لكنها ليست شيئًا “خياليًا” كما قد تتصور، أو كما ترمز إليه المقولة في الثقافة الأمريكية، بل هي شهادة رائعة من مؤسسة مرموقة. لذلك، لم أصدق أن الناس يستخدمون هذا الاسم أو المصطلح لوصف شيء غير واقعي أو الإشارة إليه جزافاً.

وهكذا، ومع مرور الأيام والسنين، بدأ مفهوم “شهادة ميكي ماوس” يثير انتباهي وفضولي وهو يتردد مرارًا وتكرارًا في أحاديث الناس من حولي، لكنني، ومن باب الغيرة على تلك البرامج الشيقة التي استمتعت بها، كنت أحاول أحياناً إيقافهم ومحاولة توعية بعضهم بالجهود الجبارة التي يبذلها المدربون في مثل تلك البرامج. ومع ذلك، أدركتُ نماماً ما كانوا يقصدونه، أي أن ذلك ما هو إلا مصطلحًا يستخدمه عامة الناس عادةً للإشارة إلى شهادة أو درجة علمية لا قيمة لها ولا وجود لها. لكن ربما ما لا يعرفونه على الأرجح هو أن الشهادة الفعلية من جامعة ديزني، في واقع الأمر، لها على الأقل وزنها وقيمة مرموقة ما زلتُ أُدركها. ولعل ما يشيرون إليه أيضًا هو الشهادات التي لا تُقدم أي تدريب أو مناهج، أو ربما لا تحتوي على مواد تُفيد المتعلم. ستبقى هذه الشهادات بلا معنى ولا قيمة في نظر الكثيرين، لكنها قد تُفيد الآخرين.

فكرة “الشهادة المزورة” 

كغيري من المغاربة، دهشتُ فعلاً من فضيحة بيع الشهادات في إحدى الجامعات. أُثيرت هذه القضية قبل أيام، بينما لا تزال التحقيقات جارية لتحديد هوية “شبكة قايلش” ومن استخدموا تلك الشهادة “المزورة”. ورغم أنها فعلٌ غير أخلاقي وغير مقبول، إلا أنها ربما فتحت الباب أمام تحقيقات أخرى في جامعات أخرى حيث يركد “قلاليش” آخرون ربما اختاروا منحى “ليبد” بدلاً من “قايلش” كما يفهم ذلك كل من تشبع بالثقافة المغربية واستمتع في صباه بلعبة “اذا جا مول الفول : ليبد: ولا مشى مول الفول: قايلش”. ومما لا شك فيه، فإن هذه الفضيحة عكست بالفعل مستوى التقهقر الفكري الذي نتجه إليه هذه الأيام.

وكما انتشر مفهوم “شهادة ميكي ماوس”، ينتشر مفهوم “الشهادة المزورة”، لكن مع خوف كبير من أن يكشف الحقيقة المؤلمة للعديد من الشخصيات المرموقة في المجتمع المغربي، وربما في قطاعات أخرى. ولكن، والمثير للدهشة، أن الشهادة “المزورة” ليست مجانية. وحسب ما كُشف عنه في هذه الفضيحة الأخيرة، يبدو أن هذه الشهادة تُقدر بآلاف الدولارات، بينما يبدو أن عدد المستفيدين منها كبير. للأسف، تكشف القائمة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا أسماء أشخاص يشغلون مناصب قيادية في مجتمعنا (مع أننا لا نعلم مدى دقة هذه القائمة). تخيلوا حجم الضرر والظلم الذي قد يقع على شخصٍ متعجرف يحمل مثل هذه الشهادة التي لا يستحقها ويحرم منها من هو أحق بها من أبناء وبنات الشعب.

