جاري التحميل الآن

«ولكن»…

 

 

لميا أ. و. الدويهي.لبنان

ماذا يحتاج الحبُّ ليعودَ ويتدفَّقَ من العمق ويطفوَ على صفحةِ الوجود ويتغلغلَ في المَسام بهدوء؟…
ماذا يحتاجُ الحُبُّ ليَعبقَ أَثيرُهُ ويُحرِّكَ الرُّوح ويَدعوها إلى واحاتِهِ الغنَّاء؟…
العاطفة لا تحتاجُ إلى الكثير لتنبضَ وتفيضَ وتبدأَ بالخفقان وتُعيدَ القلبَ إلى سابق العهود…
القلبُ لا يحتاجُ إلى دعوة ليحيا، فدقَّاتُهُ تُنادي وتُناجي نغماتِ الحُبِّ منه وإليهِ، مع كُلِّ نَفَسٍ يُحرِّكُهُ…
القلبُ أكثرُ الأوفياء في «الغَدر»… إنَّهُ يسبقُكَ إلى الحياة في أحشاءِ الحَبيب ويتَّخِذُ من أحضانِهِ مَسكِنًا… ولو الظروف عاكستهُ، ومن هناكَ طردتْهُ، تُرفرفُ همساتُه حولَهُ…
إنَّهُ القلب، إنَّهُ الفؤاد، إنَّهُ الرُّوح، إنَّهُ العُمق، إنَّهُ الكيان، إنَّه أنت في الهوى والعِشق والوَجد والغرام والاتِّحاد واللقاء والتَّعبير والبَوحِ والإفصاح… إنَّهُ كلُّ ما قيل وكُلُّ ما لم يُقال…
إنَّهُ السرُّ العَميق السَّرمدي الأزلي… إنَّه الذي يسوقُ الكلُّ في لحظاتٍ أقوى من الجنون، أعظم من هديرٍ في سكون وألطفُ من نسائمَ وعطور…
حرَّكَ الكتَّاب والشُّعراء عبر العُصور، فدنوا منهُ وحقَّهُ لم يَفوه…
ودَدتُ الإبحار إليه ومعه إلى حيثُ يدعوني، رغبتُ تسليمه بداياتي ونهاياتي في أشواطَ عُمري القليلة… أرغبُ بأن أُحلِّقَ إلى تلكَ الأبعاد ذاتِها في ذاتِه وسويًّا نُحلِّقُ إلى آفاقٍ مُتراميةً فينا، لا تنتهي…
… «ولكن»… وما أفظعَ هذه الكلمة حين تتهادى بين اللحظات، تحطُّها، تُدحرِجُها من ذُروةِ ارتقائها إلى واقعِ يوميَّاتٍ فرضَ مُقرَّراتِه… وفي أقلٍّ من ثوانٍ، أطبقَ عليهِ في زنزانةِ الفراق بالرُّغمِ من التقاربِ في المسافات…
حينها تتنحَّى المشاعر وتأتي العقلانيَّة بأبهى حُلَّتِها لتُنظِّرَ وتفرِضَ قوانين سنَّتها على مَقاساتٍ، لو كانت وليدة الحكمة، لرَضيَ بها القلبُ مُسلِّمًا…
لربَّما ما سيلي تلك العاطفة أو ذلكَ الإحساس، قرارُ حياة، سيسوق الحياة في الحَياة، إمَّا إلى منعطفات مقطوعة وإمَّا إلى انفراجات غير مَسبوقة…
والقلبُ مُتأرجحٌ ما بين شعور، قواهُ يَفوق، وبينَ حكمةٍ تَعي جوهرَ الأمور وتُنهي عن هدرِ الوقت والجُهود، وتُلهمُ بالابتعاد عن طريقٍ قد يكونُ في نهايتِهِ مَسدودًا…
وحدها الأيَّام تحكمُ في مُجرياتِها ولكن… عسى ألَّا يكون للنَّدمِ لديها مَخدع…
لميا أ. و. الدويهي
٥ /٧ /٢٠٢٢

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك