Categories
متفرقات

التجارة الثقافية و احتضار الحركة المسرحية:

 

منصف الإدريسي الخمليشي

منذ أن أصاب العالم هذا ( الوباء) و المسرح يعاني و نحن على أبواب دخول الموسم الثاني بدون اشتغال, فالفنان أصبح سؤاله الأول و الأخير ” لماذا تغلقون المسارح؟” و مطلبه الأوحد ألا و هو ” اغلقوا المسارح” سؤالنا الأبرز في هذا المقال المقتضب ألا و هو لماذا هنا تجارة ثقافية؟ و احتضار للحركة المسرحية؟
يعتبر المسرح أحد القطاعات التي تجعل من الكائن الحي سوي نفسيا, إلا أننا نلحظ أن هناك تجار في الثقافة, المتاجرة هنا و هناك لا لأي سبب سوى أنه قطاع يدخله المتطفلون و لا يعيرون الاهتمام لأي مهتم.
المسرح كبناية أصبح مهجور في زمن ( الوباء) الذي أفشل كل الأنظمة, بل و حتى الحكومات التي استمرت في إجراءات الغلق, أخبروني, هل هناك مقهى بدون مباراة كرة قدم؟ هذا الأمر مثله مثل المسرح الذي تم فتحه و لكن بدون جمهور, فمن بين شروط ضمان فرجة جيدة هو وجود جمهور, بالجمهور تنتج طاقة كبيرة و يتم إنتاج إحساس, فنحن المسرحيين لا نحقد و لا نطمع أبدا, لأننا نحن أهل السلام ننشر السلام بين البشر أجمعين, عند الصعود إلى المسرح يتم نشر الرسائل الإيجابية و الابتعاد عن السوداوية.
لماذا تم تقسيم المسرح الذي يعتبر عمل جمعوي إلى فصائل و أحزاب فتم تحزيب هذا الأب, في الولايات المتحدة الأمريكية هناك الحزب الديموقراطي و الحزب الجمهوري, و بفعل حركات هنا في المسرح المغربي تم تأسيس حزبين و فصيلتين, فصيلة الاحتراف و الهواة, لماذا هذا التقاطع و القطيعة لأهل المسرح الذي تعتبر قوته في الوحدة و التماسك و التكافل.
منذ أن أصبح مفهوم الهواة و الاحتراف حاضرا تأخر المسرح المغربي و ظلت الحركة المسرحية هذا يطعن في ذاك, و لماذا هناك كثرة النقابات؟
ففي كل القطاعات عندما تكثر كثرة التنظيمات التي تدعي حماية المجال, يتم تهميشه, كما الشأن في التعليم الذي ينقسم لكثرة النقابات و نفس الأمر في المسرح.
إن المسرح كي يستعيد عافيته يحتاج إلى الوحدة, نجاحنا في وحدتنا هذا هو الشعار الذي يجب علينا أن نرفعه, لكي لا نكذب على أنفسنا فالمسرح كإبداع و ابتكار هو حاضر في كل الساحة العربية و الدولية, لكن نحن بحاجة إلى وضع الحجر الأساس على ما أسميه بالتكتل الوحيد ” مسرح” ليس هناك فرق بين الهواة و المحترفين و لا داعي لهذه التسميات” الفرق يجب أن يكون فقط في الالتزام و جودة العمل, لأن الابداع ليس هكذا, همنا هو الاصلاح, كيف يمكن لبعض المحسوبين على هذا المجال أن يتحكموا في الابداع و الابداع هو خلق الاختلاف.
المبدعون و المبتكرون وجب عليهم الاتفاق و الوحدة أولا لكي يكون الضغط على الساسة لكي تلبي نداءاتنا المتكررة, بالفعل تم رفع شعارات دائما و نادرا ما تنجح بعضها و لا نحقق الأهداف المرجوة, لأن هناك دائما اختلاف, أكيد الاختلاف لا يفسد للود قضية, و لكن الاختلاف الذي أقصد هنا هو أن كل واحد من المسرحيين يحاول أن يخدم مصلحته الخاصة و هذا الأمر الذي ينبذه المنطق الأرسطي و الأفلاطوني ما عدا إن كنت تطبق عوالم الرأسمالية, هنا يجب علينا أن نكون اشتراكيين, فالنضال الأوحد هو نضال الدفاع عن حقوق الفنان.
في موطن الفراعنة يعتبر الفنان موظفا, و يتم تأدية ثمن تكرار الأعمال على التلفاز, و لكن في المغرب الأقصى, يتم محاسبة المسرحي على كل كلمة يتفوه بها بل و لازالت الرقابة و كأننا نزال على عهد تازمامارت.
الحركة المسرحية تحتضر, نعم كيف لا و هناك ضرب في المصالح و طعن في القدرات و المؤهلات و قمع للفئة النشيطة التي تعتبر هي إحدى مكونات الجيل المقبل, بالشباب سيظل هذا الفن مستمر, و لو رحل الرواد بارك الله في عمرهم, سنبقى نحن المناضلين و لكن يجب على الدولة أن تسير على نهج الديموقراطية, و إلغاء كافة شروط البيروقراطية.
كل مبدع من حقه أن يحصل عل جلسة استماع لشرح و تفسير و تقديم ما يراود خيالاته من أفكار, سواء أ كانوا شبابا أم شياب.
الوحدة و الاختلاف هي صنيعة الائتلاف و لكن يجب أن نصمد و ندافع على جميع الحقوق التي هضمت, كفى من تهميش الثقافة و الأدب و المسرح و الفن, نحن نبحث عن الاختلاف لتحقق الوحدة.

 

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث
Categories
متفرقات

” العدالة الإجتماعية : بين الواجب والحق والقانون “

عبدالرحيم الشافعي: كاتب صحفي- المغرب

 

 

“مِنَ العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي به لنفسه”

(ابن رشد )

 

إن مفهوم العدالة الإجتماعية يحتل مكانة هامة في الفلسفة السياسية والإقتصادية و الاجتماعية على حد سواء، حيث انشغل بها الفلاسفة، والمفكرين، و علماء الاجتماع، و قاموا بدراستها و تفكيك خباياها ، كل من زاويته الخاصة، مما أذى الى وجود تعارض، و اختلاف، و تباين، في مواقفهم و تصوراتهم،

والمقال الذي بين أيدينا يندرج ضمن نفس الموضوع، إذ يسلط الضوء على قضية العدالة الاجتماعية بين مفهوم الواجب، والحق، والقانون، و من خلال هذه المفاهيم يمكننا طرح الإشكال الاتي : هل العدالة الاجتماعية قضية واجب أم حق أم قانون ؟ و بناء على هذا يمكننا أن نتسائل :

فما مفهوم العدالة الإجتماعية ؟ و ما علاقتها بالواجب والحق والقانون ؟ بأي معنى يمكننا الحديث عنها ؟ هل من خلال الواجب كواجب ؟ أو من خلال الحق كحق ؟ أو من خلال القانون كقانون ؟

 

 

من خلال العنوان يتضح أن الموضوع يتبنى قضية العدالة الاجتماعية التي تحمل في طياتها مفهوم العدل،من عَدَلَ يَعْدِلُ فهو عادل، والعدالة هي إعطاء الحق لأهله وافيًا غير منقوص في قليل أو كثير، وعدم نقصانه أو زيادته على حساب الغير. وهي أيضًا تحقيق التوازن بين طرفين أو أكثر، أما مفهوم العدالة الاجتماعية فيحيل إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع، وتحقيق معادلة متساوية وعادلة بين أفراده، و قد أكد هذا المفهوم الفيلسوف الأخلاقي والسياسي جون رولز في كتاب نظرية العدالة، حيث حاول حل مشكلة تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق التوزيع العادل إجتماعيا للأغراض في المجتمع،لأجل توفيق بين التحرر والعدالة، ومن أجل مجتمع جيد التنظيم.

إن هذه في الحقيقة إرادة خيرة ،وحرة لا تخضع لميولات ذاتية، و مصالح فردية، أو لمبذأ خارجي، وهذا هو مفهوم الواجب الذي تحدث عنه الفيلسوف ايمانويل كانط حينما اعتبر أن الواجب مرجعه العقل، وغايته فقط احترام القانون الأخلاقي، ومنطقه الإرادة الخيرة، أما مفهوم القانون فهو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأفراد في المجتمع، أو النظام الذي تجري وفقاً له علاقات الأشخاص داخل المجتمع.

بين العدل والواجب والقانون هناك أفراد في المجتمع يجب انصافهم،ويصادف هذا قول الفيلسوف الهولندي غروشيوس ، الذي اعتبر أن القانون هو الحكم بأنّ عملاً ما يعد ظالماً أو عادلاً تبعاً لكونه مخالفاً أو موافقاً لمنطق العقل، وإنّ قواعد هذا القانون ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، و حسب هؤلاء الفلاسفة فأن العدالة الاجتماعية لن تتحقق مادام هناك ظلم سواء بين أفراد المجتمع فيما بينهم، أو سواء بين السلطة الحاكمة والمجتمع.

لن يتحقق هذا الا بوجود مبدأ الحق وهو مفهوم يشير الى تلك الأمور التي يحتاجها الإنسان أو الكائن الحي عامةً، كي يحيي حياة كريمة، إذ يجب على الدولة والوطن والمجتمعات توفيرها له دون منّة أو تعدٍّ، و هي ملك لكل البشر، مكفولة بعدم قابليتها للتجزئة أو الانتزاع من أي شخص كان، مهما كانت ظروفه، فلا يحق لأحد حرمان أي فرد من حقوقه الشخصية، فهي ثابتة وغير قابلة للتصرف، ولا يمكن تجاوزها في أي حال من الأحوال.

