Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات نازل

معاناة ساكنة حي السماعلة بسطات من الروائح الكريهة المنبعثة من واد بن موسى

عماد وحيدال سطات

تعيش ساكنة حي السماعلة المجاور لقنطرة واد بن موسى قرب المحطة الطرقية بمدينة سطات وضعاً بيئياً مزرياً بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من الواد، والتي أصبحت تؤثر بشكل مباشر على صحة الساكنة وتزيد من معاناتهم اليومية، خصوصاً مع انتشار الحشرات والناموس الناقل للأمراض.

وقد عبّر عدد من المواطنين عن استيائهم الكبير من هذا الوضع الذي وصفوه بـ”الاختناق البيئي”، مشيرين إلى أن استمرار هذه الحالة دفع ببعض السكان إلى التفكير في بيع منازلهم ومغادرة الحي، بعدما أصيب بعضهم بأمراض تنفسية مزمنة كالربو، في ظل الخوف من تفشي أمراض أخرى خطيرة.

 

وطالبت الساكنة من رئيسة المجلس الجماعي لسطات التدخل العاجل لرفع الضرر، وإيجاد حل نهائي لهذا المشكل البيئي الذي أصبح يهدد سلامة المواطنين، كما دعوا أعضاء المجلس إلى الوقوف ميدانياً لبضع دقائق قرب الواد للوقوف على حجم المعاناة التي يعيشها السكان يومياً،واستنشاق الروائح الكريهة التي تخنق النفس.

إن الساكنة، وهي ترفع صوتها عبر هذا البلاغ، تأمل في تفاعل السلطات المحلية والجهات الوصية بشكل سريع وجدي مع مطلبها المشروع، حمايةً لصحة المواطنين وصوناً لحقهم في بيئة سليمة ونظيفة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة مجتمع نازل

جيل لا يعرف المستحيل فقط يريد أن يعيش بكرامة

احتجاجات الشباب لم تعد حدثا عابرا في الشوارع، ولا موجة عاطفية مؤقتة، بل أصبحت مرآة تعكس واقع جيل كامل يشعر بأنه وُضع على الهامش دون أن يكون له نصيب من القرار أو من الأمل في التغيير.

هذه الاحتجاجات في عمقها ليست سوى صرخة تبحث عن معنى، عن كرامة، عن عدالة اجتماعية مفقودة، وعن دولة يشعر المواطن فيها بأنه مرئي ومسموع.

أسباب هذه الاحتجاجات كثيرة ومتداخلة. أولها الإحباط الذي يعيشه الشباب بسبب البطالة المتزايدة وانسداد الآفاق. فكم من خريج جامعي يجد نفسه حاملا شهادة لا تفتح له بابا للعمل، ولا تعطيه سوى الإحساس باللاجدوى. هذا الشعور بالظلم الاجتماعي يولد داخلهم نارًا صامتة، سرعان ما تتحول إلى غضب حين يرون المال العام يصرف في أمور ثانوية، بينما التعليم ينهار، والصحة تتدهور، والمستشفيات تفتقر لأبسط الشروط الإنسانية.

يحتج الشباب لأنهم تعبوا من التهميش، ومن الخطابات السياسية التي تتحدث عنهم لا معهم. تعبوا من رؤية الفرص توزع بالقرابة أو الولاء، في حين يطلب منهم الصبر كلما طالبوا بحقهم في الكرامة. يرى الشباب أن المشكل لم يعد فقط في الفقر، بل في غياب العدالة في توزيع الثروة والفرص، في غياب المساواة بين من يملك كل شيء ومن لا يملك سوى الأمل.

كما أن التعليم، الذي كان من المفترض أن يكون طريقا للارتقاء، صار في نظرهم مسارا معطلا لا يواكب الواقع ولا يفتح المستقبل. فالمناهج لم تعد ترتبط بالحياة العملية، والمدارس صارت تعاني من الاكتظاظ وضعف التجهيز، والتمييز بين الطبقات الاجتماعية جعل الفوارق تتسع أكثر فأكثر، ومعها يتسع الإحباط.

أما الصحة فهي جرح يومي. فحين يمرض الفقير يجد نفسه أمام مستشفيات بلا أدوية، وأطباء بلا وسائل، يجد أن الكرامة تُنتزع منه وهو يطلب علاجا لا يجده في وطنه. لهذا يصرخ الشباب، لا لأنهم لا يحبون وطنهم، بل لأنهم يحبونه أكثر مما يحتمله صمتهم.

ومن بين الأسباب العميقة أيضا، شعور الشباب بفقدان الثقة في المؤسسات وفي الوعود السياسية. فكم مرة سمعوا كلمات عن الإصلاح والعدالة والتنمية، ثم لم يروا سوى التراجع وغلاء المعيشة وتدهور الخدمات العامة. هذه الفجوة بين الكلام والواقع صنعت لديهم قناعة بأن التغيير لا يمكن أن يأتي من فوق، بل من الشارع، من الصوت الجماعي الذي لا يخاف.

