Categories
متفرقات

جريمة الاغتصاب الجماعي لطفلة معاقة: دعوة ملحة للعدالة

بقلم: إبراهيم أفندي

في حادثة مروعة، تعرضت طفلة تبلغ من العمر 13 عامًا وتعاني من إعاقة عقلية، لجريمة اغتصاب جماعي من قبل ثلاثة رجال في دوار ولاد سلامة بجماعة أولاد عراض. الجريمة التي وقعت في يناير 2025، أسفرت عن حمل وولادة الطفلة، مما أثار استياءً واسعًا في المجتمع.

تعتبر هذه الجريمة انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، خاصة حقوق الأطفال المعاقين، الذين هم في أمس الحاجة إلى الحماية والرعاية. المشتبه فيهم، الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و72 عامًا، استغلوا وضع الطفلة الضعيف، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات القضائية.

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع العطاوية تملالت، أصدرت بيانًا تطالب فيه بتشديد العقوبات على الجناة ودعوة لتحقيق شامل يكشف ملابسات هذه الجريمة البشعة.

إن المجتمع بأسره مطالب بالتحرك لمناهضة العنف ضد الأطفال، وضمان حماية حقوقهم. يجب أن تكون هناك استجابة سريعة وحاسمة من قبل الدولة لضمان العدالة، وتوفير بيئة آمنة للأطفال، خاصة في ظل هذه الجرائم المروعة التي تهدد مستقبلهم.

Categories
أعمدة الرآي مجتمع

الْيَوْم الْعَالَمِي لحُقُوق الْإِنْسَان 10 دجنبر فِلَسْطِين…هُنا تَنْتَهِي الْإِنْسانِيَّة وتَسْقُط كُلّ الْحُقُوق

عبد الإله شفيشو/فاس

صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كأول وثيقة حقوقية دولية تمثل فهما مشتركا للبشرية حول شكل العالم المأمول بعد الحرب العالمية الثانية حيث يقول الإعلان المؤلف من 30 مادة في مادته الأولى:(يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وُهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء)، ويحتفي العالم باليوم بالذكرى 76 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي إعتمدته الجمعية العامة للأمم سنة 1948 وهي نفس السنة التي سقطت فيها حقوق الشعب الفلسطيني رسميا لحساب إعلان عن قيام دولة كيان غير شرعي في قلب الوطن العربي.

10 دجنبر 2024 يسقط فيه عن أبسط حقوق الإنسان أمام ما يشهده العالم اليوم من جرائم بشعة ومجازر مروعة وحرب إبادة جماعية يتعرض لها الفلسطينيون في غزة الجريحة ويوم يستحي فيه أحرار العالم والشرفاء من ذكر الحقوق والإنسانية أمام إدعاءات الغرب على مدى القرنين الماضيين وإفتخارهم بالديمقراطية والإنسانية ديمقراطيات غربية تساوي بين الجلاد والضحية وتبرر لمغتصبي الأرض والإنسانية التقتيل والتنكيل والتهجير، ديمقراطيات تعتبر المقاومة إرهابا وتستخدم حق النقض (الفيتوvéto ) لوقف عدوان أعمى ومحرقة وهولوكوست Holocauste لا يفرق بين رضيع وصبي أو إمرأة أو مسن أو طواقم طبية ولا يفرق بين مأوى أو مستشفى أو مدرسة ويعتبرهم أهدافا شرعية لقنابله وصواريخه دون أدنى إهتمام لقرارات أممية أو محكمة الجنايات الدولية أو رأيٍ عالميٍ غاضب خرج بالملايين عبر كبرى العواصم للتنديد بالإبادة الجماعية لسكان غزة.

10 دجنبر 2024 تناقلت فيه مئات الحسابات على مواقع التواصل منشور الأكاديمي اللبناني الأستاذ القانون الدولي بالجامعة اللبنانية البروفسور “كميل حبيب” الذي عكس خيبة أمل كبيرة في إمكانية تطبيق آليات العدالة الدولية بفلسطين في ظل الإنحياز الدولي الغربي الكبير لصالح الإحتلال الإسرائيلي، وكان قد نشر على حسابه بمنصة إكس بدايات هذه الحرب على غزة إعتذارا موجها لطلابه حول ما وصفه بالتشدد في تدريسهم مقررات القانون الدولي قائلا: (أعتذر من طلابي لأنني كنت متشددا في تدريس مقررات القانون الدولي القانون الدولي الإنساني، منظمة الأمم المتحدة، فبعد الجرائم الصهيونية لم يعد هناك حاجة لتدريس هذه المقررات، فحق القوة سيد العالم) ، فالحرب الصهيونية على غزة قد أفرغت مصادر العدالة الدولية من مضمونها وفي قدرة المنظمات الدولية الراعية للقانون الدولي على الإنتصار للحق الفلسطيني وأن القانون الدولي يتم تجييره لصالح القوى الكبرى بعد مرور 76 عاما على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

10 دجنبر 2024 ينعقد إحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد فشل لمجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع قرار للمطالبة بوقف إطلاق النار بسبب حق النقض(الفيتو véto) الذي مارسته الولايات المتحدة حيث تسبب التدخل الأميركي المعتاد لصالح الإحتلال عبر عقود طويلة في إفلات إسرائيل من العقاب وإفشال تطبيق مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما نتج عنه من آليات قانونية دولية لمنع إنتهاكات حقوق الإنسان، ف(الفيتو véto) الأميركي مثّل على الدوام تراجعا لتطبيقات القانون الدولي ويطرح القوة كبديل لآليات العدالة الدولية والقانون الدولي الإنساني يخضع لإزدواجية المعايير وفلسطين مثال صارخ على ذلك في ظل وجود فجوة بين الشعار والتطبيق، ويأتي هذا في وقتٍ تُمارس فيه واحدة من أفظع عمليات الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على يد جيش الإحتلال الإسرائيلي في ظل غطاء دولي وإنتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني.