وكخلاصة يمكن القول أن العدالة الاجتماعية لن تتحقق برفع الشعارات في مختلف وسائل الإعلام، أو في المظاهرا، أو في الندوات، و المحاضرات، بل ستتحق العدالة الاجتماعية، عندما يدرك الانسان ما له و ما عليه من حقوق، وواجبات في إطار قانوني يعدل بين الناس، يحقق مبدأ العدل و تكافئ الفرص في ضمير الفرد، مع نفسه، و داخل أسرته، و مع مجتمعه، وداخل وطنه، فمفهوم العدالة الاجتماعية عند رولز أو كانط أو جون لوك أو هيوم، مرتبطة بالعقل و بالفرد كسلوك أخلاقي قبل أن تصبح حق و قبل أن يؤطرها قانون، فلا تنتظر الدولة أن تحقق لك هذا المبدأ و أنت تطعن في شرعية الميراث، و في جودة المنتوجات،و تمكر بالناس في العلاقات، و تغش في البيع و الشراء، و في نشر المعلومات،وووو…فلن تكون عادلا ما لم تكن انسانا.

Categories
متفرقات

“التعليم ما بين صندوق النقد الدولي وتعنيف السلطات”.

بقلم ذ :وفاء الدغوغ.

كان لابد من الوقوف على الخروقات الأمنية والعنف الذي بات ممنهجا من قبل السلطات ضد كل وقفة إحتجاجية سلمية يقوم بها الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ،فما الذي يزعج الدولة ويخرجها عن الإطار الدستوري والحقوقي من موقف الأساتذة ؟هل هو تمسك الأساتذة بملفهم المطلبي واستنكارهم للتعاقد الذي يعتبرونه مفروضا بحكم الواقع والسياق التاريخي والدولي الذي جاء به مرسوم رئيس الحكومة السابق السيد عبد الاله بن كيران سامحه الله.
إنه من حق الأساتذة أن يعبروا عن أنفسهم ويخرجوا قضيتهم للشارع المغربي شريطة عدم المساس بالنظام العام والأمن الاجتماعي ،وتأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ما هو إلا تكريس للتوجه الوطني والسلمي لهذه الشريحة من الموظفين للعمل داخل إطار نظامي وقانوني يكفل للأساتذة كرامتهم وللدولة هيبتها.
ولابأس أن نذكر بالأسباب الظاهرة والخفية التي سمحت بإنتقال عدوى التعاقد إلى جسد بلدنا ،فالبنسبة للأسباب الظاهرة يردد دائما السيد الوزير أمزازي على مسامعنا أن التعاقد كان هو الحل الأمثل لسد الخصاص في قطاع التعليم وخلق فرص شغل جديدة لإمتصاص بطالة خريجي الجامعات ،أما رئاسة الحكومة فكانت ولا زالت تبرر موقفها بأنه خدمة للمصلحة العامة يحقق توازنا على مستوى الميزانية العامة بتقليص النفقات وتنزيل مشروع الجهوية المتقدمة على أرض الواقع ،لا أحد يمكن أن يطعن في صدقية هذه المبررات لكن لا يمكن أن نتغاضى عن أسباب أخرى تبدو خفية تزامنت مع السياق التاريخي لصدور المرسوم فهذا الأخير بشكل غير مباشر جاء تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي ( Fonds monétaire international) والذي يعتبر أحد أدوات الضغط التي تملكها الدول المانحة للتحكم في موازين القوى الدولية.
نحن مع الجهوية المتقدمة شريطة عدم المساس بالحريات العامة للمواطنين وتكافؤ الفرص وتبادل الخبرات والطاقات البشرية ما بين الجهات والجماعات الترابية وتقليص التفاوتات الإجتماعية ،إن إلغاء العلاقة النظامية ما بين موظفي التعليم والإدارة وإستبدالها بعقود إذعان سيؤدي إلى تدخل أطراف جديدة متحكمة ( الشركات ،المصارف ،المستثمرون،المتعاقدون مع المجالس الترابية عن طريق التدبير المفوض …) ،وما إلى ذلك من أنشطة مدرة للدخل بالنسبة للجهات الترابية والتي يبقى المتحكم فيها أعراف التجارة وتجاذبات العرض والطلب ،فكيف يعقل أن تصبح المنظومة التعليمية والتربوية تحت رحمة المستثمرين أصحاب الشكارة؟ عذرا يا سادة ولكن المدرسة المغربية ليست مزرعة لتسمين الأبقار والعجول بل إنها محددة رئيسية لتحديد مصير الأجيال ومستقبلها ،فدائما وأبدا يصرح السيد الوزيز أمزازي أن التعاقد جاء كحل لإشكالية الخصاص وأن الحكومة لن تتنازل عن تنزيل مشروع الجهوية المتقدمة فما علاقة سد الخصاص بالجهوية المتقدمة؟.
سبقت الإشارة إلى أن الجهوية المتقدمة حل وتدبير للتفاوتات الإجتماعية والإقتصادية لكن الإشكال المطروح أن هناك جهات لا تستطيع أن تحقق حتى إكتفاؤها من الماء الصالح للشرب فكيف لها أن تؤدي رواتب ومستحقات موظفين لهم صفة أطر يعملون بأسلاك التعليم ؟ أما فيما يخص الحفاظ على الميزانية العامة وذلك بتقليص النفقات العمومية أليس هذا الهدف مرهونا بوجود موارد طبيعية وبشرية منتجة للثروة؟ وفي حالة توفر هذه الموارد فإن الأمر يظل بدوره رهينا بمدى نجاعة هذه الجماعات في تدبير ثرواتها سواء بالآليات القانونية للمسائلة وربط المسؤولية بالمحاسبة ، وسواء بالآليات الفنية من توفير للمعدات ومواكبة للعصر وفي جميع التخصصات كما وكيفا وذلك كما سبقت الإشارة عن طريق تبادل الخبرات ما بين الجهات وحق الإطار التربوي في الإنتقال فمن شأن ذلك أن يضمن سد الخصاص ويضخ دماء جديدة في جسد تعليمي وتربوي صار عتيقا.

《جاء على لسان الرئيس السابق للاتحاد الزراعي العمالي “محمد الهاكش ” في أحد المقالات التي نشرتها جريدة العربي الجديد بتاريخ 31 يناير 2019 أن صندوق النقد الدولي لا ينشغل بالجوانب الإجتماعية في سياسة الحكومة فالمطالب التي تعبر عنها الفئات المتضررة من تلك السياسة يضحى بها بهدف الحفاظ على التوازنات المالية ،مشيرا إلى أن الصندوق لا يتناول القضايا المرتبطة بالبطالة أو بالهشاشة التي يعاني منها الأجراء والموظفون 》،ويترجم ذلك ما قامت به الحكومة في السنوات الأربع الأخيرة من تقليص في نفقات الدعم مما يضر بالطبقات الفقيرة والوسطى ،وللتحكم في معدل التضخم خفضت الحكومة من ضغط بعض الضرائب المفروضة على الشركات والمصارف التي استغلت الوضع لإقتراح معدلات فوائد مرتفعة ،ومما لا شك فيه أن أول المتضررين من هذه الضغوطات هي كتلة أجور الموظفين التي تشكل نسبة مهمة من ميزانية النفقات العمومية ،لأن صندوق النقد الدولي يشدد أكثر على النفقات ذات الأولوية التي تحقق تخفيض المديونية والحفاظ على التوازن المحاسباتي والمالي ،قد يبدو موقف الحكومة مثريتا أمام توصيات الصندوق لكن خير دليل على أنه ماض في تنفيذها هو نظام التعاقد المفروض على الموظفين وعلى رأسهم موظفي قطاع التعليم.
لقد عاد الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد للإحتجاج من جديد وخوض إضراب وطني عام إبتداء من يوم الإثنين 22 مارس وإلى غاية يوم الأربعاء الموافق ل 24 من نفس الشهر ، وجاء ذلك تنفيذا لمخرجات التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد تنديدا بما  تعرض له الأساتذة من قمع وتعنيف من قبل رجال السلطة بالعاصمة الرباط ، وجدير بالذكر أن المسيرة السلمية لم تخرج عن نطاق المسموح به قانونيا وتمسك الأساتذة المحتجين هو تمسك بالمكتسبات الدستورية والحقوقية التي حققها المغرب في ظل السيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ،وبحسب بيان التنسيقية الوطنية فإن النضال متواصل والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد جادون في التمسك بملفهم المطلبي ،ردا على الموقف المتعنت والسلبي للحكومة ورفض السيد الوزير أمزازي الجلوس على طاولة الحوار وترك المهمة لهراوات رجال الأمن والقوات المساعدة مفوتا بذلك فرصة جديدة لوضع حلول مرضية للطرفين في هذه القضية ،وعلى رأسها الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية ،ولقد استنكر الرأي العام ومجموعة من النشطاء السياسيين وأصحاب الرأي على مواقع التواصل الإجتماعي هذا العنف الممنهج الذي قام به رجال السلطة العمومية لفض إعتصام سلمي ،ومن جملة هذه المواقف المستنكرة السؤال الذي وجهه الفريق الإشتراكي داخل مجلس النواب إلى وزير الداخلية “عبد الوافي الفتيت” حول تعنيف مواطنين أثناء مسيرة سلمية وأمام مقر البرلمان و وزارة التعليم بالعاصمة الرباط،فكيف لإحتجاجات سلمية أن تقابل بمطاردات هوليودية في الشوارع واستعراض للعضلات مبالغ فيه نتج عنه إصابتان وصفتا بالخطيرة في صفوف الأساتذة المحتجين؟ فأين هو تنزيل الدستور ؟وأين هو السلم الإجتماعي؟ ،ولقد دون الفنان المغربي القدير “نعمان الحلو” عبر حسابه الخاص بموقع الفيسبوك قائلا 《إن العقدين الأخيرين إختلط فيهما الحابل بالنابل وتم فيهما إخفاء دور العالم والأستاذ والطبيب مقابل تمجيد التافهين وتمكينهم من إعتلاء منابر إعلامية 》.
يجب الحفاظ على كرامة الأستاذ ورد الإعتبار للمدرسة العمومية لأن الجهل هو ذلك القاتل الصامت الذي ينخر جسد المجتمع إلى أن يشله ،فهيا بنا نحارب جميعا كأساتذة وسلطات عمومية وفاعلين إجتماعيين هذا العدو المشترك . وعلى عكس مواقف ذوي المروءات من أصحاب الرأي خرج صحفي من اليوتبورز غير المؤثرين بتصريحات رديئة وركيكة ، وخير رد على هذا الأصلع الصغير ما قاله الصحفي الشاب ص.غ الذي تضامن مع الأساتذة بكل شجاعة معروفة عن أبناء عاصمتنا حينما وصفه بأنه يحب الركمجة وهي نحت فعلي لركوب الأمواج ،فاحذر أيها الصحفي الغير مؤثر أن تغرق هذه المرة، لأن بحر الأساتذة عميق جدا و يحتاج لإمكانيات فنية وعلمية عالية ،فالفرق كبير جدا ما بين الساحات النضالية الحقيقية وما بين الساحات الخلفية وما يحدث فيها خلسة يصبح فيها رواد المنابر الإعلامية من هذه العينة أبواقا.
تحية إجلال وتقدير لكل أطر ورجال ونساء المنظومة التعليمية التي كانت ولا زالت رمزا للنضال الوطني في سبيل تحقيق مطالب عادلة ومشروعة تعيد الريادة للمدرسة العمومية ،التي يحاول البعض من أصحاب الشكارة أن ينسفوها بتشويه صورة المؤسسات وسمعة الأطر العاملة بها لضرب مجانية التعليم والاستثمار أكثر في حاجة أصبحت ملحة أكثر  من أي وقت مضى ألا وهي تعليم الأبناء ،ولا داعي أن نؤكد مرة أخرى أن مطالب الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ليست سياسية ولا قابلة للتسييس بل هي مطالب وطنية و إجتماعية و تنموية ،فجميعا من أجل الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية والترسيم بشكل نظامي بعيدا عن أي إكراهات داخلية أو خارجية.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث.
Categories
متفرقات