ورغم أن بعضهم يتهم هذه الاحتجاجات بالعنف أو بالاندفاع، إلا أن الواقع يقول إن العنف الحقيقي هو ما يعيشه الشباب كل يوم في صمت، في طوابير الانتظار أمام فرص لا تأتي، في صراعهم من أجل البقاء في وطن يعِدهم بالكرامة ولا يمنحها لهم. لهذا خرجوا، لأنهم سئموا الصمت، لأن الصمت صار شكلا آخر من الموت.

احتجاجات الشباب هي أيضا نتيجة مباشرة للتفاوت الطبقي. حين يرى الشاب أن ثروة البلاد تذهب لمشاريع ترفيهية، بينما القرى تعاني والعائلات تغرق في الديون، وحين يسمع عن ملايير تصرف على تنظيم كأس العالم أو على مهرجانات، في حين لا يجد المستشفى القريب من بيته جهازا طبيا بسيطا، كيف يمكنه أن يبقى صامتا؟ كيف يمكنه أن يقتنع بأن المال غير موجود؟

لكن وسط كل هذا الغضب، هناك وعي جديد يتشكل. فالشباب اليوم لا يريد الفوضى، ولا يريد المال، بل يريد عدالة اجتماعية حقيقية. يريد أن يرى إصلاحا لا إعلانات، يريد أن يشارك في القرار لا أن يُستعمل في الحملات الانتخابية، يريد أن يشعر بأن مستقبله يُصنع هنا، لا في المهجر.

في نهاية الأمر، لا يمكن قراءة احتجاجات الشباب كخطر، بل كفرصة. فرصة لتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين، فرصة لفهم أن التنمية ليست مؤشرات اقتصادية، بل كرامة إنسان يعيش في أمان صحي وتربوي ونفسي، وأن الوطن لا يبنى بالخوف بل بالثقة.

الشباب حين يحتج لا يريد إسقاط الوطن، بل يريد أن ينهض به. يريد حكومة تسمع بدل أن تتجاهل، وتعترف بدل أن تبرر. يريد أن يرى تغييرا حقيقيا، لا تجميلا للواقع، لأنه ببساطة يعرف أن ما يطلبه ليس مستحيلا. فالتعليم والصحة والعدالة ليست امتيازا، بل حقا أصيلا لكل مواطن.

وهكذا، يصبح احتجاج الشباب رسالة واضحة مفادها أن الصمت انتهى، وأن جيلا جديدا بدأ يكتب تاريخه بيده لا بشعارات غيره، جيل لم يعد يخاف لأنه لم يعد يملك ما يخسره، لكنه مازال يؤمن أن الوطن يمكن أن يتغير إن صدقت الإرادة.

الله، الوطن، الملك

أحب وطني

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة سياسة نازل

بلاغ جديد… وأسئلة قديمة

حسيك يوسف

أصدرت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية بيانها الأخير عقب اجتماعها بالرباط يوم الثلاثاء 30 شتنبر 2025، والذي تطرق إلى مستجدات الدخول السياسي والرهانات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد. البيان حاول أن يُظهر انفتاح الحكومة على المطالب الشبابية المتصاعدة في الشارع وفي الفضاءات الرقمية، مؤكداً على الإنصات والحوار كمدخل أساسي للتعاطي مع هذه التعبيرات.

غير أن القراءة المتأنية للبلاغ تكشف أن الخطاب ظل في حدود العموميات والنيات الحسنة، دون أن يقدم أجوبة دقيقة أو خطوات ملموسة تلبي تطلعات فئات واسعة من الشباب، الذين أصبحوا أكثر وعياً وإلحاحاً في التعبير عن قضاياهم الأساسية، من شغل وسكن وتعليم وصحة وكرامة اجتماعية.

الحكومة تحدثت عن إصلاحات “كبيرة” جارية في قطاع الصحة، لكنها لم تُجب بشكل مباشر على أسباب الغضب الشعبي من الوضع الصحي الحالي، حيث ما تزال المستشفيات تعاني خصاصاً مهولاً في الأطر والتجهيزات، وتفتقر أغلب المناطق إلى خدمات طبية أساسية. الشباب اليوم لا ينتظرون وعوداً بمستقبل بعيد، بل يبحثون عن كرامة علاجية في الحاضر.

كما أن الإشادة بـ”الحوار” تبقى منقوصة ما لم تُفتح قنوات مؤسساتية حقيقية لمشاركة الشباب في القرار العمومي، بعيداً عن المقاربة التواصلية التي تسعى إلى امتصاص الاحتقان أكثر مما تسعى إلى إشراك فعلي.

البيان أكد التزام الحكومة باستكمال تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، وتعزيز الاستثمار وخلق فرص الشغل. لكن الواقع يطرح سؤالاً جوهرياً: أين هي هذه الفرص التي وُعد بها الشباب منذ سنوات؟ وهل تكفي الإجراءات المعلنة لمواجهة نسب البطالة المرتفعة والتفاوتات الاجتماعية التي تتسع؟

إن خطاب الأغلبية الحكومية جاء مطمئناً في الشكل، لكنه يظل قاصراً في المضمون أمام انتظارات الشارع. فجيل اليوم لم يعد يكتفي ببلاغات سياسية ولا بلغة “التجاوب المسؤول”، بل يطالب بخطوات عملية، بجدولة زمنية واضحة، وبحوار حقيقي يترجم إلى سياسات عمومية ناجعة تُغير من واقع التعليم والصحة والتشغيل والسكن.

