Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة متفرقات مجتمع

مشروع “الباطمات” بسيدي معروف.. بين الهدم وانتظار البدائل

مع الحدث/ أولاد حدود 

المتابعة ✍️: ذ.فيصل باغا

 

منذ أكثر من ثلاثة عقود، ظل مشروع “الباطمات” بمنطقة سيدي معروف أولاد حدو حكاية ناقصة تثير التساؤلات وتغذي معاناة الساكنة. فقد بدأت الأشغال قبل 34 سنة، لكن سرعان ما توقفت لأسباب غامضة، تاركة وراءها بنايات إسمنتية غير مكتملة، تحولت مع مرور الزمن إلى مصدر قلق أمني وصحي واجتماعي.

 

جريدة مع الحدث كانت من بين الأصوات الإعلامية التي واكبت هذا الملف منذ بدايته، حيث وجهت عدة نداءات للجهات المسؤولة قصد الكشف عن مصير المشروع والبحث عن حلول عملية. وبعد هذا التراكم من التساؤلات، جاء أخيرا التفاعل المنتظر من طرف السلطات المعنية، التي أعطت الضوء الأخضر لانطلاق عملية هدم المباني المهجورة تحت إشراف شركة مختصة في هذا المجال.

وقد تمت عملية الهدم باحترافية كبيرة، وبمراقبة دقيقة من طرف المصالح المختصة، وهو ما لقي ارتياحا نسبيا لدى الساكنة التي عانت لسنوات من هذا الوضع الشاذ. غير أن التساؤل الكبير الذي يطرح نفسه اليوم بإلحاح: ماذا بعد الهدم؟

إن البقعة الأرضية التي كانت تحتضن المشروع غير المكتمل تمثل فرصة جديدة لإعادة التفكير في حاجيات الساكنة. فالمواطنون بسيدي معروف أولاد حدو لا يطالبون سوى بمشاريع تنموية تعود بالنفع المباشر عليهم، من قبيل إحداث مرافق عمومية، ومساحات خضراء، ومؤسسات تعليمية وصحية، إلى جانب بنية تحتية تليق بمستوى النمو العمراني والديمغرافي الذي تعرفه المنطقة.

اليوم، يمكن القول إن الكرة أصبحت بين يدي المسؤولين، الذين تقع على عاتقهم مهمة تحويل هذا الملف من صفحة سوداء في تاريخ التعمير إلى تجربة ناجحة في التنمية المحلية. فهل ستستجيب السلطات لتطلعات الساكنة؟ وهل ستُعتمد رؤية تشاركية تستمع إلى صوت المواطن وتترجم حاجاته إلى مشاريع ملموسة؟

 

الجواب ينتظر من داخل مكاتب القرار، لكن الأمل يبقى قائما في أن يشكل هدم “الباطمات” بداية جديدة لنهضة تنموية في سيدي معروف أولاد حدو، بدل أن يكون مجرد نهاية لقصة طويلة من الإهمال.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة بلاغ مجتمع

“في مثل هذا اليوم.. ذكرى الحسن الثاني، رمز القيادة والإرث الوطني”

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

في مثل هذا اليوم من عام 10 ربيع الثاني 1420 هـ، ودّع المغرب ملكه الحسن الثاني، رحمه الله، بعد مسيرة طويلة حافلة بالعطاء والتحديات. كان رحيله لحظة مفصلية في تاريخ المملكة، وقد تميّز يوم جنازته بحضور أكثر من مليوني مغربي، بالإضافة إلى وفود رسمية وقادة دول من مختلف أنحاء العالم، مما يعكس المكانة المرموقة التي كان يحظى بها الملك الحسن الثاني وتقدير المجتمع الدولي لدوره كزعيم وقائد.

ولد الحسن الثاني في 9 يوليو 1929م بمدينة الرباط، الابن الأكبر للملك محمد الخامس، ونشأ في أجواء القصر الملكي حيث تلقى تعليمه الأولي في المدرسة القرآنية بالقصر الملكي، قبل أن يكمل دراسته في فرنسا وينال شهادة الماجستير في القانون العام عام 1952م. هذه الخلفية الأكاديمية منحت له رؤية واضحة للمسؤولية الوطنية والقيادة.