إلى أين يتجه التعليم؟

لا شك أن التعليم، وكما عهدناه، وسيلةٌ لكسب لقمة العيش والحصول على وظيفة مستقرة، مع اكتساب قدرٍ وافرٍ من المعرفة والفكر يُمكّنك من الاندماج في مجتمعك المحليّ تحديدًا، وفي المجتمع عمومًا. لذا، فمن خلال التعليم، تُطوّر الأمة أفرادها وبنيتها التحتية، وتكتسب مكانةً مرموقةً بين شعوب العالم. وكما ذكرتُ في العديد من مقالاتي السابقة، فإنّ نظامًا تعليميًا سليمًا ينبغي أن يتّبع ما أسميته “Abdul Paradigm”، ويُشار إليه أيضًا باسم “نموذج FSS”. تشير الأحرف على التوالي إلى: الأسرة، والمدرسة، والشارع. أي أن التعليم الفعال والموثوق يبدأ من الأسرة أولًا (حيث يكتسب الطفل المبادئ والأخلاق والقيم الحميدة التي تُشكل شخصيته لاحقًا)؛ والمدرسة هي المكان الذي تُصقل فيه هذه المفاهيم وتُصقل بعمق؛ بينما يبقى الشارع هو السياق الحقيقي الذي يُظهر فيه سلوك المتعلم ويُختبر بصدق. لذا، فإن وجود شارع نظيف، خالٍ من العوائق التي تُوزع على الأطفال والكبار، وخالٍ من الجريمة وأي نوع من العنف، وحيث يُظهر الناس الأخلاق الحميدة والسلوك السوي، هو مؤشر واضح على أن تعليمنا هو بالفعل وسيلة لإعداد أجيال شابة ليكونوا أفرادًا مخلصين ونشطين ومنتجين، يتمسكون بقيمهم وأخلاقهم ومبادئهم، بالإضافة إلى تراثهم اللغوي والثقافي.

ومع الأسف، يبدو أن الكثير من الناس يفقدون ثقتهم بتعليمنا اليوم، وسرعان ما تنتشر هذه الفضائح السلبية كالنار في الهشيم، لكنها في الواقع تؤدي إلى تدني احترام الذات وفقدان الثقة بالنظام التعليمي بين أفراد الجيل الحالي.

نحو إصلاح حقيقي للنظام التعليمي: ما العمل؟

“الشهادات المزورة” ليست سوى جانب واحد من الفساد الذي قد يسود مؤسساتنا التعليمية، بما في ذلك الجامعات والمدارس العليا. فالعنف، و”الجنس مقابل الدرجات” ما هو إلا نوع آخر من الفساد الذي تبذل السلطات (لحسن الحظ) قصارى جهدها للقضاء عليه واجتثاثه من جذوره. ولذلك، يطالب الناس الآن، أكثر من أي وقت مضى، بإصلاح حقيقي للنظام التعليمي والحياة الطلابية. ولذلك أيضاً، تُقدم برامج الماجستير محاضرات يومية وجلسات تفاعلية فعلية، حيث يمكن للطلاب الحضور إلى المحاضرات والاستماع إلى أساتذتهم والمساهمة في جلسات مباشرة. يبدو أن هذه العادة غائبة تمامًا في برامج الدكتوراه. ومما لا شك فيه، فقد يدفع عدم انتظام المحاضرات يومياً وأسبوعيًا المرشحين إلى الاكتفاء بتسجيل عنوان أطروحتهم البحثية والاختفاء تمامًا من الساحة الجامعية. وفي معظم الحالات، يُتركون للعمل على المقالات التي يُفترض أن ينشروها، وإكمال بقية الأطروحة. وفي حالات أخرى، يُترك الطلاب في خالة ضبابية، ويضطرون إلى إيجاد طرق لإنجاز مهامهم بأنفسهم (مع أن مشرفيهم ربما يتقاضون رواتب إضافية لتوجيههم وتلبية احتياجاتهم). على حدّ ذاكرتي، كانت دورات برنامج الدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية تُعقد يومياً وأسبوعيًا، وكان بعض المرشحين يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى تلك المحاضرات. شخصيًا، لا أستطيع تخيّل برنامج دكتوراه “بدون فصول دراسية يومية”! لا تزال بعض الجامعات تُجدول بعض الدورات التدريبية، لكنها محدودة جدًا وقد لا تُقدم فائدة كبيرة. الهدف من وجود دورات مرتبطة بالتخصص الذي يختاره الشخص، بالإضافة إلى دورات اختيارية أخرى، هو في حد ذاته إثراء لمعارف الطلاب وجعلهم يشعرون بأن الدرجة التي سيحصلون عليها مستحقة بالفعل.

ربما لا ينبغي أن نلوم “قضية قايلش” وحاملي شهادات قايلش المزورة أكثر من لوم أصحاب القرار في مجال التربية والتعليم، حتى يتمكنوا من السعي لإصلاح جذري لنظامنا الجامعي. وبالمناسبة، قد لا تقتصر ظاهرة هذه القضية على المغرب فقط، بل ربما توجد في دول أخرى، ولذلك يجب على الجميع التحلي باليقظة والحذر.

الإصلاح المقترح والمنشود هنا هو إصلاحٌ يشمل آراء وأفكار الخبراء في هذا المجال ويستند إليها، ويضع خطةً استراتيجيةً تُعيد أهداف التعليم في بلدنا، وتُعزز قيمنا وأخلاقنا وتُعيدها إلى نصابها، وتُرشد جيلنا الحالي والقادم نحو التزاماته العقائدية والدينية والأخلاقية والوطنية واعتزازه بموروث أجداده الديني واللغوي والثقافي، وولائه لهذا الوطن الغالي.