ختاماً، يمكن القول إن بيان الأغلبية يعكس وعياً متزايداً بضغط الشارع، لكنه ما زال يفتقر إلى الجرأة في اتخاذ قرارات ملموسة. فإرادة الإصلاح تُقاس بالأفعال لا بالكلمات، والشباب المغربي اليوم يطالب بما هو أبعد من التطمينات: يطالب بتعاقد اجتماعي جديد يُعيد الثقة بين المواطن والدولة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة نازل

جيل Z في المغرب.. صرخة وعي تتحدى الصمت

جيل جديد يخرج اليوم إلى العلن في المغرب: جيل Z. جيل لم يعد يقبل بالمسكنات السياسية ولا بوعود الإصلاح التي تُرمى في الهواء مع كل حملة انتخابية. إنه جيل وُلد في زمن الأزمات المتلاحقة، لكنه تشبّع بقيم العدالة والكرامة والحرية، ويملك جرأة غير مسبوقة على تسمية الأشياء بمسمياتها.

هذا الجيل لا يطلب المستحيل. كل ما يطالب به هو ما يُعتبر بديهيًا في دول أخرى: مستشفيات تضاهي في جودتها ملاعب كرة القدم، تعليم مجاني يفتح أبواب المستقبل أمام الجميع، عدالة اجتماعية تُعيد التوازن بين الطبقات، وربط فعلي للمسؤولية بالمحاسبة. جيل يصرّ على أن تُصرف الميزانيات لصالح البحث العلمي لا فقط لصالح التسلح، وأن يُطبق القانون على القوي قبل الضعيف، لأن العدالة الحقيقية لا تعرف الأسماء ولا المناصب.

جيل Z يرى أن الحكومة القائمة لم تستطع أن تواكب حجم الانتظارات. وزراء بلا خبرة في قطاعاتهم، وقرارات عمّقت الأزمة بدل حلها. رفع أسعار المحروقات كان الشرارة التي فجّرت موجة سخط اجتماعي، لأنه انعكس على كل جوانب المعيشة. ومع الوقت، تقلّصت الطبقة الوسطى، حتى أصبح المشهد منقسماً إلى طبقة فقيرة تزداد هشاشة، وطبقة ميسورة تتسع ثرواتها.

المثير أن هذا الجيل لم يختر العنف ولا الفوضى. خرج للاحتجاج السلمي، رافعًا شعارات إصلاحية واضحة، لكنه قوبل أحيانًا بتدخلات أمنية مفرطة. ومع ذلك، ظل يُصرّ على أن هدفه ليس التخريب، بل التنبيه إلى الخلل والدعوة إلى إصلاح حقيقي ينقذ ما يمكن إنقاذه.

جيل Z اليوم لا يرى نفسه ممثلاً في الأحزاب السياسية التي تحولت إلى هياكل خاوية، ولا في النخب التي تكرر نفس الخطاب منذ عقود. إنه جيل يبحث عن صوت جديد، عن أدوات تمثيل حديثة، عن سياسة تُمارس بصدق لا بمناورة.

إنه جيل يعلن بكل وضوح: المغرب لن ينهض إلا حين يُستمع إلى الشباب، ويُعترف بمطالبهم كحقوق مشروعة، لا كمطالب ثانوية. جيل Z ليس جيلاً غاضبًا فقط، بل هو جيل يملك أفكارًا ورؤية لمستقبل أفضل. تجاهله ليس خيارًا، بل خطر على الاستقرار وعلى الأمل في غدٍ أكثر عدلاً وإنصافًا.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الصحة الواجهة طالع مجتمع نازل

من أجل بيئة صحية آمنة: طريقنا إلى تجويد المنظومة الصحية

For a Safe and Healthy Environment: Our Path to Enhancing the Healthcare System

مقدمة:

في ظل ما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من انتقادات حادة لواقع المستشفيات وظروف البيئة الصحية داخلها، يبرز موضوع نظافة المرافق الطبية كقضية محورية تمس بشكل مباشر سلامة المواطنين وثقتهم في المنظومة الصحية. ورغم الجهود المتواصلة التي تبذلها الوزارة المعنية لإصلاح الاختلالات وتكريس مبدأ “الصحة للجميع”، فإن النقاش العمومي حول جودة الخدمات والنظافة يكشف حجم التحديات المطروحة، ويؤكد أن تحسين البيئة الصحية ليس مطلبًا عابرًا، بل ركيزة أساسية لضمان الحق في العلاج في ظروف تصون كرامة الإنسان. وبحكم تجربتي في الإشراف على برامج تدريب لعدد كبير من الأطباء والممرضين والممرضات في مجالي اللغة والتواصل بالشرق الأوسط، وجدت من المناسب أن أشارك بعض الأفكار التي أتمنى أن تسهم في خدمة هذا القطاع الحيوي.