قبل أن يتولى العرش، كان وليًا للعهد منذ عام 1957م، وقائدًا عامًا للقوات المسلحة ووزيرًا للدفاع، ولعب دورًا مهمًا أثناء فترة منفى والده، ليكون حلقة وصل بين الملك والشعب. بعد وفاة والده في 1961م، اعتلى الحسن الثاني العرش ليبدأ مرحلة جديدة في تاريخ المغرب.

امتد حكمه لأكثر من ثلاثة عقود، شهدت الكثير من التحديات والإنجازات التي تركت بصمة واضحة. قاد “المسيرة الخضراء” عام 1975م، حيث سار 350 ألف متطوع سلمياً لاسترجاع الصحراء الغربية، وهو إنجاز أصبح رمزًا للوحدة الوطنية. اهتم بالتنمية الاقتصادية من خلال بناء السدود التي سهلت سقي مليون هكتار، وأصدر ظهير 1973م لتعزيز الإدارة المغربية.

سعى أيضًا إلى المصالحة مع المعارضة، فأوكل عبد الرحمن اليوسفي رئاسة الحكومة عام 1998م، في خطوة سياسية بارزة نحو التعددية. على الصعيد الدولي، لعب دور الوسيط في النزاع العربي الإسرائيلي، وكان رئيسًا لـ”لجنة القدس”، مدافعًا عن قضايا الأمة العربية، وجسرًا بين الثقافات. كما أسس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، مؤسسًا لحوار وطني حول حقوق المواطن.

لم تكن طريق الحسن الثاني سهلة، فقد واجه محاولتي انقلاب عامي 1971م و1972م، وأزمات سياسية وصراعات إقليمية وانتقادات داخلية، لكن هذه التحديات شكلت جزءًا من تجربته وصقلته كزعيم.

رحل الحسن الثاني في عام 1999م عن عمر ناهز السبعين، مخلفًا إرثًا سيبقى جزءًا من التاريخ المغربي. وجنازته التي شهدت حضورًا كثيفًا من المغاربة وزعماء العالم كانت شهادة على المكانة التي كان يحظى بها، تقديرًا لجهوده ودوره في الساحة الدولية. اليوم، لجيلنا مهمة فهم هذا التاريخ ليس كقصة ماضٍ، بل كدرس في القيادة والصمود والرؤية الوطنية، ليبقى الحسن الثاني رمزًا لمرحلة مهمة من مسار المغرب، يرويها التاريخ بكل فخر واعتزاز.


Categories
أعمدة الرآي الواجهة مجتمع

بين الأمل والفوضى: صوت وطن جريح

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

أردت أن أكتب في موضوع بعيد عن صخب الشارع وضجيج الأحداث، لكن كل محاولة للهرب من الواقع تنتهي في نفس النقطة: صور المظاهرات، الهتافات المطالبة بحقوق مشروعة في صحة وتعليم يليقان بالكرامة الإنسانية، ثم تلك الانفلاتات التي شوّهت المشهد وأدمت القلوب.

لم يكن المغاربة يتوقعون أن تتحول لحظات الأمل في التعبير السلمي عن الحقوق إلى مشاهد مؤلمة من الفوضى والتخريب. فبينما خرج الآلاف من المواطنين للمطالبة بتحسين أوضاع الصحة والتعليم والعيش الكريم، تسللت قلة جعلت من الشارع ساحة للتدمير والتكسير، في مشهد لا يشبه روح المغاربة ولا قيمهم.

ليس سهلاً أن ترى أحلام جيلٍ بأكمله تُختزل في لقطات مؤسسات عامة تحترق، وبنوك تُقتحم، ومحلات يكد أصحابها لسنوات تُكسر في لحظة. الأصعب من ذلك أن تدرك أن بيننا من يملك الجرأة على الاعتداء على ممتلكات عامة وخاصة، وعلى أشخاص لم يقترفوا ذنباً سوى أداء واجبهم.