خبير في الشؤون التربوية والثقافية

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة بلاغ سياسة طالع

النقابة الوطنية للصحافة المغربية تدق ناقوس الخطر بشأن تدبير قطاع الصحافة وتلوّح بخطوات احتجاجية

الرباط – حسيك يوسف مع الحدث

في بلاغ حازم صدر عقب اجتماع للمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية يوم الجمعة 2 ماي 2025، عبّرت النقابة عن قلقها البالغ إزاء “الاختلالات المتواصلة” في تدبير قطاع الصحافة والنشر، محذّرة مما وصفته بـ”التمطيط والضبابية” التي تطغى على عملية منح بطائق الصحافة المهنية لسنة 2025.

وأبرز البلاغ استمرار تغييب النقابة عن لجنة دراسة ملفات الحصول على البطائق المهنية، وهو ما اعتبرته “إقصاءً غير مبرر يتعارض مع الشرعية الانتخابية للنقابة” داخل المجلس الوطني للصحافة قبل تشكيل اللجنة المؤقتة. كما انتقدت النقابة التعتيم على نتائج الملفات، وعدم نشر اللوائح، إضافة إلى غياب معايير شفافة ومعلنة للقبول أو الرفض، ما فتح الباب لتفاوتات و”انتقائية مقلقة”، على حد وصفها.

وفي جانب آخر، سجل البلاغ “انحرافًا خطيرًا” في عمل لجنة الأخلاقيات والتأديب، خصوصًا في معالجة ملفات الزميلين محمد الطالبي وجواد الخني، معتبرًا أن المسطرة القانونية شابها كثير من العيوب، وأن اللجنة تحوّلت إلى “طرف في الخصومة”، ما أخل بمبدأ المحاكمة العادلة. وأكدت النقابة أن المسار الذي اتبع في هاتين النازلتين، يعكس “نزعة انتقامية مبرمجة” تهدد مصداقية المؤسسات المؤقتة، وتوظف آليات التنظيم الذاتي لتصفية الحسابات.

ودعت النقابة اللجنة المؤقتة إلى الكشف عن طريقة اشتغالها وحصيلة عملها في ملف البطائق، مع إحداث لجنة خاصة من داخل المكتب التنفيذي للتواصل مع المؤسسات الدستورية، كما أعلنت عن استعدادها لخوض خطوات احتجاجية وتواصلية سيتم الإعلان عنها في بلاغات لاحقة، دفاعًا عن استقلالية المهنة وضمانًا لحرية الصحافة.

وختمت النقابة بالتأكيد على أن استمرار الوضع الراهن بات يشكل خطرًا على مستقبل المهنة، مطالبة بالإسراع في صياغة قوانين تنظيمية جديدة تنبني على المشاركة المهنية الحقيقية، وتقطع مع منطق التدبير المؤقت.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة طالع مجتمع

الملك محمد السادس يُعزي أسرة الفنان الراحل محمد الشوبي في برقية مؤثرة

الرباط – السبت 3 ماي 2025

بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفنان المغربي الراحل محمد الشوبي، الذي وافته المنية صباح يوم الجمعة بعد معاناة مع المرض، عن عمر يناهز 62 عاماً.

وأعرب جلالة الملك في هذه البرقية عن بالغ تأثره لنبأ وفاة الفقيد، مشيراً إلى أن الله تعالى قد “تغمده بواسع رحمته وغفرانه“.

كما تقدم جلالته بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى أفراد أسرة الراحل، وإلى أسرته الفنية الكبيرة، ولكافة أصدقائه ومحبيه، مؤكداً أن الساحة الفنية المغربية فقدت برحيله ممثلاً مقتدراً بصم المشهد الفني من خلال أدوار متعددة في المسرح والتلفزيون والسينما.

وجاء في البرقية الملكية: “نشاطركم مشاعركم في هذا المصاب الأليم، وندعو الله العلي القدير أن يشمله بواسع كرمه ورضوانه، ويجزيه خير الجزاء عما قدمه لفنه ووطنه، وأن يعوضكم عن فراقه صبراً جميلاً وثواباً صادقاً.”