أهمية البيئة الصحية:

ورد عن فلورنس نايتنجيل (1910-1820 ، مؤسسة التمريض الحديث) أن “أول شرط في أي مستشفى هو ألا يُلحق أي ضرر بالمريض.” ومما لا شك فيه أن الشريعة الإسلامية أكدت على ذلك، وقد حرّم الإسلام الضرر بكل أنواعه، وكذلك الضرار بكل صوره، وجميع أشكاله، حتى حرّم الإضرار بالآخرين منذ ولادتهم إلى حين وفاتهم، بل وبعد موتهم، فحرّم إضرار الأم بولدها، كما قال الله تعالى } : لا تضار والدة بولدها { ( البقرة : 233 ) ، وحرّم تغيير الوصية بعد سماعها أو تلقيها، وحرّم إضرار الموصي في وصيّته ، وحفظ لكل مخلوق حقوقه، وللأموات حقوقهم حتى حرّم سب الأموات. عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )لا ضرر ولا ضرار ( ، حديث حسن رواه ابن ماجة والدارقطني وغيرهما.

ومما لا شك فيه أن الإهمال أو التقصير في خدمات المستشفيات والمستوصفات الطبية هو نوع من الاضرار بمصالح الناس وبأرواحهم. وفي كتاباته المتعلقة بالطب والاستشفاء، شدّد أبقراط (460-370 قبل الميلاد، وهو كما يقال “أبو الطب”) على أهمية بيئة أماكن الاستشفاء حيث قال بأنه: “يجب أن يكون الطبيب قادرًا على استبصار الماضي، ومعرفة الحاضر، والتنبؤ بالمستقبل… وأن يكون لديه هدفان خاصان فيما يتعلق بالمرض، وهما: فعل الخير أو عدم إلحاق الضرر.”

وكما أبرز “أبو الطب الاجتماعي” كما يقال، رودولف فيرشو (1821-1902 وهو طبيب ألماني)، الدور الاجتماعي للطب وضرورة أن تُعالج المستشفيات مشكلة عدم المساواة في الرعاية الصحية: “الطب علم اجتماعي، والسياسة ليست سوى طب على نطاق أوسع.” وقد جادل هذا الأخير بأن المستشفيات يجب أن تكون أماكن لعلاج المرضى، ولكن أيضًا للوقاية من الأمراض من خلال توفير ظروف صحية لائقة.

الصحة والرعاية الصحية أولاً:

لطالما كنا نردد ونحن صغار في المدارس الابتدائية مقولة “العقل السليم في الجسم السليم”، بل كانت توضع على شكل لوحة تزين جدران مدرستنا في البراري. كنا نردد تلك المقولة ولم نستوعب حقيقتها إلا لاحقاً، إذ أصبحنا نرى مرضى ومجانين ومشردين في الشوارع، وأدركنا بأن اهمال الجسم وتركه عرضة للأوساخ لا يولد سوى الأمراض والخروج بالعقل عن الصواب. ولذلك فقد سبقت الفطرة والادراك العقلي الصائب حقيقة الطهارة والنظافة وما تجلبه من سعادة للفرد والمجتمع. أدركنا أيضاً أن الإهمال لا يولد سوى الفوضى والفتن. والدليل على ذلك، فإن المجتمع قد يصبر على نوع من الفوضى لفترة، ولكن لا يمكنه أن يسكت عنها إلى الأبد. وهكذا رأينا في الآونة الأخيرة أن الجميع أصبح يهتف بأن “الصحة أولاً” نظراً لتردي خدمات بعض المستشفيات والمستوصفات، ونقص ملحوظ في الأطر والمعدات والوسائل. كما يشدد البعض على أهمية بيئة أماكن الاستشفاء وضرورة إعادة النظر فيها وتطويرها كي تتماشى مع “مغرب اليوم”، ويرتبط هذا المبدأ ارتباطًا مباشرًا بالحفاظ على المستشفيات في ظروف تحمي المرضى وتصون كرامتهم ولا تؤذيهم، وحتى لا تجرف موجة الخصخصة مرافق الصحة العمومية.

مغرب الريادة:

لا يمكن بأية حال من الأحوال انكار ما تم إنجازه فيما يخص بناء مستشفيات كبيرة وأخرى جامعية، لكن الغاية المنشودة هي أن تبنى وأن تعطى أهمية قصوى وبنفس الوثيرة التي تم بها تشييد الملاعب الكبرى والطرق ومحطات القطار والسكك الحديدية والموانئ، لأن مغرب اليوم لابد وأن يتسم بالشمولية ومراعاة كل القطاعات وبمقاربة مبنية على المساواة فيما بخص وتيرة التشييد والاهتمام.

الاستفادة من اليد العاملة الفلبينية:

لا شك أن تبادل الخبرات والمعارف يثري الوسط الثقافي والاجتماعي داخل المستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية. وبما أن لدينا أطر وكوادر طبية من ذوي المستويات العالية، فلماذا لا يتم جلب يد عاملة من الخارج لتساند وتساهم في بناء منظومة صحية متكاملة وبمواصفات عالمية؟

وعلى سبيل المثال، وبحكم التجربة، حيث اشتغلت جنباً إلى جنب مع مختلف الفئات والتخصصات من الفلبين في إحدى أكبر المدن الطبية في الخليج، يمكنني القول أن من أبرز المزايا التي قد يستفيد منها المغرب عند الاستعانة بالممرضين والممرضات والكوادر الطبية من الفلبين ما يلي:

الكفاءة العالية والتكوين الجيد:

فالكوادر الطبية الفلبينية مشهود لها عالميًا بجودة تكوينها الأكاديمي والعملي، إذ أن الفلبين تُعد من الدول المصدّرة للكوادر الصحية المؤهلة للعمل في أمريكا، أوروبا، والشرق الأوسط.

