Categories
أعمدة الرآي جهات

تمصلوحت: استغلال أراضي الأحباس يثير تساؤلات

ابراهيم افندي

تشهد جماعة تمصلوحت، وبالتحديد دوار عوينة معزوزة، حالة من الترامي على أراضي الأحباس، حيث أصبح استغلال هذه الأراضي مستباحًا من قبل بعض الأفراد. فقد أقدم أحد نواب رئيس مجلس مقاطعة المنارة على بناء قصر فوق أراضي الأحباس، باستخدام نفوذه وطرق ملتوية، بالإضافة إلى إنشاء بئر ومرافق أخرى.

وفقًا للمعطيات المتاحة، تقدم المعني بالأمر بوثائق للحصول على ترخيص لاستغلال البناية للأعراس والمناسبات، رغم أن هذه الأراضي وُقفت لخدمة الشأن الديني والعقدي، مما يثير تساؤلات حول احترام الحرمات وثوابت الأمة.

تتحدث مصادر مطلعة عن وجود شبهات تحيط بالعقود المقدمة لتسوية أوضاع هذه الأراضي، مما يزيد من القلق بشأن كيفية تمكن عضو جماعي من استغلال نفوذه والتعاون مع مسؤولين نافذين في التعمير لتحقيق مآربه.

تطرح هذه القضية تساؤلات حول دور السلطات المحلية في مراقبة هذه الخروقات، خصوصًا أن هذه الأفعال معروفة لدى ورثة مولاي الحاج. كما أنه من غير الواضح لماذا لا يتحرك ناظر الحوز للتصدي لهذه التجاوزات. يتطلب الوضع الحالي وقفة جادة من الجهات الوصية لحماية أراضي الأحباس وضمان احترام القوانين.

Categories
أعمدة الرآي

مقهى زنقة لبنان: تساؤلات حول الالتزام بالقوانين

ابراهيم افندي

في شارع زنقة لبنان، يلفت الانتباه مقهى معروف بتقديم الشيشة والخمور، رغم سحب رخصة بيع الخمور منه. صاحب المقهى يدعي أنه يمتلك نفوذاً يسمح له بالتنبؤ بمواعيد زيارات لجان المراقبة، مما يتيح له فرصة إغلاق المقهى قبل أي مداهمة.

تظهر المعطيات أن المقهى لا يزال يُقدم الخمور بشكل سري، مما يثير تساؤلات حول مدى فعالية الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المحلية في مراقبة مثل هذه المنشآت. كما أن إغلاق مقهى آخر في السابق لنفس الأسباب يبرز تحديات أكبر تواجهها الجهات المختصة في تطبيق القوانين.

تستدعي هذه الحالة التفكير في أهمية تعزيز الرقابة والتفتيش لضمان التزام جميع الفاعلين بالقوانين المعمول بها، وبالتالي حماية المجتمع من أي تأثيرات سلبية قد تنجم عن مثل هذه الأنشطة.

Categories
أعمدة الرآي

هيئة حقوقية تتبنى الدفاع عن الرموز الوطنية والمرأة المغربية

ايوب خليل

في سابقة من نوعها، قامت الأسرة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الرشوة بتنظيم وقفة احتجاجية تزامناً مع افتتاح السنة القضائية باستئنافية بني ملال. وقد جاءت هذه الوقفة كتعبير عن رفض الهيئة لمتابعة كل من ينشر ادعاءات كاذبة على المؤسسة الملكية والشعب المغربي، حيث طالبت بعدم توسيع دائرة الحفظ بالنسبة للشكايات المتعلقة بناشري محتويات تمس بالمؤسسة الملكية والتنمر على رموزها.

حظيت هذه الوقفة باهتمام السلطات القضائية بمدينة بني ملال، حيث أكدت الهيئة الحقوقية على ضرورة عدم المساس بملك البلاد والشعب المغربي والقضاء. كما دعت الهيئة إلى الزام كتابة الأبحاث القضائية للمتقاضين أو المتهمين حسب ما ينطق به القاضي، دون تحويل من الدرجة إلى اللغة العربية.

Categories
أعمدة الرآي مجتمع

تأملات في علاقة الإنسان بالطبيعة

عبد الله بن أهنية

Reflections on man’s relationship with nature

في خضم حديثي مع أحد أصدقائي ونحن ملتفين حول صينية الشاي المغربي الأصيل، نتجاذب الحديث حول التغيرات المهولة التي طرأت على العالم في السنوات الأخيرة في مناحي شتى في حياتنا، لم نجد بُداً من أن نركز على أهمية تقاليدنا العريقة وطقوس الأعياد التي عهدناها والتي تعتبر جزءاً من موروثنا الثقافي والاجتماعي الغني. كما أننا لم نجد بُداً حينها من أن نًعرّج أيضاً على موضوع إعادة النظر في علاقتنا بالطبيعة وضرورة نشر ثقافة إعادة تدوير بعض المواد المستهلكة(Recycling) بدلاً من الاسراف والتبذير فيها، وأن مفهوم ثقافة إعادة التدوير ذلك قد أصبح ضرورة للحفاظ على توازن النظام البيئي. فهل قضية التغيير تلك التي طرأت على مجتمعات كثيرة وأصبحت جلية في نمط العيش لدى البعض، والشغف في اقتناء كل ما هو جديد هي مجرد ميول وتصورات فردية تعكس أساليب الحياة المتلونة والغريبة أحياناً في هذا العصر، أم هي واقع ملحوظ وملموس قد أصبح يُحس به الكل ويلمسه بشكل يومي كلّ من له إحساس أو ذوق سليم. وقد يعزو البعض ذلك إلى التغيير الحاصل في ثقافات البشر وطريقة تعايشهم مع الطبيعة إلى مدى اهتمامنا بثقافتنا ومدى تعلقنا بالحفاظ على موروث أجدادنا واستمراريته عبر الأجيال كي نعيش في سلم وسلام. غير أن مفهوم الثقافة رغم تجدره في عمق تاريخ الشعوب، فقد يطاله التغيير لتصبح مقوماته خاضعة لنظرة وسلوك الأفراد داخل المجتمع وإلى ما يطمح إليه الفرد أو الأسرة، إذ نجد من هو متمسك بتلك الأعراف والطقوس الموروثة، ومن هو مجرد مقلد يحب أن يقتني أو يطارد كل ما هو جديد. وبالنظر إلى مسار الأمور، فإننا نلاحظ بأن هنالك أحياناَ خلط بين مفهوم الثقافة والحضارة: فالثقافة في نظر بعض الباحثين، هي أقدم من الحضارة، أي أن الثقافة بدأت عندما بدأت اللغة، وربما كان ذلك منذ أكثر من مليون سنة، في حين أن الحضارة بدأت عندما بدأت الزراعة، ربما ليس قبل أكثر من عقود طويلة مضت. ومن جهة أخرى، فإن نقيض الثقافة إذن هو الموت و”الفناء”. في حين أن عكس الحضارة هو “البربرية والهمجية”.(مقتبس في لافاييت La Fayette، 1976، ص 22).