وتأتي هذه البرقية الملكية كتقدير رفيع للمكانة التي كان يحظى بها الفنان الراحل في قلوب المغاربة، ولعطائه الغني في خدمة الثقافة والفن الوطني.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء طالع فن

محمد الشوبي… وداعاً لفنان استثنائي نقش اسمه في ذاكرة الفن المغربي

بقلم: حسيك يوسف

في صباح يوم الجمعة 2 ماي 2025، خيم الحزن على الوسط الفني المغربي برحيل الفنان القدير محمد الشوبي عن عمر ناهز 62 سنة، بعد معاناة طويلة مع مرض عضال أنهك جسده، لكنه لم ينجح يوماً في إخماد صوته الفني أو كسر عزيمته الإبداعية.

ولد محمد الشوبي في 3 يناير 1963 بمدينة مراكش، وبدأ مسيرته الفنية من خشبة المسرح، حيث تفتقت موهبته في التمثيل مبكراً، قبل أن ينتقل إلى السينما والتلفزيون، ويصبح أحد أبرز الوجوه الفنية بالمغرب، بمسيرة مهنية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.

تميّز الشوبي بأسلوب تمثيلي صادق وعميق، يجمع بين الأداء البسيط والمشحون بالعواطف، ما جعله يحظى بإعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء. شارك في عدد كبير من الأعمال التي لاقت نجاحاً جماهيرياً واسعاً، من أبرزها في السينما أفلام جوق العميين، موت للبيع، والحنش، وفي التلفزيون تألق في مسلسلات هاينة، بنات العساس، ومول لمليح، حيث جسّد أدوارًا معقدة تنبض بالواقع وتحمل رسائل اجتماعية قوية.

بعيداً عن التمثيل، كان الشوبي مثقفاً ملتزماً، يدافع عن الفن النظيف ويعبّر عن آرائه السياسية والمجتمعية بشجاعة، سواء عبر خرجاته الإعلامية أو تدويناته على منصات التواصل الاجتماعي. لم يكن فناناً فحسب، بل كان ضميراً حياً، قلّ نظيره في زمن كثرت فيه المجاملات.

في السنوات الأخيرة، خاض محمد الشوبي معركة صامتة مع المرض، لكنه ظل محافظًا على ابتسامته وإيمانه العميق برسالة الفن، ورفض أن يكون الألم حاجزاً أمام شغفه. ورغم تدهور حالته الصحية، لم يتوقف عن دعم زملائه والتفاعل مع هموم القطاع الفني.

برحيله، فقد المغرب فناناً قلّ نظيره، ووجهاً لن يُنسى في الذاكرة البصرية الوطنية.

لكن ما يطمئن القلب أن أعمال الشوبي ستظل خالدة، شاهدة على قيمة فنية كبيرة، وعلى مسيرة رجل عاش كبيراً ورحل بهدوء، كما يليق بالكبار.

رحم الله الفنان محمد الشوبي، وألهم ذويه وجمهوره الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة سياسة طالع

بنكيران يعود لقيادة العدالة والتنمية بعد فوزه بأغلبية ساحقة

بقلم: حسيك يوسف

انتخب المؤتمر الوطني العادي لحزب العدالة والتنمية، المنعقد اليوم، عبد الإله ابن كيران أمينًا عامًا للحزب للولاية التنظيمية 2025 – 2029.

وشارك في عملية التصويت 1402 عضوًا، أسفرت عن تسجيل 1390 صوتًا صحيحًا، مقابل 12 صوتًا ملغى.

وحصل عبد الإله ابن كيران على 974 صوتًا، بنسبة 69% من مجموع الأصوات الصحيحة، متقدمًا على الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي الذي حصل على 374 صوتًا، والدكتور عبد الله بووانو الذي حصل على 42 صوتًا.

ويعد هذا الانتخاب عودة لعبد الإله ابن كيران إلى قيادة الحزب، بعد أن شغل المنصب سابقًا وقاد الحكومة المغربية بين سنتي 2011 و2017.

ومن المرتقب أن تعقد القيادة الجديدة اجتماعات مع مختلف أجهزة الحزب الوطنية والجهوية لوضع البرنامج التنظيمي والسياسي للمرحلة المقبلة.

أنا جاهز لو أردت إضافة لمسات إضافية للنشر!

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة طالع مجتمع

عاجل من ثلاثاء أولاد فيني نواحي سطات: جريمة “سفاح ابن أحمد” تتكرر

بقلم: عبد الجبار الحرشي

استفاق دوار ثلاثاء أولاد فيني، ضواحي سطات، على وقع جريمة مروعة أعادت إلى الأذهان فصول “سفاح ابن أحمد” الشهير. راعي غنم، في لحظة هستيرية لا تزال أسبابها مجهولة، أقدم على قتل سيدة بطريقة بشعة، فيما ترك أخرى بين الحياة والموت، ترقد الآن في المستشفى في حالة حرجة.