إتقان اللغة الإنجليزية:

يمكن الجزم بأن معظم الممرضين الفلبينيين يتقنون الإنجليزية، مما يسهل اندماجهم في النظام الصحي المغربي ويعزز التواصل مع الأطباء الأجانب والمرضى من جنسيات مختلفة.

الخبرة الدولية:

هناك نسبة كبيرة من الممرضين الفلبينيين عملوا في بلدان مختلفة، ما يمنحهم خبرة عملية واسعة ومتنوعة في التعامل مع حالات وأمراض متعددة.

الأخلاقيات المهنية والانضباط:

يشتهر الممرضون الفلبينيون بالجدية والانضباط، إضافة إلى التعاطف والقدرة على التعامل الإنساني مع المرضى، وهي صفات تزيد من جودة الخدمة الصحية.

تغطية العجز في الموارد البشرية:

لا شك أن المغرب يعاني من خصاص في الكوادر الطبية والتمريضية، ولذلك فإن الاستعانة بالفلبينيين سيخفف الضغط عن المستشفيات والمراكز الصحية، كما سيغطي العجز الحاصل في الأماكن النائية والقرى والبوادي غبر كل جهات المغرب.

نقل الخبرة وتبادل المهارات:

ولا شك أن وجودهم قد يشكل فرصة لتبادل الخبرات مع الممرضين المغاربة وتطوير معايير التمريض والرعاية الصحية محليًا.

المرونة في العمل والتأقلم:

يمتاز الفلبينيون بسرعة الاندماج في بيئات العمل المختلفة وقدرتهم على التأقلم مع ثقافات وأنظمة جديدة، مع سمعتهم الطيبة في اتقان العمل.

عامل اللغة ونظام التشغيل:

فيما يتعلق بالجانب الإداري–التشغيلي فإن لذلك وبدون شك تأثيراً مباشراً على القطاع الصحي وخدماته.

ويبقى السؤال المطروح هو: هل يمكن للمنظومة الصحية في بلدنا الانتقال من الاعتماد على الفرنسية إلى الإنجليزية في أنظمة التشغيل والمواعيد؟ ولما لا، فقد يحمل ذلك مجموعة من الفوائد، لكن لا يمكن إنكار حقيقة أن هناك أيضًا تحديات.

الفوائد المحتملة:

تسهيل الاستعانة بالكوادر الأجنبية

أغلب الكفاءات الطبية الدولية، خاصة من الفلبين والهند ودول إفريقيا وآسيا، تتقن الإنجليزية أكثر من الفرنسية، ما يسهل دمجهم بسرعة في النظام الصحي المغربي.

تعزيز التوافق مع المعايير العالمية:

بما أن الإنجليزية هي اللغة السائدة في المجال الطبي والبحث العلمي، فبالتالي استخدام أنظمة تشغيل ومواعيد بالإنجليزية يجعل المغرب أقرب إلى المعايير الدولية.

جذب الاستثمارات الطبية الأجنبية:

قد يساعد ذلك في تسهيل التعامل مع شركات دولية مصنعة للأدوية، الأجهزة الطبية، والمختبرات التي تعتمد الإنجليزية في عقودها وأنظمتها.

تطوير التكوين الطبي المستقبلي:

الطلبة والأطباء المقيمون سيتدربون أكثر على الإنجليزية الطبية Medical English، مما يسهل مشاركتهم في المؤتمرات الدولية والوصول إلى أحدث الأبحاث.

دعم السياحة العلاجية:

بما أن المغرب يسعى ليكون وجهة إقليمية للعلاج، فاعتماد الإنجليزية ربما سيسهل التواصل مع المرضى الأجانب غير الناطقين بالفرنسية.

التحديات:

سبق وأن أشرنا إلى أن قضية الانتقال من لغة إلى أخرى قد لا يتم بتلك السهولة التي نتصور، لكن بما أن ادماج اللغة الإنجليزية أصبح وارداً في مجالات عدة، فبالإمكان خوض هذا التحدي مع التركيز على اتقان اللغة العربية والحفاظ على الهوية المغربية بكل أطيافها ولهجاتها. وفيما يلي بعض التحديات التي لابد من مواجهتها بحزم:

الانتقال التدريجي صعب:

أغلب الأطر الطبية الحالية والمرضى معتادون على الفرنسية، مما قد يخلق فجوة في التواصل إذا تم التحول بشكل سريع.

تكاليف إضافية:

تغيير البرمجيات الطبية، الوثائق، والسجلات إلى الإنجليزية يحتاج إلى استثمار مالي وبشري.

التدريب وإعادة التأهيل:

سوف يحتاج الأطباء والممرضون المغاربة إلى تكوين إضافي في الإنجليزية الطبية لتفادي الأخطاء.