Categories
جهات

تأجيل محاكمة سعيد آيت مهدي: صراع الحقوق والتهم الموجهة في قلب زلزال الحوز

فيصل باغا

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، قررت المحكمة الابتدائية بمراكش تأجيل محاكمة الناشط الحقوقي سعيد آيت مهدي وثلاثة آخرين إلى 30 دجنبر، وذلك لإعداد الدفاع حول التهم المنسوبة إليهم. تتعلق هذه التهم بـ”بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة”، و”التشهير”، و”إهانة موظفين عموميين”، بعد شكوى تقدم بها عون سلطة بدوار “تدفالت” وخليفة قائد ثلاث نيعقوب.

تعتبر التنسيقية المحلية للدفاع عن الحريات والحق في التنظيم أن اعتقال آيت مهدي ليس سوى تعبير عن قمع الصوت المدافع عن حقوق المتضررين من زلزال الحوز، الذين يعانون من إهمال واضح من قبل السلطات. وفي تصريحات أدلى بها أعضاء التنسيقية، تم التأكيد على أن آيت مهدي يعبر عن معاناة هؤلاء المتضررين الذين لم يتلقوا الدعم اللازم، مما يجعل قضيته تمثل صراعًا أوسع حول الحق في التنظيم والتعبير.

الأمر لم يتوقف عند حدود التهم الموجهة لآيت مهدي، بل تجاوز ذلك إلى قضايا أعمق تتعلق بمصداقية الشهادات المقدمة. فقد أشار آيت مهدي في بث مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن الشاهد الوحيد في قضية سابقة ضده بتهمة الإتجار في المخدرات، قد اعترف بتلقي رشوة للزج به في السجن، مما يطرح تساؤلات حول نزاهة الإجراءات القانونية المتبعة.

حضر عدد من المتضررين من زلزال الحوز أمام المحكمة، مطالبين بإطلاق سراح آيت مهدي وضمان محاكمة عادلة له. كما نددوا بالتحرشات والمضايقات التي تعرض لها، مؤكدين على ضرورة تحمل الدولة مسؤوليتها في إعادة الإعمار وتعويض الضحايا، وتوفير السكن اللائق.

هذا التأجيل للمحاكمة يكشف عن التوتر المتزايد بين النشطاء الحقوقيين والسلطات، مما يستدعي وقفة جادة من جميع الأطراف المعنية. إن قضية سعيد آيت مهدي ليست مجرد محاكمة فردية، بل تعكس رغبة في التغيير والعدالة في وجه التحديات التي يواجهها المواطنون في ظل السياسات الحالية.

Categories
متفرقات

جمعية رواق تحتفل باليوم الوطني للسجين بحملة طبية للأسنان بسجن مول البركي بأسفي

بقلم: إبراهيم افندي

في إطار الاحتفال باليوم الوطني للسجين، نظمت جمعية رواق للحفاظ على المكتسبات وحماية حقوق الإنسان حملة طبية متميزة يوم الجمعة 20 دجنبر الجاري بسجن مول البركي بأسفي. الحملة التي استفاد منها 156 نزيلًا، جاءت بتنسيق مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجين والمديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

قدمت الحملة خدمات طبية متخصصة في طب الأسنان، حيث عالجت مشاكل الأسنان التي يعاني منها العديد من النزلاء. وقدمت الجمعية شكرها العميق لإدارة المؤسسة السجنية وللأطقم الطبية، خاصة الدكتورة نورة الدرهم والدكتور واعزيز، لمساهمتهما القيمة في إنجاح هذا الحدث.

وأكدت رئيسة الجمعية، نورة الانعامي، على أهمية الدعم الذي قدمته إدارة مؤسسة محمد السادس، مما ساهم في تيسير الإجراءات وضمان سير الحملة بنجاح.

تعتبر هذه المبادرة خطوة إيجابية تعكس الالتزام المغربي بحقوق السجناء وتعزيز العدالة الاجتماعية. تواصل جمعية رواق جهودها في دعم المبادرات الإنسانية لتحسين الظروف المعيشية والصحية للسجناء، مؤكدة على أهمية العمل الجماعي بين مختلف المؤسسات الوطنية لدعم قضايا حقوق الإنسان.

Categories
متفرقات

جرائم النشر: بين القانون والممارسة

بقلم: عماد وحيدال

شهدت كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات مؤخرًا ندوة علمية تحت عنوان “جرائم النشر بين القانون والممارسة”، حيث اجتمع عدد من الأساتذة والخبراء لمناقشة القضايا الملحة المتعلقة بحرية التعبير وحقوق الأفراد.

أدار الندوة الأستاذ إحسان الحافظي، الذي استعرض أهمية الموضوع في ظل التطورات السريعة التي تشهدها وسائل النشر. وقد تناول الأستاذ عبد الفتاح زهراش مفهوم جرائم النشر، مشيرًا إلى التحديات القانونية التي تواجهها في التمييز بين حرية الرأي وانتهاك الخصوصية. وفي السياق ذاته، استعرض الأستاذ عبد العزيز البعلي المستجدات التشريعية، مشددًا على ضرورة تنظيم هذه الندوات لمواكبة القضايا الراهنة.

اختتمت الندوة بالتأكيد على أهمية تعزيز الوعي القانوني لدى المجتمع وضرورة التزام وسائل الإعلام بأخلاقيات المهنة. كما أُبرزت الحاجة إلى فتح قنوات الحوار بين المشرعين والممارسين الأكاديميين لتطوير التشريعات.

تظل هذه القضية محورية في النقاشات الأكاديمية، وتساهم في تعزيز فهم المجتمع لحقوقه وواجباته في عالم يتسم بالتغير السريع.

Categories
متفرقات

الدائرة 20: جهود استباقية لمكافحة الجريمة بالمحاميد

بقلم: إبراهيم أفندي

تحت إشراف السيد والي الأمن، تواصل الدائرة العشرون في المحاميد جهودها الحثيثة لمكافحة الجريمة وتعزيز الأمن في المنطقة. في الآونة الأخيرة، تمكنت الدائرة من إيقاف عشرات المشتبه فيهم، بينهم مجرم خطير مطلوب بتهمة محاولة القتل، وذلك بفضل كمين محكم في سوق الإمام مسلم.