مصادر محلية أكدت أن الحادث استنفر عناصر الدرك الملكي، حيث حلّت بعين المكان فرقة خاصة باشرت تحقيقاتها فوراً، في وقت تم فيه نقل الضحية الثانية إلى قسم العناية المركزة.

الرأي العام المحلي يعيش على وقع صدمة حقيقية، وسط تساؤلات حول الدوافع والخلفيات، خاصة وأن الجريمة تحمل نفس بصمة الرعب التي طبعت جرائم سابقة بالمنطقة.

المزيد من التفاصيل فور توفّرها

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة طالع مجتمع

العنف المدرسي بالمغرب

محمد حستي

تعريف العنف المدرسي بالمغرب:

العنف المدرسي في المغرب يُقصد به كل سلوك عدواني أو غير مقبول يحدث داخل المؤسسات التعليمية أو في محيطها، سواء صدر عن التلاميذ أو الأساتذة أو الإدارة أو حتى أولياء الأمور، ويهدف إلى إلحاق الضرر الجسدي أو النفسي أو اللفظي بالآخرين. ويتجلى هذا العنف في عدة صور، من بينها:

العنف الجسدي: كالضرب أو الدفع أو استعمال أدوات لإيذاء الآخرين.

العنف اللفظي: مثل الشتم، السب، الإهانة أو التهديد.

العنف النفسي: كالتنمر، التهميش، الإقصاء أو الإذلال.

العنف الرمزي أو المؤسساتي: كالتفاوت في المعاملة، أو استعمال السلطة بشكل تعسفي من طرف الإدارة أو بعض المدرسين.

ويُعد العنف المدرسي في المغرب إشكالية تربوية واجتماعية متفاقمة، تعكس اختلالات على مستوى الأسرة، والبيئة المدرسية، والمجتمع ككل، كما أنه يُؤثر سلبًا على العملية التعليمية والتعلمية، ويقوّض مناخ الثقة داخل المؤسسة التعليمية..

العنف المدرسي بالمغرب: مقاربة سوسيولوجية وتربوية

يُعرّف العنف المدرسي في السياق المغربي باعتباره ظاهرة مركبة متعددة الأبعاد، تتداخل فيها العوامل النفسية والتربوية والاجتماعية والثقافية، ويتخذ أشكالًا متنوعة تمسّ كل الفاعلين داخل المؤسسة التعليمية: المتعلمون/ت، المدرسون/ت، الأطر الإدارية، وأحيانًا الآباء.

من الناحية السوسيولوجية، يرتبط العنف المدرسي بتحولات المجتمع المغربي، من تفكك الأسرة، وتراجع دور التنشئة الاجتماعية التقليدية، إلى تأثير الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وغياب العدالة المجالية والاجتماعية في توزيع الخدمات التعليمية. ويُعتبر أيضًا انعكاسًا لبنية المجتمع وما يعيشه من توترات اقتصادية وثقافية وهوياتية.

أما من المنظور التربوي، فالعنف المدرسي يُشكل عائقًا كبيرًا أمام بناء العلاقة الصحية بين الفاعلين التربويين، كما يُقوّض أسس التربية على القيم والمواطنة. وتكمن خطورته في تحوّله من حالات معزولة إلى ظاهرة شبه منتظمة تهدد السير السليم وجودة التعليم وتضعف الثقة في المؤسسة التعليمية كمجال آمن ومُحفّز للتعلم والارتقاء .

وتؤكد الدراسات التربوية أن غياب مقاربة تشاركية في تدبير الحياة المدرسية، وضعف التواصل بين الأسرة والمدرسة، وتدني جودة الفضاءات التربوية، كلها عوامل تُفاقم من حدة العنف داخل الوسط المدرسي.

أسباب سوسيولوجية:

التفكك الأسري: غياب الأب أو الأم، الطلاق، أو الصراعات العائلية تؤثر بشكل سلبي على استقرار المتعلم/ة النفسي وسلوكه داخل المدرسة التربوية .

ضعف التنشئة الاجتماعية: غياب التأطير القيمي والتربوي داخل الأسرة والمجتمع.

تأثير الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي: استهلاك مضامين عنيفة يُطبع سلوك الأطفال والمراهقين في غياب المراقبة والتوجيه .

العنف المجتمعي العام: ما يُشاهده المتعلم/ة في الشارع أو في المحيط يُعيد إنتاجه داخل المؤسسة التربوية.

أسباب نفسية وشخصية:

اضطرابات نفسية وسلوكية: كالغضب، القلق، أو ضعف التحكم في الانفعالات.

ضعف تقدير الذات: الشعور بالدونية أو الحاجة إلى إثبات الذات عن طريق التسلط.