 المُدَرِّسُ المَغْرِبِي شَرَفُ الأُمَّةِ وَعُنْوَانُ مَجْدِهَا !


الصادق بنعلال

: 1 – لم ولن يتوانى المدرسُ المغربي في مختلفِ المُناسباتِ والمنتدياتِ الوطنيةِ والدوليةِ عن خَلْقِ الحدث، وكتابةِ ملاحمِ التألقِ والتميزِ دِفاعاً عن صورةِ المملكةِ ومكانتِها بين الأمم، إِبداعاً واكتشافاً واجتهاداً نوعياً في مختلفِ الأسلاكِ والشعب، لقد أبى إِلاَّ أن يتصدَّرَ الصُفوفَ الأماميةَ للذَّوْدِ عن المكتسباتِ التربويةِ والتعليميةِ بحماسةٍ استثنائية، وصيانةِ الثوابتِ الوطنيةِ المقدسة، وحمايتِها من أيِّ مُعتدٍ آثمٍ أو مُتهورٍ غاشم، راسِماً بِرأسمالِه المعرفيّ الزاخرِ لوحاتٍ حافلةً بِقِيَمِ التضامُنِ والوحدةِ والأملِ في غدٍ أفضلَ. إن السيداتِ والسادةَ المُدرسِين أبانُوا عن عُلُوِّ كعبِهم وعُمقِ وعيِهم وصِدقِ شعورِهم الوطني، وهم يخوضون غمارِ المُنافساتِ التربويةَ بنجاحٍ مشهُود، ويَجنُونَ ثِمارَ الجوائزِ والأوسمةِ داخلياً وخارجياَ بتفوقٍ يستحقُّ الإشادة. 2 – وفي هذا السياقِ التعليمِي الباذِخِ تُوِّجَتِ الثانويةُ التأهيليةُ ابنُ الخطيبِ بِمُديريةِ الحيِّ الحسني بالدارِ البيضاء، ضمن عشرين مُؤسسةً أخرى وطنيةَ بجائزةِ “المدرسةِ الدولية”، حيثُ شهِدَ مركزُ التكويناتِ والمُلتقياتِ الوطنيةِ بالرباطِ يومَ الجمعةِ 19 مارس 2021 حفلَ توزيعِ شواهدِ وجوائزِ المدرسةِ الدولية، لِفائدةِ عشرين مؤسسةً وطنيةً فازتْ بالجائزة، وذلك بحضورِ كُلٍّ مِنْ “توني رايلي” مُديرِ المجلسِ الثقافي البريطاني بالمغرب، و “محمد أنور بوكيلي” مُمثِّلاً لِوِزارةِ التربيةِ الوطنية، و ” كيت ثومسون” مُمَثِّلَةٍ لسفارةِ المملكةِ المُتّحدةِ بالمغرب.

. 3 – وقد تمَّ تسليمُ جائزةِ المدرسةِ الدوليةِ للأستاذِ ” سكتيوي إمام” المُنَسِّقِ الدولي لِبرنامجِ الربْطِ بين الصفوفِ في الثانويةِ التأهيلية ابنِ الخطيب. وهذه الجائزةُ عبارةٌ عن وسامِ شرفٍ يمنحُه المركزُ الثقافي البريطاني بِشراكةٍ مع وزارةِ التربيةِ الوطنيةِ والتكوينِ المهني و التعليمِ العالي والبحثِ العلمي، لِفائدةِ المؤسساتِ التي تُضْفِي بُعْداً دولياً على مناهجِها الدِّراسية، من خلالِ إقامةِ شراكاتٍ مع مُؤسساتٍ وطنيةٍ ودوليةٍ بهدفِ تبادلِ أجْودَ وأنجحَ المُمَارساتِ الصّفية، ونسجِ روابطِ التواصُلِ بين المُتَعَلِّمَاتِ والمُتَعَلِّمِينَ من دولٍ مُختلفةِ، رغبةً في ترسيخِ مجموعةٍ من القيمِ الرفيعةِ من قبيلِ المحبةِ والأخوةِ والتسامحِ؛ المُندرجةِ في إطارِ المُشتركِ القِيَمِي الكَوْنِي.

Categories
متفرقات

“الكرة ضد العدو”

 

 

بقلم/محمد أوزين

المدرع أو الأرمديللو (Armadillo)هو حيوان فريد من نوعه يعود موطنه الأصلي إلى أمريكا الوسطى والجنوبية. ما يميز هذا الحيوان عن غيره هو قشرته الصلبة التي تشبه الدرع. وهي قشرة واقية تحمي المدرع من كل المخاطر المحدقة به. بحيث ينكمش هذا المخلوق حول نفسه على شكل كرة وبطريقة خارقة كلما استشعر تهديد حيوان مفترس. قصاصات الأخبار ساقت قصص عديدة حول هذا الحيوان، إحداها أن رجلا بولاية تكساس تعرض لجروح خطيرة على مستوى الوجه، ليس لأن الحيوان هاجمه، وإنما بعد أن صوب مسدسه نحو الأرمديللو، لترتد الرصاصة من درع الحيوان الصلب مخلفة جرحا غائرا على وجه الرجل.

الحديث عن المدرع وعن كيف يتحول إلى كرة عند رؤية العدو، يعيد إلى الأذهان مؤلف الكاتب والصحفي البريطاني سايمون كوبر “الكرة ضد العدو” (Football Against the Enemy) وهو كتاب لقي إقبالا كبيرا من لدن القراء منذ طبعته الأولى والتي تعود إلى سنة 1994. حيث يتمحور الكتاب حول العلاقة الجدلية بين السياسة والرياضة وكيف تتحول الرياضة إلى مختبر لصناعة السياسة. وكيف تدخل السياسة على الخط لتصلح ما أفسدته الرياضة، وكيف تصرف المواقف في فضاء هذه اللعبة لتصبح موضوع انشغال مجتمع وقضايا دول. كل هذا فوق مسرح أخضر يمزج بين الكوميديا والتراجيديا بين مشجعين مساندين وآخرين مناوئين في لعبة تحبك خيوطها بكُرَةِ وأحذية.

“المغرب وما أدراك!” تعليق لإعلامي تونسي على انتخابات الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف) التي جرت في المغرب مؤخرا. مضيفا “الكل انسحبوا ودخلوا بيت الطاعة”. “المروك دارو فينا مابغاو”, “أداو الخبزة واحنا نجريو على الفتات”, “ماولينا نسواو والو في إفريقيا”, “عدم عضوية زطشي ضربة قاصمة للجزائر”. هذه فقط نماذج من التعليقات الغزيرة والمتناسلة والمتفردة كونيا جادت بها قريحة إعلام الجزائر الشقيق. بل ذهبت ملكة الإعلاميين الرياضيين الأشقاء إلى دعوة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم عدم السفر الى المغرب!