إنها حالة نفسية قاسية؛ أن تتأرجح بين الفخر بشباب خرج يطالب سلمياً بحقه المشروع، وبين الأسى من قلةٍ أرادت أن تجر الوطن نحو فوضى لا تشبه المغاربة ولا قيمهم. ولعل الأخطر أن أيادي خارجية لا تخفي رغبتها في صب الزيت على النار، مستغلة لحظة الغضب الجماعي لدفع البلاد نحو عدم الاستقرار.

وما يزيد الألم هو خروج قاصرين في أعمال شغب لا يفقهون عواقبها، وهي نتيجة مباشرة لغياب التربية والتوجيه الأسري أولاً، ثم ضعف المنظومة التعليمية ثانياً، التي عجزت عن غرس قيم المواطنة والوعي. فالشاب الذي لا يجد من يرشده يصبح لقمة سائغة في يد من يحرض على العنف أو يستغله لأجندات خفية.

كنا نحلم أن نرى وطننا ينافس الأمم في التقدم والعدالة، فإذا بنا نُفاجأ بمشاهد تُعيدنا خطوات إلى الوراء. وليس من العدالة أن تختلط المطالب المشروعة بأعمال التدمير والتكسير، ولا من الوطنية أن يُشوَّه وجه بلدنا بمظاهر العنف.

اليوم، يقف المغاربة أمام مفترق طرق نفسي قبل أن يكون سياسياً أو اجتماعياً: إما أن نسمح لليأس أن يتغلغل فينا، أو نتمسك بالأمل ونواصل الدفاع عن حقوقنا بطرق سلمية تحفظ للوطن وحدته وكرامته. ورغم الألم والدموع، تبقى القناعة راسخة بأن الغالبية الساحقة من أبناء الوطن تريد الإصلاح بالتي هي أحسن، وأن البناء لا يتحقق إلا بالعقلانية والحوار، أما الفوضى فلن تصنع مستقبلاً.

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الصحة الواجهة ثقافة و أراء سياسة قانون مجتمع

نبض الشارع وصوت المطالب الاجتماعية

نبض الشارع وصوت المطالب الاجتماعية

✍️ هند بومديان

في الأيام الأخيرة خرجت مدن مغربية عديدة على وقع مظاهرات شبابية رفعت شعارات تعبّر عن الحاجة الملحّة إلى إصلاح قطاعات أساسية في حياة المواطنين، وعلى رأسها التعليم والصحة والتشغيل. هذه الخطوة لم تأتِ من فراغ، بل هي حصيلة سنوات من الإحباط والشعور المتزايد بانعدام العدالة الاجتماعية وتنامي الفوارق بين الفئات والمجالات.
ففي قطاع الصحة، ما زال المواطنون يعانون من ضعف البنيات التحتية وقلة الأطر الطبية، خصوصًا في القرى والمناطق البعيدة، حيث يتحول البحث عن علاج مناسب إلى رحلة معاناة يومية. أما التعليم، فيواجه أزمة متفاقمة تجلت في الاكتظاظ داخل الفصول، نقص الموارد وضعف التجهيزات، إضافة إلى التباين الكبير بين المدن والبوادي في جودة التعلم. ويزيد واقع البطالة من حدّة الاحتقان، خاصة بين الشباب الجامعي الذي يجد نفسه أمام سوق شغل محدود لا يستوعب مؤهلاته.
إلى جانب ذلك، يثير تدبير الموارد العمومية الكثير من التساؤلات، إذ يرى المحتجون أن أولويات الإنفاق لا تعكس حاجات المواطن اليومية، حيث يتم الاستثمار في مشاريع لا تمس حياة الناس المباشرة، بينما الخدمات الأساسية تظل في وضع هش ومتأزم. هذا الإحساس باللاعدالة يكرّس شعور الإقصاء ويفاقم الغضب الشعبي.
الشارع اليوم ينتظر من الحكومة إجراءات ملموسة، أبرزها: تعزيز المنظومة الصحية بتجهيز المستشفيات وتوزيع الأطر الطبية بعدالة، إصلاح التعليم بدعم بنياته الأساسية وتكوين الأطر وتوفير ظروف تعلم متكافئة، ثم إطلاق برامج حقيقية لتشغيل الشباب وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة. كما يطالب المواطنون بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العمومي بما يخدم حاجاتهم الأساسية، وفتح حوار مباشر مع فئات المجتمع، مع احترام الحق الدستوري في الاحتجاج السلمي باعتباره وسيلة حضارية لإيصال الصوت.
إن هذه المظاهرات تكشف حجم الأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب اليوم، وتشكل إنذارًا واضحًا بضرورة الاستجابة السريعة والفعّالة. فالمغاربة لم يعودوا يقبلون بوعود مؤجلة، بل يطالبون بحلول حقيقية تحفظ كرامتهم وتعيد إليهم الثقة في المستقبل، وتضع أسس عقد اجتماعي جديد قائم على العدالة والتنمية المتوازنة.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة بلاغ مجتمع