خلاصة:

يمكننا القول بأن “مغرب اليوم” قد أثبت للعالم بأنه قادر على التحديات الكبرى بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، وأنه مقبل على تحولات شاملة في معظم القطاعات والمجالات، لكن الإرادة المجتمعية تلح على أن قاعدة التطوير هذه لابد أن ترتكز على ثلاثة محاور وهي:

الصحة

التعليم

تنمية العقل البشري

تلك حلقات متماسكة ويتأثر بعضها ببعض. فكما قلنا في بداية هذا المقال “العقل السليم في الجسم السليم”، ولتحقيق ذلك، لابد من تطوير شامل لمنظومة الصحة في بلدنا والعمل على تطوير الأطر والكفاءات وتدريبها على اتقان العمل والتواضع أمام المريض واستحضار الوازع الديني وما أوصى به ديننا الحنيف في ذلك وصون وحفظ كرامة المريض والحفاظ على أسراره، مستحضرين في ذلك بأن الله عز وجل قد كرم بني آدم، وأوصى بالحفاظ على الروح.

نعم، ربما سيستفيد المغرب على المدى الطويل من الانتقال إلى الإنجليزية في أنظمة التشغيل والمواعيد الطبية، خاصة إذا كان هدفه جذب الكفاءات الأجنبية وتدويل قطاع الصحة، لكن يبقى الحث والتدريب على اتقان العمل والمحاسبة الحقة وتوفير التدريب الموازي (Parallel Training) وتكافؤ الفرص، عوامل يجب اتخاذها بعين الاعتبار وبكل جدية وحزم. لكن من الأفضل أن يتم ذلك بشكل تدريجي، عبر اعتماد نظام ثنائي (فرنسي–إنجليزي) في البداية، ثم التحول التام بعد فترة انتقالية.

وكما أوصى الطبيب الكندي ويليام أوسلر (1849- 1919، وهو أحد مؤسسي مستشفى جونز هوبكنز)، بالحفاظ على نظافة المستشفيات وتجويد الخدمات، فقد ربط في آن واحد بين تصميم المستشفيات ونظافتها وأساليب التدريس، حيث قال بأن: “الطبيب الجيد يعالج المرض، أما الطبيب العظيم فيعالج المريض المصاب به.” كما دعمت فلسفته تلك فكرة أن تكون المستشفيات أكثر من مجرد مبانٍ، بل يجب أن تكون بيئات تعليمية جيدة التنظيم وذات طابع إنساني. وما أحوجنا لمثل تلك الآراء التي تضع نصب أعينها مبدأ العدالة الاجتماعية والحق في التطبيب والعلاج لكل فرد بغض النظر عن أي شيء.

وكما أشرنا أعلاه، فحلقات التنمية يرتبط بعضها بالآخر: فلا يمكن تطوير منظومة الصحة دون اصلاح شامل لمنظومة التعليم ورد الاعتبار للمدرسة العمومية وللمعلم، ولا يمكن اصلاح هذين القطاعين دون التركيز على تنمية العقل البشري. فلابد من الاستثمار في المدرسة العمومية وتطويرها بشكل لافت، والعمل على اعداد كوادر وكفاءات طبية تربت وترعرعت في بيئة تعليمية سليمة من كل الشوائب، وذات صلة بمورثها الديني والثقافي والفلسفي والاجتماعي. وإذا تحققت العدالة الاجتماعية والمجالية في تلك القطاعات الثلاث، فإن ذلك من شأنه أن يضمن تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تضمن للفرد حقوقه وتصون عقيدته ومبادئه وكرامته وهويته، ولا قيمة لذلك أن نحن فرطنا في مكارم الأخلاق وحسن التعامل والتراحم بيننا، وحري بنا أن نقف على أبيات الشاعر أحمد شوقي حيث قال:

إنّما الأمم الأخلاق ما بقيَتْ

فَإِنْ هُمُ ذهبَتْ أخلاقهمْ ذهبوا

وقال غيره:

مَنْ يزرعِ الخيرَ في نفسٍ سيحصدهُ

لن يحصدَ الشّوكَ مَنْ في أرضهِ العِنَبُ

والله ولي التوفيق،،،

باحث في مجال التربية والتعليم والثقافة

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات نازل

تراكم الأحجار قرب إعدادية وجدة يثير قلق الساكنة مع الدخول المدرسي

أيوب ديدي

يعرف حي الهناء – الشارع 115 بحي كولوش في وجدة وضعية مقلقة بعد انتهاء الأشغال التي عرفتها المنطقة مؤخراً، حيث تراكمت كميات من التراب والأحجار بالقرب من ثانوية وجدة الإعدادية.

هذا المشهد، الذي يسيء لجمالية الحي، أصبح مصدر قلق حقيقي للساكنة والأسر مع بداية الموسم الدراسي. فوجود هذه الأحجار بمحاذاة المؤسسة التعليمية يشكل خطراً على سلامة التلاميذ، خصوصاً في حال وقوع شجار أو خلاف بينهم، حيث قد تتحول تلك الأحجار إلى وسيلة غير آمنة قد تتسبب في إصابات أو حتى أضرار مادية مثل تكسير زجاج السيارات المركونة بالقرب من المكان.

الساكنة وأولياء الأمور يناشدون الجهات المسؤولة التدخل العاجل لرفع هذه الأتربة والأحجار، ليس فقط من أجل حماية التلاميذ وضمان أمنهم، بل أيضاً لإضفاء لمسة من الجمالية على الإصلاحات المنجزة حتى تكتمل صورتها الإيجابية.