التعرض السابق للعنف: التلميذ الذي يتعرض للعنف غالبًا ما يُمارسه لاحقًا.

3– أسباب تربوية:

ضعف العلاقة بين المدرس والمتعلم/ة: العلاقة المبنية على التسلط أو التجاهل تُفاقم العدوانية.

نظام تعليمي غير دامج: عدم مراعاة الفروقات الفردية والاختلافات الثقافية والاجتماعية بين المتعلمين/ت.

غياب الأنشطة الموازية: ضعف الانخراط في الأندية المدرسية والأنشطة الثقافية يُحوّل المدرسة إلى فضاء جاف يسهل فيه الانفجار السلوكي.

اكتظاظ الأقسام وسوء البنية التحتية: ما يُفقد المتعلمين الإحساس بالانتماء.

4– أسباب اقتصادية واجتماعية:

الفقر والهشاشة: المتعلمون/ت المنحدرون من أوساط فقيرة أو مهمشة ومبعدة اجتماعيا أكثر عرضة للعنف.

الفوارق الطبقية داخل المدرسة: الإحساس بالتمييز أو الحرمان يُفرز ردود فعل عنيفة.

العنف المدرسي في المغرب ليس وليد عامل واحد، بل نتيجة تفاعل مركب بين عدة أسباب متداخلة. ويتطلب التصدي له مقاربة شمولية تربوية، اجتماعية، وقانونية، تُشرك الأسرة، المدرسة، والمجتمع المدني.

اشكال العنف المدرسي

العنف الجسدي (Violence physique):

وهو أكثر الأشكال وضوحًا ويتجلى في:

الضرب أو الصفع بين المتعلمين/ت أو من طرف المدرسين.

الدفع، الركل، أو استعمال أدوات للإيذاء.

الاعتداءات الجسدية داخل أو خارج أسوار المؤسسة.

العنف اللفظي (Violence verbale):

يُمارس من طرف المتعلمين/ت أو حتى بعض المدرسين، ويتجلى في:

السب والشتم والإهانات.

إطلاق ألقاب ساخرة أو ألفاظ عنصرية/تمييزية.

التهديد أو التخويف بالكلام.

العنف النفسي والمعنوي (Violence psychologique):

ويشمل كل سلوك يُلحق أذى نفسيًا بالضحية، مثل:

التهميش، السخرية، أو الإقصاء الاجتماعي.

التنمر (le harcèlement scolaire)، خصوصًا تجاه المتعلمين/ت المختلفين (في المظهر، اللهجة، المستوى…).

الضغط والترهيب من طرف الزملاء أو الأساتذة.

العنف الرمزي أو المؤسساتي (Violence institutionnelle):

يرتبط بهيمنة السلطة داخل المؤسسة، مثل:

فرض قرارات تعسفية أو غير شفافة من طرف الإدارة التربوية.

انعدام تكافؤ الفرص أو غياب مبدأ الإنصاف في المعاملة.

الاستخفاف بشكاوى المتعلمين/ت أو تجاهل معاناتهم.

العنف الجنسي (Violence sexuelle):

رغم حساسيته، إلا أنه يُعد من أخطر أنواع العنف، ويظهر في:

التحرش الجنسي اللفظي أو الجسدي.

استغلال سلطة الأستاذ أو موظف في المؤسسة للضغط على التلاميذ.

غياب آليات التبليغ والحماية.

العنف الرقمي (Cyber violence):

ويشمل الاعتداءات التي تتم عبر الوسائط الإلكترونية مثل:

التنمر الإلكتروني (الإهانة أو التشهير على وسائل التواصل).

نشر صور أو معلومات شخصية بهدف الإذلال أو السخرية.

تُعد أشكال العنف المدرسي انعكاسًا لواقع اجتماعي وتربوي مأزوم، وتتطلب معالجة متعددة المستويات، تبدأ من التشخيص العلمي وتنتهي بالتدخل المؤسساتي والمجتمعي.

آثار نفسية:

فقدان الثقة بالنفس: المتعلم الذي يتعرض للعنف يُصبح أكثر عرضة للانسحاب والانغلاق.

القلق والاكتئاب: العنف المتكرر يؤدي إلى اضطرابات نفسية قد تصل إلى أعراض الاكتئاب أو التفكير في الانتحار.

اضطرابات سلوكية: مثل العدوانية أو التمرد أو الانطواء الحاد.

2. آثار تربوية وتعليمية:

ضعف التحصيل الدراسي: الخوف، التوتر، وفقدان التركيز تؤثر سلبًا على التعلم.

الانقطاع عن الدراسة: يُعتبر العنف من العوامل المؤدية إلى الهدر المدرسي.