تعزية من جمعية الاهرام للجالية المصرية بالمغرب

تعزية

ببالغ الحزن والأسى، تنعى جمعية الأهرام برئاسة الأستاذ مصطفى بيومي، رحيل المغفور له بإذن الله الحاج محمد عبد العزيز، رئيس قطاع التفتيش الأسبق بشركة مصر للطيران، وشقيق السيد اللواء إسماعيل عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية المغربية لرجال الأعمال.

وقد ووري الفقيد الثرى بمقابر الأسرة في التجمع الخامس يوم الخميس الماضي.

تتقدم الجمعية بخالص التعازي والمواساة إلى أسرة الفقيد، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة مجتمع

صمت الحكومة ودموع التماسيح الحزبية أمام أصوات الشباب

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

في وقتٍ تتواصل فيه المظاهرات السلمية لشباب جيل Z، المطالِبة بتعليم جيد وصحة تحفظ الكرامة، يظل الموقف الرسمي للحكومة غائباً، وكأن صرخات الشارع لا تستحق حتى مجرد رد. هذا الصمت غير المبرر يزيد من فقدان الثقة في المؤسسات، ويفتح الباب أمام تأويلات خطيرة حول لامبالاة الحكومة بمستقبل أبنائها.

غير أن الغياب الحكومي لم يمنع بعض الأحزاب السياسية خصوصا المعارضة من محاولة ركوب الموجة. فقد سارعت إلى إصدار بيانات تنديدية، لكنها لم تقدّم أي حلول جذرية، مكتفيةً بدموع تماسيح تُذكّرنا كل مرة بأن هذه القوى السياسية لا تتحرك إلا تحت ضغط الشارع.

الأكثر إثارة للسخرية أن أميناً عاماً لأحد الأحزاب استغل هذه الظرفية للنزول إلى الشارع، ظناً منه أنه سيكسب تعاطف الشباب، لكنه فوجئ برفض واضح: المظاهرة سلمية، مستقلة، لا تقبل المتاجرة السياسية ولا الدعاية الانتخابية. فشباب جيل Z اختار أن يرفع صوته بعيداً عن الشعارات الحزبية، مؤكداً أن معركته هي معركة حقوق اجتماعية قبل أن تكون معركة أصوات انتخابية.

النقابات والجمعيات، بدورها، ما تزال حبيسة بيانات باهتة لا ترقى إلى مستوى اللحظة، بينما الشارع يطالب بإجراءات ملموسة تعيد الثقة في المدرسة العمومية والمستشفى العمومي.

إن ما يحدث اليوم ليس مجرد حراك عابر، بل جرس إنذار حقيقي. فالتاريخ لا يرحم صمت الحكومات، ولا يُسامح الأحزاب التي تستغل غضب الناس لمصالحها الضيقة. ما يطالب به الشباب بسيط: العيش بكرامة في وطن يوفر التعليم والصحة كحقوق أساسية، لا كهبات مؤقتة أو وعود انتخابية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات سياسة مجتمع

GenZ212 جيل يكتب احتجاجاته خارج المقرات الحزبية

حسيك يوسف

خروج الشباب المغربي في حركة تحمل اسم GenZ212 ليس مجرد رد فعل عابر على أوضاع اجتماعية متدهورة، بل هو تعبير عن تحوّل سياسي واجتماعي يلامس العمق الحقيقي للأزمة التي يعيشها المغرب. لأول مرة منذ سنوات، يخرج جيل كامل إلى الشارع ليقول بصوت مرتفع إنّ السياسة بشكلها التقليدي لم تعد تجذبه، وإنّ الأحزاب التي من المفترض أن تكون قنوات للتأطير والتعبير صارت أقرب إلى “أكشاك انتخابية” تُفتح موسمياً وتغلق ما إن تنتهي الاستحقاقات.