علاقة الإنسان بالطبيعة: معايير مزدوجة:

يرى كثير من الباحثين بأنه في علاقتنا دائمة التطور مع العالم الطبيعي، تجد البشرية نفسها عند منعطف حرج؛ فقد أدى الاستخدام العشوائي للسموم وغيرها من المبيدات في ميادين الزراعة بغية القضاء على الحشرات وإزالة الأنواع الرئيسية من موائلها إلى الإخلال بالتوازن الدقيق للنظم البيئية في بقاع شتى في هذا العالم. كما يرى البعض بأن عواقب هذه التصرفات، التي نعتقد بأنها ستوفر لنا سبل الراحة بالقضاء على تلك الكائنات، يتردد صداها إلى ما هو أبعد بكثير مما قد نتصوره في البداية، مما يسلط الضوء على الترابط البديع والمعقد بين جميع الكائنات الحية على كوكبنا. هذا الترابط العجيب بين جميع المخلوقات والكائنات وكيف يخدم بعضها البعض، يبين بشكل جلي عظمة الخالق سبحانه، بحيث لا زالت البشرية برمتها إلى يومنا هذا عاجزة على فهم خيوط ذلك الترابط بأكمله. وكمثال على ذلك، فإن قصة طائر البوم المبهر، وأهمية وجود بعض فصائل الذئاب في الغابات والبراري، على سبيل المثال لا الحصر، وفي النظم البيئية للغابات على وجه الخصوص، وكذلك الأدوار المعقدة التي تلعبها الديدان والحشرات والذباب والنحل والحيوانات البرية والزواحف بأشكالها وأنواعها، تؤكد الحاجة الملحة إلى تحول نموذجي في نهجنا تجاه الطبيعة. فهل نحن نستفيد حقًا من إبادة أمم من الزواحف والحيوانات بشكل مباشر وغير مباشر، أم نحن نسيء إلى أنفسنا بطريقة مباشرة وغير مباشرة في آن واحد؟

طائر البوم: بطل الطبيعة المجهول:

ورد عن المفكر الإسلامي مصطفى محمود بأن طائر البوم، الذي غالبًا ما يتم تجاهله، يقدم خدمة لا تقدر بثمن للمزارعين منذ آلاف السنين من خلال استهلاك آلاف الفئران سنويًا. وهذه الخدمة المجانية لا يقدر أهميتها إلا المزارعون أنفسهم، لما يعرفونه عن الخسائر المادية التي يمكن أن تحصل بسبب وجود كميات هائلة من الفأران في فدادينهم. ولا تفيد هذه الآلية الطبيعية لمكافحة الآفات الإنتاجية الزراعية فحسب، بل تقلل أيضًا من الاعتماد على المبيدات الحشرية الضارة. وبالنظر إلى التكوين الطبيعي لطائر البوم، والخاصيات المهولة التي حباه الله عز وجل بها، فلا يسعنا إلا أن نقول سبحان الخاق. فهذا الطائر العجيب لا يخرج ولا يصطاد إلا بالليل ولا يخرج بالنهار إلا ناذراً، وإن خرج، فإن جميع أشكال العصافير والطيور الأخرى تلوذ بالفرار من حواليه، وقد لاحظت هذا بنفسي عندما كنت أتجول في إحدى المنتجعات في مدينة “كيسيمي” Kissimmee بولاية فلوريدا الأمريكية، حيث لاحظت وجود طيور البوم وهي من البلاستيك تقف قابعة على أعمدة خشبية قديمة في كل زاوية من المنتجع وفي وسطه قرب وادي اصطناعي، فأخبرني أحد المسؤولين هناك بأنهم وضعوها خصيصاً لكي تفر كل الطيور من حواليها وبذلك لن تتسخ ممرات المنتجع بمخلفات العصافير !!!

ومن الملاحظ أن هذا الطائر العجيب قد حباه الله تعالى بحدة نظر وكمّ هائل من العدسات خارقة للعادة تمكنه من رؤية كل الزواحف في جنح الظلام الشديد ومن مسافة بعيدة. أما فيما يخص أجنحته فهي مكسوة بريش مركب بشكل عجيب وكاتم للصوت بشكل خارق للعادة أيضاً. فيمكن للبوم أن يهوي على فريسته بشكل أفقي دون أن يحدث أي صوت خلال الطيران أو النزول وبسرعة فائقة، فلا يفلت فريسته. ومع كامل الأسف، يمكن أن يؤدي اختفاء طيور البوم بسبب تدمير الموائل أو التدخل البشري بشتى أنواعه إلى عواقب مدمرة على إنتاجية المحاصيل والتوازن البيئي.

ومن خلال إدراك العلاقة التكافلية بين طيور البوم والزراعة، فإننا نعترف بالقيمة المتأصلة في الحفاظ على الأنواع المتنوعة داخل النظم البيئية وما تقدمه تلك الطيور من خدمات جليلة للمزارع، الذي لا يمتلك ثمن المبيدات، في جنح الظلام عندما يخلد هذا الأخير إلى النوم، ويستيقظ البوم مع غروب الشمس ليباشر عملية الصيد الليلية ليكون عامل الليل الوفي الخدوم، فيملأ صدى نعيقه المخيف فضاء البوادي ويخدش صمت وسكون الليل البارد.