ويبقى الرهان على سرعة استجابة السلطات المحلية لإنهاء هذه الوضعية التي لا تليق بمحيط مؤسسة تربوية تستقبل يومياً مئات التلاميذ.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة رياضة نازل

مهما كانت النتائج… حكيمي هو الفائز الحقيقي عند كل المغاربة

مع الحدث: ذ لحبيب مسكر

قبل ساعات من الإعلان عن الفائز بالكرة الذهبية لهذا الموسم، يبقى أشرف حكيمي، في نظر الملايين من عشاق كرة القدم، الفائز الحقيقي حتى وإن لم يُنصفه التصويت الرسمي.

الأرقام مع فريقه باريس سان جيرمان تتحدث بوضوح: حكيمي، الظهير الأيمن المغربي، لم يعد مجرد مدافع، بل أصبح لاعباً حاسماً بأهدافه وتمريراته ومساهماته الهجومية والدفاعية. فهو من بين أكثر اللاعبين استقراراً في الأداء داخل النادي الباريسي، حيث قدّم هذا الموسم حصيلة لافتة من الأهداف والتمريرات الحاسمة، متجاوزاً في فعالياته الهجومية أرقام لاعبين هجوميّين مثل عثمان ديمبلي، الذي حظي بتغطية إعلامية مضاعفة.

ومع ذلك، نلاحظ كيف أن بعض المنابر الإعلامية تحاول تجاهل اسم حكيمي في نقاش الجوائز الفردية. في مباراة الأمس بين برشلونة وخيتافي مثلاً، تعمّد المعلق الحديث عن يامال وديمبلي، متجاهلاً تماماً حكيمي رغم أرقامه الواضحة وتأثيره المباشر مع الـPSG. الأمر ليس صدفة، بل هو انعكاس لتوجه معين من القناة المالكة لحقوق البث، والتي لا تنفصل عن نفس مالك نادي باريس سان جيرمان نفسه، حيث يظهر الانحياز بوضوح لصالح أسماء بعينها.

الأدهى من ذلك، هو نهج الإعلام الفرنسي الذي لم يتوقف عند حد التهميش الرياضي، بل حاول في فترات حساسة إعادة نبش قضايا شخصية سبق أن أغلقت، في محاولة لتشويه صورة اللاعب المغربي وضرب معنوياته.

لكن الحقيقة أقوى من كل هذه المحاولات. أشرف حكيمي هو الفائز في أعين جماهيره: لاعب ثابت المستوى، منضبط، ويمثل رمزاً لجيل كامل من الشباب المغربي والعربي. الكرة الذهبية قد تُمنح بضغط اللوبيات والتغطيات الإعلامية، لكن الاعتراف الجماهيري والاعتزاز الوطني لا يُشترى.

لهذا، سواء تم تتويجه الليلة أم لا، سيبقى حكيمي هو بطلنا الحقيقي، والتاريخ كفيل بإنصافه أكثر من أي جائزة تُمنح في قاعة فاخرة بباريس.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات نازل

مقال:دور الشباب بوجدة بين الاغلاق والتخلي

أيوب ديدي

بعد مرور ازيد من سنة على اغلاق دور الشباب بمدينة وجدة الالفية،باعتبارها المدينة التي تحتضن عدد كبير من الادباء والشعراء والقصاصين اضافة مسرحيين كبار الا انها اضحت هذه الدور فارغة.بدعوى اصلاحها.

ان هذه المؤسسات التربوية والتنشيطية لازالت خارج الخدمة طبعا في ظل غياب اي تفاعل او مبادرة رسمية لتوضيح مآل هذه المرافق.

ان هذا الوضع يضعنا امام طرح مجموعة من التساؤلات،ومن ابرزها اين هو دور الجمعيات الوجدية تحت اطار العرض التنشيطي لمؤسسات الشباب وكانها غير معنية بالبرامج التي تقدمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل.

ان الوصع الحالي للمؤسسات الشبابية،يفضي بنا القول الى ان مدينة وجدة بحاجة ماسة الى رد الاعتبار للفضاءات الاساسية من اجل احتضان وتكوين وتاطير شباب وشابات يحملون المشعل الثقافي بالمدينة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة خارج الحدود نازل

جامعة الدول العربية: سبعة عقود من الخطابات النارية.. والواقع بلا نتائج

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر 

 

يبدو أن العرب يجتمعون فقط كي يثبتوا لأنفسهم أنهم ما زالوا يجتمعون. غداً في الدوحة، ستعقد قمة عربية إسلامية طارئة لبحث تطورات العدوان الإسرائيلي على قطر، قمة تنضاف إلى سجل طويل من اللقاءات التي غالباً ما تنتهي بنفس النتيجة: بيانات حماسية، عناوين قوية، ووعود لا تكتمل. فمنذ تأسيس جامعة الدول العربية قبل ثمانية عقود، ظل السؤال يتكرر: هل الجامعة مؤسسة لصناعة القرارات أم مجرد ماكينة لإنتاج البلاغات؟

 

جامعة الدول العربية تأسست في 22 مارس 1945، حين اجتمعت سبع دول تحت المظلة البريطانية، وكان الهدف المعلن هو تنسيق السياسات وصون استقلال الأعضاء. لكن منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، ظلت المؤسسة أشبه بعملاق سياسي بأقدام طينية، عاجزة عن فرض قرارات ملزمة أو لعب دور فعّال في القضايا المصيرية. فقراراتها لا تملك قوة القانون، والفيتو المتبادل بين الدول الأعضاء يجعل أي إجماع أمراً مستحيلاً.