اللافت في هذه الحركة أن معظم المشاركين فيها غير منتمين لأي حزب سياسي. أكثر من تسعين في المائة منهم شبان وشابات قرروا أن الشارع هو فضاؤهم الطبيعي، بعدما أقفلت المقرات الحزبية في وجوههم، واحتُكرت المناصب والمقاعد داخل التنظيمات من طرف “شيوخ السياسة” الذين يورّثون المواقع لأبنائهم وأحفادهم، بينما يُحارب أصحاب الأفكار الجديدة والمستقلون. هنا يكمن جوهر الأزمة: الشباب لا يرفض السياسة في حد ذاتها، بل يرفض السياسة كما تُمارَس اليوم، خالية من الفكر ومن المشروع، غارقة في الريع والزبونية.

مطالب GenZ212 تبدو بسيطة ومباشرة، لكنها عميقة في مضمونها: مستشفيات تليق بكرامة المغاربة، تعليم مجاني يضمن المساواة، وشغل يحفظ العيش الكريم. هؤلاء لا يرفضون الاستثمار في البنية التحتية الرياضية أو تنظيم كأس العالم، بل يقولون بوضوح: إذا كانت الملاعب خمس نجوم، فلتكن المستشفيات سبع نجوم. وإذا كانت الملايين تُصرف على صور كبرى، فلتُصرف مثلها على المدارس والمراكز الصحية، لأن أساس أي نموذج تنموي ناجح يبدأ من صحة المواطن وتعليمه.

هذه الحركة أيضاً كشفت عن مفارقة كبيرة. فبينما تتحدث الدولة عن “النموذج التنموي الجديد” وعن مغرب 2030 كمشروع للأمل، يشعر الشباب أنّ الواقع اليومي يسير في اتجاه آخر: ارتفاع الأسعار، تفاقم البطالة، غياب العدالة في توزيع الثروات، وتراجع الثقة في المؤسسات. ليس صدفة أن يظهر هذا الحراك بالتزامن مع الأزمة المعيشية الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات، التي أذابت ما تبقى من الطبقة الوسطى وجعلت المجتمع ينقسم إلى طبقتين فقط: أقلية ميسورة وطبقة واسعة تغرق في الفقر.

البعد السياسي هنا لا يقل أهمية. ما يطرحه GenZ212 هو سؤال جوهري: ما جدوى الأحزاب إن لم تقم بالتأطير واستقطاب الشباب؟ وكيف يمكن تبرير استمرار حصولها على دعم مالي من المال العام إذا كان الشارع هو البديل الوحيد لفتح النقاش؟ الأحزاب التي كان يفترض أن تشكل صمام أمان ديمقراطي، تحولت إلى عبء على الحياة السياسية. ولم يعد للشباب من خيار سوى خلق حركات رقمية وميدانية مستقلة، تستمد قوتها من السلمية ومن قدرتها على التنظيم الذاتي عبر المنصات الافتراضية.

من جهة أخرى، هذه الحركة تعكس وعياً سياسياً جديداً. فالشباب الذين يقفون وراءها حرصوا منذ البداية على نفي أي علاقة لهم بمواقف ضد الملكية، وأكدوا أن حركتهم سلمية واجتماعية، وأن خصمهم الحقيقي هو الفساد، غلاء المعيشة، وغياب العدالة الاجتماعية. هذا الوعي السياسي هو ما يميز GenZ212 عن حركات احتجاجية سابقة. إنه جيل يعرف جيداً ما يريد، ويعرف أيضاً كيف يجنّب نفسه فخاخ التصنيف والتشويه.