كما أسفرت العمليات الأمنية عن اعتقال سبعة أشخاص متورطين في تعاطي مخدر الشيرا، بالإضافة إلى توقيف ستة آخرين بتهمة السكر العلني وتعاطي مخدر المعجون. وفي إطار القضايا الجارية، أوقفت المصالح الأمنية أيضًا سبعة أشخاص بتهم الضرب والسرقة.

تُظهر هذه الجهود التزام الدائرة بحماية المواطنين، حيث تستجيب بسرعة لنداءات الاستغاثة وتعمل على مكافحة الظواهر السلبية مثل السياقة الخطيرة. وقد لاقت هذه المبادرات استحسانًا من سكان المحاميد وتقديرًا من الفعاليات الحقوقية، مما يعكس نجاح الخطط الأمنية المُعتمدة.

Categories
متفرقات

استقالة جماعية من مكتب حقوقي بإقليم النواصر تثير تساؤلات حول المصداقية والشفافية

مع الحدث: قديري أسليمان

أفادت مصادر مقربة من الحدث لجريدة “مع الحدث” بأن مجموعة من الأعضاء قدموا استقالتهم من مكتب إقليمي تابع لإحدى المنظمات الحقوقية بالمغرب، مما أثار العديد من علامات الاستفهام حول الوضع الحالي لهذه المؤسسة.

وقد لخص أحد الأعضاء أسباب الاستقالة بعدة خروقات، أبرزها مقال نشره رئيس المكتب في إحدى المنابر الإعلامية الإلكترونية، والذي اعتبره الأعضاء غير صحيح وبدون أي استشارة مسبقة. وقد أثار هذا السلوك استياءً كبيراً، حيث اعتبروا أن نشر معلومات غير دقيقة قد يعرضهم لمتابعات قانونية، ورغم ذلك لم يقدم الرئيس اعتذاراً للمؤسسة المستهدفة.

هذا الوضع يعكس تناقضاً مع مبادئ حقوق الإنسان وأخلاقيات العمل الصحفي، مما يطرح تساؤلات حول دور المنظمات الحقوقية والإعلام في تعزيز الإصلاح والمصداقية. يبقى السؤال مفتوحاً: هل يعمل هؤلاء على تكريس مبادئ الإصلاح ومحاربة التظلم، أم يسهمون في تعزيز ثقافة التظلم في دولة الحق والقانون؟

Categories
أعمدة الرآي

أي مجلس وطني نريد!؟ بأية تشكيلة؟ وبأية اختصاصات؟

يوسف عبد القاوي

محام، عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء

 

لقد سبق وأن فتح النقاش بخصوص تعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، نقاش عكس وعيا عميقا بأهمية تطوير المهنة واستكمال بنيانها بإحداث مجلس وطني كمؤسسة رسمية تكون، من ضمن مهام أخرى، المخاطب الرسمي للسلطات العمومية في كل ما يتعلق بمهنة المحاماة.

لقد كنا نعتقد بداية أن العيب في المهنة مؤسساتي، وأن هناك ضرورة لتطوير عمل هذه المؤسسات، لكن في الحقيقة، ويوما بعد يوم، يثبت لنا أن المشكل يكمن في عدم توفرنا على تصور واضح لما نريد ولمستقبل المهنة، ولا على مخطط استراتيجي للمهنة ولا على منظرين يتجاوزون المطالب التقليدية المتمثلة في الحفاظ على استقلالية المهنة وحصانة المحامي، إلى تطوير المهنة في علاقتها بالدولة لكونها تمثل سوقا مهمة من حيث رقم معاملاتها وتحتاج إلى برامج تطوير كما تحتاج إلى التعاطي معها بنفس المنطق الذي تم التعامل به مع قطاع الفلاحة (مخطط المغرب الأخضر)، ومع الصناعة (مخطط تسريع التنمية الصناعية) ومختلف برامج الدعم من أجل تطوير ونمو المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة الصناعية، وقطاع اللوجستيك (الاستراتيجية الوطنية لتنمية التنافسية اللوجستيكية) والتجارة (مخطط رواج) والطاقات المتجددة (الإستراتيجية الطاقية 2030) والصيد البحري (مخطط أليوتيس) والموانئ (الاستراتيجية الوطنية للموانئ في أفق 2030) والدعم العمومي للحد من الهشاشة وتقوية المقاولات الصحافية، ومخططات دعم السينما، وغيرها كثير من القطاعات التي حظيت باهتمام الدولة.

وقد نزلت فكرة خلق مجلس وطني بردا وسلاما على المحامين لأنهم في أمس الحاجة إلى إطار يشكل ورشا لإنتاج الأفكار والوثائق، إطار ينهض بدور التخطيط الاستراتيجي للمهنة، إطار قادر على حماية المكاتب الوطنية من تسونامي المكاتب الأجنبية وجعلها قادرة على المصاحبة القانونية ومواكبة تحول المغرب من بلد مستقبل للاستثمارات إلى مستثمر.

ورغم التضارب في التصورات والأولويات والأهداف نرى أن فكرة المجلس الوطني لم تنضج بعد وفي حاجة إلى تعميق النقاش بخصوصها وتقريب وجهات النظر.

– بخصوص تسمية المجلس:

لا شك أن هناك ضرورة لاعتماد تسمية “المجلس الوطني لهيئات المحامين بالمغرب” عوض تسمية المجلس الوطني للمحامين أو المحاماة، فالمحاماة ومن يزاولها من المحامين أكبر بكثير من أن يدبر أمرها أو يختزلها مجلس وطني لأن هناك مؤسسات أخرى معنية بشكل مباشر أو غير مباشر بالمحاماة والمحامين منها وزارة العدل والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات.

ولأن الغاية من خلق “مجلس وطني” ليست هي أن يحل محل الهيئات ويمارس اختصاصاتها وإنما ليمارس اختصاصات أعم وأشمل على سبيل المثال لا الحصر:

– التخطيط الاستراتيجي للمهنة؛

– صيانة المبادئ التي تقوم عليها مهنة المحاماة؛

– ضمان حرية وحصانة واستقلال مهنة المحاماة وهيئات المحامين؛

– العمل على تأهيل وتحديث مهنة المحاماة والتكوين الأساسي والتكوين المستمر للمنتسبين إليها؛

– الحرص على توحيد الأنظمة الداخلية للهيئات والتنسيق فيما بينها وتبادل الخبرات والمعلومات حول أنشطتها المهنية والنقابية والاجتماعية والثقافية والرياضية والإعلامية، واتخاذ مواقف موحدة إزاءها؛

– تقوية أواصر التضامن، وتعزيز روح التكافل الاجتماعي بين الهيئات بما يرفع الحرص على ضمان هيئات المحامين للحق في المساعدة القضائية؛

– بخصوص الاختصاصات ذات الطابع القضائي:

نرى على غرار الكثير من الزميلات والزملاء، أنه ليس من المفيد أن تكون للمجلس الوطني للهيئات اختصاصات ذات صبغة قضائية، لكون السلطة القضائية هي ملاذ جميع المواطنين والمهنيين، والقضاء حامي الحقوق والحريات، فترك الاختصاصات ذات الصبغة القضائية للقضاء فيه حفاظ على هيبته وتعزيز للثقة فيه، وتحفيف للعبء على المجلس الذي يجب أن يكرس مجهوداته لقضايا أخرى تشكل أكبر انشغالات وهواجس المحامين.

– بخصوص التمثيلية بالمجلس:

تصب معظم الآراء بهذا الخصوص في:

– ضرورة اعتماد الانتخاب كآلية وحيدة لضمان التمثيلية داخل المجلس، ولأنه لا يليق بهيئات المحامين، الحديث عن عضوية دائمة، أو مدى الحياة، لانعدام ما يبررها من جهة، ولتنافيها من جهة أخرى مع تاريخ هيئات المحامين مع الديمقراطية في شقيها الآلي والفلسفي وهي التي كانت دائما ولا زالت منارة ونموذجا يحتذى به في ممارسة الديمقراطية والاحتكام للصندوق.

– أن قمة الديمقراطية أن تكون كل هيئة ممثلة بحجمها أي اعتماد التمثيلية التناسبية مع حجم كل هيئة، باعتماد “محام عضو مقابل كل 500 محام”.

لقد آن الأوان بالفعل لأن تكون لهيئات المحامين بالمغرب مؤسسة وطنية ينص عليها القانون وينظم اختصاصاتها وتشكيلتها وليس فقط مجرد جمعية في إطار ظهير 1958 قد يبخس من مكانتها أو أهميتها أي مخاطب رسمي على الرغم من تاريخها العريق الحافل بالمحطات التاريخية والمواقف الحقوقية الجريئة وبالعمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء وحصانة الدفاع وحريته واستقلاله ونزاهته، ومن الدفاع عن المصالح العليا للوطن وعن وحدته الترابية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Categories
أعمدة الرآي

لفهم أكثر لما جاء به المبعوث الأممي ديميستورا

ذ / الحسين بكار السباعي

محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان

مترافع مدني عن قضية الصحراء المغربية.

موقف ديميستورا ياسادة ومقترحه تقسيم الصحراء ، قد يبدوا نشازا في واقع مكتسبات قضيتنا الوطنية ،لذلك لابد من التدقيق في ما جاء في قصاصة وكالة الآباء البريطانية رويترز ، فالمبعوث الأممي تحدث عن فكرة العودة لطرح سابقه جيمس بيكر ، وفي ذات الفقرة من الإحاطة إلى رفض فكرة الاقسيم مع إشارته “رغم قبول بعض الأطراف بها.”
إن موقف ديميستورا اليوم ،يبدوا مشابها لموقف جيمس بيكر ،موقف علينا أن نسائل فيه الأمم المتحدة ، خاصة في ظل مكتسبات قضيتنا الوطنية والإجماع الدولي على مقترح الحكم الذاتي ، أن نسائها عن خبرة وكفاءة وجدية مبعوثيها للنزاع المفتعل من قبل الجزائر. ولفهم أكثر لابد من الإجماع أن لكل موقف سياسي عدة معاني، فقد يكون ظاهره شيئا آخر غير باطنه، ومسار الموقف ليس المقصود به اللحظة الراهنة للحدث، أو صورته الأخيرة الظاهرة فقط، بل المقصود به المعرفة والإلمام التاريخي، والوقائع الراهنة ذات الارتباط، بالإضافة إلى الإدراك بطبيعة الشخصيات والدول الفاعلة ذات الصلة بالحدث أو الظاهرة محل التحليل.
ومنهنا وجب الانتباه إلى الإحاطة المقدمة من المبعوث الأممي ديميستورا وليس فقط الوقوف على مجرد تصريح بموقع إخباري دولي .
فإحاطة مبعوث الأمم المتحددة في الصحراء ، ضمن فيها أبعاد الخطاب الملكي الذي تقدم به جلالته أمام البرلمان و الذي خصصه للصحراء ، وذكر بالموقف المغربي الرافض لأي مقترح خارج مبادرة الحكم الذاتي ، كما أشار إلى لقاءه بوزير الخارجية المغربي ، وهذا ما تضمنه الفقرات الأخيرة من إحاطته بخصوص النزاع الإقليمي المفتعل بالصحراء المغربية.

إن كل تحليل السياسي ياسادة ، في حقل العلاقات الدولية وأدوار مبعوثي الأمم المتحدة لمختلف نقاط النزاعات والصراعات الدولية ، يتضمن شقين أساسيين، يجيب كل واحد منهما على سؤال رئيسي، ولا يمكن وضع تصور سياسي لا يجيب عنهما فلأول مرتبط بالفهم الدقيق لمسار الأحداث، الثاني مرتبط بإدراك الأسباب الدافعة لهذا الحدث.
و تتركز هذه الأدوات في إدراك البيئة السياسية الدولية ببعديها الداخلي والخارجي وما يتحكم فيها من مفاهيم وآليات تصيغ الأحداث وتُنشأ القرارت بكافة أنواعها لاسيما ما يتعلق منها بالبحث عن الحلول السياسية التوافقية للنزاعات الإقليمية .
الأمم المتحدة إستفادت من نظرية تسمى التغيير المفهومي، اي تغيير المفاهيم لدى أدمغة الناس في اطار البنية المفهومية، وبذلك قدمت لنا الأمم المتحدة ترسانة من المصطلحات، شكلت الإطار النظري الناظم لكل ما له علاقة بالصراع في الصحراء المغربية، بل أصبحنا نقرأه من خلال شبكة المصطلحات التي أرستها منظومة الأمم المتحدة، وألزمت الأطراف بالتصرف والسلوك وفقها، دون تحمل عناء مساءلتها وتمحيصها على ضوء واقعنا الحي المباشر.
من هنا سنقف على مدى توفر رغبة حقيقية لدى هيئة الأمم المتحدة لإنهاء مشكل الصحراء المغربية المفتعل ، فبالعودة لبنية الأمم المتحدة الداخلية ، فإننا نجد أن المستفيد الرئيسي من هذا الصراع الذي طال امده هي الدول الخمسة الدائمة العضوية، مع ملاحظة التطور الحاصل في الملف خاصة بعد إعتراف عضوين من مجلس الأمن بسيادة المغرب على صحرائه ،الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ، وطرف آخر يتصور أنه المستفيد من تمطيط أمد النزاع وهو الجزائر، وهنا أحيلكم أعزائي على المقولة الشعبية التي تقول : ” الفايق حاضي العايق والدمدومة قاضي غراض” وإذا ما أسقطناها في دهاليز الصراع فإننا نترجمها كتالي المغرب حاضي الجزائر والأمم المتحدة قاضية غراض.
ليقودنا السؤال عن دور مبعوثي الأمم المتحدة بالصحراء ؟و أي تأثير لهم في القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص النزاع المفتعل .
الجواب ياسادة ، على السؤوالين يقتضي منا الوقوف على ثلاث مراحل تميز تعاطي المبعوثين الأمميين ، مع النزاع بالصحراء المغربية، أولهما المرحلة التأسيسية أو “جس النبض”، وهي المرحلة الفعلية لمسار المفاوضات والتي بدأت مع تعيين جيمس بيكر ، الذي قدم مشروع الاتفاق الإطار الشهير بــ”مخطط بيكر الأول” في يونيو 2001 واقترح أيضا مخطط السلام “مخطط بيكر الثاني”، وبعدها “بيكر الثالث” أو ما يطلق عليه في سحلات الأمم المتحدة “بالحل الثالث”، والذي ثم سحبه لعدم إمكانية إعتماده كأساس للتفاوض حول هذا النزاع.
لتتبعها المرحلة الثانية، والتي إتسمت بالواقعية والعقلانية والتي بدأت مع المبعوث الأممي بيترفان فالسوم ، والذي أكد و بعد مفاوضات و اتصالات مع أطراف النزاع ، أمام مجلس الأمن في سنة 2008، أن استقلال الصحراء ليس خيارا واقعيا وهدف لا يكمن تحقيقه .
والملاحظة فإن ماخلص إليه مجلس الأمن أعلاه من خلال طرح بيترفان فالسون أتخد كتوصية تبناها مجلس الأمن في قراره رقم 1813، حيث أكد على دعمه للجهود التي يبذلها الأمين العام ومبعوثه الشخصي، ودعا الأطراف إلى مفاوضات مكثفة وجوهرية والتحلي بالواقعية .
لتأتي مرحلة كريستوفر روس، الذي سحبت منه الرباط الثقة بعد انحيازه الواضح وغير المسبوق ودعمه الأطروحة الانفصالية.
وليحل محله المبعوث الأممي هورست كوهلر، لكن وفي أقل من سنة تقريباً على تعيينه ،إرتكب بدوره خطأ عدم إلتزام الحياد ،الأمر الذي عجل بتقديم إستقالته والتي إعتبرها البعض أنها كانت أقرب إلى الإقالة.
ديميستورا وقع في نفس خطأ سابقيه ليس فقط في عدم إلتزام الحياد حينما زار جنوب إفريقيا ، بل أعادنا سنوات إلى الوراء،من تاريخ نزاع الصحراء المغربية المفتعل ، وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الحالة في الصحراء الصادر بتاريخ 19 فبراير 2002، والذي أفاد بأن الجزائر وجبهة البوليساريو مستعدتان للمناقشة والتفاوض حول تقسيم الإقليم كحل سياسي للنزاع على الصحراء، أي خلال فترة المبعوث الأممي جيمس بيكر ،المقترح المرفوض طبعا والمستحيل التنزيل على واقع النزاع .

ختاما يا سادة ، يشكل بعد الصراع السياسي الإقتصادي ، من خلال الإستعراض السابق لمبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة ، وإحاطة ديميستورا ، ومواقف سابقيه من نزاع الصحراء ،وطبيعة علاقتهم بأطراف النزاع ، ومحيطه العام الإقليمي والدولي ، جزءا مهما فيما يقع اليوم في الأمم المتحدة، وقد يكون المحرك الرئيسي في المد التوسعي أو في إشعال فتيل الحروب و هو بعد الإقتصاد السياسي.
ومع ذلك فإن حصر التحليل السياسي على جانب الإقتصاد السياسي، دون غيره من أدوات التحليل يعتبر خللا سياسيا ، فثمة دوافع أخرى تحرك الإنسان فضلا عن الإقتصاد ، خاصة عند النظر لسياسات الدول الكبرى التي تتحرك بحزمة من الدوافع والمؤثرات.
فمع كون محرك الإقتصاد السياسي حاضرا في الأحداث إلا أن هذا لا يعني أن يكون هو الذي يحدد الموقف النهائي في التحليل السياسي ، فالأحداث السياسية قد يتحكم فيها الموقف المصلحي السياسي ، والصراع تتقاسمه عدة محركات، منها الإقتصاد ومنها الإرتباط التاريخي وغير ذلك من الدوافع.
وبالجمع بين البيئة الداخلية للأمم المتحدة والبيئة الدولية، وإسقاطهما في قالب المنطقة والأطراف المعنية، فإننا نقف على أن تقرير المصير سائر في طريق حكم ذاتي يمنح للمغاربة الصحراويين على إقليم الصحراء ، و في إطاره سيتمكنون من تدبير شؤونهم المحلية في مختلف المجالات،تحت سيادة المملكة المغربية.
هذا التصور على “أيديولوجيا الوحدة الترابية”، وعلى أساسه يتحقق التفاف شعبي، يحافظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني المطلوب .

Categories
جهات

تقريب القضاء من المتقاضين وتيسير الولوج إلى العدالة

الأستاذ يوسف عبد القاوي

محام، عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء.

في خضم الجدل المتصاعد حول مضامين مشروع ق.م.م يبقى استحضار مبدأ تقريب القضاء من المتقاضين، وتيسير الولوج إلى العدالة باعتباره أحد مقومات تحقيق المحاكمة العادلة، أمرا بديهيا على اعتبار أنه موضوع ذي راهنية مستمدة بالأساس من سياق التحولات التي تعرفها بلادنا، ومن النقاش الحالي حول مشروع القانون 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، هذا المشروع الذي تم التصويت عليه في الجلسة العامة بمجلس النواب، على الرغم من أنه تم إعداده في تجاهل تام للمنهجية التشاركية، أو تشاركية صورية وشكلية فقط لم يلتفت من خلالها مهندسوا هذا المشروع إلى آراء ووجهات نظر المتدخلين والفاعلين المباشرين وهم المحامون، والأكثر من ذلك لم تعمل على ملائمة مواده مع مقتضيات دستور المملكة، ومبادئ حقوق الإنسان، خاصة وأن هذا المشروع جاء بعيدا عن روح توصيات ميثاق إصلاح العدالة وتوصيات النموذج التنموي الجديد، ولاسيما تلك التي تؤكد على أهمية جعل القضاء في خدمة المواطن، وعلى أهمية تيسير ولوج المواطنين إلى القضاء، وتوسيع مجال المساعدة القضائية وتقنين المساعدة القانونية، وتحسين أداء المحاكم، والرفع من وتيرة البت في الملفات وتكريس أسس المحكمة الإلكترونية.

لذلك وجد المحامون أنفسهم مجبرون على التوقف عن ممارسة كل مهام الدفاع إلى إشعار آخر دفاعا عن رسالة المحاماة وحق المجتمع المقدس في الولوج إلى العدالة وفي الدفاع كصرخة واعية رافضة لجميع أشكال المس بمهنة المحاماة وبالمحاولات اليائسة لتحجيمها وتقزيمها.

والأدهى والأمر من كل ما سبق ذكره أن مشروع ق.م.م يحمل بين مواده ونصوصه مقتضيات تذهب في الاتجاه المعاكس تماما لمبدأ تقريب القضاء من المتقاضين، ولا تساهم في تيسير ولوج المواطنين للعدالة، بل تقيد هذا الحق وتفرمله من خلال المقتضيات المرتبطة بالغرامات، فضلا عن التراجع الخطير على أهم مكتسبات المواطن المغربي وهو التقاضي على درجات، كما أن هذا المشروع للأسف لم يجسد الإرادة الملكية السامية التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرُه الله في خطابه التاريخي لـ 20 غشت 2009، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، الذي دعا من خلاله الحكومة إلى الشروع إصلاح القضاء في ستة مجالات ذات أولوية، منها الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة، وهذا ما يقتضي بالأساس تسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات، وتنفيذ الأحكام، وتأهيل القضاء ليواكب التحولات الوطنية والدولية، ويستجيب لمتطلبات عدالة القرن الحادي والعشرين، تم الاستجابة لحاجة المواطنين الملحة في أن يلمسوا عن قرب، وفي الأمد المنظور، الأثر الإيجابي المباشر للإصلاح.

ومن جهة أخرى فإنه إذا كان، ولازال، هاجس السلطات العمومية هو تشجيع الاستثمار من أجل خلق مناصب شغل جديدة تخفف من حدة البطالة، فقد تبث أن ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا عن طريق تقديم ضمانات قانونية للمستثمر، المحلي والأجنبي، الذي بات يفضل الضمانات ذات الطابع القانوني والقضائي على الامتيازات ذات الطابع الاقتصادي والجبائي.

وفي هذا الإطار، ولنكن صرحاء، فقد عملت الدولة، ولازالت تعمل، من أجل تطوير ترسانة القوانين وجعلها أكثر مرونة، وفي نفس الوقت تقوية البنية التحتية القضائية، وعرصنة وتحديث المحاكم، وتشجيع وتقنين الوسائل البديلة لفض النزاعات.

كما أن راهنية النقاش حول موضوع تقريب القضاء من المتقاضين تجد أيضا سندها ومبررها في هاجس توفير خدمة قضائية قريبة من المتقاضي، داخل آجال معقولة، مع ضرورة تحقيق الجودة والسرعة والفعالية في المنتوج القضائي.

ويحضر هذا الموضوع بقوة، من جانب آخر، ضمن أجندة الفاعلين الدوليين في مجال حقوق الإنسان، كما يؤكد ذلك، على سبيل المثال، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بالتمكين القانوني للفقراء، ومختلف برامج هيئة الأمم المتحدة للمرأة المتعلقة بدعم ولوج النساء إلى العدالة، وإعلان لجنة الحقوقيين الدولية في 12 دجنبر 2012 المتعلق بالولوج إلى العدالة والحق في الاستئناف ضمن الأنظمة الدولية لحقوق الإنسان، وأشغال الفيدرالية الدولية لعصب حقوق الإنسان حول الضحايا والولوج إلى العدالة، وكذا أعمال المنظمة غير الحكومية “وورلد جاستيسبروجكت” عن مؤشر احترام القانون والولوج إلى العدالة.

وقد عكس قانون التنظيم القضائي الجديد من جهته هذا النقاش، وحسم الأمر تقريبا باتجاه توفير خدمة قضائية قريبة من إقامة المتقاضي، وأنه، في سبيل ذلك ألغى تقريبا تجربة التخصص التي عرفها المغرب لمدة طويلة في المجالين الإداري والتجاري، إلا أنه يمكن اختزال مبدأ تقريب القضاء من المتقاضين في حدود تقريب بنايات المحاكم من المتقاضين، على أهمية التدبير، فالمفهوم أشمل وأوسع.

وقد حاول المشرع المغربي أن يقرب القضاء المدني وظيفيا من المتقاضين وذلك عبر إيجاد آليات قانونية تسمح بتصنيف القضايا إلى قضايا كبرى وأخرى أقل أهمية، بحيث جعل الأولى من اختصاص قضاء القرب المنظم بمقتضى القانون رقم 42/10 الذي يختص بالنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم، عدا النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والإفراغات، وجعل المسطرة أمام قضاء القرب شفوية ومجانية عبر جعلها معفاة من الرسوم القضائية بخصوص الطلبات المقدمة من طرف الأشخاص الذاتيين، وأما باقي القضايا المدنية فقد جعلها المشرع من اختصاص المحكمة الابتدائية بمقتضى الفصل 18 من ق.م.م.

وأما القضايا الإدارية فقد جعلها المشرع من اختصاص القضاء الإداري المحدث بمقتضى القانون رقم 41.90، بحيث تختص هذه المحاكم كما تنص على ذلك المادة الثامنة من قانون إحداث المحاكم الإدارية، ومع مراعاة أحكام المادتين 9و11 من نفس القانون.

وتجدر الإشارة إلى أنه من حسنات مشروع ق.م.م أنه قد جمع شتات النصوص القانونية المؤطرة لهيكلة واختصاصات مختلف المحاكم المتخصصة، بمعنى أننا سنكون أمام نص قانوني واحد ينظم المساطر أمام مختلف المحاكم عوض اللجوء إلى نصوص قانونية، كانت ولا تزال، مشتتة عبر الزمان.

كما أنه أخد بعين الاعتبار مجموعة من المستجدات على مستوى العمل القضائي، وتوصيات الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة وكذا المستجدات المرتبطة بالاختصاص الترابي للمحاكم التي تحمي المتقاضي باعتباره مستهلك لمنتوج العدالة.

مقومات الولوج إلى العدالة:

يمكن اختزال مقومات الولوج إلى العدالة في تقريب بنايات المحاكم من المواطن، وتطوير نظام المساعدتين القضائية والقانونية، تقوية دور الدفاع ومقومات أخرى.

تقريب المحاكم من المتقاضين:

عملت الدولة جاهدة على تنزيل هذا الهدف الكبير، والتحدي الجدي، لملاءمة التقطيع القضائي مع التقطيع الجهوي لتصبح الجهات الاثني عشر تتوفر على محكمة استئناف على الأقل وفي هذا السياق يأتي خلق محكمة استئناف بمدينة كلميم باعتبارها المدينة الرئيسية بجهة كلميم واد نون.

إصلاح نظام المساعدة القضائية وتنظيم المساعدة القانونية:

 

لعل إصلاح نظام المساعدة القضائية وتنظيم المساعدة القانونية يعدان أبرز مداخل الولوج إلى العدالة تماشيا مع المستجدات التي جاءت بها مقتضيات الدستور الجديد، وتوصيات الحوار الوطني حول إصلاح العدالة، والتزامات المغرب على الصعيد الدولي، البناء على التراكمات في ما يتعلق بإكراهات تطبيق المساعدة القضائية.

ما يمكن الوقوف عنده في هذا الإطار يتمثل بالأساس في جهل معظم المتقاضين بنظام المساعدة القضائية، وهو ما يحرمهم من الاستفادة بهذا الحق الذي يخوله القانون، فضلا عن كون نظام المساعدة القضائية المعمول به هو نظام معقد لا يساعد على استفادة المتقاضين المعوزين منه.

فليس من الضروري أن يكون الإنسان متخصصا في القانون لكي يلمس وجود إشكالية في النص القانوني المرتبط بالمساعدة القضائية، إذ بين الجهل بالقانون المنظم لها، وبين التلاعب الذي يلجأ إليه بعض المتقاضون للاستفادة منها بطرق غير مشروعة، يوجد نظام المساعدة القضائية أمام محك عدم الاهتمام به.

وحتى التجربة إلى غاية يومه في المادة الجنائية فقد أثبتت محدوديتها والسبب بالأساس يرجع إلى التأخر غير المعقول ولا المقبول في حصول الدفاع على الأتعاب بمثابة مصاريف خاصة المحامين الشباب مما يجعل معظمهم غير مبالين بها نظرا لغياب التحفيز على الرغم من المبالغ المهمة المرصودة لها، والقابلة للرفع كل سنتين.

وقد تبنت حديثا الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24 شتنبر 2012، وعبرت عن عزمها العمل على ضمان “حق الجميع، بمن فيهم الأفراد المنتمون إلى فئات مستضعفة، في اللجوء إلى العدالة على قدم المساواة”.

كما أن قرار الجمعية ذاتها حول حقوق الإنسان في المنظومة القضائية المتبنى في 16 نونبر 2012 ألح من جانبه بشكل خاص على جانب متعلق جوهريا بالولوج إلى العدالة، هو الحصول على خدمات المساعدة والاستشارة القانونية.

وفي نفس الاتجاه، حث إعلان جوهانسبرغ حول تطبيق مبادئ الأمم المتحدة وتوجيهاتها بشأن سبل الحصول على المساعدة القضائية في نظم العدالة الجنائية (26 يونيو 2014)، الدول على إدماج الولوج العادل إلى العدالة والحصول على المساعدة القانونية ضمن أهداف برنامج التنمية لما بعد 2015.

 

صعوبات الولوج إلى العدالة:

تبقى صعوبة الحصول على المعلومة، وارتفاع الرسوم القضائية، واستمرار المسطرة الشفوية، وعدم إلزامية الدفاع في بعض المساطر، وعدم الدراية بسير أطوار القضية، وبطء المسطرة، وصعوبة التتبع الإلكتروني للقضية، أتعاب الدفاع…إلخ. أبرز الصعوبات التي تواجه المواطنين أثناء ولوجهم للعدالة منها ما تم تجاوزه، أو تجاوز جزء منها، ومنها ما يحتاج إلى نقاش هادئ وبناء.

أما بالنسبة العوائق التي تحد من فعالية الحق في الولوج إلى العدالة كمحدد أولي من محددات المحاكمة العادلة، فقد يمكن اختزالها في المصاريف القضائية المرتفعة، والتي لا تتناسب مع دخل العديد من المواطنين والتعقيدات المرتبطة بالاستفادة من المساعدة القضائية وغياب إطار قانوني للمساعدة القانونية.

على أن أهم عائق قانوني يرتبط بحق الولوج إلى العدالة المغربية، في نظرنا، يبقى هو تعقد المساطر القانونية، وعدم تعميم إلزامية التقاضي بواسطة محام، لأن غير ذلك يؤدي إلى انعدام الشعور بالأمان داخل المحاكم، والسقوط أحيانا في يد السماسرة، وأحيانا التخوف والعدول عن الولوج للعدالة من أجل حماية الحق الشخصي أو الجماعي، وهذا طبعا يدخل في إطار انعدام ضمانات المحاكمة العادلة، لأن هذه الأخيرة كما هو معلوم مفهوم شمولي يبدأ من التشريع القانوني إلى تسيير سبل اقتضاء الحق بشكل سلس، وسلامة الإجراءات أثناء سريان الدعوى والحكم فيها وضمان الطعون، والتقاضي على درجات دون قيد أو شرط، وكذا فعالية التنفيذ حينما يصير الحكم نهائيا. فكل هذه المراحل جزء لا يتجزأ من المحاكمة العدالة.

 

الشروط الأساسية للمحاكمة العادلة ودورها في تحفيز المتقاضي للولوج إلى العدالة:

 

إن إصلاح منظومة العدالة لا يمكن أن يتأتى إلا عبر تقوية الموارد البشرية، والبيئة المؤسساتية والأخلاقية وتقوية دور المحامون باعتبارهم من يلعب الدور الرئيسي في منظومة العدالة عبر المساهمة في تحقيق العدالة.

كما أن تبني سياسة للقرب القضائي أضحت مطلبا ملحا في عز النقاش حول التعديلات، وفي ظل المفهوم الجديد للعدالة والذي أسست له المرجعية الملكية سنة 2010، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لشهر أكتوبر2010 .

لقد سبق وأن عبر جلالة الملك، غير ما مرة، عن رغبته في المنظومة القضائية، عبر ترسيخ “المفهوم الجديد للعدالة،” بجعلها أكثر قربا وخدمة للمواطن، وتوطد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق، وعمادا للأمن القضائي، والحكامة الجيدة، ومحفزا للتنمية، وهكذا وبمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لسنة 2010 أسس جلالة الملك مفهوما جديدا لإصلاح منظومة العدالة: “القضاء في خدمة المواطن”. لعموم اللفظ، وإلزامي المبدأ لكل سلطات الدولة وأجهزتها.

وقد كانت، ولا زالت، الغاية القصوى المتوخاة من جعل “القضاء في خدمة المواطن” قيام عدالة قريبة من المتقاضين، وبسيطة في مساطرها، ومعقلنة في سرعتها، ونزيهة في أحكامها، وحديثة في هياكلها، وكفاءة وتجرد قضاتها، ومحفزة للتنمية وملتزمة بسيادة القانون، وبإحقاق الحقوق ورفع المظالم.

وقد أكد جلالة الملك أيضا في الخطاب الملكي السامي ليوم 09 مارس 2011 على أهمية الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، إلى جانب تعزيز صلاحيات المجلس الدستوري، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه.

العمل على تسريع وتيرة معالجة القضايا:

يقال أن العدالة البطيئة ظلم، لذلك بات من الواجب والمستعجل ونحن في مرحلة إعادة نظر جدرية في الترسانة القانونية المرتبطة بالمساطر أمام المحاكم أن يتم وضع مقتضيات بمشروعي المسطرتين المدنية والجنائية، تمكن من البت في القضايا داخل أجل معين، مع إحياء اللجان الثلاثية، وتيسير التواصل مع باقي الفاعلين في الحقل القضائي لترشيد الزمن القضائي، ودعم التواصل بين المسؤولين القضائيين وكتابة الضبط، والقضاة، والمحامين، والخبراء وباقي مساعدي القضاء، للوقوف على حاجيات المحاكم وتدليل الصعوبات التي تعترض سيرها سواء على مستوى التجهيز والموارد البشرية وتوحيد العمل القضائي بها والإجراءات وغيرها، والتبني الواضح والصريح للتبليغ الإلكتروني والاستثمار أكثر في ورش رقمنة المحاكم والإجراءات القضائية ودعم الهيئات قصد خلق منصات إلكترونية متطورة.

إن الفرصة مواتية جدا لتنزيل الإرادة الملكية من خلال تشريع يخدم المواطن وليس جهة أخرى، تشريع ينهل من مدارس وتجارب دول رائدة في الديمقراطية واحترام الحرية، تشريع يقوي مكانة الدفاع، وييسر الولوج إلى العدالة وليس تشريع يقيد هذا الحق ويفرمله بالتنصيص على غرامات، والترا

جع عن المكتسبات، لعل أقلها التقاضي على درجات.