“حشومة نقارنو ارواحنا بالمروك” يضيف معلق جزائري آخر. والواقع أن المقارنة مع الجار لاتوصف بحشومة إذا كانت تحكمها النوايا الحسنة. العدوان المجاني والكراهية المستحدثة اتجاه المملكة هما الحشومة الحقيقية. ومع ذلك، أجدني أتفق مع المحلل الجزائري الشقيق في عدم المقارنة مع “المروك”،كما يحلو لهم تسميت جيرانهم، في نقطة واحدة: “المروك” يعرفون معنى الجورة، ومعنى الأخوة ولا يعرف الحقد والغل طريقا إلى قلوبهم. وطبعا أتحدث هنا عن المغاربة الأحرار. كرم المغاربة وحفاوة المغاربة وأريحية المغاربة وسعة صدر المغاربة، وإيثار المغاربة وحكمة المغاربة ووسطية المغاربة كلها صفات تستحق أن تدرس في كتب الآداب الإنسانية بعيدا عن أي شوفينية.

ولو استحضر الأشقاء بندا واحداً من أخلاق المغاربة لكانوا أول المهنئين والفرحين بعضوية أشقائهم بأعلى هرم الكرة، ولإعتبروا عضويتهم من عضويتنا، وحضورنا من حضورهم، ونجاحنا من نجاحهم. لكن يبدو أن الجورة والأخوة تحمل معاني ودلالات أخرى في معجم الأشقاء.

قصاصات الأخبار أفادت أن “قرار الفيفا برفض ترشح زتشي لعضوية مجلس الفيفا يعود بالأساس الى عقوبة الإقصاء لمدة ستة شهور التي سلطها عليه الاتحاد الافريقي لكرة القدم سنة 2018 عندما أساء الى الأمين العام الأسبق للهيئة القارية ورئيسها آنذاك الملغاشي أحمد أحمد، وقبلها عقوبة الرابطة المحترفة في الجزائر سنة 2016. لذلك لم يترشح لعضوية اللجنة التنفيذية للكاف سنة 2019 في مصر، خوفا من رفض ترشحه بسبب عقوبة لا تسقط بالتقادم سوى بعد خمس سنوات وتمنعه من الترشح لأي منصب في الهيئات القارية والدولية”.

فما ذنب المغاربة في “إخفاق” الجيران؟ وأي إثم اقترفه المغاربة في حق الأشقاء؟ الجواب ربما نجده في تعليق الجنرال والخبير العسكري والفيلسوف الصيني سون تزو صاحب كتاب “فن الحرب” في طرح مفاده أن “مسؤولية حماية أنفسنا من تلقي الهزيمة تقع على عاتقنا نحن، لكن فرصة هزيمة “المناوئ” يوفرها لنا هو نفسه عبر خطأ يقع فيه”.

فهل أماطت الكرة اللثام عن عدوانية دفينة يحفظها الأشقاء لجيرانهم في الخفاء والعلن؟ وهل يعتمد الأشقاء منطق الأرماديلو كلما تعلق الأمر بالمغاربة؟ أي منطق الكرة ضد “العدو”!

لم يتردد سايمون كوبر، في كتابه، من وصف الكرة ب”الحرب” بناء على تجارب وأحداث ساقها كنماذج عبر مؤلفه. معظمها بل جلها امتداد لصراعات تاريخية بين مجموعة من الدول. وهو شرط غير قائم بينا والجيران. فتاريخنا تاريخ أخوي نضالي مشترك. وليس هناك مايدعو إلى العداء والحرب ولو بمنطق الكرة!

علق أحد السياسيين البارزين بالقول: “لا اخاف من العرب مهما جمعوا من سلاح وعتاد، لكني سأرتجف منهم اذا رأيتهم يصطفون بانتظام لركوب الحافلة”. فمن الحماقة قتال خصم يحاول الإنتحار. وهذا قول للرئيس الأمريكي الراحل وودرو ويلسون.

Categories
متفرقات

” الأستاذ المعلم في المغرب: بين همجية التلاميذ و ركلة المخزن “

 

عبد الرحيم الشافعي- كاتب صحفي-المغرب

لا تأسفن على غدر الزمان لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب
لاتحسبن برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب
تموت الأسد في الغابات جوعاً ولحم الضأن تأكله الكلاب
وذو جهل قد ينام على حرير وذو علم مفارشه التراب
محمد بن إدريس الشافعي (766–820)

من خلال تتبعنا لقضية تنظيم مسيرة احتجاجية واعتصام جزئي ، أمام مقر البرلمان ووزارة التربية والتعليم بالعاصمة الرباط ، اتضح أن الموضوع حول قمع صوت الأساتذة المتعاقدين للمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية ، وهذا حقهم المشروع مادامت الاحتجاجات سلمية حسب الدستور، ولكن أن يتم تعنيف أساتذة الغد، ومنعهم من الاحتجاج، والاعتداء عليهم، و خاصة في صفوف النساء ، أليس هذا الذي يعتبره القانون المغربي عنفا ضد النساء ؟ أليس العنف ضد النساء موضوع الساعة في القنوات المغربية، و جمعيات المجتمع المدني ؟ و كيف ستكون صورة الأستاذ المعلم غدا أمام تلامذته ؟ أليس هذا طعن في كرامته و نقص من هيبته ؟ و كيف ستكون ردة فعل التلاميذ اتجاه هذا العنف ضد أساتذتهم و قدوتهم ؟ و كيف ستكون ردة فعل أولياء الأمر اتجاه من يحاول عرقلة مستقبل أبناءهم ؟
يعتبر إقرار الحقوق والحريات من أهم دعائم إرساء دولة الحق والقانون، وقد تضمنت الدساتير والتشريعات المتعاقبة التنصيص على الحق في الاحتجاج السلمي، و يعتبر أهم حقوق الإنسان التي تنص عليها كل العهود والمواثيق الدولية وتكرسها الدساتير المختلفة في كل دول العالم، و الاحتياجات التي قام بها الأساتذة للمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية ،يعد تعبيرا عن رأيهم في فكرة التعاقد، و قد عبروا عنه بالتجمعات السلمية، و تعتبر هذه حديقة متنوعة الورود والأزهار في دولة الحق والقانون والديمقراطية، ولكن أن يتم فض هذه الاحتجاجات بالركل و الضرب و جميع أشكال العنف والقمع، فقد ظنت الوحوش أن هذه الحديقة غابة، فصارت تركل و تعض وتنطح، وشتان بين الورود والأزهار التي تسقى بمياه العلم و المعرفة، و بين الوحوش الجائعة التي تشرب مياه قنوات الصرف الصحي…
التربية والتعليم أفضل واشرف وأنبل مهنة بعد النبوة
اعتمد المغرب القانون رقم 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، و قد تم انتهاكه بالاعتداء على المعلمات والأستاذات عندما طالبن بحقوقهن، وحسب الدستور المغربي في الفصل 37 الذي اوجب على جميع المواطنين احترام الدستور والتقيد بالقانون ويتعين عليهم ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات، و قد تم انتهاك هذا الحق عندما تم تعنيف الأساتذة في المسيرة السلمية، و يقال حسب الفصل 29 أن حريات الإجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة…و قد تم انتهاكه فلم يعد هناك ضمان لمستقبل الأساتذة بدون إدماجهم في الوظيفة العمومية.
وللتذكير فإن وضع المعلم بين همجية التلاميذ و ركلة المخزن، كفيروس قاتل سيفتك بجميع التخصصات، فحتى الذين يعملون في الصناعة والتقليد، لديهم أبناء يدرسونهم في المدارس، و حتى الرؤساء، والوزراء، والبرلمانيين، والأطباء، و المهندسين، و, و, و, لديهم أبناء يدرسونهم في المدارس، و حتى الصباغ و النجار، والحداد، وحتى بائع المخدرات، وتاجر الأسلحة لديهم أبناء يدرسونهم في المدارس، و حتى الحمير والبغال التي تركل، وتعض، سيكون لديهم أبناء يحتاجون إلى من يرسم لهم الطريق…من أجل ممارسة الركل على أكمل وجه،
إن كرامة المعلم من كرامة الوطن، و إهانة المعلم إهانة للوطن ولولا المعلم لما كان هناك تعليم، و لَولا التعليم لما كانت هناك مفاهيم، و لَولا المفاهيم لما كان هناك مصطلح الوزارة، ولا منصب الرؤساء ، ولا تلميذ جاهل لا يحترم أستاذه ،و لا مخزن يتطاول على أسياده ، ولكن مهما كثرت المعاني و الدق، واختلطت الأفاعي بالضب ،والعبيد بالأسياد ، يبقى الأستاذ أستاذا، و التلميذ تلميذا، و الحمار حمارا…”

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث 
Categories
متفرقات

بالفيديو..حزب العدالة والتنمية… تناقضات صارخة !!!