السيناريوهات المحتملة أمام المغرب اليوم متعددة. إذا استمرت الأحزاب في تجاهل هذه الرسالة، فسيترسخ العزوف السياسي، وقد نشهد نسخة جديدة من حركة 20 فبراير ولكن بأدوات أكثر نضجاً ورقمنة. وإذا تم التعامل مع هذه المطالب فقط بمنطق أمني، فإن الهوة بين الدولة والشباب ستتسع بشكل خطير. لكن إذا استُثمر هذا الحراك كمؤشر إصلاحي، فقد يشكل فرصة تاريخية لتجديد السياسة المغربية وربطها بالفعل باحتياجات المواطنين.

GenZ212 ليست مجرد وسم على منصات التواصل ولا مجرد تجمع شبابي غاضب. إنها مرآة جيل يبحث عن عدالة وكرامة، جيل يقول بوضوح: لسنا ضد التنمية، نحن ضد التنمية غير العادلة. ولسنا ضد المؤسسات، نحن ضد المؤسسات التي تحولت إلى واجهات فارغة. في النهاية، هذا الجيل يضع سؤالاً حاسماً أمام الطبقة السياسية: هل أنتم مستعدون للإنصات وإشراكنا فعلاً، أم ستواصلون إدارة الظهر حتى يكتب الشارع فصلاً جديداً من تاريخ المغرب؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي إقتصاد الصحة المبادرة الوطنية الواجهة ثقافة و أراء جهات سياسة مجتمع

المغرب بسرعتين: قوة المشاريع الكبرى وضعف العدالة الاجتماعية

يعيش المغرب مفارقة صارخة: بلد يحقق إنجازات كبرى على مستوى البنية التحتية والمشاريع الاستراتيجية، لكنه يتعثر بشكل مثير للقلق في التنمية الاجتماعية. الرسالة واضح: الإصلاح خيار استراتيجي، والمغاربة يستحقون العيش بكرامة. لكن الواقع يصر على أن وتيرة المشاريع تسير بسرعتين؛ سرعة فائقة عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الكبرى، وسرعة السلحفاة أو التوقف الإجباري حين يتعلق الأمر بالملفات الاجتماعية الحساسة.

المغرب خط أحمر.. لكن بأي مضمون؟

المغرب بلا شك خط أحمر، وطن التسامح والأولياء، ولا مكان فيه للمفسدين والمخربين. غير أن الإشكال الحقيقي اليوم لا يكمن في “الأعداء” أو “الخصوم”، بل في الداخل: في غياب جرأة سياسية عند بعض المسؤولين، وفي ضعف الحكامة في تنزيل البرامج الاجتماعية. فالمواطن العادي لا يلمس جدوى المشاريع الضخمة إذا كان ما يزال يصطدم بمستشفى يفتقر إلى أبسط التجهيزات، أو مدرسة لا توفر الحد الأدنى من الجودة.

تسارع في الاستثمار.. تعثر في العدالة الاجتماعية

من طنجة المتوسط إلى TGV، ومن الطاقات المتجددة إلى مصانع السيارات والطائرات، الى ملاعب كبرى بمواصفات عالمية المغرب يقدم نفسه كنموذج اقتصادي صاعد. هذه الإنجازات جعلت البلاد وجهة للمستثمرين العالميين، في إشارة إلى سهولة استقطاب الرأسمال الأجنبي.
لكن، ماذا عن المواطن البسيط؟ أليس الأولى أن يكون أيضًا من ينتظر مدرسة مؤهلة أو مستشفى مجهز أو فرصة عمل تحفظ كرامته؟

التناقض الذي يهدد الثقة

المشكل أن المغاربة يرون بأعينهم مشاريع بملاييرالدراهم تُنجز بسرعة قياسية، بينما ملفات اجتماعية أساسية تبقى عالقة سنوات طويلة. هذا التناقض يخلق شعورًا باللاعدالة، ويؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات والمنتخبين زيادة على غياب الحوار من طرف الحكومة. مما ياكد على أن ربط المسؤولية بالمحاسبة، اصبح ضروريا ويجب تطبيقه بصرامة على كل فشل خصوصا التعليم أو انهيار في الصحة أو فوارق اجتماعية متزايدة.