الذئاب: حراس النظم البيئية للغابات:

دعنا نأخذ مثالاً آخر لنكتشف بعض الأسرار في علاقة الحيوانات بالطبيعة ومدى دقة أساليب العيش والتعايش بينها وبين الانسان أيضاً. وبما أن الانسان قد سخر له الله تعالى كل ما في هذا الكون، فلا ضرر من أن يأخذ عن بعض هذه الكائنات شيئا من الحكمة ونظام التعامل والسلوك في إطار الجماعة. وفي هذا الصدد، كتبت الباحثة ياسمين عزت مقالاً رائعاً نشر في مجلة “البوابة” بتاريخ26 يوليو 2017 ، حيث تقول:

“تردد في القصص والروايات وعلى لسان أجدادنا، أن الذئب حيوان شرس، وارتبط اسمه بالخوف والذعر لما يتسم به من سمات الغدر والخيانة والخبث التي أوقعت في أنفسنا كراهية له…

لكن هناك معلومات قد لا تعلمها عن الذئب، كلها تشير لوفائه وعزة نفسه وقوته وحسن سلالته تميزه عن باقي الحيوانات، لم تذكرها القصص والروايات بل ركزت على غدره وصفاته الكريهة التي أورثتنا احتقاره والخوف منه، هذا لا يعني أن نتعايش معه، ولكن على الأقل ربما تكون صفات يتعلم منها الإنسان.

يعد الذئب من السباع ومن سلالة الملوك، كما أنه لا يأكل الجيفة.

الذئب يختلف عن باقي الحيوانات فهو لا يقرب زواج المحارم، أي لا يتزوج بأمه أو أخته.

الذئب يتميز بالوفاء مع زوجه “وليفته” ولا يتزوج سوى وليفته، فهو لا يخونها مع أخرى، وفي المقابل فإن أنثي الذئب لا تخون زوجها فهما يتبادلان الحب والوفاء ما داموا على قيد الحياة، والذئاب تعرف أبناءها حيث يولدون من أم واحدة وأب واحد.

تصاب بالتعجب والدهشة عندما تعلم أن الذئاب تقيم حدادًا كبني البشر عند الموت، ففي حالة موت أحد الزوجين من الذئاب، يقام حداد من قبل من تبقي على قيد الحياة، وتكون فترة الحداد لا تقل عن ثلاثة أشهر، وقد تستمر مع البعض لقرابة سنة كاملة، وفي حالات التعلق والوفاء الشديدين يقدم المتبقي من الزوجين “الذئاب” على الانتحار لأنه يفضل الموت على البقاء وحده دون وليفه.

كما يلقب ابن الذئب بالابن البار، لما يتحمله من مشاق تجاه والديه خاصة عندما يصلون لمرحلة عمرية متقدمة “الشيخوخة”، ولم يستطيعوا مجاراة القطيع من الذئاب، ويظلون ماكثين بأوكارهم، فيلجأ لصيد الفرائس بدلا عن أبويه وتوفير الطعام لهما.

عندما يرغب الذئاب من الإناث أو الذكور في الزواج، فإن قانون القطيع يوجب عليهم ترك القطيع والبحث عن قرين من قطيع آخر كما يتم تحديد منطقة أخرى خاصة بالزوجين الجدد لإنشاء عائلة خاصة بهما، حيث يعتبر الأبوان أن زيجة جديدة تعد مزاحمة لهما في قيادة القطيع.

نظام السير في قافلة الذئاب على النحو التالي:

كبار السن أو المرضى وعددهم ثلاثة، وهم يسبقون القطيع لتحديد سرعة السير وبينهم وبين باقي القطيع مسافة، ويعد تقدمهم على البقية تضحية بالنفس في حين الخطر. وفي المؤخرة تأتي بقية أفراد القطيع والذين يقوم بحراستهم خمسة آخرون؛ أقوياء يقومون بحراستهم من الخلف. والذئب الذي يسير خلفهم ويكون آخرهم هو “رئيسهم” كما يقوم بتوجيه القطيع ويتحكم في مسارهم، ويحافظ عليهم في حالة أي هجوم مفاجئ أو اعتداء”. )المصدر السابق .(

وبالعودة إلى موضوعنا، يمكن القول بأن إعادة إدخال الذئاب إلى النظم البيئية حيث تم القضاء على العديد منها سابقًا، واستخدم فروها للتجميل والديكور وبأثمنة باهظة، يكشف عن دورها الذي لا غنى عنه في الحفاظ على الانسجام البيئي. وهكذا، يرى علماء الطبيعة بأن الذئاب تنظم أعداد الفرائس، وتمنع الرعي الجائر وتحافظ على الغطاء النباتي، وبالتالي تعزز التنوع البيولوجي الطبيعي في شتى بقاع الأرض.

وتبعاً لذلك، تشير الدراسات إلى أن غياب الذئاب من بعض البقاع أو الأماكن يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية متتالية، مثل زيادة أعداد الغزلان والأضرار اللاحقة بالنباتات. وبالتالي، فإن استعادة أعداد الذئاب لا يؤدي إلى تنشيط النظم البيئية فحسب، بل يؤكد أيضًا على الترابط بين الأنواع داخلها.

وللإشارة، فقد تمت دراسات لفهم التأثير البيئي للذئاب على النظم البيئية للغابات، وخاصة فيما يتعلق بدورها في السيطرة على تجمعات الحيوانات العاشبة، وبالتالي التأثير بشكل غير مباشر على المجتمعات النباتية، على نطاق واسع. وفي إحدى الدراسات الرئيسية التي سلطت الضوء على هذا الموضوع أجراها علماء البيئة روبرت إل بيشتا وويليام جيه ريبل Robert L. Beschta and William J. Ripple ، ونشرت في مجلة “علم البيئة” Ecology في عام 2012، فقد بحثوا في الآثار البيئية لإعادة إدخال الذئاب إلى حديقة يلوستون الوطنية Yellowstone National Park في عام 2012 بالولايات المتحدة. وقد وجدت الدراسة أن وجود الذئاب أدى إلى سلسلة من التغيرات البيئية، بما في ذلك انخفاض عدد الأيائل أو الغزلان (الفريسة الأساسية للذئاب) والتغيرات اللاحقة في سلوك الرعي للأيائل. وبعبارة أخرى، فإنه نتيجة لانخفاض ضغط الرعي لدى الأيائل أو الغزلان، تغيرت وفرة وتوزيع الأنواع النباتية داخل الحديقة. وعلى وجه التحديد، لوحظ انتعاش أشجار الصفصاف والحور الرجراج، التي كانت الأيائل أو الغزلان ترعى عليها بكثافة في غياب الذئاب. كما سلط هذا البحث الضوء على أهمية تواجد الحيوانات المفترسة مثل الذئاب في الحفاظ على توازن النظام البيئي والتنوع البيولوجي. في حين تم افتراض ودراسة تأثير الذئاب على المجتمعات النباتية قبل هذا البحث، وعلى سبيل المثال، فقد قدمت دراسة يلوستون Yellowstone study أدلة تجريبية قوية على هذه العلاقات البيئية في بيئة العالم الحقيقي.

عالم الحشرات المعقد: حراس التنوع البيولوجي:

تعتبر الحشرات هي الأخرى، والتي غالبا ما يتم استبعادها باعتبارها آفات، مكونات أساسية للنظم البيئية، حيث تساهم في التلقيح، ودورة المغذيات، والتحلل. كما تُظهر الهياكل والسلوكيات المعقدة للحشرات أدوارها المتخصصة في العمليات البيئية. وتسلط أمثلة مثل النحل والفراشات والخنافس الضوء على الطرق المتنوعة التي تدعم بها الحشرات عمل النظام البيئي ورفاهية الإنسان. وبالتالي، فإن الاستخدام الواسع النطاق للمبيدات الحشرية التي نراها اليوم لا يهدد أنواع الحشرات الفردية فحسب، بل يهدد أيضًا الشبكة المعقدة من التفاعلات التي تعتمد عليها النظم البيئية، ناهيك عن إمكانية تسرب مضاعفاتها إلى الخضر والفواكه التي هي مصدر قوت للبشرية. فنحن لا نعلم إلا الشيء القليل عن الأدوار التي تقوم بها الصراصير على سبيل المثال رغم منظرها المقزز. أما النحل، فلا يكفي دوره في مد الإنسان بالعسل الذي في قوت وشفاء للبشرية جمعاء فحسب، بل يلعب النحل دوراً أساسياً في عملية تلقيح المزروعات والأشجار المثمرة أيضاً. ومع كامل الأسف، فإننا نفقد في كل سنة أعداداً هائلة من النحل بسبب المبيدات والسموم التي تُرش بها الحقول الزراعية والأشجار المثمرة.

خلاصة:

تقدم روايات طائر البوم والذئاب والحشرات والنحل رؤى مقنعة حول الترابط بين جميع أشكال الحياة وضرورة الحفاظ على توازن النظام البيئي. وباعتبارنا نحن البشر حراس الأرض، فيتعين علينا جميعاً أن نعيد النظر في علاقتنا مع الطبيعة. وبدلاً من النظر إلى أنواع معينة باعتبارها مصدر إزعاج يجب استئصاله، يتعين علينا أن ندرك قيمتها الجوهرية ومساهمتها في مرونة واستدامة النظم البيئية. ومن خلال تعزيز فهم أعمق وتقدير لشبكة الحياة المعقدة التي أنشئها الله جل وعلا وأحسن خلقها، يمكننا الشروع في طريق نحو التعايش والانسجام مع العالم الطبيعي ومحاولة الحفاظ على كل مقوماته ومكوناته من شجر وحيوانات وطيور وحشرات وزواحف.

ومن جهة أخرى، فإن الروايات التي سردناها وغيرها تقدم غالباً رؤى عميقة حول العلاقة بين الإنسان والطبيعة كما أشرت، وكيف يؤثر تدخلنا في التوازن البيئي على مستقبل الحياة على الأرض، ولكننا لا زلنا في حاجة ماسة إلى المزيد من الدراسات التي ستظهر لنا حقائق مذهلة عن الحكمة وراء تلك العلاقات المعقدة بين كل المخلوقات والطبيعة من أجل إعداد فضاء صحي يخدم الانسان ويساعد في بقاءه. ومن خلال تلك الأبحاث، يمكن للبشر أيضاً أن يكتشفوا الترابط العميق بين جميع أشكال الحياة وضرورة الحفاظ على توازن البيئة. وبعبارة أخرى، فبدلاً من مجرد اعتبار الكائنات الحية كمصدر للإزعاج أو التهديد، يتعين علينا أن نفهم دور كل كائن في النظام البيئي وأهميته في المحافظة على توازنه. وبالتالي، يمكننا نحن كمجتمعات وأفراد أن نستوعب أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي والتعايش بسلام مع الطبيعة بدلاً من تدميرها واقتلاع أشجارها وهد جبالها وهضابها وتلويث بحورها وأنهارها وقتل طيورها وحيواناتها.

فقد دلت نصوص الشرع على أن المسلم يحصل له الأجر بالإحسان على كل شيء وفي كل شيء، وأن الحيوان داخل في هذا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “في كل كبد رطبة أجر.” رواه البخاري. وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء.”

وأخيراً، يمكننا أن نقول بأنه لابد من تشجيع الفهم العميق لهذه العلاقة لأن هذا الفهم يمكن أن يساعد في تشجيع التغييرات الإيجابية في سلوكنا تجاه البيئة والمساهمة في بناء مجتمع أكثر استدامة وانسجامًا مع الطبيعة، وحبذا لو استطعنا نشر ثقافة إعادة التدوير لبعض المواد التي تستهلك بكثرة ) (Recycling، وإحياء فكرة وفلسفة اصلاح ما يمكن إصلاحه ) Repairing philosophy ( كما كان يعمل بذلك أجدادنا، بذلا من الاعتماد على شراء الأشياء الجديدة والتخلص منها في فترة وجيزة بمجرد أن تخرب أو تتوقف عن العمل. ومن يدري، فربما من أسباب انتشار بعض الأمراض وتفشيها في مجتمعاتنا اليوم، قد يكون ناتج عن عدم فهمنا الحقيقي للتوازن البيئي الذي تحكمه العلاقات الوطيدة بين المخلوقات والطبيعة في هذا الكون، واسرافنا وافراطنا في استهلاك موارد هذا الكون بدون تكيس ولا تقدير ولا حسن تدبير واهمالنا لشكر النعم….

باحث في مجال التربية والتعليم والثقافة

أحد مؤسسي منصة    3B Golden Gate لتعليم اللغة الإنجليزية والتدريب عن بعد:

https://3b2gelearning.net/

 

Categories
أعمدة الرآي جهات

شفشاون النُّوَّارَة، بين النِّعَم والنِّقَم

بقلم: عبد الإله شفيشو

قالوا ناس زمان زجل مغربي وبكلام موزون: (المْزَوَّقْ منْ برَّا آش خَبَارَكْ منْ دَاخِلٌ) وهذه ليست بمزايدة في حق سادس أجمل مدينة في العالم الشّاون القِدِّيسَة بل هي حقيقة لا بد من الإقرار بها في ظل متابعتي لكل مستجداتها رغم بعدي عنها فهي مسقط رأسي ونشأتي ومشوار حياتي، وفي هذا الصدد يقول “ليون تروتسكي” المفكر والفيلسوف الماركسي: (إن الحقيقة دائما جارحة لكنها ضرورية كوسيلة للإصلاح، أما الكذب فيستخدم لإنقاذ ماء الوجه لكن ليس لتربية الأجيال).

يتميز إقليم شفشاون/الشّاون بخصائص عدة غطاء غابوي كثيف، تساقطات مطرية غزيرة، زراعة القنب الهندي/الكيف وسياحة نشطة وهذه الخصائص تتفاعل فيما بينها لتنتج وضعين متناقضين، 1) فمن جهة وضع سلبي بالنسبة لأبناء الإقليم بحيث أن كل مواطن متهم حتى تثبت براءته، 2) ومن جهة وضع إيجابي بالنسبة للمسؤولين الذين يتقاطرون ويتسابقون على الإقليم من عسكريين ومدنيين فهذين الوضعين كان لهما انعكاس وتأثير كبير على الحالة العامة بالإقليم والمتمثلة في:

الوضع الاقتصادي والاجتماعي: إن هذا الوضع في إقليم شفشاون/الشّاون يظل مفتوحا على كل الإحتمالات خاصة مع سياسة التهميش و الإقصاء التي لازال يعيشها الإقليم و لازال يؤدي ثمنها شباب المدينة في ظل ما كان يعرف بالمغرب النافع و غير النافع فالمشاريع التنموية الكبرى يتم اختيارها بشكل عشوائي بحيث لا يراعى فيها متطلبات الإقليم السوسيو اقتصادية و هذا ينعكس حتما على الحياة الاجتماعية فرغم بعض المشاريع التنموية الترقيعية التزويقية التي تظهر للوجود من حين لآخر تبقى الوضعية كارثية، فحدث و لا حرج إن أغلب الطبقات الاجتماعية تعيش وضعية لا تحسد عليها مع استثناء لبعض المستفيدين من الفساد فلا و جود بالإقليم لشيء إسمه المنافسة لسبب بسيط هو غياب مبدأ المراقبة لدى المسؤولين من سلطة و منتخبين بل أبعد من ذلك تواطؤهم مع لوبي محلي محتكر لكافة المجالات و متحكم في أرزاق العباد من الخضر، السمك، اللحوم، العقار … كما أن الصناعة التقليدية المحلية التي كانت المورد الأساسي لشريحة اجتماعية واسعة من جلابة، بلغة، شاشية، كرزية … تم غزوها بمتوجات غريبة عن طبيعة الإقليم الجبلية الذي يصنف ضمن المناطق السياحية.

الوضع الثقافي والرياضي: تاريخيا وقبل أن ينفجر بركان الحشيش(وليس الكيف) بالإقليم ويتم تدويله كانت المنطقة تعرف حركة ثقافية هادفة ومتواصلة من ملتقيات شعرية وندوات فكرية ومهرجانات موسيقية … مما فتح لأبنائه أبواب التواصل والوقوف على القضايا المطروحة للنقاش وطنيا ودوليا فقد كانت شفشاون/الشّاون القدّيسة بمفردها تُصدّر من مفكرين وشعراء وكتاب وحقوقيين وصحفيين … ما يملؤُ أبناء الإقليم زهوا وفخرا فكم منهم ترك و لازال بصماته في الساحة المحلية والوطنية كل من موقعه أما في الوقت الراهن أصبح البؤس الثقافي ظاهرة جماعية و أصبحت التفاهة الإعلامية هي السائدة في ظل العزوف عن كل ما هو هادف حتى في أوساط المثقفين وهته الوضعية لم تأتي اعتباطية بل كانت نتيجة لسياسة التهميش و القمع للدولة المغربية في المرحلة المعروفة بسنوات الجمر و الرصاص التي تعرض لها الإقليم لأسباب يعلمها الجميع، وهذا ينطبق كذلك على الوضع الرياضي بالإقليم الذي عرف تراجعا خطيرا في السنوات الأخيرة من جهة بسبب إستغلال وضعيته سواء من طرف لوبي المخدرات أو الإنتخابات كل حسب مصالحه و من جهة أخرى طمس للمرافق الرياضة التي كان يتوفر عليها الإقليم فرغم قلتها سيتم السطو عليها لتحويلها إلى مشاريع مربحة من طرف لوبي العقار صاحب الكلمة الأولى و الأخيرة مما نتج عنه سقوط فئة عريضة من شباب الإقليم في براثين المخدرات و الفكر الظلامي.

الوضع السياسي: إن هذا الوضع بإقليم شفشاون/الشّاون لا يختلف في شيء عن باقي ربوع الوطن فالتمثيلية الحزبية من كل الأطياف من يمين ووسط ويسار لكن مجرد مقرات ولافتات لا غير والخطير في الأمر هي أن الأحزاب السياسية التي تتحمل مسؤولية التدبير بالإقليم لا حول ولا قوة لها في إتخاذ القرارات فالآمر الناهي والقابض بزمام الأمور هي السلطة الإقليمية أما المنتخبون فأغلبيتهم وحتى معارضتهم- إن وجدت – فلم يبلغوا سن الرشد بعد فحسب منظور السلطة الإقليمية ليس عليهم من حرج و لا تجوز شرعا ولا قانونا محاسبتهم ما داموا تحت وصايتها وتكون دائما تلك مبرراتهم أثناء مساءلتهم عن الفشل في تدبير الشأن المحلي بالإقليم، فلقد تعودت ساكنة الإقليم على دخول المجالس المنتخبة في غيبوبة و كل مرت كانت تتدخل السلطات الإقليمية و المحلية لإنعاشها لكن يبدو اليوم أن الجميع سلطات و مجالس قد أصيبوا بنفس الحالة و بالتالي ترك المواطنين لمصيرهم مع مشاكلهم بعد أن خلقوا لهم أهدافا ثانوية لا علاقة لها بقضاياهم الأساسية كما خلقوا لشبابها إنتصارات فردية وهمية بعد أن حولوهم إلى أمة من النمل تبحث عن قوتها اليومي لا غير حيث صار شباب القدّيسة يعيشون مغلفون وسط الثّالوث المقدس (الحشيش، الإنتحار، الهجرة).

هذه حقيقة ثابتة لا هروب منها في إقليم شفشاون/الشّاون وإن كانت تنم عن نظرة تشاؤمية للواقع لكن مع وجود تفاؤل قوي للإصلاح لدى أبناء الإقليم الشيء الذي بدأ يتجلى من خلال نشر ثقافة التمسك بالحياة و طرح البدائل في شتى المجالات لوضع حد لحرب الإستنزاف المفروضة عل الإقليم من تهميش و نهب و إحتكار و شطط في إستعمال السلطة، و هذا هو التحدي الحقيقي المفروض مرحليا على كافة الطبقات الإجتماعية خاصة المجتمع المدني الذي عليه تحمل مسؤولية استرجاع للقدّيسة مكانتها كقلعة من قلع التحدي وذلك بالتصدي لتزييف الحقائق عبر تشويه لتاريخها والتطبيل لسياحة بدون بوصلة تخدم مصالح فئة معينة و الكف عن التسابق على المقاعد والمناصب والألقاب المشكوك في مصداقيتها والإسترزاق بآلام ساكنتها وأخص بالذكر شبابها وهو موضوع مقالاتنا القادمة عن تفشي ظاهرة الإنتحار والهجرة وتقنين القنب الهندي(الكيف)بإقليم شفشاون/الشّاون.

Categories
أعمدة الرآي مجتمع

بوسكورة تحت وطأة السرقة: دعوة إلى التحرك

بقلم: فيصل باغا

تعيش مدينة بوسكورة حالة من القلق المتزايد بسبب ارتفاع معدلات السرقة في الآونة الأخيرة. فقد أصبحت حوادث السرقة تشكل تهديدًا حقيقيًا، مما أدى إلى شعور المواطنين بعدم الأمان، خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل.

العصابات التي تنفذ هذه السرقات تتسم بالسرعة والخداع، حيث تعتمد على الدراجات النارية غير المرقمة لتسهيل تنقلاتها. وفي بعض الحالات، يتم استخدام أسلوب التهديد بالعنف، مما يزيد من خطورة الوضع ويعزز حالة الخوف بين السكان.

يطالب سكان بوسكورة السلطات المحلية بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، مثل زيادة الدوريات الأمنية وتكثيف المراقبة على الدراجات النارية. كما يأمل المواطنون في استخدام التقنيات الحديثة، مثل كاميرات المراقبة، لتعزيز الأمن في المدينة.

إن الأمن هو حق أساسي لكل مواطن، وبوسكورة بحاجة إلى خطوات فعالة لضمان سلامة سكانها. يتطلب الأمر تضافر الجهود بين السلطات المحلية والمجتمع، لضمان العيش في بيئة آمنة ومستقرة.

Categories
أعمدة الرآي

بأي معنى.. و لمن نكتب ؟

بقلم : عبد القادر العفسي

بأي معنى : إنها رحلت لا شعور مداد القلم، كأنما تنسحب الحياة من الروح ، يتحول الكيبورد أو الأوراق كأنه بجثة خامدة بل عبئ لا يوصف ، انه عبئ السؤال : هل النهاية فكرة أم استراحة مؤقتة ؟ أم أن الذات تبحث عن المعنى ؟ أم أنها عمليات جراحية ترفض الشفاء و تريد الروح الانعتاق من الحياة ؟

تمغربيت ليس إلا وهجا خافتا كالطيف المكسور ، تطارده شظايا الذاكرة كانت يوما ما مجدا : فالظلم يحل محل الظلم و القسوة لا تجيد بديلا سوى قسوة أخرى ، كأن هدا المجال الجغرافي أضحى حلقة دائرية لا فكاك منها تتمحور حول محو الخيانة و الخوف و استعمال أدوات الدولة للقهر الاستلاب…إنها كلمات كانت يوما ما أداة للخلق أصبحت الآن رهينة خوفها ، حيث كانت الكلمات تشع نورا تحولت إلى رماد رمزي : ضحكة تخفي ألما ، و مديح يلدغ كالسخرية … الجمال يحتضر أمام ناظر الطفل، الذي كان الابتسامة رمز براءته، تحجرت ملامحه خوفًا من الموت، الشجرة، التي كانت رمزًا للحياة، باتت ظلًا هشًا ينتظر لحظة السقوط والصوت، الذي كان يحمل الألفة، صار صدى باهتًا، تملؤه الريبة بدل الوئام .

أما الهوية أصبحت شبحا تنقسم بينما كان أحلام العيش المشترك؛ الآن تمزقت هذه الأوهام ، فهو عبارة عن صدى بلا جوهر و قلب بلا نبض و إنسان بلا حياة ..انه ضياع وجودي لا مفر منه ، فهل الكلمات و هي جوهر الإنسانية أن تجد بهذا المجال مكانها للرقص ؟ أم أن الكيبور أو الأوراق قد تضيق درعا بالحروف التي تبكي و تئن من وطأة الحاضر ؟ هل الصمت مجرد لحظة انتظار أم أن الاعتراف الخفي بأن الحلم انتهى قبل أن يبدأ ؟ بالتالي : أن النهر الذي يجري دون اكتراث للخطوط ، و الجبل الذي يتجاهل قيودنا المصطنعة ..يفتح أعيننا على حقيقة أعمق : الطبيعة لا تعرف التجزئة ، بل نحن من خلقنا هدا الوهم بأنفسنا ؛ قسمنا اللامتناهي و حولنا الانسيابية إلى قيود ، لكن السؤال الأهم : هل نحن جزء من هذا المجال أم نحن غرباء ؟ تلك القوانين التي تعاقدنا عليها لم تكتف بفصلنا عن الحياة بل فصلت أروحنا عن جوهرها ؟ حين نعيد النظر في هذه المعطيات نجد أن الإشكال ليست في المجال الذي نتقاسمه بل في العقل ؟بمعنى آخر للإجابة ، إليكم دليل من “مقتطفات لمن نكتب” في جغرافيا من جغرافية هذا الوجود :

في بلادٍ ما غدت المؤسسات فيها أضرحةً للفساد،و في مشهدٍ تبدو فيه الجغرافيا السياسية أشبه بلوحةٍ عبثية، نجد أنفسنا أمام مشهد عبثيّ يستحق التوثيق بنبرة ساخرة تليق بحجم التراجيديا، بل أمام شبكة من العلاقات الإجرامية التي يُشرّع فيها الفساد ويُقنن فيها الانحطاط :

1_هنا، لا يحكم القانون، بل تسود شريعة الغاب، حيث يتحوّل المسؤول من خادم للمصلحة العامة إلى سيدٍ يُشرّع القوانين وفق أهوائه، ويُعيد صياغة الدولة لتُصبح مرآةً لنزواته .

2_هنا، يتداخل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لخلق بيئة تُنتج الفشل كمنتج طبيعي، لنغوص في تحليل سلوكي يكشف عن آليات هذا الانهيار المدروس .

البرلمانيون: مافيات جغرافية بحصانة قانونية

البرلماني، الذي يُفترض أن يكون ممثلًا للناس وصوتهم، تحول إلى رئيس عصابة محلية، يحمي مصالحه ومصالح دائرته بقبضة من حديد، هؤلاء لا يرون في البرلمان سوى غطاء قانوني لأنشطتهم المشبوهة، حيث تُدار محال المخدرات والفساد من خلف الكواليس بارتياح كامل، لم يعد التمثيل البرلماني مهنة سياسية بل تجارة مربحة، حيث تُباع القوانين وتُشترى المناصب ، بل إن بعضهم أضاف بعدًا جديدًا لهذه الجغرافيا، فجعلها سُلّمًا للترقي الحكومي، يديرون ملفاتهم في البرلمان كما لو أنها مشاريع شخصية، يتحول فيها المواطن من شريك في الدولة إلى مجرد رقم في معادلات الكسب غير المشروع !

السلطة: شريك استراتيجي في الجريمة

حين ننظر إلى السلطة، نجدها لا تكتفي بموقع المتفرج بل على العكس، هي منخرطة بالكامل في اللعبة، تتماهى مع ممثلي الأحزاب الذين تحوّلوا إلى مرتزقة سياسيين، يُغيّرون ولاءاتهم وفق من يدفع أكثر، هنا، نجد الدولة وقد فقدت هويتها الأخلاقية تمامًا، لتُصبح مجرد واجهة تتحرك وفق مصالحها ، يعملون جنبًا إلى جنب في ذلك المجال الجغرافي مع نخبة فاسدة تزرع الخراب وتُديره كأنها تُدير شركة (خاصة)هكذا تتحول السلطة من أداة تنظيم إلى أداة تدمير ، السياسيون ليسوا مجرد لاعبين؛ بل هم شركاء في كل شيء، من التهريب إلى غسيل الأموال! .

موظفو الماء والكهرباء: حُراس النعمة أم سماسرة المصائب؟

ثلاثة موظفين كأنهم مثلث برمودا ، منهم من ” تهنن” و أخر” تعمرن” وثالث ” تصنهج” جماعة من اهل الشفار و النفار و شلة المنافقين و فريق المتسلقين و رابطة المتخاذلين و عصابة من المترصدين المتشدقين و قروب المتسلطين المزعجين المتحذلقين … لا يُعلم أين يبدأ الفساد ولا أين ينتهي ، يتعاملون مع الماء والكهرباء كما لو أنهما إرث خاص، يتحكمون في تدفقهما وفق قوانين السوق السوداء، هؤلاء الهمجيين العفنين أصحاب مشية العرجل ليسوا مجرد موظفين؛ بل حكام بأمر الله في مملكة الخدمات، هم القانون، هم الدولة، وهم من يقرر إن كانت العتمة ستزول أم أنها قدر محتوم، أمّا السمسرة و الفساد ، فهي شريعتهم المقدسة، وعقيدتهم في الحياة…!

مدير الديوان: الإله اليوناني

أما مدير الديوان، فلا تكفيه صفة الفساد التقليدي؛ بل يُصر على أن يُمارس هوايات أكثر تفرداً، كأنه أحد آلهة الأولمب المنفيين، يجمع بين المكر وممارسة طقوس السحر الأسود الأكثر شرا بأحرزة لتثقيف المنزل ! المسروق أو لحس العقل للمسؤولين … يلتف حوله حاشية من التابعين الذين يرون فيه نبوءة الخلود، لا يكتفي بالسلطة بل يزجّ بأتباعه في طقوسٍ منحرفة، مؤكداً أن الفساد له ألوانٌ أوسع من مجرد استغلال المال العام !

رئيس البلدية: هشٌّ في مواجهة عقدة البيولوجيا

وعلى الجانب الآخر، رئيس البلدية، كائن تكسّرت أمامه معاني القوة، هشٌّ كأنه خُلق من زجاجٍ قابلٍ للكسر بأبسط نسمة، يحمل في داخله عقدةً بيولوجية تُعزّز قابليته للعبودية، يخضع لكل من يعلوه مرتبةً، وينظر إلى القوانين على أنها قيدٌ عليه التحرر منه، وجوده في السلطة ليس إلا تجسيداً لضعف النظام بأسره .

تحليل سلوكي: الكائن الفاسد ومفاهيم السلطة

السلوك الذي يحكم هذا المشهد ليس عشوائيًا؛ بل هو نتاج ثقافة متجذرة في البيروقراطية المُعطّلة ومنظومة كاملة التي تُقدّم الولاء الشخصي على الصالح العام، الكائن الفاسد هنا ليس فردًا؛ بل هو بنية عقلية تُعيد إنتاج ذاتها باستمرار .. من خلال :

1_عقلية الامتياز: كل مسؤول يرى في منصبه فرصة للهيمنة واستغلال الثروات ،هذا السلوك ينبع من شعور داخلي بأن الدولة كيان قابل للاستنزاف لا أكثر.

2_عقلية الإقصاء: لا مكان للتنافس الشريف، بل تسود سياسات الإقصاء وتصفية الحسابات، حيث يُستبدل الكفء بالمطيع، والمستحق بالتابع .

3_عقلية التواطؤ الجماعي: الفساد هنا ليس سلوكًا فرديًا؛ بل هو نظام اجتماعي، حيث الجميع شريك في الخطيئة، هذه البنية السلوكية تُفسر لماذا يصعب اقتلاع الفساد؛ لأنه مرتبط بشبكة معقدة من الولاءات والمصالح .

مؤسسات مغيبة وحكومة فاسدة

مع هذا المشهد، تتحول المؤسسات إلى واجهات بلا جوهر، هيكلها قائم، لكنها تفتقر إلى أي مضمون وظيفي، كل قرار يُصدر من الحكومة المركزية لا يحمل إلا بصمات الانتهازية والتدمير ، الحكومة المركزية لا تسعى للإصلاح، بل تتفنن في تعميق الجراح كما لو أنها (الحكومة)خرائب بالية تنهار بفعل الزمن .. نعم ،تتآكل ثقة المواطن في الدولة، ويزداد شعوره بالاغتراب عنها، لا شيء يُدار بالمنطق، وكل شيء يُدار بالنفوذ، المؤسسات لا تُنتج خدمات، بل تُنتج خيبات أمل !

الخاتمة التي لا تنتهي : أين الدولة؟

الدولة في الحكاية من هذا المجال الجغرافي ، هنا ليست كيانًا سياديًا إنه هيكلٌ عظميّ بلا روح، يتنقل بين أيدي الفاسدين الذين لا يُتقنون إلا فنون النهب والتدمير، بل مسرحًا تُدار فيه أدوارٌ محسوبة بدقة، السؤال عن مكان الدولة أشبه بالسؤال عن شيء لم يعد موجودًا؛ فالدولة ماتت يوم تحوّلت مؤسساتها إلى أدواتٍ للفساد، وسلطتها إلى شريكٍ في الجريمة،قد يجيب أخر أنها موجودة، لكنها تُشبه مومياء محنّطة، معروضة للزينة فقط ،القانون مات، والدولة دفنته بيدها ، وحين تسأل: أين القانون؟ يأتيك الجواب بضحكة ساخرة !

الدولة هنا ليست إلا فكرة تُذكر في الشعارات والخطابات، لكنها غائبة تمامًا عن الواقع ، و الباقي شهود على هذه الكارثة، ليسوا إلا شهود زور في جنازة وطن يُدفن يومًا بعد يوم تحت أنقاض الفساد .

Categories
أعمدة الرآي

خطر مقاهي القمار والمخدرات بالمحاميد 9: دعوة للتدخل الفوري

بقلم: إبراهيم أفندي

تتزايد المخاوف في منطقة المحاميد 9 بسبب انتشار مقاهي القمار وتجارة المخدرات، مما يثير قلق الجيران وأولياء أمور التلاميذ. هذه المقاهي تفتقر إلى الرقابة الأمنية، مما يجعلها بؤرة خطر على الجيل الناشئ.

تشير التقارير إلى أن عددًا كبيرًا من الشباب، خاصة في الفئة العمرية بين 15 و18 عاماً، يتعاطى المخدرات أو يروج لها. هذا الوضع يضع مستقبل الأجيال الصاعدة على المحك، ويطرح تساؤلات حول دور الجهات الأمنية في زجر هذه الظاهرة.

تسعى الجمعيات المحلية إلى رفع صوتها للمطالبة بتدخل عاجل لحماية الشباب وتوفير بيئة آمنة لهم. إن مسؤولية حماية حقوق الأجيال الجديدة تقع على عاتق الجميع، مما يستدعي تعاوناً فعالاً من كافة الأطراف المعنية. هل ستستجيب السلطات لهذا النداء قبل فوات الأوان؟

Categories
أعمدة الرآي جهات

تقزيم دور الصحافة: صرخة استنكار لأسلوب باشا الحي الحسني

حسيك يوسف :مدير نشر جريدة مع الحدث

في واقعة مرفوضة تمامًا، أقدم باشا الحي الحسني على تقزيم دور الصحافة، حيث سخر من الصحافيين المهنيين واعتبر أن عملهم لا يعدو كونه “لعب الدراري”. هذا التصريح الغير مسؤول يأتي في وقت تتعرض فيه حرية الصحافة لتهديدات متزايدة، ويعكس تجاهلاً صارخاً لأهمية الإعلام كسلطة رابعة.

إن منع الصحافيين من أداء واجبهم في نقل الأخبار يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوقهم، واعتداءً على الحق في الحصول على المعلومات. من غير المقبول أن يقوم أي مسؤول، مهما كانت صفته، بتعطيل عمل الصحافة، خاصةً في ظل غياب أي قرار قضائي يبرر ذلك. إن هذا السلوك يعبر عن عقلية قمعية تهدف إلى إسكات الأصوات الحرة وإخفاء الحقائق.

المجلس الوطني للصحافة، الذي يُفترض أن يكون صوت الإعلاميين وحامي حقوقهم، لم يتحرك حتى الآن لإدانة هذا التصرف. إن صمته يُعد تواطؤًا مع هذا الانزلاق الخطير الذي يهدد حرية التعبير ويقوض من قدرة الإعلام على ممارسة دوره الرقابي.

يجب أن يُنظر إلى هذه الإهانة بجدية، ويجب أن تُقابل بإدانة قوية من جميع النقابات الصحفية وجمعيات الناشرين في المغرب. إن السكوت عن هذا النوع من السلوكيات يعني السماح بتقويض الأسس التي يقوم عليها الإعلام الحر.

إن تقزيم دور الصحافة ليس مجرد إهانة للصحافيين، بل هو اعتداء على المجتمع بأسره، حيث يُحرم من الحق في معرفة الحقيقة. ينبغي على جميع الأطراف المعنية أن تتكاتف للدفاع عن حرية الصحافة، فبلا صحافة حرة، لا يمكن تحقيق ديمقراطية حقيقية. يتوجب علينا جميعًا الوقوف في وجه هذه الانتهاكات، والعمل على حماية الإعلام من أي محاولات لتقويض دوره الحيوي.

Categories
أعمدة الرآي

جماعة أولاد عزوز: من سيحرك المياه الراكدة؟

بقلم: فيصل باغا

تواجه جماعة أولاد عزوز تحديات كبيرة في ظل غياب التحولات المطلوبة رغم الوعود الانتخابية المتكررة. على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها هذه الجماعة، إلا أنها لا تزال تعاني من مشكلات هيكلية، مثل تدهور البنية التحتية ونقص الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء، بالإضافة إلى انتشار النفايات.

يتساءل العديد من المواطنين عن الأسباب وراء هذا الوضع، وما إذا كان يعود إلى الإدارة المحلية أو غياب التنسيق بين المنتخبين. الكثير من السكان يشعرون بخيبة أمل من عدم تحقق المشاريع الكبرى التي كانت متوقعة، مثل تعبيد الطرق وتحسين الخدمات الصحية.

تتطلب التنمية المحلية في أولاد عزوز إعادة النظر في آليات العمل، وتحركًا فعّالًا من قبل المنتخبين للتواصل مع المواطنين وتلبية احتياجاتهم. ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، يبقى السؤال مطروحًا: من سيتمكن من تغيير الوضع الحالي وتحريك المياه الراكدة في هذه الجماعة؟ إن تجاوب المنتخبين مع احتياجات السكان قد يكون المفتاح لتحقيق التنمية المنشودة.