ذ. الصديق بنعلال

يندرج هذا الشريط المصور في إطار تسليط الضوء على بعض الهيئات الحزبية المغربية التي تستعد لخوض غمار الاستحقاقات القادمة، من منظور نقدي ، في هذا الفيديو أحاول إبراز بعض التناقضات العميقة لحزب العدالة والتنمية ، الذي لا يتأخر في اتخاذ قرارات بالغة الخطورة تضرب في الصميم القدرة الشرائية للشعب المغربي و تطيح بمجموعة من مكتسباته الحقوقية ، وفي الآن عينه لا يتأخر هذا الحزبي “الإسلامي” أيضا في الدفاع المستميت عن مصالحه وامتيازاته الخاصة، والأخطر من ذلك أنه يميل إلى خلط الأوراق واللعب في المنطقة الضبابية، و يستعمل الدولة ويستغلها بطريقة غير مقبولة نهائيا على المستوى السياسي والأخلاقي، فعلى سبيل المثال لا الحصر “يقبل” مسؤولو حزب العدالة والتنمية قرارات من قبيل إعادة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، كما “يقبلون” قرار تقنين القنب الهندي على الرغم من أنهم يرفضونها، ويعتبرونها صادرة عن الدولة وهم “غير مستعدين” للاصطدام معها ، والحال أن المسؤولين السياسيين المستقلين داخل المغرب وخارجه يعبرون عن مواقفهم الرافضة أو المؤيدة لاختيارات الدولة ، حتى لو أدى الأمر إلى الاستقالة الجماعية ، نتذكر جميعا الموقف التاريخي الصادر عن الراحل عبد الرحيم بوعبيد الرافض لفكرة تقرير المصير ، وقد أدى مقابل ذلك ثمنا باهضا، لكن حزب العدالة والتنمية يصر على البقاء في الحكومة و الحفاظ على المناصب ولتذهب المبادئ والقيم إلى الجحيم ، ويحمل الدولة بشكل انتهازي استغلالي تبعات المواقف التي يطلبها السياق الوطني والإقليمي والدولي ، وكأنه ليس حزبا سياسيا يسعى إلى الدفاع عن قضايا البلاد الحيوية، بل جماعة منغلقة على نفسها تروم خدمة مصالحها الضيقة والدائمة، وكأن حال لسانه يقول : “فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون” !

 

Categories
متفرقات

عناصر من السلطة الثالثة تقمع أصحاب القلم في حدث دموي حاشد

منصف الإدريسي الخمليشي

في العاصمة الرباط حج آلاف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد, من أجل المطالبة بحقوق مهضومة و يعتبر الحق في الإدماج و إسقاط التعاقد أهم مطلب التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد, فمنذ أن صعد الحزب الحالي إلى السلطة اتخذ مجموعة إجراءات خاصة فيما يتعلق بالمجازين و الحاصلين على الشواهد العليا.
رافقت هذه الوقفة النضالية العديد من المنابر الحرة, بقمراتهم و أوراقهم القانونية من رخص و بطائق, إلا أنه تم الاعتداء على الجسم الصحفي و معه نخبة المجتمع, السلطة الرابعة تهان في زمن القرن 21, هذا كله فقط بسبب نقل الأحداث الدموية التي قامت بها السلطة التي لا يحق لها أن تقوم بمثل هذا الفعل حسب ما جاء في الفصل الثاني و العشرون من القانون الجنائي ” لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص, في أي ظرف, و من قبل أي جهة كانت, خاصة أو عامة, لا يجوز لأحد أن يعامل الغير, تحت أي ذريعة, معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الانسانية.
ممارسة التعذيب بكافة أشكاله, و من قبل أي أحد, جريمة يعاقب عليها القانون.” الفصل 22 من القانون الجنائي.
انطلاقا مما جاء به القانون المغربي و كافة التشريعات الأممية و مبادئ منظمات الدفاع عن حقوق الانسان و هيأة الدفاع عن حقوق المرأة, في شهرهن ” مارس” يتم الاعتداء عليهن هن و من لهم القوامة, من طرف السلطة و خاصة “مقدم” الذي ظهر بزي مدني يستعرض عضلاته ووفقا لما جاءت به بعض المصادر فإنه مبحوث عنه.
حقوق الانسان و حق الاحتجاج حق مشروع, يوم 16 مارس 2021 سيظل تاريخ المجزرة الشهيرة التي ارتكبها المخزن ضد من علمه حرفا و لكنه خالف الأمر و لا يرضى أن يكون له عبدا.
تعتبر وزارة الداخلية إحدى القوى الكبيرة في المغرب و الشرطة و الجيش و القوات المساعدة و الجمارك و المخابرات, إحدى أكبر ممثل للوزارة في الدولة و هو الذي يسهر على حماية المواطنين, إلا أنه وقع العكس و هو الأمر الذي يتعارض مع مفهوم الدولة و المخزن الذي يستخدم بندقيته على حاملي القلم, “الأستاذ و الصحفي” في سابق الأمر كان الهجوم بقنابل مسيلة للدموع و الآن هجوم بالأحذية و المفاتيح و اللكمات العنيفة, الذي تطلب حضور الاسعاف و رجال الوقاية المدنية, فهل هكذا يعامل المثقف في دولة لقبها “الحق و القانون” و دولة المؤسسات.
في محورنا الأول سنحاول التطرق لموضوع الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد, هناك من يتجادل في الموضوع و يستهتر بحجة أن التنسيقية ليس لها إطار قانوني و لا أي سند للقيام بهذا الاحتجاج, لنفترض جدلا على أن هذا صحيح و لكن هل هذا يعطي الشرعية للسلطة كي تمارس خبثها على من يطالب بحقه؟ بل و الوصول إلى مرحلة محاولات القتل, و محاولات السرقة من طرف بعض المحسوبين على السلطة, إذن فالاحتجاج قد لا يكون له إطار قانوني حسب قول البعض و لكن حرية التعبير و حق الاحتجاج حق مشروط لكل مواطن مغربي, لكل جماعة تتفق على أنها تعاني من الويلات, فلها الحق في أن تطالب بحقوقها المهضومة.
أما في ما يخص موضوع السلطة الرابعة التي تعرضت للتضييق من قبل السلطة الثالثة التي قمعت الاحتجاجات و هو الأمر الذي لا يجب  أن يكون ، و خاصة تلك المتعلقة بأعوان السلطة الذي جعل من ساحة الاحتجاج أرضا للمعركة و كأنه جندي وراء صلاح الدين الأيوبي أو طارق ابن زياد.
كل هذه الأمور لن يقبلها المشرع المغربي و لا الشعب و حتى التنظيمات الدولية التي ترفض رفضا قاطعا كافة وسائل العنف, فالأستاذ هو الذي كاد أن يكون رسولا و لكننا حسب قول الدكتور سعد الدين العثماني على أننا مصنفين ضمن الدول الهجينة, و الدولة الهجينة هي التي تخلط ما بين الديكتاتورية و الديمو قراطية.
اللاحرية و اللاعدالة, كلها مصطلحات ظهرت يومي 15/16 مارس 2021, في العاصمة الادارية للمملكة المغربية, أليس هذا ظلم في حق أصحاب الأقلام؟ حاملي الأعلام, ناقلي الكلام, و الآلام, لماذا لماذا هذه البلطجية و اللاسلوك.
نحن ككتاب رأي نرفض رفضا قاطعا كل ما تعرض إليه الجسم الصحفي من قمع و الأساتذة الذين حاولت السلطة منذ بداية الأمر منعهم بشتى الطرق, حيث هناك من تم ترحيله إلى مدينته, و هناك من منع من المبيت في فنادق, و هناك أيضا  من أعتقل, إنه التجرد من الانسانية, قال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: (جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) و قال الله تعالى في سورة هود الآية 118 ” وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ {صدق الله العظيم.

 

الأراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث
Categories
متفرقات

وسط جدل كبير بشأن سيرته.. دعوات لاستثمار التراث المادي لـ “الريسوني” لتنمية منطقته “سبت الزينات”

 

عبد الله أفتات

عادت شخصية أحمد الريسوني أو “بلريسول”، إلى واجهة الأحداث وسط المهتمين والباحثين بتاريخ شمال المغرب، وذلك في سياق إعلان جمعيات بمنطقة “سبت الزينات” القروية المحسوبة ترابيا على عمالة طنجة أصيلة، يوم الأحد 3 نونبر 2019 في ختام ندوة نظمت تحت سؤال “أي موقع للعالم القروي في النموذج التنموي الجديد؟”، عن إعدادها لكتيب يضم كل ما يتعلق بسيرة هذه الشخصية التي كانت تتخذ من جماعة “سبت الزينات” مقرا لحركته التي كانت تدير مساحة واسعة من شمال المغرب خلال مرحلة نهاية القرن 19 ومطلع القرن 20.

ورغم أن سيرة أحمد الريسوني تثير الكثير من الجدل بين الباحثين الذين تواصل موقع “لكم” معهم، لاعتبارات متعددة، أهمها مرتبط بتباين الرؤى حول حقيقة أدوار هذه الشخصية بمنطقة جبالة، بين من يعتبره مقاوم جاهد ضد المستعمر، وبين من يعتبر نهجه أقرب إلى اللصوصية والإقطاعية، وبين رأي ثالث يدعو إلى إعادة كتابة سيرة الريسوني من جديد، فإن تصريحات الباحثين الذي تحدثوا مع موقع “لكم”، (أسامة الزكاري، أحمد الزيداني، خالد طحطح، بالإضافة إلى عبد الحميد العباسي رئيس جماعة سبت الزينات) أجمعوا رغم اختلاف مواقفهم من هذه الشخصية، على أهمية وضرورة استثمار التراث المادي والمعالم التاريخية المرتبطة بأحمد الريسوني (قصبة الريسوني، الثكنة العسكرية الركايع، مدرسة الزينات..) لتنمية المنطقة وجعلها محطة جذب سياحي خاصة وأن الخصوصية الطبيعية مساعدة على ذلك (جبال، غابات، سد ابن بطوطة).

المواقع التاريخية الزيناتية

من أبرز المواقع التاريخية التي تعرفها المنطقة نجد “قصبة الريسوني” التي تعتبرمسقط رأس الريسوني في ستينيات القرن التاسع عشر، وقد تم الهجوم عليها وحرقها وتخريبها أكثر من مرة أحياناً من طرف المخزن العزيزي، وأحياناً من طرف القبائل المجاورة التي كانت في عداء مع بلريسول، وكما يقول المؤرخ عبد العزيز التمسماني خلوق، فإن استقرار الريسوني بالزينات كان ضرورة استراتيجية تؤمن استمرار أمنه في محيط معاد.

موقع القصبة اختير في مكان استراتيجي كان يسمح له بمراقبة تحركات خصومه في السهول المنخفضة أمامه، كما يسمح له في حالة الخطر بالهروب عبر الجبال في اتجاه القبائل المجاورة.

وحسب الباحث أحمد الزيداني فإن أهم حدث يبقى في تاريخ الزينات هو المؤتمر الذي عقد بهذه القصبة يوم 19 يونيو1908، والذي جمع قبائل جبالة والهبط وغمارة للنظر في الأوضاع المتدهورة بالمغرب، بسبب الصراع بين الأخوين عبد العزيز و عبد الحفيظ، والذي انتهى بمبايعة الأخير سلطاناً للمغرب.

هناك أيضا “مدرسة الزينات”، التي قال عنها الزيداني، أنه في منطقة الحماية الإسبانية، كانت مسؤولية التعليم بيد الجيش، فهو الذي يختص بإنشاء المدارس، ومن المعايير في بناء هذه المدارس، وجود عدد مهم للجالية الإسبانية، غير أن بناء مدرسة الزينات سنة 1931 في عهد الجمهورية الاسبانية، لم يكن يستوفي هذا الشرط، بل لقربها من المنطقة الدولية واحتياطاً لظهور قيادة جديدة، مثل أحمد الريسوني، تثور ضد الجيش الإسباني، كما جاء في الظهير الخليفي.

ثم هناك “الثكنة العسكرية الركايع”، التي تبعد بحوالي أربع كيلومترات من قصبة الريسوني، كانت تابعة لقيادة الجيش الإسباني بالعرائش، تأسست في موقع استراتيجي بين قبيلة الفحص وقبيلة بني مصور، لمراقبة الطرق الرابطة بين طنجة و تطوان وبين هذه الأخيرة والعرائش، و لمراقبة تهريب السلع والأسلحة من المنطقة الدولية.

وفي تعليقه على الثكنة، قال الباحث أحمد الزيداني إنها لعبت دوراً مهماً في كل العمليات العسكرية ضد المقاومة الشمالية حتى حدود 1927 وهي سنة إخضاع المنطقة للجيش الإسباني، كانت من بين آخر الثكنات التي سلمت للمغرب سنة 1959.
وتعرضت هذه الثكنة للإتلاف ولم يبقى في موقعها غير بعض أشجار الصفصاف.

هذا بالإضافة إلى “سوق الزينات”، الذي يقام بشكل أسبوعي كل يوم سبت، حيث يتميز حسب سكان المنطقة بجودة منتوجاته المعروضة من طرف سكان القبائل المجاورة، كاللحوم والخضروات والبقوليات… ويعود بنائه إلى ما بعد نهاية حرب الريف سنة 1927 حيث سيطرت السلطات الإسبانية على كل المنطقة الخاضعة لحمايتها، واتبعت سياسة المراقبين العسكريين بجميع االقبائل والمداشر، إذ نجد في هذا السوق مجموعة من المرافق الصغيرة الحجم، كمستوصف ومعتقل وإدارة تابعة لقيادة دار الشاوي، وكان مقر السوق يحيط به سور يؤرخ لحقبة زمنية ماضية تم هدمه وإخفاء معالمه.

الباحث الزيداني قال إن هذا السوق كان يقام يوم الجمعة، وكما هو معروف، يستحيل وجود سوق أسبوعي، على الأقل بالشمال، ينظم في هذا اليوم المهم بالنسبة للمسلمين، وهو ما اعتبره محاولة من سلطات الحماية مسح هوية سكان المنطقة، وهذا ما يتضح من كثرة الأضرحة بها.

تعريف تاريخي لمنطقة الزينات

حسب الباحث أحمد الزيداني المقيم بإسبانيا، فإن اسم الزينات ظهر لأول مرة في كتب التاريخ، في القرن الثامن عشر، حيث مرّ منها الرحالة الإسباني خورخي خوان، برفقة الرحالة المغربي السفير أحمد الغزال، مكلفا من طرف ملك إسبانيا كارلوس الثالث، لعقد اتفاقية سلام مع السلطان محمد بن عبد الله، ووصفها قائلاً: “وصلنا للزينات مساءاً، والتي تبعد عن طنجة بثلاثة فرسخات (الفرسخ: 5.76 كلم) بها جبال جميلة ومراعي كثيرة، يربي سكانها المواشي، وبها دواوير صغيرة”.

 

وأضاف الزيداني الذي اطلع على العديد من الوثائق التي تهم شخصية الريسوني بمكتبة العاصمة الإسبانية مدريد، فإن جماعة الزينات تنتمي لقبيلة الفحص بوصفها قبيلة للجيش الذي كان دائماً جاهزاً للدفاع عن حوزة الوطن والوقوف ضد الأطماع التوسعة للغزاة، فبالإضافة للعناصر البربرية التي استوطنت المنطقة، توافدت عناصر عربية، خاصة بعد طرد المسلمين من الأندلس، مشيرا إلى أنه وبعد تحرير طنجة من الاستعمار الإنجليزي نهاية القرن 17، استقرت العديد من الوحدات الريفية بالمنطقة، ورغم توافد قبائل المغرب الشرقي والمغرب الأوسط في القرن التاسع عشر نتيجة الاحتلال الفرنسي للجزائر لم يؤدي ذلك إلى حدوث تغيير جوهري في عناصر السكان، حيث تمتع الريفيون بنفوذ كبير عليها، أكثر من 85٪ من السكان، وهذا ما يظهر من خلال تسمية المداشر المكونة لهذه القبيلة، وكمثال على ذلك، جماعة الزينات، مدشر“قلعية” و “المرس”.

الزينات ارتبطت بالريسوني

اعتبر الزيداني في حديثه مع موقع “لكم”، أنه ومع بداية القرن العشرين، ارتبط اسم “الزينات” بأحد أبنائها الذي كان له دور كبير في تاريخ المغرب، إنه مولاي أحمد الريسوني، حيث تصدرت الزينات واجهات الصحف والمجلات العالمية من إسبانية وفرنسية وإنجليزية وأمريكية… أحياناً بسبب اختلافات الريسوني مع المخزن، الذي أرسل مْحلته ثلاث مرات لتدمير وحرق الزينات وملاحقة الريسوني، وأحياناً بسبب علاقة الأخير مع الأجانب، وخاصةً الإسبان.

وزاد المتحدث، أن المعروف عن الريسوني في هذه الفترة، أنه تجاهل مراسلات الروكي بوحمارة للانضمام إلى حركته المتمردة ضد السلطان، رغم اختلافاته مع سياسة المخرن العزيزي تجاه فرنسا، مبرزا أنه ومع تدخل الدول الاستعمارية في شؤون المغرب، ومطاردته من المخزن، لجأ الريسوني إلى اختطاف الأجانب كسياسة لوقف هذه الضغوط، وبذلك فرض على المخزن سنة 1904، تعيينه عاملا على الفحص، فبالإضافة لهذه القبيلة، حيث خضعت لسلطته “ودراس”، “أنجرة”، “جبل لحبيب”، “بني ايدر”، “بني عروس”، “بني مساور”، وبالطبع مدينة طنجة كجزء من قبيلة الفحص، لتكون المرة الأولى في تاريخ طنجة التي يتم قيادتها من مدشر صغير، بواسطة نائبه ابن منصور، فازدادت شكاوي ممثلي الدول الغربية لدى المسؤولين المغاربة.

وأكد الباحث على أن “الحقيقة هي أنه فرض الأمن من مدينة البوغاز إلى القصر الكبير ومنها إلى تطوان، وفي عهد المولى عبد الحفيظ وصلت سلطته القصر الكبير، فكان الحاكم الفعلي لكل قبائل جبالة، وكان يقول: شؤون جبالة يجب أن تحل بالزينات وليس بفاس العاصمة”.

الزينات.. عقدة جنرال اسباني مغرور

وقال الزيداني على أنه بعد عقد الحماية سنة 1912 بدأت إسبانيا انطلاقاً من العرائش في إخضاع القبائل الجبلية، لتجد أمامها الريسوني حجرة عثرة، استعصي على الجنرال سيلفيستري السيطرة على الوضع، حتى أصبحت السيطرة على الزينات، عقدة في حياة هذا الجنرال المغرور، فتدخل الملك الإسباني شخصياً في ملف احتلال الزينات، ووعد الجنرال بمساعدته في احتلالها بعيدا عن البروتوكولات السياسية المعارضة لسياسة الجيش، غير أن دخول الجيش الإسباني للزينات تم في فاتح ماي 1916 حينها كانت السلطات الإسبانية قد أبعدت سيلفيستري من المغرب، كشرط في عقد الهدنة، بينها وبين الريسوني.