الإصلاح الحقيقي ليس في الإسمنت فقط

الإصلاح لا يُقاس بعدد الكيلومترات المعبدة أو الأبراج الشاهقة أو الموانئ الضخمة، بل بمدى انعكاس هذه الإنجازات على حياة المواطن اليومية. فالتنمية الشاملة تعني أن يشعر المغربي بالكرامة في مدرسته ومستشفاه، لا أن يكتفي برؤية صور الإنجازات على شاشات التلفزيون.

الخلاصة: توازن مفقود يجب استعادته
المغرب اليوم في مفترق طرق: إما أن يستمر في هذه السرعة المزدوجة التي تهدد العدالة الاجتماعية، وإما أن يحقق التوازن المنشود بين الاقتصاد القوي والعدالة الاجتماعية. المطلوب ليس التوقف عن المشاريع الكبرى، بل نقل نفس الروح والجدية والسرعة إلى مشاريع التنمية الاجتماعية. وإلا فإن المغرب سيظل يسير بسرعتين متناقضتين، واحدة تُرضي المستثمرين، وأخرى تُرهق المواطن.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي إقتصاد الصحة المبادرة الوطنية الواجهة ثقافة و أراء سياسة مجتمع

جيل Z بين مطالب مشروعة وغياب لغة الحوار

شهدت مدن مغربية عديدة خلال الأيام الأخيرة وخصوصا في نهاية الاسبوع، خروج مئات الشباب من جيل “Z” في مظاهرات سلمية متفرقة، في العديد من المدن والاقاليم رافعين شعارات تدعو إلى إصلاحات عميقة تمس مختلف القطاعات، وإلى محاسبة المفسدين الذين يعيقون التنمية والعدالة الاجتماعية.

هذه التحركات الشبابية عكست، بشكل جلي، وعيًا متزايدًا لدى الجيل الجديد بحقوقه ومطالبه، والتي تبقى في جوهرها مشروعة، إذ تركز على العدالة، تكافؤ الفرص، تحسين جودة التعليم والصحة، ومحاربة الفساد والزبونية. لكن ما أثار الانتباه هو الغياب اللافت للحكومة وأصوات المنتخبين، حيث لم تسجل أية مبادرات رسمية للحوار أو فتح قنوات للتواصل مع هؤلاء الشباب.

هذا الفراغ السياسي في التواصل جعل المحتجين في مواجهة مباشرة مع رجال الأمن، الذين تولوا مهمة التنظيم ومنع بعض المظاهرات من الانزلاق، ما يطرح إشكالية غياب لغة الحوار المؤسساتي التي من المفروض أن تقودها الحكومة والمنتخبون باعتبارهم صلة وصل بين الدولة والمجتمع.

ويرى متتبعون أن جيل Z بات اليوم قوة اجتماعية لا يمكن تجاهلها، إذ يملك أدوات جديدة للتعبير، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي حولها إلى منبر للتنسيق وتوجيه الرأي العام. لكن استمرار تجاهل مطالب هذه الفئة قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتراجع الثقة في المؤسسات.

تحليل سياسي

إن الخرجات الأخيرة لشباب جيل Z لا يمكن اختزالها في مجرد احتجاجات عابرة، بل هي مؤشر على تحول عميق في الثقافة السياسية المغربية. فهؤلاء الشباب لم يعودوا يكتفون بدور المتفرج على السياسات العمومية، بل أصبحوا يطالبون بحقهم في صناعة القرار، متسلحين بوعي رقمي وجرأة غير مسبوقة.

في المقابل، يظهر أن النخب السياسية التقليدية لم تستوعب بعد هذا التحول، إذ لا تزال تعتمد خطابًا كلاسيكيًا قائمًا على التبرير والتسويف، بدل الانفتاح على لغة جديدة قادرة على الإقناع وبناء الثقة. هذا الانفصام بين جيل جديد طموح ومؤسسات جامدة هو ما يفسر حدة الشعارات وتكرار النزول إلى الشارع.

من جهة أخرى، فإن غياب مبادرات سياسية استباقية من شأنه أن يترك الساحة فارغة لخطابات أكثر راديكالية قد تستثمر في غضب الشباب، ما يشكل خطراً على الاستقرار الاجتماعي. لذلك، فإن تأطير هذه الدينامية عبر حوار مؤسساتي مسؤول بات ضرورة وطنية ملحة، وليس مجرد خيار سياسي.