 

على امتداد تاريخها، انكشفت هشاشة الجامعة في محطات كثيرة: طرد مصر عام 1979 بعد اتفاقية كامب ديفيد، عجزها عن منع غزو العراق للكويت عام 1990، ثم انقسامها الحاد بعد ثورات 2011 بشأن التدخل في ليبيا والموقف من سوريا. وحتى القمم التي رفعت شعارات قوية لم تترجم على الأرض؛ فقمة الخرطوم عام 1967 رفعت “اللاءات الثلاث”، لكن العرب خرجوا من الحرب بهزيمة قاسية، بينما مبادرة السلام العربية سنة 2002 بقيت مجرد وثيقة بلا تنفيذ.

 

الجامعة لم تفشل فقط بسبب الانقسامات، بل لأنها رهنت قراراتها دائماً بحسابات النفوذ والمال. الدول النفطية الكبرى، خصوصاً السعودية وقطر والإمارات، تمول الجزء الأكبر من ميزانيتها، ما جعل استقلالية القرار العربي الجماعي مجرد وهم. أما في علاقاتها مع القوى الكبرى، فقد وصف المفكر عبد الوهاب المسيري الجامعة بأنها لم تكن سوى أداة للسياسة البريطانية أولاً، ثم الأمريكية لاحقاً.

 

ومع ذلك، لم تخل مسيرتها الطويلة من لحظات نادرة حاولت فيها أن تكون فاعلة، مثل المقاطعة العربية لإسرائيل لسنوات طويلة أو الدعم الدبلوماسي للقضية الفلسطينية داخل الأمم المتحدة. لكن هذه النجاحات الجزئية لم تغيّر حقيقة العجز البنيوي.

 

واليوم، وبينما تتهيأ الدوحة لاحتضان القمة الطارئة، تبدو النتيجة معروفة سلفاً: بيانات مطبوخة على نار هادئة، عناوينها محفوظة “نندد، نستنكر، ندين، ونرفض”، أما الأفعال فتظل مؤجلة إلى إشعار غير مسمى. وكأن جامعة الدول العربية، بعد سبعة عقود من الاجتماعات، لم تتقن سوى لغة البلاغات، فيما الواقع يزداد قسوة يوماً بعد يوم.

 

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات مجتمع نازل

المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر بسبب احتلال الملك العمومي بساحة الأمير سيدي محمد

دنيا وئام علمي

في مشهد يتكرر يومياً بحي بلفدير بالدار البيضاء، تعيش ساحة الأمير سيدي محمد حالة من الفوضى والتسيب، بسبب الاستغلال العشوائي للملك العمومي من طرف عدد من المقاهي التي عمدت إلى احتلال الأرصفة بشكل واسع، عبر نشر الطاولات والكراسي دون أي احترام للقوانين والضوابط التنظيمية.

هذا الوضع الذي أصبح حديث الساكنة، لم يعد مجرد مشكل جمالي أو حضري، بل تحوّل إلى مصدر إزعاج ومعاناة يومية، حيث يُحرم الراجلون من حقهم الطبيعي في التنقل الآمن على الأرصفة، كما تتضرر الحياة اليومية للسكان بفعل الضجيج الليلي، وارتفاع صوت الموسيقى، والتجمعات الصاخبة التي تمتد في كثير من الأحيان إلى ساعات متأخرة من الليل، مما ينتهك حقهم الدستوري في الراحة والسكينة.

ورغم توجيه العديد من الشكايات في الموضوع، فإن المجتمع المدني يسجل غياب أي تدخل جدي أو إجراءات رادعة من طرف السلطات المحلية، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى جدية تطبيق القانون، ويعزز الانطباع بوجود نوع من التساهل أو حتى التواطؤ مع بعض الجهات المستفيدة.

أمام هذا الوضع المقلق، يرفع الفاعلون المدنيون أصواتهم للمطالبة بـ:

  • تحرير الملك العمومي فوراً من كل أشكال الاحتلال غير المشروع.

  • تفعيل أدوار الشرطة الإدارية والسلطة المحلية في المراقبة والزجر.

  • فرض احترام مواقيت النشاط التجاري حمايةً للسكينة العامة.

  • محاسبة المتورطين وربط المسؤولية بالمحاسبة.

ويؤكد المجتمع المدني أن مسؤولية حماية الحق العام تقع على عاتق جميع المؤسسات المعنية، مشدداً على أنه يحتفظ بحقه في القيام بخطوات تصعيدية قانونية وإعلامية إذا استمر الوضع على ما هو عليه، بما يضمن إنصاف الساكنة ووقف نزيف الفوضى الذي يسيء إلى صورة العاصمة الاقتصادية.