كراهية المدرسة: يصبح الفضاء المدرسي مرادفًا للألم والرفض.

 آثار اجتماعية:

تفكك العلاقات الاجتماعية بين متعلمين/ت: غياب التعايش والتسامح وتنامي العنف المتبادل.

إعادة إنتاج العنف: المتعلم/ة الذي يتعرض للعنف قد يُصبح هو نفسه عنيفًا داخل أسرته أو في المجتمع.

تراجع دور المدرسة كمجال للتنشئة الاجتماعية الإيجابية.

آثار على المؤسسة التعليمية:

تدهور المناخ المدرسي: انتشار الخوف والتوتر داخل الأقسام.

فقدان هيبة المدرسة والمدرس وثقة الأسر فيها.

إرهاق المدرسين والإدارة التربوية وتراجع جودة الأداء التربوي.

العنف المدرسي لا يؤثر فقط في ضحيته المباشرة كيفما كان نوعها ، بل يمتد إلى باقي المتعلمين/ت، وإلى جودة التعليم ومكانة المدرسة والمدرس داخل النسيج الاجتماعي. لذلك، فإن معالجته تتطلب استراتيجية وقائية، تربوية، ونفسية شمولية.

كيفية الحد من العنف المدرسي

 على المستوى التربوي والبيداغوجي:

تعزيز التربية على القيم: عبر إدماج مفاهيم التسامح، الحوار، والمواطنة في المناهج الدراسية.

تحسين العلاقة بين المدرس والمتعلمين/ت: بتكوين الأساتذة في التواصل التربوي والتدبير الإيجابي للصراع.

تفعيل الأندية التربوية والأنشطة الموازية : لتمكين المتعلمين/ت من التعبير عن ذواتهم بشكل سلمي ومبدع.

اعتماد بيداغوجيات نشيطة وتشاركية: للحد من التوتر والملل داخل القسم الدراسي.

 على المستوى الإداري والمؤسساتي:

إرساء مجالس الانضباط بطريقة عادلة وشفافة: تضمن حقوق وواجبات المتعلمين/ت.

وضع آليات للتبليغ عن العنف داخل المدرسة: بسرية وفعالية، مع توفير المتابعة النفسية للضحايا.

تعزيز دور مستشار التوجيه والأخصائي الاجتماعي والنفسي داخل المؤسسات.

إصلاح البنية التحتية المدرسية: من خلال تخفيض الاكتظاظ وتحسين فضاء التعلم.

 على مستوى الأسرة والمحيط:

تعزيز التواصل بين المدرسة والأسرة: عبر اجتماعات دورية وورشات توعية مشتركة.

تكوين الأسر في أساليب التربية الإيجابية: والتعامل مع المشكلات السلوكية عند الأطفال.

إشراك المجتمع المدني في الوساطة والأنشطة التوعوية حول السلوك السلمي.

تعزيز دور جمعية أباء وأولياء المتعلمين/ت في تدبير الأنشطة الموازية داخل وخارج المؤسسة التربوية.

 على مستوى السياسات العمومية:

إدماج محاربة العنف المدرسي ضمن السياسات التربوية الوطنية.

تخصيص موارد مالية وبشرية لمحاربة الظاهرة.

إنجاز دراسات ميدانية دورية لتشخيص أسباب العنف وتطوراته واقتراح الحلول المناسبة.

لا يمكن الحد من العنف المدرسي إلا باعتماد مقاربة شمولية تشاركية، تُعيد الاعتبار للمدرسة كمجال تربوي آمن ومنتج، وتُراكم الوعي التربوي لدى جميع المتدخلين.

النتائج المترتبة عن العنف المدرسي

 نتائج نفسية:

اضطرابات سلوكية وعاطفية: مثل القلق، الخوف، الاكتئاب، والعزلة الاجتماعية.

فقدان الثقة بالنفس: يؤدي إلى ضعف في بناء الشخصية وتقدير الذات.

الميل إلى العنف المضاد أو الانتقام: سواء داخل المدرسة أو خارجها، مما يخلق دائرة مفرغة من العنف.

نتائج تربوية:

ضعف التحصيل الدراسي: نتيجة غياب التركيز، الخوف من الأستاذ أو الزملاء، أو النفور من فضاء القسم.

ارتفاع نسب الهدر المدرسي: العنف يُعدّ من الأسباب الأساسية لانسحاب العديد من المتعلمين/ت من المدرسة.

كراهية المدرسة والتعليم: ما يؤدي إلى الفشل الأكاديمي وفقدان الطموح.

نتائج اجتماعية:

تدهور العلاقات الاجتماعية بين المتعلمين/ت: غياب روح التعاون والتسامح، وانتشار التهميش والإقصاء.

إعادة إنتاج العنف داخل المجتمع: المتعلم/ة الذي يُمارس عليه العنف قد يتحول إلى فاعل عنيف مستقبلًا.

تشويه صورة المدرسة كمؤسسة تربوية: ما يضعف ثقة الأسر والمجتمع في دورها ووظيفتها.

الانتقاص من قيمة المدرس كفاعل تربوي:ما يحد من ثقة المجتمع في عطائه ودوره في توجيه وتقويم المعارف وخبرات المتعلمين/ت.

نتائج على المؤسسة التعليمية:

فقدان الهيبة والانضباط: ما يؤدي إلى صعوبة التحكم في النظام المدرسي.

الضغط النفسي على الأطر التربوية والإدارية: يؤدي إلى الإرهاق المهني وتراجع جودة الأداء التربوي.

تحول المدرسة إلى فضاء للعنف بدل التعلم: وهو ما يتنافى مع أهداف التربية الحديثة.

العنف المدرسي يُفرز نتائج متشابكة تؤثر على الفرد، المدرسة، والمجتمع، وتُهدد أهداف التربية والتنشئة. ما يجعل من معالجته ضرورة حتمية ضمن أي إصلاح تعليمي.

علاج العنف المدرسي

 العلاج التربوي:

إدماج ثقافة السلم والتسامح في البرامج الدراسية من خلال مواد التربية على المواطنة وحقوق الإنسان.

تعزيز التربية القيمية والسلوكية عبر الأنشطة الصفية والموازية (مسرح، أندية مدرسية، ورشات…).

تكوين الأطر التربوية في تقنيات التواصل التربوي والاجتماعي ، وطرق التعامل مع السلوكيات العنيفة الجانحة دون عنف مضاد.

اعتماد بيداغوجيا الإدماج والحوار كبدائل للعقاب البدني أو الإقصائي.

العلاج النفسي والاجتماعي:

إحداث خلايا الإنصات والتوجيه النفسي داخل المؤسسات التعليمية، بإشراف مختصين.

دعم التلاميذ الضحايا والمعتدين نفسيًا من خلال جلسات مصاحبة.

تعزيز التعاون بين المدرسة والأسرة في تتبع الحالات الخاصة.

تنظيم حملات تحسيسية داخل المدارس حول مخاطر العنف وآثاره.

العلاج المؤسساتي:

إرساء ميثاق مدرسي داخلي يُحدد الحقوق والواجبات وينظم العلاقات داخل المؤسسة.

تفعيل المجالس التربوية والانضباطية وفق مقاربة تربوية تصالحية وليس زجرية فقط.

تقوية الحكامة المدرسية عبر مشاركة الفاعلين التربويين، المتعلمين/ت، وآباء وأولياء الأمور في اتخاذ القرار.

تحسين بيئة المدرسة ماديًا وبشريًا (تقليص الاكتظاظ، تجويد البنية التحتية، التوزيع العادل للموارد…).

العلاج القانوني والسياسي:

تفعيل التشريعات الزجرية في حالات العنف الخطير مع ضمان حقوق الضحايا.

وضع سياسة عمومية لمحاربة العنف المدرسي، تشمل التكوين، المتابعة، والمحاسبة.

إعداد دراسات دورية وطنية حول الظاهرة لتوجيه السياسات التربوية بشكل علمي.

إن معالجة العنف المدرسي لا يمكن أن تتم عبر حلول سطحية أو ظرفية، بل عبر استراتيجية وطنية شاملة تشارك فيها مختلف الجهات: وزارة التربية، الأسر، الجمعيات، الفاعلون التربويون، والخبراء النفسيون.

المراجع

الكتاني، مصطفى. (2018). العنف في الوسط المدرسي: الأسباب والآثار. الرباط: منشورات المعرفة التربوية.

بلقزيز، عبد الإله. (2017). العنف التربوي بالمغرب. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.

بنهيمة، خديجة. (2020). المدرسة والعنف: تحليل نفسي تربوي. فاس: دار أبي رقراق.

اليعقوبي، أحمد. (2019). التحولات التربوية والعنف المدرسي. تطوان: مجلة علوم التربية، العدد 64.

وزارة التربية الوطنية المغربية. (2022). الدليل المرجعي للحد من العنف بالوسط المدرسي. الرباط.

بنكروم، محمد (2017). العنف المدرسي في المغرب: م

قاربة سوسيولوجية. مجلة علوم التربية، العدد 63.

المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (2019). تقرير حول العنف في الوسط المدرسي. الرباط.