خلاصة
المغرب اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يلتقط رسالة جيل Z، ويحولها إلى فرصة لإعادة بناء الثقة وتجديد النخب السياسية، أو يواصل سياسة التجاهل التي قد تفتح الباب أمام موجات غضب أكبر يصعب التحكم في مخرجاتها.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الصحة الواجهة مجتمع

واقع الصحة بالمغرب : ميزانيات ضخمة… خدمات متعثّرة

رغم ارتفاع الميزانية المرصودة لقطاع الصحة خلال السنوات الأخيرة، ما يزال المغاربة يشتكون من ضعف الخدمات الطبية وغياب العدالة في توزيعها. المنظومة الصحية تواجه أعطابًا هيكلية متراكمة منذ عقود، لم تنجح الإصلاحات المعلنة في تجاوزها، لتبقى صحة المواطن معلّقة بين طموح الدولة وإكراهات الواقع.

ميزانية تتنامى… ونتائج محدودة
خصصت الحكومة لقطاع الصحة سنة 2024 أزيد من 30 مليار درهم، مع توقعات بالرفع في 2025، وهو ما يُظهر حجم الاستثمارات. غير أن هذا الجهد المالي لم ينعكس ميدانيًا على مستوى الخدمات، حيث يظل الولوج إلى العلاج غير منصف بين المدن الكبرى والمناطق الهامشية، في غياب آليات صارمة لمراقبة النفقات.

خصاص في الموارد البشرية والتجهيزات
حسب بيانات منظمة الصحة العالمية، يتوفر المغرب على 7.4 أطباء لكل 10 آلاف نسمة، أي أقل من طبيب واحد لكل ألف نسمة، وهو رقم بعيد عن كل المعادلات الإقليمية والدولية. أما على مستوى البنية التحتية، فإن عدد الأسرة الاستشفائية لا يتجاوز سريرًا واحدًا لكل ألف نسمة في أحسن الحالات، ما يفسر الاكتظاظ في المستعجلات وطول لوائح الانتظار التي تمتد أحيانًا لأشهر في تخصصات حيوية مثل أمراض القلب أو السرطان.

معاناة المواطن: انتظار ورشاوى

تؤكد تقارير ميدانية أن المواطن المغربي يواجه صعوبات يومية عند اللجوء إلى المستشفيات العمومية، بدءًا من المواعيد المتأخرة ونقص الأدوية، وصولاً إلى اضطراره في كثير من الحالات إلى دفع مبالغ إضافية أو حتى رشاوى للحصول على خدمة أساسية. تقرير Afrobarometer (سبتمبر 2025) كشف أن 37% من المرتفقين صرّحوا بدفع رشوة في تعاملهم مع المرافق العمومية، بما فيها الصحة، وهو ما يفضح حجم الاختلالات الأخلاقية والإدارية.

زيارات الوزير تفضح الأعطاب
الجولة التفقدية الأخيرة لوزير الصحة بعدد من الجهات، أعادت تسليط الضوء على واقع المنظومة، حيث وقف بنفسه على أعطاب التجهيزات، غياب الكفاءات الطبية، وتضارب المصالح في تدبير بعض المراكز. أصوات المواطنين ارتفعت مجددًا مطالبة بإصلاحات عاجلة تتجاوز الشعارات وتستجيب لحاجيات المواطن البسيط.

الحاجة إلى إصلاح عميق

المتتبعون يرون أن الخروج من الأزمة يتطلب:

شفافية ورقابة على الصفقات العمومية.

تحفيز الأطباء للعمل في المناطق النائية.

استثمارات عادلة في البنيات التحتية الجهوية.

محاربة الفساد بتقوية آليات التفتيش وتلقي الشكايات.

رغم الجهود والميزانيات، ما زالت الصحة بالمغرب تعاني فجوة بين السياسات والواقع. مواطن ينتظر، طبيب يهاجر، تجهيزات معطوبة، فساد يستنزف القطاع. الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا إذا تلازمت الإرادة السياسية مع حكامة صارمة تضع كرامة المريض المغربي فوق كل اعتبار