الريسوني.. أول من كتب وثيقة للمطالبة بالاستقلال

عشيت نهاية الحرب العالمية الأولى، قدم الرئيس الأمريكي ويلسون، لدى الكونغرس بما يعرف بـ “مبادئ ويلسون” جاء في الفصل الخامس منها مايلي: “وضع إدارة عادلة للمستعمرات تنفذ ما يحقق مصالح سكانه”. حينها كانت علاقة الريسوني مع الإسبان، بعد عودة عدوه الأول الجنرال سيلفيستري كقائد عام لسبتة، بدأت تسوء، فكتب رسالة للرئيس الأمريكي في ماي من سنة 1919 يشكو فيها ظلم الاستعمار، ويطلب منه مساعدة الشعب المغربي للخروج من أزمته، لتكون بذلك أول وثيقة للمطالبة بالاستقلال عرفها المغرب في القرن الماضي، حسب الباحث الزيداني.

ذكاء الريسوني و تهمة الخيانة

وبهذا الخصوص اعتبر أحمد الزيداني على أن تاريخ الرجل مازال يحتاج إلى دراسة معمقة للوثائق الخاصة بالمنطقة، مشيرا في تصريح لموقع “لكم” أن المؤرخون الإسبان الذين عايشوا فترة الريسوني يجمعون على ذكائه حتى الذين كانوا يرونه مجرد مغامر.

واستشهد المتحدث بما قاله “طوماس غارسيا فيغيراس” في كتابه “المغرب”، ومما داء فيه أن الريسوني كان “ذكياً جدا، سياسي خاص، يعرف جيداً المحيطين به، كما أنه يمتلك الوسائل الخاصة المتطلبة في الحاكم الجيد، له رؤية واضحة حول السياسة الدولية والعالم الإسلامي، أما بخصوص المغرب فكان يطمح لأن يراه حراً ومستقل عن الحماية الأجنبية”، وبما قاله أيضا “إسحاق مونييز” في كتابه ( في أرض جبالة 1913) بأنه: “روح الثورة ضد الإسبان”.

وأعتبر الباحث على أن كل من صنف الرجل كخائن، رجع بالأساس لاحتلال الجيش الإسباني لمدينتي العرائش والقصر الكبير و”مساهمة” الريسوني، مشيرا لدور فرنسا في هذا الإدعاء، التي اعتبرت احتلال المدينتين خسارة لها، فسخرت الصحفي الإنجليزي والتر هاريس لتشويه صورة الريسوني.

وفي هذا الصدد، أوضح الزيداني الذي اطلع على العديد من الوثائق الإسبانية بهذا الخصوص، أنه بعد أن احتلت فرنسا مدينتي القنيطرة وسلا في 23 و27 أبريل سنة 1908ومن بعدها فاس يوم 25 ماي، كان دخول الجيش الإسباني لمدينة العرائش تحت إشراف مباشر من رئيس حكومة هذا البلد في سرية تامة، دون علم باقي أعضاء حكومته، فمن المستحيل أن يكون الريسوني على علم بذلك. كما أن الأخير ومعه المخزن لم يكونا يتوفران على وسائل لمنع هذا الإنزال.

وواصل الباحث توضيحاته قائلا إن مدينتي العرائش والقصر الكبير لم تكونا تحت نفوذ وسلطة الريسوني، فمن المعروف أنه كان باشا أصيلة، كما أن الرسالة التي وجهها الريسوني، لمندوب السلطان بطنجة يوم 27 شعبان 1331 الموافق ل 31/07/1913، توضح أنه كان ينفذ أوامر المخزن بعدم التدخل ضد الجيش الإسباني ومما جاء فيها: “.. لما قامت إسبانيا باحتلال مدينتي العرائش و القصر الكبير كان ذلك بالنسبة لي مفاجأة كبيرة، فوجهت لك رسالة أخبرك فيها بتفاصيل الوقائع وفي نفس الوقت كاتبت رجال المخزن بفاس.. وكان الجواب الذي توصلت به من عند رجال المخزن آنذاك بأنه يتعين علي أن أتصرف بما تقتضيه القاعدة المخزنية المعهودة، حتى لا يترتب على ذلك الاحتلال الإسباني أي تغيير في وضعية البلاد، وأَوصيت بمعاملة الإسبان معاملة حسنة حتى تتم المفاوضات الجارية بين المخزن و إسبانيا، وأمرت أن أخبرك بكل ما يصدر عن جيش الاحتلال من تصرفات.. ”

ليختم الزيداني ، من خلال هذه الرسالة، قائلا إنه يبدوا أن من الأولى تقييم دور المسؤولين بدار النيابة بطنجة وباقي خدام المخزن في بداية الحماية، بدل التركيز على توجيه الاتهام بالخيانة للريسوني الذي يبدو أنه كان مجرد باشا تابع للمخزن.

صفحات التاريخ تظل مفتوحة أيضا في وجه الطغاة

من جهته أكد أسامة الزكاري الباحث في التاريخ، على أن الكثير من شواهد الريسوني تحمل آلام الماضي وجراحه المرتبطة بما يصفه البعض بطغيان الريسوني وبجبروته وبظلمه، ومع ذلك، فالمخلفات الأثرية تظل ذات قيمة إنسانية كبرى بغض النظر عن حمولاتها المواقفية.
واعتبر الزكاري في حديثه مع موقع “لكم”، أن التاريخ لا يكتبه الأبطال فقط، ولكن صفحاته تبقى مفتوحة أمام طغاته. مستحضرا، استغلال الدول الأوربية التي تعرضت للاحتلال النازي الألماني خلال الحرب العالمية الثانية لمعسكرات الاعتقال النازية ولغرف الغاز، من أجل تحويلها إلى مواقع سياحية قابلة للاستثمار الثقافي والاقتصادي المنتج والمدر للدخل المادي ولعناصر حفظ الذاكرة الجماعية للمناطق المعنية.

مصالحة مع ذاكرة الريسوني

ومن هذا المنطلق، يضيف المتحدث، يمكن أن نتصالح مع ذاكرة المكان ومع ذاكرة الريسوني، بعيدا عن أي منطق انتقامي متحامل، وعن أي أحكام عاطفية مفرطة في الدفاع عن الصورة الجهادية المفترضة للريسوني، بشكل نستطيع معه تحويل صورة الرجل إلى عنصر داعم لجهود استثمار خصوبة المجال والمخلفات الأثرية لتحقيق التنمية الاقتصادية والمجالية المنطقة.

وأكد الزكاري على أنه من الواجب الانتقال لاستثمار شواهد الحركة الريسونية للإسهام في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يزداد أهمية، إذا أخذنا بعين الاعتبار القيمة التاريخية للكثير من المواقع الأثرية المرتبطة بتجربة أحمد الريسوني بمنطقة جبالة، وخاصة بمنطقة سبت الزينات، المركز الرئيسي لحركته، وكذلك بمدينة أصيلا، حيث يوجد قصره الشهير الذي أصبح يسمى-اليوم- بقصر الثقافة.

ودعا الباحث إلى إعادة تقييم أدوار الريسوني بمنطقة جبالة من موقعه كقائد مخزني استغل استفحال الأزمات البنيوية للدولة المغربية من أجل ممارسة أقصى درجات الابتزاز في حق الدولة والمجتمع، مؤكدا على أن العودة لتحيين جوانب التعامل مع الموضوع، أضحت تقتضي تجاوز منطق السؤال المركب: من مع الرجل؟ ومن ضده؟ وهل الريسوني مجاهد أم خائن؟ وعلى أساس ذاك، أصبح من الواجب إحالة الموضوع برمته على المؤرخين قصد مقاربته بعيدا عن كل أشكال الضغوط النفسية والعاطفية والمواقفية الجاهزة والمستنسخة.

أحيانا يتم الحكم على الشخصيات بطريقة سطحية

من جانبه اعتبر الباحث خالد طحطح أنه، غالبا، ما يتم الحكم على الشخصيات بطريقة ساذجة وسطحية، حيث لا يتم استحضار السياق التاريخي للوقائع والأحداث، فنقع في القراءات التمجيدية أو العكس، داعيا في هذا الصدد، إلى الوقوف على عصر الريسوني وبيئته والمؤثرات التي أحاطت به، لفهم خلفية مواقفه وتصرفاته.

وفي نظر الباحث طحطح فإن الريسوني لا يخرج بالنظر للفترة التي عايشها عن الزعماء المحليين التقليديين، الذين تتسم شخصيتهم بالقسوة الشديدة والجبروت والطغيان اتجاه خصومهم ومنافسيهم في الداخل، حيث الغدر والعنف والسلب والانتقام وحرق المنازل والتنكيل، وقد تخف هذه القسوة حينما يتعلق الأمر بالأجانب سواء كانوا أسرى أو رهائن.

وأكد طحطح على أن شخصية الريسوني هي أقرب إلى صورة الأعيان الذين سعوا لتعزيز سلطتهم ودحر كل من يعارضهم أو يقف في وجه طموحاتهم السياسية وهيمنتهم في المجال الذي ينتمون إليه، فهم مستعدون لمواجهة السلطة المركزية في سبيل ذلك، دون التقيد بمفاهيم تقليدية من قبيل: البيعة والفتنة والخروج عن الحاكم.

وأشار المتحدث إلى أن القارئ قد يجد نفسه أحيانا مع كتابات تسقط في محظور المفارقة التاريخية، حيث الاسقاطات والنظر الى النصف الأول من القرن التاسع عشر بعيون مفاهيم النصف الثاني من القرن العشرين، أن يتم الحديث عن الريسوني باعتباره صاحب رؤية وتصور أو زعيم مقاومة بمفهوم الحركة الوطنية على سبيل المثال أو بمفهوم محمد بن عبد الكريم الخطابي فهذا أمر غير سليم تماما، ولا وجه للمقارنة بينهما حين نستحضر تطورات الأحداث، مؤكدا على أن الريسوني أقرب ما يكون إلى بعض زعماء الأطلس الكبير الذين يتلونون حينما يتعلق الأمر بمصالحهم الشخصية، فقد تجدهم يرفعون شعار الجهاد أحيانا وفي أحيان أخرى قد يتحالفون مع الأجنبي ويعقدون معه تفاهمات للحفاظ على مجال تواجدهم، ولذلك فقد كانت نتيجته مأساوية بسبب دخوله الصراع ضد الأمير محمد بن عبد الكبير الخطابي.

شخصية الريسوني في حاجة إلى إعادة كتابتها

وبالنسبة لـخالد طحطح فإن شخصية الريسوني أو الريسولي تحتاج لإعادة كتابة سيرتها من جديد، دون التأثر بتاريخ الأسرة الحالي ولا ببداياتها الأولى حين شارك الأجداد في معركة واد المخازن، كما يجب التحرر من الكتابة تحت الطلب، أو اعتمادا على وثائق الأسرة فقط، وهناك محاولات أنجزت في هذا الإطار، حيث البيوغرافيا غدت طريقة لكتابة التاريخ، وإن كان الأجانب قد كتبوا عن هذه الشخصية انطلاقا من شهاداتهم والوثائق التي بين أيديهم، فإن الباحثين المغاربة يحاولون التعامل اليوم بحيادية أكبر، من خلال وضع الشخص في سياقه والابتعاد عن منطق التخوين والتمجيد، من خلال تبيان المنعطفات والتحولات في سيرة الشخصيات، التي تخضع لقراءات مختلفة لكن باحترام قواعد البحث التاريخي واستحضار كل الشواهد، وبالنسبة لشخصية الريسوني فالشواهد موجودة ومتعددة وكثيرة جدا، باعتبار الفترة الزمنية التي ينتمي إليها .

واعتبر خالد طحطح أن شخصية الريسوني تصلح لأعمال فنية، فالروائيين مطالبين بفتح سيرته وتوظيف الخيال القريب من الواقع لأجل الإحاطة بالأسئلة التي لا يستطيع المؤرخ الإجابة عنها، لأنه مقيد، كما أن هذه الشخصية مناسبة للأعمال السينمائية، ويمكن عبر السينما إثارة الأسئلة الحارقة والتجديف وانتهاك القيود”.

موقف جماعة “سبت الزينات”

من جانبه طالب عبد الحميد العباسي ، رئيس جماعة “سبت الزينات”، إلى فتح نقاش مفتوح حول هذا الموضوع، مع جميع الفعاليات والجمعيات المهتمة بالموضوع وبالقطاعات والمصالح الخارجية ومع مغاربة العالم من أصول زيناتية.

واقترح العباسي في تصريح لموقع “لكم”، وضع بوابة إلكترونية تسطر وفق مقاربة شمولية عامة ومندمجة لشخصية الريسوني قصد استثمارها وإدماجها في البعد التنموي للجماعة من أجل الدفع بعجلة التنمية المحلية نحو الأمام ودمجها في محيطها السياحي عبر نافذة التعريف بتاريخ منطقة الزينات بشكل عام وشخصية أحمد الريسوني بشكل خاص، معتبرا أن الأمة التي لا تهتم بماضيها وتاريخيها ورجالاتها هي أمة فاشلة.

 

وقال رئيس الجماعة القروية التي تعتبر من أفقر الجماعات القروية بالمغرب، أنه يعبر عن هذا الموقف رغم الروايات المتضاربة أحيانا، والمتناقضة في أحايين كثيرة حول أحمد الريسوني، ورغم قلة بل شح المعطيات والمخطوطات التي كتبت عن هذا الشخص، ورغم صعوبة تصديق حكايات الأجداد وبعض معمري “سبت الزينات” وعدم تقبلها، مستدركا إلا أن الريسوني يبقى من أهم الرجالات الذين مروا واستولوا وأقاموا منشآت تاريخية بمنطقة سبت الزينات بل وتركوا مآثر تاريخية لا زال آثارها لحد الساعة.

ورغم أنها أطلال وجدران صامتة، يقول العباسي، إلا أن هذه المآثر تعبر عن حقبة تاريخية مهمة نشأت منذ الاستعمار يتوجب علينا كمجلس منتخب استثمارها والعمل على تثمينها عبر مزارات سياحية أو استكشافات تاريخية لهذه المعلمة على الأقل لاستفزاز الذاكرة الزناتية علها تبوح لنا بأسرار وكوليس إقامة الريسوني بمنطقة سبت الزينات ما دام هناك شبه تحفظ من المقربين وإصرارعلى عدم كشف الحقيقة حتى من طرف من عاشروه.

Categories
متفرقات

مولاي اسماعيل علوي طاهيري يكتب : قبلة الملك

 

 

لم تكن قبلة الملك محمد السادس، تلك التي وضعها برفق ووجدان بارزين، على جبين وزيره الأول السابق سي عبد الرحمن اليوسفي، رحمه الله، قبلة عادية.

طبعا، نحفظ للمشاعر وأحاسيس الاحترام بين الناس طابعها العفوي والإنساني، لكن، ولأن حدث عيادة الملك للوزير وحدث تقبيله لجبين رأسه مغزى ورمزية أكبر من ذلك الحدث العارض.

نعم لا احد يعلم ما دار بين الرجلين، فالمجالس أمانات كما قال الراحل عبد الرحمان اليوسفي عقب القسم القرآني الشهير واتفاقيه التناوب مع الراحل الحسن الثاني ولكن لا يمكن لأي مهتم عادي بالمشهد السياسي الوطني وعالم بخبايا البروتوكولات الملكية المرعية أن يغفل عن معاني القبلة الواضحة وغير المشفرة.

انها إشارة حب واحترام وتقدير نعم و لكن اكثر من ذالك هي رسالة اعتذار من الملك لوزيره الأول ستبقى خالدة للذكرى أمام كل المغاربة كما أرادها الملك بشكل إرادي. حيث أراد أن يكون إعتذارا ملكيا علنيا أمام الشعب على التراجع عن مبدأ التناوب التوافقي والمنهجية الديمقراطية. وهو التراجع الذي جعل اليوسفي يغادر سفينة الحكومة والتوافق والسياسة.

القبلة اعتذار من الملك ومهندسي القصر الذين ارادوها يوما دولة بإصلاحات إقتصادية و إجتماعية قبل أن تكون سياسية، ارادوا حزبا للدولة ومع الدولة فرفعوا شعار التنمية قبل الإصلاحات الدستورية، وكانت فكرة الأصالة والمعاصرة استنساخا لتجربة الحزب الوطني بمصر والتجمع الدستوري بتونس .

فجاءت رياح التغيير مع الخريف العربي وحركة 20 فبراير لتبعثر كل الأوراق، عندها بحث الملك وساسة بلاطه عن رجال دولة حقيقيين، رجالا من طينة سي عبد الرحمان، ولكن فات الأوان ولا يمكن استدراك الخطأ والرجوع بالتاريخ الى الوراء، ولا حل إلا بالتجديف في الإتجاه والسياق الذي أراده ساسة العالم الجديد واراده كثير من المغاربة أيضا وتمكين الذئاب الملتحية من الحكم.

هي قبلة إعتذار من الملك لوزيره الأول الذي خبر المنفى والاعتقال قبل أن يخبر السلطة والحكم ويخرج نضيفا، فقيرا غنيا بحب واحترام الجميع بما فيهم الملك ومهندسي البلاط.

عندما نتابع بأسى مواقف وسلوكيات وشطحات وخرجات وقفشات رئيس الحكومة السابق بن كيران، يحز في قلب المغاربة وربما يحز في قلب الملك ان يقارن بين الرجلين الذين وثق فيهما وسلمهما مقاليد السلطة التنفيذية.

فرق كبير بين رجل دولة ومناضل اشتراكي، حقوقي و اممي انقذ بلاده من السكتة القلبية و مكن المغرب من تجاوز الأزمة الاقتصادية وضمان السلم الاجتماعي، تخفيض الدين العام الخارجي والداخلي وحقق مكاسب دولية مهمة للقضية الوطنية ،ومن هو مستعد هو وحزبه أن يقبرا الوطن من أجل البقاء في السلطة.
وبين رجل يبكي طول الوقت على امتيازات عينية له ولذويه ومريديه. رجل حطم كل التراكمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أقرها اليوسفي بعد نضال سياسي دام لعقود طويلة..
رحل اليوسفي بعفة المحارب المحترم لنضاله ولحزبه ولملكه ولوطنه بدون استغلال اي نفوذ. رحل في صمت وعفة الكبار. فجاء بعده “قرينه” ليكتب ارذل الرسائل السياسية على ورق دورة المياه.

ولا مقارنة مع وجود الفارق

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث .